طرق التحاق الأجير بالمؤسسة
قد يلتحق الأجير بالمؤسسة إما لأنه على مستوى من التكوين في الشغل المطلوب على اعتبار أنه قد سبق وأن اشتغل مدة اكتسب خلالها الخبرة الفنية ، أو أنه خريج إحدى معاهد التكوين المهني ، أو أن المؤسسة الشغيلة تتطلب تكوينا خاصا فتقوم هي بهذا الدور .
وقبل أن يرتبط المشغل وطالب الشغل بعقد شغل ،منح المشرع الطرفان إمكانية معرفة مدى صلاحية أحدهما للآخر طيلة مدة التجربة ،وهي المدة التي يمكن من خلالها الانسحاب دون تحمل أي التزام، هذه المدة سماها المشرع بفترة الاختبار .
الفقرة الأولى : التكوين المهني
تدخل المشرع لتنظيم عملية التكوين المهني بالمغرب الذي يتم بإحدى الطريقتين :
أ- التكوين المهني داخل معاهد التكوين
التكوين المهني هو اكتساب بعض المعارف النظرية والمهارات العلمية الخاصة بمهنة معينة يغلب عليها الطابع التقني .
يكتسب الطالب خلال مرحلة الدراسة بمعهد التكوين المهني بعض المعارف النظرية والمهارات التطبيقية الخاصة بالمهنة التي اختار التكوين فيها ، متمكنا بذلك من تخصص معين في إحدى القطاعات الاقتصادية .
وعليه فالتكوين المهني يهدف إلى إعداد يد عاملة متخصصة تقنية تستجيب لحاجيات سوق العمل ،وهو جزء من السياسة التعليمية للدولة كما أنه يرتبط بسوق الشغل وطنيا و دوليا ، لذلك تتولى هذه الأخيرة إنشاء هذا النوع من المعاهد .
سن نظام التكوين المهني العام المرسوم رقم 2.86.325 الصادر في 9 يناير 1987 ، وقد مرت سياسة الدولة في الميدان التكوين المهني بمراحل :
المرحلة الأولى : تكلفت الدولة بالتكوين المهني فكانت كل وزارة تنظم تكوينا خاصا بها .
المرحلة الثانية : شهدت هذه المرحلة مجموعة من الإصلاحات من أجل تحسين نوعيته وتكييفه مع عالم الشغل، فأنشأت الدولة معاهد التكوين المهني إلى جانب التعليم العمومي ، وذلك بعد أن تزايد عدد التلاميذ الذين غادروا فصول الدراسة فتزايدت بذلك الحاجة إلى الحصول على الشغل ،وعليه ابتداء من هذه المرحلة أخذ التكوين المهني يعرف أهمية أكثر فتعددت بذلك مراكز التكوين المهني وتنوعت التخصصات حسب ما يتطلبه سوق الشغل .
المرحلة الثالثة : أحدثت معاهد ومدارس التكوين الخاصة التابعة للقطاع الخاص ،وهي منظمة بظهير 1.00.207 الصادر في 19 ماي 2000 ،كما تعتبر امتدادا لتوسع قطاع التعليم الخاص ، وقد أصبح عدد طالبي التكوين في هذه المعاهد يفوق عدد خريجي معاهد التكوين العمومي ، كما أن عددها في تزايد مستمر .
واليوم نشهد تزايد عدد المستفيدين من هذه المعاهد التي تشرف عليها وزارة الشغل ، والتي تزود سوق الشغل بآلاف الخريجين من مختلف المعاهد التكوينية العمومية والخصوصية ، واكب ذلك الرفع من جودة التكوين ،وتأهيل الشباب خاصة في قطاع الخدمات وصناعة السيارات والالكترونيك والصناعة الغذائية والنسيج والألبسة وغيرها من الصناعات ، وهذا سيغطي حاجيات سوق الشغل .
ب – التكوين المهني داخل المؤسسة الشغيلة
ينظم التكوين المهني داخل المؤسسات الشغيلة بمقتضى ظهير 16 أبريل 1940 الذي وقع تغييره وتتميمه بظهير 27 مارس 1954 م .
يبرم عقد التمرين – التكوين – بين صاحب المؤسسة والعامل المتمرن وفق نموذج يمكن سحبه من مفتشية الشغل ،ويترتب عن هذا العقد التزامات تقع على عاتق كلا الطرفين ، بحيث يلتزم صاحب المؤسسة :
– أن يعد سجلا خاص- بتكوين المتمرن بطريقة ممنهجة تمكنه من اكتساب مهارة العمل .
– منحه أدوات العمل اللازمة للتكوين .
– منح المتمرن تعويضا ….
أما المتمرن فيلتزم ب:
– أن يضع نفسه تحت رقابة وتوجيه صاحب المؤسسة .
– أن يتحلى بالأخلاق والانضباط واحترام النظام الداخلي للمؤسسة .
– الحفاظ على أسرار الشغل والأدوات التي يتمرن بها .
– الاشتغال لدى نفس المؤسسة التي تمرن بها ،خلال المدة التي التزم بها في حدود ما نص عليه القانون ….
يسجل فيه معلومات خاصة بكل متمرن يتضمن اسمه الكامل وسنه وعنوانه وتاريخ بداية التمرين ونهايته…
ومواكبة للتطورات التي عرفها سوق الشغل تطلب الأمر النهوض بالتكوين المهني الخاص فصدر ظهير 16 ماي 2000 بمثابة قانون 12.00 المتعلق بإحداث وتنظيم التدرج المهني بالنسبة للمؤسسات التي تقيم اختياريا تكوينا مهنيا، ويعتبر نمط من أنماط التكوين المهني وإن كان يتم داخل المقاولات.
يهدف التدرج المهني إلى اكتساب المهارات التطبيقية العملية عن طريق ممارسة نشاط مهني يسمح للمتدرج بالحصول على تأهيل يسهل اندماجه في الحياة العملية .
وحسب المادة 4 من القانون رقم 12.00 بشأن إحداث وتنظيم التدرج المهني لا ينبغي أن تتجاوز مدة التدرج المهني في كل الأحوال 3 سنوات وهي المدة القصوى .
تخضع علاقة التكوين بالتدرج المهني لعقد يبرم بين صاحب المقاولة والمتدرج أو ولي أمره ، يلتزم رئيس المقاولة بتكوين المتدرج مهنيا داخل المقاولة وبمعدات ملائمة وفق ما حدده القانون ،في حين يلتزم المتدرج بالامتثال لتوجيهات رئيس المقاولة ،والمحافظة أيضا على الأدوات التي يستعملها وعلى أسرار الشغل .
الفقرة الثالثة : فترة التجربة أو الاختبار
بعد التكوين المهني يلتحق الأجير بالمؤسسة التي سيشتغل بها إلا أن غالبية المشغلين لا يبرمون عقود الشغل مع الأجراء إلا بعد مرور مدة معينة يكون من خلالها المشغل قناعته بمستوى وكفاءة الأجير ومدى تخصصه في العمل المطلوب ، كذلك بالنسبة للأجير الذي قد لا يناسبه الأجر أو معاملة المشغل أو مكان العمل ….
وتسمى هذه الفترة بالاختبار وقد عرفها المشرع بأنها الفترة التي يمكن خلالها لأحد الطرفين إنهاء عقد الشغل بإرادته دون أجل إخطار ولا تعويض، وعليه يمكن للمشغل أو الأجير إنهاء عقد الشغل بإرادتهما خلال هذه المدة من العمل، كما يمكن أن يتحول عقد الاختبار لعقد شغل مؤقت أودائم .
ويتميز عقد الاختبار عن عقد التمرين في كون الثاني يهدف إلى تلقين تقنيات العمل للأشخاص ،وعليه ففترة التمرين لا تعتبر مدة عمل ، وبالتالي فهي لا تدخل في احتساب أقدمية الأجير، أما الأول فيهدف إلى معرفة صلاحية كل طرف للآخر في علاقة الشغل خلال مدة زمنية محددة ، وهي تعتبر مدة عمل وتحتسب في أقدمية الأجير ،بحيث أن بداية عمل الأجير هي بداية فترة التجربة ، لذلك تدخل المشرع لتنظيم هذه الفترة حتى لا يترك مجالا لاستغلال الأجير من طرف المشغل .
وقد حدد المشرع في المادة 14 من م .ش مدة الاختبار حسب نوعية عقود العمل وعليه ” تحدد فترة الاختبار بالنسبة للعقود غير المحددة المدة كما يلي :
– ثلاثة أشهر بالنسبة للأطر وأشباههم
– شهر ونصف بالنسبة للمستخدمين
– خمسة عشر يوما بالنسبة للعمال
يمكن تجديد فترة الاختبار مرة واحدة .
لا يمكن أن تتجاوز فترة الاختبار ، بالنسبة للعقود المحددة المدة ، المدد التالية :
– يوما واحدا عن كل أسبوع شغل على ألا تتعدى أسبوعين بالنسبة للعقود المبرمة لمدة تقل عن ستة أشهر .
– شهرا واحدا بالنسبة للعقود المبرمة لمدة تفوق ستة أشهر
يمكن النص في عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية ، أو النظام الداخلي على مدد أقل من المدد المذكورة أعلاه “.
إذن المشرع حاول من خلال تحديده لمدة الاختبار حماية الأجير حتى لا يكون محط استغلال من طرف المشغل فيطيل من هذه المدة ، كما جعل لها حدا أقصى لا يمكن تجاوزه، لكن يمكن الاتفاق على تقليص هذه المدة .
وإذا ما انتهت فترة التجربة يمكن للطرفين الاختيار بين إما :
– وضع حد لها وبالتالي يرجع كل طرف إلى حاله .
– استئناف الأجير الشغل بعد إبرام عقد الشغل .
– استئناف الأجير الشغل دون أي اعتراض من طرف المشغل فتتحول بذلك ضمنيا طبيعة العلاقة لينشأ بذلك عقد الشغل ، وعليه إذا تجاوز الطرفان فترة الاختبار فإنهما يدخلان مباشرة في التزام آخر لتصبح بينهما علاقة شغل يترتب عنها بطبيعة الحال مجموعة من الالتزامات .
كما نلاحظ أن المشرع يميل إلى حماية الأجراء الذين يشتغلون بعقود محددة المدة لذلك لم يمكن المشغل من تجديد فترة الاختبار .
كما أن المشرع مكن الطرفان من فسخ عقد التجربة أثناء سريانه دون أن يترتب عن ذلك التعويض أو الإخطار ما عدا وجوب الإخطار في الحالات المنصوص عليها في المادة 13 من م ش حيث نص المشرع على ” …. أنه إذا قضى الأجير أسبوعا في الشغل على الأقل فلا يمكن إنهاء فترة الاختبار ، إلا بعد منحه أجلي الإخطار التاليين ، ما لم يرتكب خطأ جسيما :
– يومين قبل الإنهاء ، إذا كان من فئة الأجراء الذين يتقاضون أجورهم باليوم أو الأسبوع ،أو كل خمسة عشر يوما .
– ثمانية أيام قبل الإنهاء إذا كان ممن يتقاضون أجورهم بالشهر…”.
وعليه إذا لم يتم احترام هذه الآجال يعتبر الفسخ فجائيا يستوجب تعويضا عن مهلة الإخطار .