منذ سنة 1999، و ذلك بعد إعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، عاش المغرب على وقع جملة من المتغيرات التي شملت جميع المجالات، سواء منها الإقتصادية أو الإجتماعية أو السياسية، و كذلك القانونية، و يبقى من أبرز القوانين التي ثار حولها نقاش طويل وهو قانون الأحوال الشخصية الذي تغير إسمه منذ 2004 ليصبح مدونة الأسرة، وقد جاءت هذه الأخير بمجموعة من المستجدات الواردة في مدونة الأسرة و التي تعتبر مرتكزات أساسية سنذكر منها النقاط المحورية أهمها مساواة المرأة بالرجل في عدة مجالات، و تقييد زواج التعدد و جعل الطلاق و التطليق تحت مراقبة القضاء و الحفاظ على حقوق الأطفال……….
و سنعمل على ذكر أهم المستجدات بشكل مفصل عن طريق معالجة كل مستجد على حدى كالتالي:
أولا: تبني صياغة حديثة
ذلك أن مدونة الأسرة صيغت بأسلوب يناسب المصطلحات المستعملة في النصوص التشريعية بعبارة واضحة و مفهومة و يحافظ على الثوابت و مبادئ الشريعة الإسلامية، و يساعد على التطبيق السليم لمدونة الأسرة دونما تكلف كبير في تفسير النص وتأويله، وهذا ما يتجلى من خلال إقتصارها على بعض المصطلحات الأكثر وضوحا: كالزواج عوض النكاح والبناء عوض الدخول والوطء، ومؤخر الصداق عوض كالىء الصداق، والزواج الباطل عوض الزواج المجمع على فساده، والزواج الفاسد عوض الزواج المختلف في فساده…………
ثانيا:مساواة المرأة بالرجل في عدة مجالات.
تضمنت مدونه الاسره عدة مقتضيات تكرس المساواة بين الرجل والمرأة نورد أهمها كالتالي:
إقرار المسؤولية المشتركة للزوجين على الاسرة طبقا للماده 4 وهو ما يعكس النظره الجديده للمشرع في موضوع المساواة بين الرجل والمرأة.
جعل الولاية حقا للمرأة الرشيدة تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها مع اعتبارها أهلا لأن تبرم الزواج بنفسها او تفوض ذلك لأبيها او لأحد أقاربها.
توحيد الأهلية للزواج للذكر والانثى في 18 سنة شمسيه كاملة.
جعل الطلاق والتطليق حقا يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه وتحت مراقبة القضاء.
*تنظيم أحكام الحضانة في حالة إنحلال ميثاق الزوجيه إنطلاقا من مبدأ المصلحة الفضلى للطفل المحضون مع توحيد مقتضياتها بالنسبة للمحضون سواء كان ذكرا او أنثى.
*المساواة في الارث بين الاحفاد من جهه الابن والاحفاد من جهة البنت من خلال إقرار الحق لهؤلاء الأخرين في الوصية الواجبة.
ثالثا:تقييد زواج تعدد
أصبح يخضع لضوابط وشروط شرعية تراعي مقاصد الإسلام السمحة في الحرص على العدل والمساواة مع الزوجة الأولى وأبنائها في جميع جوانب الحياة وثبوت المبرر الموضوعي والإستثنائي للتعدد وضمان الحقوق لكل المكونات الاسرة.
رابعا:العنايه بالقضايا الاسرية لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج.
تتجسد هذه العناية لتخويل المغاربة المقيمين بالخارج في:
إمكانية إبرام عقود زواجهم وفقا الإجراءات الشكلية المقررة في قانون بلد إقامتهم، طبقا للمقتضيات التي جاءت بها مدونة الأسرة في المادة 14 على أساس توفر شروط الإيجاب والقبول والاهلية والولي عند الإقتضاء وإنتفاء الموانع وعدم التنصيص على إسقاط الصداق وحضور شاهدين مسلمين
خامسا:جعل الطلاق والتطليق تحت مراقبة القضاء
ذلك أن الطلاق والتطليق بكل أنواعهما أصبح يتم تحت مراقبه القضاء، بعد سلوك مسطرة وإجراءات خاصة، منها إجراء محاولة الصلح بين الزوجين، قبل الإذن بالطلاق أو الحكم بالتطليق وعند فشل الصلح تتم مواصلة الإجراءات حتى وقوع الطلاق أو صدور الحكم بالتطليق، و الغاية من هذه المراقبة الحفاظ على تماسك الاسرة واستقرارها وضمان حقوق الزوجة والأطفال.
