نص النازلـــــــــــــــــــــة:
في يوم الأحد 5 أبريل 2020 على الساعة التاسعة ليلا كانت دورية للدرك الملكي تقوم بجولة رفقة قائد قيادة أولاد الطيب و أعوان السلطة المحلية بالنفوذ الترابي للقيادة المذكورة لمراقبة مدى احترام الإلتزام بإجراءات الحجر الصحي،و بينما دخل أحد الأزقة قامو بتوقيف تجمع من الشباب و المراهقين كانو بصدد تناول المخدرات و الشيشة داخل أحد الأزقة، و أثناء شروع أفراد الدورية في تصفيد هؤلاء الشباب قام بعضهم بالهروب مستغلين عنصر الضلام، ثم فجأة شرعوا في مهاجمة الدورية عن طريق الرشق بالحجارة ووضع أحجار بالطريق لعرقلة مرور السيارات ووصول الإغاثة، فترتب عن ذلك إلحاق خسائر مادية بجميع سيارات المصلحة التي كان يستعملها أفراد الدورية، كما أصيب أحد أعوان السلطة بجروح بليغة على مستوى الرأس توفي على إثرها فور وصوله للمستشفى، و أصيب دركي بعاهة مستديمة نتيجة إصابته بحجر في عينه.
إثر ذلك قامت مصالح الدرك الملكي بفتح تحقيق في النازلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، و خلصت نتائج الأبحاث إلى توقيف خمسة أشخاص يشتبه في تورطهم في الأعمال المرتكبة.(عمر،كريم،يحي و منير)
و أثناء البحث التمهيدي صرح (منير) أنه على علم بحالة الطوارئ الصحية و أنه يعلم بأن وجوده خارج بيته دون ضرورة ملحة و دون حصوله على إذن بذلك يعتبر مخالفة، غير أن حاجته لتناول المخدرات جعلته يخالف القانون باتفاق مع باقي زملائه، و أنهم اتفقوا على مواجهة ممثلي السلطة إن هم أرادو اعتقالهم، و أنه نتيجة لذلك الإتفاق تم الهجوم على أفراد الدورية بالحجارة، و بعد الإستماع إلى باقي الموقوفين أكدوا نفس التصريحات باستثناء ادريس و عمر الذين أكدا الإتفاق لكنهما لم يقوما بأي ضرب لأنهما كانا أول من ألقي عليهما القبض.
و بعد تعميق البحث تبين أن كريم لم يقم بدوره بأي عمل من أعمال الضرب و أنه فور وقوف عناصر الدورية امتطى سيارته و اختبئ في أحد الأزقة وقام بنقل زملائه بعد إنتهائهم من أعمال العنف في بيوتهم.
كما صرح منير أن شخصا أخر يدعى الهواري هو الذي حرضهم على مواجهة السلطة العمومية، وقد كان يصبح أثناء عملية الهجوم و يدعو الناس إلى مؤازرة أبناء الدوار، غير أنه بعد إعتقال المسمى الهواري تبين بعد إجراء الخبرة الطبية عليه أنه يعاني من خلل عقلي تام و مسترسل.
انطلاقا من هذه النازلة يتضح لنا أن هناك أفعالا إجرامية شتى تم إرتكابها من طرف المتهمين تتجلى في خرق حالة الطوارئ الصحية، مواجهة أفراد القوة العمومية و عدم الإمتثال لقراراتهم ، الضرب و الجرح المفضي إلى الموت، أحداث عاهة مستديمة…………إلخ
على ضوء ما قمت بدراسته في مادة القانون الجنائي العام أجب عن الأسئلة التالية:
1-حدد إنطلاقا من وقائع النازلة صفة كل من(ادريس،عمر،كريم،يحي وعمر) في الجرائم المرتكبة؟
2-تبين من خلال البحث التمهيدي أن ادريس و عمر كان قد ألقي عليهما القبض قيل وقوع عملية الهجوم على أفراد القوة العمومية.هل يعتبر ذلك سببا للقول بعدم مسؤوليتهما الجنائية عن الأفعال المرتكبة؟
3-باعتبارك قاضي التحقيق الذي كلف بالتحقيق في هذه النازلة، ماهو المقرر الذي ستتخذه في حق المسمى الهواري الذي قدم أمامك في حالة إعتقال؟
4-أثناء التحقيق أكد منير طالب في كلية الحقوق و أن ما ارتكبه من جرائم كان نتيجة للدفاع الشرعي عن نفسه لرد الإعتداء بالعنف المفرط الذي تعرض له من طرف أفراد الدورية و الذي ليس له مبرر، مارأيك في هذا الدفع؟
5-لقد أنكر جميع المتهمين أن يكون قد حصل بينهم اتفاق على القتل أو التسبب في أية عاهة لأي كان، و تعذر على المحكمة معرفة صاحب الضربة التي أدت إلى وفاة عون السلطة و إحداث العاهة المستديمة للدركي.حدد في ضوء ما درسته من سيتحمل مسؤولية الجرائم المتعلقة بالقتل و إحداث العاهة المستديمة؟
الجواب على النازلـــــــــــــــــــــة:
تتلخص وقائع النازلة في أنه مساء يوم الأحد 5 أبريل 2020 على الساعة التاسعة ليلا كانت دورية للدرك الملكي تقوم بجولة رفقة قائد قيادة أولا الطيب و أعوان السلطة المحلية بالنفوذ الترابي للقيادة المذكورة لمراقبة مدى احترام الإلتزام بإجراءات الحجر الصحي، و بينما هم داخل أحد الأزقة قاموا بتوقيف جميع الشباب و المراهقين كانوا بصدد تناول المخدرات و الشيشة داخل أحد الأزقة غير أن عملية التوقيف لقيت مقاومة بأعمال عنف ترتب عنها إلحاق خسائر مادية بجميع سيارات المصلحة التي كان يستعملها أفراد الدورية، و إصابة أحد أعوان السلطة بجروح بليغة على مستوى الرأس توفي على إثرها فور وصوله للمستشفى، و كذا إصابة دركي بعاهة مستديمة نتيجة إصابته بحجر في عينه.
و قد عقب ذلك توقيف خمسة أشخاص يشتبه في تورطهم في الأعمال المرتكبة و يتعلق الأمر بالمدعويين(إدريس،عمر،كريم ويحي).و خلال البحث التمهيدي اعترف منير بأنه كان يتواجد خارج بيته دون ضرورة ملحة و دون حصوله على إذن بذلك، سوى لحاجته في تناول المخدرات، و أنه اتفق مع باقي زملائه على مواجهة ممثلي السلطة إن هم أرادو اعتقالهم، و أنه نتيجة لذلك الإتفاق تم الهجوم على أفراد الدورية بالحجارة. و بعد الإستماع إلى باقي الموقوفين أكدوا نفس التصريحات.بإستثناء ادري و عمر الذين أكدا الإتفاق لكنهما لم يقوما بأي ضرب لأنهما كانا أول من ألقي عليهما القبض.
كما تبين من خلال البحث التمهيدي أن كريم لم يقم بدوره بأي عمل من أعمال الضرب و أنه فور وقوف عناصر الدورية امتطى سيارته و اختبئ في أحد الأزقة و قام بنقل زملائه بعد انتهائهم من أعمال العنف في بيوتهم.
و صرح منير أن شخصا أخر يدعى الهواري هو الذي حرضهم على مواجهة السلطة العمومية، و قد كان يصيح أثناء عملية الهجوم و يدعو الناس إلى مؤازرة أبناء الدوار، غير أنه اعتقال المسمى الهواري تيبن بعد إجراء الخبرة الطبية عليه أنه يعاني من خلل عقلي تام و مسترسل.
و يتضح من خلال الأفعال المرتكبة و التصريحات التمهيدية للمتهمين أنه هناك أفعالا إجرامية شتى تم إرتكابها من طرف المتهمين تتجلى في خرق حالة الطوارئ الصحية، و حيازة و استهلاك المخدرات، مواجهة أفراد القوة العمومية و عدم الإمتثال لقراراتهم، الضرب و الجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه، إحداث عاهة مستديمة.
و في ضوء ما تم دراسته و استنادا للوقائع المشار إليها أعلاه سوف نجيب عن الأسئلة المطروحة فيما يلس:
1-حدد إنطلاقا من وقائع النازلة صفة كل من(إدريس، عمر، كريم،يحي و منير) في الجرائم المرتكبة؟
الجريمة هي عمل أو إمتناع مخالف للقانون الجنائي و معاقب عليه بمقتضاه، و المجرم هو الشخص الذي أتى الأفعال المكونة للجريمة. وهو عندما يقدم على إرتكاب جريمة معينة قد يسلك عدة طرق من أجل الوصول إلى مبتغاه الإجرامي، فإذا تولى تنفيذ الأركان المادية المكونة للجريمة بنفسه اعتبر فاعلا أصليا للجريمة، و إذا قام بذلك رفقة أشخاص أخرين اعتبر مساهما في الجريمة، و إذا اكتفى بالمساعدة على الأعمال التحضيرية للجريمة أو أعان وساعد مرتكبها خلال مرحلة التنفيذ اعتبر مشاركا في الجريمة. و قد لايتدخل في التنفيذ المادي لهذه الجريمة بصفة نهائية و يكتفي بتسخير شخص اخر غير مسؤول جنائيا لتنفيذها فيسمى أنذاك فاعلا معنويا.
