محكمة النقض: قواعد المسؤولية المدنية تحكم الاعتداء المادي على أملاك الغير

تحديد التعويض عن الاعتداء المادي وفق مصلحة المتضرر: نقض وإحالة

عالـم القانون25 ديسمبر 2024
صورة تجسد قراراً قضائياً بشأن الاعتداء المادي على ملك الغير، مع ميزان العدل ومطرقة القاضي في قاعة محكمة، تعبيراً عن رمزية العدالة والمسؤولية المدنية

القرار عدد 525
الصادر بتاريخ 11 يونيو 2015
في الملف الإداري عدد 2014/2/4/2225

 

اعتداء مادي – قواعد المسؤولية المدنية – تعويض بحسب مصلحة المضرور.

من المقرر قضاء أن الإدارة حينما تقوم بالاعتداء ماديا على ملك الغير تفتقد أساس المشروعية وتصبح مسؤولة في إطار قواعد المسؤولية المدنية، والتي من نتائجها أن الضرر يقدر بتاريخ الفعل الضار أو إقامة الدعوى بحسب مصلحة المضرور شريطة إقامة دعوى المطالبة بالتعويض داخل أجل معقول يتم تقديره أخذا بعين الاعتبار الظروف الملابسة لحدوث فعل الاعتداء المادي وللأسباب التي حالت دون تقديم المضرور لدعواه بعد حصول الفعل الضار.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون.

 

نقض وإحالة

 

حيث يستفاد من أوراق الملف والقرار المطعون فيه رقم 605 الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بتاريخ 2014/05/22 في الملف عدد 2014/1914/164، أنه بتاريخ 24 أبريل 2009 تقدم ورثة محمد (م) بمقال افتتاحي أمام إدارية أكادير، عرضوا فيه أنهم يملكون على الشياع العقار الكائن قرب ربوة اد” غالي كلميم” البالغة مساحته الإجمالية 20 مترا طولا و 15 مترا عرضا وأن مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والمجلس البلدي لمدينة كلميم والمكتب الوطني للكهرباء عمدوا إلى احتلاله دون سلوك مسطرة نزع الملكية ملتمسين الحكم لفائدتهم بتعويض قدره 150.000,00 درهم مع الفوائد القانونية. وبعد إجراء خبرة وتمام الإجراءات قضت المحكمة على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة وزارة الفلاحة والصيد البحري بأدائها للمدعين تعويضا إجماليا قدره 300.000,00 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وتحميل المدعى عليها الصائر وبإخراج المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من الدعوى. فاستأنف هذا الحكم أصليا من طرف الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ونائبا عن الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة وعن السيد وزير الفلاحة والصيد البحري وعن السيد وزير الداخلية، وفرعيا من طرف ورثة المرحوم محمد (م) أمام محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش التي ألغت الحكم المستأنف جزئيا فيما قضى به من فوائد قانونية، والحكم تصديا برفضها وتأييده في الباقي مع تعديله بخفض مبلغ التعويض المحكوم به إلى سبعة وعشرين ألف درهم 27.000 درهم ونقل ملكية العقار المدعى بشأنه لفائدة الدولة المغربية، وهو القرار المطعون فيه بالنقض من طرف ورثة المرحوم محمد (م).

في شأن الوسيلة الأولى:

حيث يعيب الطاعنون القرار المطعون فيه بفساد التعليل الموازي لانعدامه، بدعوى أن تعليل المحكمة للقرار الذي جاء فيه: “أنه يتبين للمحكمة فعلا خلال اطلاعها على تعليلات الحكم المستأنف أنه لم يوضح التاريخ المعتمد في تحديد التعويض المحكوم به وطالما حدد الخبير المعين ابتدائيا تاريخ وقوع الاعتداء المادي (ما بين سنة 1976 وسنة (1980) واقترح التعويض المناسب لقيمة المساحة المحتلة خلال هذه الفترة، فقد كان على محكمة الدرجة الأولى تحديد التعويض انطلاقا من هذا التاريخ باعتباره تاريخ حيازة الإدارة الفعلية للعقار المدعى بشأنه، أما أنها منحت المستأنف عليهم تعويضا يقارب ذلك المقترح من طرف الخبير بتاريخ 2009 فإنها لم تجعل قضاءها مصادفا للصواب ويتعين بالتالي تعديل الحكم المطعون فيه بتخفيض مبلغ التعويض المحكوم به إلى 27.000,00 درهم”، فهذا التعليل خلاف الواقع لأن الاعتداء المادي على ملك الغير يعتبر واقعة مستمرة وأن الإدارة لم تمارس مسطرة نزع الملكية تكون قد خرقت القواعد القانونية، وبالتالي تكون غير مستحقة لأية حماية قانونية وبالتالي فإن ما ذهب إليه القرار المطعون فيه بأن التعويض يستحق من تاريخ حيازة الإدارة للعقار يبقى غير مؤسس، وأنه أمام عدم سلوك مسطرة نزع الملكية وأمام عدم تقادم دعوى الاعتداء المادي فإن الطاعنون يستحقون التعويض بتاريخ المطالبة القضائية وبالقيمة الحقيقية للعقار بشأنه بتاريخ المطالبة بحسب ما جاء بالحكم الابتدائي، فالقرار المطعون فيه اعتمد التعويض المقترح من لدن الخبير فوقع في تناقض بخصوص تاريخ الاحتلال فإن الخبير اعتمد الحد الأدنى 90 درهم، في حين أنه و بتاريخ رفع الدعوى فإنه اعتمد الحكم المتوسط الشيء الذي يجعل خيرته متناقضة وأن الخبير ما دام وضع ثمنين الأول الأدنى والثاني ،أقصى فكان على المحكمة أن تستعمل سلطتها التقديرية وأن تأخذ بالمتوسط وأن القرار المطعون فيه عندما حدد التعويض المستحق بتاريخ الاحتلال ودون أن يتأكد من تاريخ إقامته المنشآت على المدعى فيه، فإنه لم يجعل للحكم أساس مما يتعين نقضه وإبطاله.
حيث استندت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه فيما انتهت إليه من تعديل الحكم المستأنف، وذلك بخفض مبلغ التعويض إلى 2700 درهم إلى ما جاءت به من أن: “محكمة الدرجة الأولى كان عليها تحديد التعويض انطلاقا من تاريخ وقوع الاعتداء المادي (1979- (1980) باعتباره تاريخ حيازة الإدارة الفعلية للعقار المدعى بشأنه. في حين أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الإدارة حينما تقوم بالاعتداء ماديا على ملك الغير تفتقد أساس المشروعية ومن تم لا تطبق عليها قواعد المسؤولية الإدارية بل تصبح مسؤولة في إطار قواعد المسؤولية المدنية، والتي من نتائجها أن الضرر يقدر بتاريخ الفعل الضار أو إقامة الدعوى بحسب مصلحة المضرور غير أن إعمال القاعدة المذكورة مشروط بإقامة دعوى المطالبة بالتعويض داخل أجل معقول يتم تقديره أخذا بعين الاعتبار للظروف والملابسة لحدوث فعل الاعتداء المادي وللأسباب التي حالت دون تقديم المضرور لدعواه بعد حصول الفعل الضار والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت بتحديد مبلغ التعويض بتاريخ وضع اليد دون مراعاة ما إذا كانت الدعوى قد أقيمت داخل أجل معقول من عدمه لترتب على ذلك الآثار القانونية المناسبة ومنها تاريخ احتساب التعويض، يكون قرارها فاسد التعليل عرضة للنقض.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.
الرئيس السيد عبد السلام الوهابي – المقور: السيدة سلوى الفاسي الفهري -المحامي العام السيد حسن تايب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق