القرار عدد 40
الصادر بتاريخ 18 يناير 2017
في الملف الجنحي عدد 2016/1/6/16366
عقوبة تأديبية – ضابط الشرطة القضائية – سلطة الغرفة الجنحية في تقديرها.
إن تقدير العقوبة التأديبية المقررة قانونا لكل إخلال مهني ارتكب من قبل ضابط للشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه، أمر موكول للسلطة التقديرية للغرفة الجنحية، وأن الغرفة مصدرة القرار المطعون فيه، عندما ارتأت تطبيقا لمقتضيات المادة 32 من قانون المسطرة الجنائية توجيه ملاحظات للمطلوب في النقض عن الإخلال المهني المنسوب إليه تكون قد استعملت سلطتها التقديرية المخولة لها قانونا في هذا الإطار، والتي لا رقابة عليها في ذلك من طرف محكمة النقض، وجاء قرارها غير خارق للقانون.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
رفض الطلب
بناء على طلب النقض المرفوع من السيد نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بمقتضى تصريح أفضى به بتاريخ سادس وعشري ماي 2016 أمام كاتب الضبط بها، والرامي إلى نقض القرار الصادر بتاريخ رابع وعشري ماي 2016 عن الغرفة الجنحية بما في القضية ذات العدد 16/2525/271، والقاضي بتسجيل ارتكاب ضابط الشرطة القضائية المسمى مصطفى (ز) إخلالا مهنيا أثناء قيامه بمهامه يستوجب توجيه الملاحظات إليه وذلك:
– ضرورة الحرص على تنفيذ التعليمات الكتابية للنيابة العامة بدقة.
– الحرص على مراعاة الوضعية القانونية لأطراف الخصومة وتنفيذ تعليمات النيابة العامة بخصوصها.
– التطبيق السليم لقواعد المسطرة الجنائية حفاظا على حقوق المتقاضين وحرياتهم الشخصية.
إن محكمة النقض بعد أن تلا السيد المستشار المصطفى هميد التقرير المكلف به في القضية. وبعد الإنصات إلى السيد عبد الكافي ورياشي المحامي العام في مستنتجاته. وبعد المداولة طبقا للقانون.
نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن الطاعن بإمضائه.
في شأن وسيلة النقض الوحيدة المتحدة من الخرق الجوهري للقانون،
ذلك أنه لئن كانت الغرفة الجنحية تستقل بتقدير العقوبة التأديبية التي تراها كفيلة بتحقيق العدالة في مواجهة ضابط الشرطة القضائية المخل بالتزاماته المهنية طبقا للخيار الذي منحه إياها المشرع من خلال تعداده ثلاثة أنواع من العقوبات التأديبية بالمادة 32 من ق.م.ج، فإن ذلك يبقى رهينا بأن يكون تقديرها لتلك العقوبة موافقا للقانون من خلال مراعاة العقوبة المحكوم بها لنوع الإخلال المهني المرتكب ودرجته وحسامته.
وأنه بالرجوع إلى وثائق الملف، يتضح أن الإخلال المهني المنسوب لضابط الشرطة القضائية المطلوب في النقض، يعتبر جسيما بحسب الاعتبارات التالية:
-1- طبيعة الإجراء موضوع الإخلال المهني المتعلق ب”نشر برقية بحث” والتي على عوضها تم اعتقال المشتكي المسمى أحمد (م) من طرف مصالح الأمن بالرباط بدون وجه حق وحرمانه من حريته بحيث لم يتم إخلاء سبيله إلا بعد تسليمه المصالح الأمن بمدينة الدار البيضاء.
2 الضرر البليغ الذي نجم عن الإخلال المهني موضوع القضية، والذي مس بالحرية الشخصية للمشتكي وسمعته ومركزه الاجتماعي وحقوقه ومصالحه، في مقابل المشتكى به الذي ظل حرا طليقا رغم ارتكابه الجرم المنسوب إليه، فضلا عن مساسه بصورة ومصداقية جهاز الشرطة القضائية من خلال إعطاء انطباع سيء لدى المواطنين عن مستوى أداء أفراده وعناصره -3- أن الإخلال المهني المنسوب للمطلوب في النقض لا يمكن أن يعذر بحكم أقدميته داخل جهاز الشرطة القضائية والتي تناهز الثلاثين سنة.
من واجبات عمل ضابط الشرطة القضائية طبقا للمادة 18 من قانون المسطرة الجنائية البحث عن مرتكبي الجرائم وذلك يهم المشتبه فيهم وليس المشتكون والمتضررون من الفعل الجرمي.
5- الطابع المزدوج للفعل المنسوب لضابط الشرطة القضائية، والذي يترتب عليه إخلالا مهنيا يستوجب المساءلة التأديبية ومساءلة جنائية وفق مفهوم الفصل 225 من القانون الجنائي، وأن النيابة العامة في نطاق سلطة الملاءمة المخولة لها، قررت سلوك مسطرة المتابعة التأديبية فقط، وهذا لا يقلل من خطورة المنسوب للمطلوب في النقض.
وعليه فإن الغرفة الجنحية لما اكتفت بتوجيه الملاحظات المذكورة أعلاه للمطلوب في النقض رغم جسامة وخطورة الإخلال المهني المنسوب إليه، تكون قد ارتكبت خرقا جوهريا للقانون عند تفريدها للعقوبة التأديبية، وأساءت استعمال سلطة الملاءمة المحولة لها، وعرضت بالتالي قرارها للنقض والإبطال.
حيث إن تقدير العقوبة التأديبية المقررة قانونا لكل إخلال مهني ارتكب من قبل ضابط للشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه، أمر موكول للسلطة التقديرية للغرفة الجنحية، وأن الغرفة مصدرة القرار المطعون فيه، عندما ارتأت تطبيقا المقتضيات المادة 32 من قانون المسطرة الجنائية توجيه ملاحظات للمطلوب في النقض عن الإخلال المهني المنسوب إليه فإنها تكون قد استعملت سلطتها التقديرية المخولة لها قانونا في هذا الإطار، والتي لا رقابة عليها في ذلك من طرف محكمة النقض، وأن ذلك لا يشكل خرقا جوهريا للقانون، فالوسيلة على غير أساس.
من أجله
قضت برفض الطلب المرفوع من السيد نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض الكائنة بشارع النخيل بحي الرياض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة الطيب أنجار رئيسا والمستشارين المصطفى هميد مقررا ومحمد لحفيا وبوشعيب بوطربوش وجمال سرحان، أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي الذي كان يمثل النيابة العامة، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة اليماني.