النظام العام بين الإختصاص النوعي و الإختصاص المحلي

الاختصاص النوعي والمحلي كجزء من النظام العام: إلزامية إثارة القاضي وتأثيرها على العدالة

عالـم القانون3 سبتمبر 20245
النظام العام بين الإختصاص النوعي و الإختصاص المحلي

 

النظام العام بشكل عام:

 

النظام العام هو مفهوم قانوني يشير إلى مجموعة من المبادئ والقواعد الأساسية التي تنظم العلاقات داخل المجتمع وتحدد المبادئ الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي لا يجوز تجاوزها، و يمكن النظر إلى النظام العام على أنه الأساس الذي يقوم عليه أي مجتمع، وهو يعبر عن القيم الجوهرية التي تعتبرها الدولة والمجتمع ضرورية للحفاظ على الاستقرار والأمن والعدالة العامة.

بصفة عامة، يشمل النظام العام القواعد المتعلقة بالأمن العام، والصحة العامة، والآداب العامة، وكذلك المبادئ المتعلقة بالعدل وحماية الحقوق الأساسية للأفراد.

هذه القواعد والمبادئ تكون غالباً ملزمة ولا يمكن للأفراد الاتفاق على ما يخالفها، حيث يعتبر ذلك مخالفاً للنظام العام ويؤدي إلى بطلان مثل هذه الاتفاقات.

 

في القانون،

 

يلعب النظام العام دوراً مهماً في تحديد حدود الحرية الفردية، وضمان أن هذه الحرية لا تتجاوز إلى حد يضر بمصالح المجتمع أو يتعارض مع المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة.

 وخاصة في قانون المسطرة المدنية (قانون الإجراءات المدنية) والإجراءات القانونية بشكل عام، عندما يُقال إن الاختصاص النوعي أو المحلي يعتبر من النظام العام، فهذا يعني أن هذه القواعد ملزمة وغير قابلة للتصرف أو التعديل من قبل الأطراف المتنازعة.

بعبارة أخرى، لا يمكن للأطراف الاتفاق على ما يخالف هذه القواعد، ولا يمكن للقاضي تجاهلها، حتى لو لم يثرها أحد الأطراف.

 

الاختصاص النوعي:

 

الاختصاص النوعي يتعلق بتحديد المحكمة المختصة بالنظر في نوع معين من القضايا.

على سبيل المثال، بعض القضايا يتم النظر فيها حصريًا من قبل محاكم معينة مثل محاكم الاستئناف أو المحاكم الإدارية، إذا كان الاختصاص النوعي يعتبر من النظام العام، فهذا يعني أن القواعد التي تحدد أي محكمة تختص بنوع معين من القضايا يجب احترامها، ولا يمكن للأطراف تغييرها بالاتفاق.

 

 

الاختصاص المحلي:

 

الاختصاص المحلي يتعلق بتحديد المحكمة المختصة جغرافيًا بالنظر في قضية معينة.

على سبيل المثال، قد تختص محكمة في مدينة معينة بنظر النزاع بسبب موقع العقار محل النزاع أو محل إقامة المدعى عليه، إذا كان الاختصاص المحلي يعتبر من النظام العام، فهذا يعني أنه لا يمكن للأطراف الاتفاق على تغيير المحكمة المختصة جغرافيًا، ويجب على القاضي احترام هذه القواعد بغض النظر عن أي اتفاق بين الأطراف.

 

متى نقول أن الاختصاص من النظام العام؟

يعتبر الاختصاص من النظام العام عندما يكون الهدف من تحديد المحكمة المختصة هو حماية النظام القانوني العام وضمان حسن سير العدالة، إذا كان تغيير المحكمة المختصة قد يؤدي إلى الإضرار بمصلحة المجتمع أو النظام القانوني، فإن هذا الاختصاص يعتبر من النظام العام، كمثال، لا يمكن للأطراف الاتفاق على إحالة قضية جنائية إلى محكمة مدنية لأن ذلك سيؤثر على النظام العام.

 

 

تأثير اعتبار الاختصاص من النظام العام:

عدم القابلية للتنازل: لا يمكن للأطراف التنازل عن الاعتراض على الاختصاص النوعي أو المحلي إذا كان من النظام العام.
إثارة القاضي من تلقاء نفسه: يحق للقاضي، بل يجب عليه، أن يثير مسألة الاختصاص من تلقاء نفسه إذا كان من النظام العام، حتى لو لم يثرها أحد الأطراف.
بطلان الحكم: إذا صدر حكم من محكمة غير مختصة نوعيًا أو محليًا وكان الاختصاص من النظام العام، فإن هذا الحكم يكون عرضة للبطلان.
بالتالي، عندما يُقال إن الاختصاص النوعي أو المحلي من النظام العام، فهذا يؤكد على أهمية احترام هذه القواعد كجزء أساسي من حماية النظام القانوني وضمان العدالة.

