كثيرة هي العوامل التي تفضي إلى عملية التبليغ، مما يجعل زمن الخصومة رهين الإنتظارية التي يفرضها توصل أحد الأطراف، فقد ترجع شهادة التسليم بملاحظات سلبية منها مايفرض إعادة الإستدعاء بشكل لا متناهي، و منها ما يقتضي إستدراكا في العنوان كأن يكون ناقصا أو خاطئا، و في كلتا الحالتين يتطوع الطرف الأكثر مبادرة إلى إلتماس السهر على التبليغ من المحكمة.
و تقتضي هذه العملية التي تعتبر نتاج خالص للمارسة القضائية الحصول على إذن من المحكمة لسحب طي التبليغ من كتابة الضبط و تسليمه شخصيا للجهة المكلفة بالتبليغ(عادة مفوص قضائي)على أن يتم إرجاع شهادة التسليم لكتابة الضبط أو يتم الإدلاء بها مباشرة بالجلسة.
و لا شك أن هذه العملية تلعب دورا مهما في تسريع عملية التبليغ، التي تحاط بحرص أكثر من قبل الطرف الذي يسهر عليها، التي تتحول أحيانا ترصد و تعقب لبعض الأطراف سيئ النية، و الذين لايدخرون جهدا للحيلولة دون توصلهم.
و لايثير السهر على التبليغ أدنى إشكال عندما ينتهي الأمر بتوصل الطرف المعني بالإستدعاء، لكن في الحالة، و لكن في الحالة التي يتخلف عنها التقاضي أو دفاعه عن ذلك، فهل يمكن للمحكمة أن ترتب جزاء عن هذا الإستئناف؟
و في نظرنا لايمكن إعمال جزاء عن عدم السهر على التبليغ بمعزل عن الملاحظة التي أرجعت بها شهادة التسليم سابقا، على إعتبار أن هذه المبادرة لاتكون في مجمل الحالات مجردة من عارض التبليغ، إذ أنها تكون أيضا وسيلة لإستدراك أو تجاوز هذا العارض.
فعندما ترجع شهادة التسليم بملاحظة سلبية تستدعي إستدراكا من قبل الطرف الذي أدلى بالعنوان، كرجوعها بملاحظة العنوان ناقص، أو خاطئ أو عدم سبق سكن المبلغ بالعنوان و التي تعتبر في جميع الأحوال ملاحظات قابلة لإثبات العكس-فإن دفاع المعني بالأمر بدلا من الإدلاء بالعنوان الصحيح، يرى تأكيده للمحكمة و يلتمس بالتبعية السهر على التبليغ، سيما و أن التعديل الذي طال الفقرة الأولى من المادة 38 بمقتضى القانون 33.11 أزال شرط التبليغ بالعنوان الوارد في شهادة التسليم، إذ أصبح بإمكان القيام بهذه العملية، في أي مكان أخر يوجد فيه، الشخص المطلوب تبليغه.
و من ذلك نرى على أن نجاح عملية السهر على التبليغ لا تعني بالضرورة التحلل من الإلتزام بالإدلاء بالعنوان الصحيح إذا ما توصل المعني بالأمر في غير العنوان المدلى به، أو توصل بذات العنوان نتيجة تحريات دقيقة لايمكن أن تضمنها عملية التبليغ العادية.
و بالمقابل من ذلك فعدم القيام بالسهر على التبليغ لايمكن أن يرتب أي جزاء شكلي إلا إذا كان العنوان المدلى به للمبلغ إليه غير صحيح، و في هذه الحالة يتصرف هذا الجزاء إلى عدم الإدلاء بالعنوان الصحيح و ليس إلى عدم السهر على التبليغ، و الذي يبقى في جميع الأحوال عملا تطوعيا صرفا غير مرتبط بأي ترتيب إجرائي.
محكمة النقض من جهتها و في قرار حديث صادر تحت عدد 187 بتاريخ 26/02/2019 ملف مدني عدد:721/1/9/2017 أكدت على أن عدم إدلاء الطالب بالعنوان الكائن بفرنسا رغم إنذار نائبه بذلك لا يترتب عليه القول بأنه تم خرق الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية و المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عللت قرارها(بأن محامية المستأنف عليه الذي أفيد أنه يوجد بفرنسا و ليس بالعنوان المضمن بالمقال لكنها تخلفت عن حضورها غير تنفيذ ما تعهدت به و يكون المقال الإستئنافي تأسيسا على ما ذكر مخالفا للفصلين 329 و 142 من قانون المسطرة المدنية الشيء الذي يستوجب التصريح بعدم قبوله)يكون قرارها فاسد التعليل و معرضا للنقض .
ومن هذا القرار نفهم على أن السهر على التبليغ هو مجرد إلتزام أدبي يتطوع من خلاله دفاع الأطراف لتجاوز بعض العوارض الواقعية للتبليغ و من تم لا يمكن تحميلهم وزر عدم القيام به لكونه لايعدو أن يكون مجرد بدل يصار إليه عند تعذر الأصل.