سادسا:توسيع حق المرأة في طلب التطليق.
وسعت مدونة الأسرة دائرة التطليق بالنسبة للمرأة، ذلك أنه بالإضافة إلى الأسباب التي كانت تعتمدها الزوجة بطلب التطليق من المحكمه في ظل مدونة الأحوال الشخصية (الضرر، عدم الانفاق، الغيبه)، أحدثت مدونة الأسرة نوعا أخر من التطليق وهو التطليق بسبب الشقاق وهذا النوع من التطليق لا يكلف طالبه إثباتا، بعد القيام بمحاولة الصلح وعدم نجاحها من كل زواج خالي من السكينة والموده والرحمه في وقت ملائم،مع ضمان الحقوق.
سابعا:الحفاظ على حقوق الطفل
طبقا للمبدأ “المصلحة الفضلى للطفل” جاءت مدونة الأسرة بمقتضيات كثيره تحث على مراعات حقوق الطفل، وبالإضافة إلى هذا فقد جعلت المدونة ماده خاصة تتعلق بحقوق الطفل(المادة 54)، و إستخدمت مصطلحات تؤكد على الحفاظ على هذه الحقوق منها في باب النفقة والطلاق: مستحقات الأطفال وفي باب الحضانة مصلحة المحضون، الأهلية والنيابة الشرعيه الشرعية، مراعاة مصلحة المحجور، إلى غير ذلك مما تم التنصيص فيه على حقوقه وحمايته سواء في هذه المدونة أو في القوانين ذات الصلة به كقانون كفالة الاطفال المهملين، والقانون الجنائي، وقانون الحاله المدنيه، والجنسية، ومنحت للقضاء الواسعه لتقصي مصلحة الطفل أنى وجدت وجعلها فوق كل اعتبار.
ثامنا:تخويل الحفيدة والحفيد من جهة الأم حصتهم من تركه الجد.
في إطار المساواة ورفعا للحيف الذي كان يطال الأحفاد من جهة الأم، جاءت مدونة الأسرة بمستجد يتوافق ومبادئ العدل،ونصت على مساواة أولاد البنت في الوصية الواجبة مع اولاد الإبن.
تاسعا:إعتبار النيابه العامة طرف أصليا في جميع قضايا الى تطبيق احكام مدونه الأسرة.
ويعتبر هذا المقتضى من المستجدات الهامة، لأن قضايا الأسرة في حاجة الى الدور الوقائي والحمائي والنيابة العامة أصبحت طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة.
وبهذا توسع الدور المنوط بها في مدونة الاسرة بشكل يدعو إلى الاطمئنان، وتوزع مابين دور رئيسي، ودور وقائي وحمائي، و دور مساعد في حالات أخرى لكل طرف يمكن أن تمس حقوقه المادية و المعنوية، كما تم منحها حق الطعن في الأوامر و المقررات، و بالتالي لم تعد النيابة العامة، كما كانت من ذي قبل تبلغ إليها قضايا الأحوال الشخصية و لايكلفها ذلك الإدلاء بمستنتجاتها، و إنما نزلت بثقلها في مدونة الأسرة و أصبح لها دور إيجابي في تفعيل مقتضياتها.
عاشرا:تدبير الاموال المكتسبة من لدن الزوجين خلال فترة الزواج
في إطار المساواة بين الزوجين، ورعيا لما تقوم به الزوجة من أعمال و خدمات تساهم في اكتساب و تنمية الاموال أثناء قيام العلاقة الزوجية، و تجنبا للخلاف الذي يمكن أن يحدث بين الزوجين بشأنها، أرشدهما القانون إلى إمكانية تنظيم شؤونهما المالية بالاتفاق على استثمارهما وتوزيعها،وكلف العدلين بإشعارهما بهذه المقتضيات أثناء توثيق عقد الزواج.