 

 متى يثير القاضي الاختصاص النوعي أو المحلي؟

القاضي ملزم بإثارة مسألة الاختصاص النوعي أو المحلي عندما يتبين له أثناء نظر الدعوى أن المحكمة التي ينظر أمامها القضية غير مختصة بنوع القضية أو بمكان نظرها، حتى لو لم يثر أحد الأطراف هذه المسألة، و متى نص القانون صراحة على ذلك.

 

على سبيل المثال:

الاختصاص النوعي: إذا كانت القضية المعروضة أمام محكمة مدنية، لكنها تتعلق بنزاع إداري يجب أن يُنظر فيه أمام محكمة إدارية، يجب على القاضي أن يثير هذا الاعتراض وينقل القضية إلى المحكمة المختصة.
الاختصاص المحلي: إذا كانت الدعوى يجب أن تُرفع في محكمة بمدينة معينة وفقًا للقانون، ولكنها رفعت في محكمة في مدينة أخرى، يجب على القاضي أن يثير هذه النقطة وينقل الدعوى إلى المحكمة المختصة جغرافيًا.

 لماذا يجب على القاضي أن يثير مسألة الاختصاص؟

القاضي ملزم بإثارة مسألة الاختصاص النوعي أو المحلي، خاصة عندما تكون من النظام العام، و منصوص عليها في القانون لعدة أسباب:

ضمان تطبيق القانون بشكل صحيح: القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي والمحلي تضعها الدولة لضمان أن القضايا تُنظر من قبل المحاكم المناسبة والمتخصصة في نوعية النزاع أو القريبة جغرافيًا من مكان النزاع أو الأطراف.

حماية حقوق الأطراف: الهدف من تنظيم الاختصاص هو حماية حقوق الأطراف، وضمان أن كل قضية تُعرض على المحكمة المختصة التي تتوفر لديها الإمكانيات والمعرفة اللازمة لنظرها.

منع إصدار أحكام باطلة: إذا نظر القاضي في قضية دون أن تكون محكمته مختصة نوعيًا أو محليًا، فإن الحكم الصادر قد يكون باطلاً، مما يؤدي إلى إهدار الوقت والموارد وقد يؤثر سلبًا على حقوق الأطراف.

 

 هل إلزامية إثارة القاضي لمسألة الاختصاص هي ما تجعله من النظام العام؟

 

نعم، إلزامية إثارة القاضي لمسألة الاختصاص النوعي أو المحلي هي إحدى الخصائص التي تجعل هذه المسألة من النظام العام، فكون هذه القواعد إلزامية وغير قابلة للتصرف من قبل الأطراف أو القاضي، يعكس أهميتها في النظام القانوني.

عندما نقول إن مسألة الاختصاص من النظام العام، فهذا يعني:

لا يجوز للأطراف الاتفاق على ما يخالفها: الأطراف لا يمكنهم الاتفاق على تجاوز قواعد الاختصاص النوعي أو المحلي لأنها ترتبط بالصالح العام.

وجوب إثارة القاضي لها تلقائيًا: القاضي يجب عليه إثارة مسألة الاختصاص من تلقاء نفسه لأنها تؤثر على صلاحية المحكمة للنظر في الدعوى. حتى إذا لم يثير الأطراف هذه المسألة، يجب على القاضي مراعاتها لضمان تطبيق القانون بشكل صحيح.

 

 ما النتائج المترتبة على عدم إثارة القاضي لمسألة الاختصاص؟

إذا أهمل القاضي إثارة مسألة الاختصاص النوعي أو المحلي، وكان الاختصاص من النظام العام، يمكن أن تترتب عدة نتائج:

بطلان الحكم: يمكن الطعن في الحكم باعتباره صدر من محكمة غير مختصة، مما يؤدي إلى بطلانه وإعادة القضية إلى المحكمة المختصة.

إهدار حقوق الأطراف: قد يؤدي هذا إلى إطالة أمد التقاضي وتعقيد الإجراءات، مما يؤثر سلبًا على حقوق الأطراف.

ختاما يمكن القول أن إثارة القاضي لمسألة الاختصاص النوعي أو المحلي بشكل تلقائي تعكس الطابع الإلزامي لهذه القواعد وكونها جزءًا من النظام العام، هذا الطابع الإلزامي هو ما يجعلها غير قابلة للتصرف أو التعديل من قبل الأطراف، ويُلزم القاضي بضمان احترامها لضمان تحقيق العدالة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق