شهدت عملية القبول في كليات الحقوق هذا العام زيادة ملحوظة، حيث ارتفع عدد المتقدمين بنسبة 26٪ مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. كما سجلت الطلبات المرسلة إلى كليات الحقوق ارتفاعًا لافتًا بنسبة 37٪، وفقًا لما أفادت به “رويترز” في تقرير لها بتاريخ 22 أكتوبر. تأتي هذه الطفرة في الطلبات بالتزامن مع بدء معظم الكليات استقبال طلبات القبول في سبتمبر أو أوائل أكتوبر، ما يشير إلى منافسة شديدة على مقاعد هذه الكليات في الخريف المقبل.
علامات النمو والتغيرات المؤثرة: تظهر البيانات التي أوردها مجلس قبول كليات الحقوق، وهو الجهة المسؤولة عن تطوير اختبار LSAT (اختبار القبول في كليات الحقوق)، أن دورة القبول الحالية انطلقت على مسار قوي مقارنة بالأعوام السابقة. وفي تحليل قدمته رئيسة المجلس المؤقتة، سوزان كرينسكي، قالت: “نحن نرى دلائل متعددة على أن دورة القبول هذا العام بدأت بشكل قوي للغاية”. ورغم التوقعات التي تشير إلى احتمال تباطؤ هذه الزيادة المبكرة في أعداد المتقدمين، فإن العوامل الأساسية الحالية ترجح أن تظل المنافسة على القبول في كليات الحقوق مرتفعة هذا العام.
عوامل تدفع الزيادة في الطلب: تعددت الأسباب التي تقف وراء هذا الارتفاع الحاد في أعداد المتقدمين. فمن جهة، أشارت كرينسكي إلى أن الأحداث السياسية الأخيرة، مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، وقرارات المحكمة العليا ذات الأهمية البالغة، قد أسهمت في تحفيز العديد من الأفراد على النظر في مهن القانون. كما سلطت كرينسكي الضوء على الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية للرئاسة، كامالا هاريس، التي ركزت بشكل كبير على مسيرتها المهنية كمدعية عامة، وهو ما قد دفع المزيد من الناس للتفكير في الدخول إلى عالم القانون.
من جانب آخر، ذكر مستشار القبول في كليات الحقوق، مايك سبيفي، أن من العوامل الأخرى التي أسهمت في زيادة الطلب على القبول هو التغيير الذي شهدته بنية اختبار LSAT. ففي أغسطس الماضي، تم إزالة القسم المعروف بـ”الألعاب المنطقية”، الذي كان يُعتبر من أصعب أقسام الامتحان، بعد تسوية قانونية عام 2019 مع متقدمين مكفوفين للامتحان زعموا أن هذا القسم ينتهك قانون الأمريكيين ذوي الإعاقة. أدى هذا التعديل إلى جذب عدد كبير من المتقدمين الذين كانوا ينتظرون إجراء الامتحان بصيغته المعدلة.
توقعات بزيادة الطلب وصعوبات القبول: يتوقع سبيفي أن يرتفع العدد الإجمالي للمتقدمين بنسبة تتراوح بين 10٪ و 15٪ بحلول نهاية الدورة في الربيع المقبل، مشيرًا إلى أن الزيادة الكبيرة في أعداد المتقدمين قد تجعل من الصعب على الأشخاص الذين حققوا درجات منخفضة في اختبار LSAT الحصول على القبول، في ظل التنافس الشديد مع المتقدمين ذوي الدرجات المرتفعة.
وتتماشى هذه الزيادة في أعداد المتقدمين مع ارتفاع آخر بنسبة 13٪ في عدد المتقدمين الذين أجروا امتحان LSAT خلال أشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر. أما بالنسبة لاختبار القبول المقرر إجراؤه في نوفمبر، فقد شهد عدد المسجلين لإجراء الاختبار زيادة بنسبة 31٪ مقارنة بالعام الماضي، وفقًا للمجلس المسؤول.
تحذيرات من المبالغة في الأرقام الأولية: رغم الأرقام المبشرة التي تشير إلى زيادة الطلبات في كليات الحقوق، إلا أن المجلس أشار إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه البيانات الأولية. ففي مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت المدارس قد تلقت فقط 15٪ من إجمالي الطلبات التي استقبلتها خلال الدورة. كما أن العديد من كليات الحقوق فتحت باب التقديم في وقت لاحق من المعتاد العام الماضي، بعد أن عدلت أقسام المقالات والبيانات الشخصية على ضوء قرار المحكمة العليا الأمريكية في يونيو 2023 الذي حظر استخدام العرق كعامل في القبول الجامعي.
وأشارت كرينسكي في تحليلها إلى أن العودة إلى الجدول الزمني التقليدي لفتح الطلبات هذا العام قد أدى إلى ظهور الأرقام الأولية بشكل مبالغ فيه.
إذ حصل المتقدمون لهذا العام على عدة أسابيع إضافية لتقديم طلباتهم مقارنة بالعام الماضي.
وبالتالي، فإن مقارنة هذه الأرقام بالأرقام السابقة ليست دقيقة تمامًا، ما يجعل من الصعب التنبؤ بشكل قاطع بحجم النمو في أعداد المتقدمين الفعليين.
مستقبل دورة القبول في كليات الحقوق: مع استمرارية الأرقام المرتفعة في الوقت الراهن، من المتوقع أن تظل المنافسة على المقاعد الدراسية في كليات الحقوق مشتعلة. هذا النمو الملحوظ يأتي في سياق بيئة قانونية وسياسية متغيرة على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث زادت التحديات القانونية وأهمية القانون في المجتمع الحديث. كما أن إزالة العقبات المتعلقة بامتحان LSAT قد أسهمت في جذب المزيد من المتقدمين، وهو ما يعزز توقعات بأن يستمر هذا الاتجاه خلال الدورة الحالية.
باختصار، تشير المعطيات إلى أن كليات الحقوق في الولايات المتحدة ستظل في موقع جذب للكثير من الطلبة الذين يرون فيها فرصة لممارسة مهنة قانونية في ظل التطورات السياسية والاجتماعية المتسارعة، وأن العوامل المرتبطة بتسهيل الامتحانات والظروف الاجتماعية والسياسية الراهنة ستلعب دورًا رئيسيًا في زيادة الإقبال على دراسة القانون.
ارتفاع قياسي في طلبات القبول بكليات الحقوق في الولايات المتحدة: مهنة القانون تزداد جاذبية وسط التحولات السياسية