و بناء على ما سبق يمكن القول بأن المجرم قد يكون فاعلا أصليا في الجريمة، و قد يكون مساهما أو مشاركا فيها، و بالرجوع إلى الأفعال المرتكبة نجد أن كافة المتهمين كانو في حالة خرق لحالة الطوارئ الصحية، متلبسين بحيازة و استهلاك المخدرات، مما يضفي عليهم صفة مساهمين في هاتين الجريمتين عملا بمقتضيات الفصل 128 من القانون الجنائي على أنه “يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها”
و يسري نفس الحكم على الجرائم المرتكبة في حق عناصر الدورية الأمنية المشتركة و هي مقاومة أوامرهم و الهجوم عليهم و رشقهم بالحجارة و إلحاق خسائر بعربات في ملكية الدولة فهي و إن تم تنفيذ ركنها من طرف البعض دون البعض الأخر إلا أنها كانت محل اتفاق سابق بين جميع المتهمين في إطار مشروع إجرامي تم الإتفاق عليه فيما بينهم مما يجعلهم مسؤولين مسؤولية جنائية عن هذه الأفعال بإعتبارهم مساهمين في ارتكاب هذه الجرائم.
تبين من خلال البحث التمهيدي أن ادريس و عمر كان قد ألقي عليهما القبض قبل وقوع عملية الهجوم على أفراد القوة العمومية.هل يعتبر ذلك سببا للقول بعدم مسؤوليتهما الجنائية عن الأفعال المرتكبة؟
إن القول بمسؤولية أو عدم مسؤولية المتهمان ادريس و عمر عن الأفعال الإجرامية المرتكبة يقتضي التمييز بين الأفعال التي كانت محل إتفاق بين جميع المتهمين و هي خرق حالة الطوارئ الصحية و التعاطي للمخدرات و عدم الإمتثال ومواجهة أفراد الدورية الأمنية، و بين النتائج المترتبة عن الهجوم و التي لادليل على حصول أي اتفاق بين المتهمين بخصوصها.
فالبنسبة للصنف الأول من هذه الجرائم فنرى أن يتحمل كل من ادريس و عمر المسؤولية عنه لأنه كان محل اتفاق سابق بينهما و بين باقي المساهمين، و أن عدم تنفيذهما لجزء من هذه الجرائم المتمثل في مواجهة أفراد الدورية إنما كان لسبب خارج عن إرادتهما وهو توقيفهما من طرف عناصر الدورية و الذي لولاه لكانا انخرطا في عملية التنفيذ على غرار باقي زملائهم. أما بالنسبة للصنف الثاني المتعلق بالنتائج المترتبة عن الفعل فنرى عدم مسؤوليتهما عنه لعدم انصراف إرادتهما لتحقيق تلك النتائج.
3-باعتبارك قاضي التحقيق الذي كلف بالتحقيق في هذه النازلة، ماهو المقرر الذي ستتخذه في حق المسمى الهواري الذي قدم أمامك في حالة إعتقال؟
لقد تبين من خلال وقائع النازلة أن المدعو الهواري كان أثناء ارتكاب الأفعال الإجرامية المذكورة يقوم بتحريض المتهمين على مواجهة أفراد السلطة العمومية، بواسطة الصياح و دعوة الناس إلى مساعدتهم في عملية الهجوم. كما تبين أيضا بعد إجراء الخبرة الطبية عليه ثبت أنه يعاني من خلل عقلي مسترسل.
لذلك و بإعتباري قاضي التحقيق الذي قدم أمامه المتهم الهواري فإنني سأستند في قراري على مقتضيات الفصل 136 من القانون الجنائي الذي فصل في التدابير و الإجراءات الواجب إتخاذها في حالة ثبوت إصابة المتهم بخلل عقلي.و الذي بناء عليه فإنه إذا رأى قاضي التحقيق أن المتهم تظهر عليه علامات واضحة للخلل العقلي، فإنه يجوز له بمقتضى أمر معلل، أن يأمر بوضعه، مؤقتا في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية من أجل ملاحظته و علاجه إذا اقتضى الأمر، و ذلك ضمن الشروط المقررة في الظهير الخاص بالوقاية و العلاج من الأمراض العقلية و حماية المصابين بها.
4-أثناء التحقيق أكد منير طالب في كلية الحقوق و أن ما ارتكبه من جرائم كان نتيجة للدفاع الشرعي عن نفسه لرد الإعتداء بالعنف المفرط الذي تعرض له من طرف أفراد الدورية و الذي ليس له مبرر، مارأيك في هذا الدفع؟
إن ما أثاره المتهم منير في هذا الدفع يتعلق باستعمال الدفاع الشرعي ضد أفراد القوة العمومية، و الدفاع الشرعي هو ” استعمال القوة اللازمة لصد خطر حال غير مشروع يهدد بالإيذاء حتما حقا يحميه القانون” حي أنه لقيام حالة الإعتداء التي تبرر الحق في استخدام الدفاع الشرعي طبقا للفصل 124 من القانون الجنائي لابد أن يكون هناك إعتداء حال، وأن يكون محل هذا الإعتداء هو النفس أو المال، و أن لايكون لهذا الإعتداء مبرر شرعي.
و تبعا لذلك فإنه لكي يقوم حق الدفاع الشرعي لصالح المتهم منير يجي أن يكون هناك اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعد جريمة، فإذا كان الإعتداء لايعد جريمة فلا يقوم حق الدفاع، و بناء على ذلك فإن ما أثاره المتهم منير بخصوص إستعماله للدفاع الشرعي ضد أفراد القوة العمومية أثناء قيامهم بواجبهم لايعتبر دفاعا شرعيا ، لأن الفعل الذي قام به أفراد الدورية لايعد جريمة و إنما هو من صميم عملهم، و حتى لو إفترضنا صحة ما ادعاه المتهم من تعريضه للعنف فإن ذلك لايخوله استعمال العنف ضد ممثلي السلطة العمومية بل عليه أن يلجأ للقنوات الرسمية لتقديم شكايته ضد من قام بتعنيفه.
5-لقد أنكر جميع المتهمين أن يكون قد حصل بينهم اتفاق على القتل أو التسبب في أية عاهة لأي كان، و تعذر على المحكمة معرفة صاحب الضربة التي أدت إلى وفاة عون السلطة و إحداث العاهة المستديمة للدركي.حدد في ضوء ما درسته من سيتحمل مسؤولية الجرائم المتعلقة بالقتل و إحداث العاهة المستديمة؟
بخصوص جريمتي القتل دون نية إحداثه و إحداث عاهة مستديمة، فالثابت من خلال وقائع النازلة أنها لم تكن محل إتفاق سابق بين المتهمين، كما أن المتهمان إدريس و عمر لم يرتكبا أي عمل من أعمال العنف بسبب إلقاء القبض عليهما منذ تدخل الدورية، كما أن كريم لم يرتكب بدوره أي عمل من أعمال العنف و إنما اقتصر دوره على تسهيل فرار باقي زملائه بواسطة سيارته.وهو ما يعني أن التنفيذ المادي لأعمال العنف تم من طرف المتهمين يحي و منير، لذلك نرى بأن هذين الكتهمين هما اللذين سيتحملان المسؤولية الجنائية عن هاتين الجريمتين، لأن المحكمة تعذر عليها تحديد من قام منهما بتوجيه الضربة القاضية التي كانت سببا في إحداث النتيجة، مما يجعلهما معا مساهمين في ارتكاب هاتين الجريمتين و يتحملان المسؤولية في ذلك إستنادا للفصل 128 من القانون الجنائي الذي ينص على أنه “يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها”.
أما المتهم كريم فينطبق عليه وصف المشارك في هاتين الجريمتين لتحقق قيامه بأحد صور المشاركة في الجريمة حسب الفقرة الثالثة من الفصل 129 من القانون الجنائي الذي يعتبر مشاركا في الجريمة كل من “ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لإرتكابها، مع علمه بذلك”فهذه الصورة تتحقق بقيام المشارك بتقديم العون و المساعدة للفاعل أو الفاعلين من أجل تسهيل عملية التنفيذ المادي للجريمة، سواء كان ذلك خلال مرحلة التحضير أو خلال مرحلة التنفيذ وهو ما ينطبق على المتهم كريم، حيث إن تواجده رفقة المتهمان يحي و منير منذ البداية و اتفاقه مع باقي المتهمين على خرق حالة الطوارئ الصحية و مواجهة أفراد القوة العمومية، وبقاؤه في سيارته مختبئا بعد الشروع في الهجوم على أفراد الدورية و إنتظار زملائه إلى حين الإنتهاء من هذا الهجوم و تسهيل هروبهم من مسرح الجريمة، كلها أمور تدل على نيته الإجرامية و قيامه بالمشاركة في هاتين الجريمتين و تستلزم القول بقيام مسؤوليته الجنائية الناشئة عن المشاركة في هاتين الجريمتين.