تمهيد:
جاء في تصدير الدستور المغربي الجديد، ان المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة،مما نستشف معه أن الأساس في الامتثال للقوانين المنظمة لشتى مناحي الحياة العملية والعلمية تجد ملادها في رحم مبدأ كوني متوافق عليه، يتجلى بدوره في كيفية تنزيل مقتضى تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون في ولوج جميع المناصب العمومية دون تمييز.
نتساءل بدورنا هل فعلاً يتم احترام هذا المبدأ النبيل في كيفية إعلان مباريات التوظيف في وجه من توفرت فيهم شروط الترشيح على قدم المساواة؟
المحور الأول : المبدأ الدستوري في كفالة حق الشغل للجميع.
ينص الفصل 31 من الدستور المغربي 2011 والذي جاء في مضمونه”تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:
- 1 : الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي.
-
2 : ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق.”
وباستقراء مقتضيات المادة السابقة الذكر، و على اعتبار القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. يمكن جزما القول ان أحكام الدستور واضحة في اعتبار الجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمام القانون، وملزمون بالامتثال له. حيث تصبح الزامية عمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. و المساواة في ولوج الوظائف الحكومية والعمومية، بدون قيد مسبق.
تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة. ليس للقانون أثر رجعي.
ومما يزيدنا ارتياحا، في هذا الشأن، كون القواعد الدستورية تعتبر الضامنة و. الملاد الأمن في تطبيق ما دونها من القوانين التنظيمية و المراسيم والمناشير والنصوص التنظيمية نهاية بالقرارات الإدارية.
نتساءل مرة.ثانية هل فحوى القرارات والإعلانات المتعلقة بتدبير وتنظيم المباريات المعلن عليها بحسب القطاعات الوزارية تمتثل لقواعد وأحكام الدستور؟
جوابنا في ذالك، نحيله على مناقشته في ظل المحور الموالي بعنوان:
المحور الثاني : نظرة في مرسوم رئيس الحكومة حول المرسوم المتعلق بتحديد شروط وكيفيات تنظيم مباريات التوظيف في المناصب العمومية وفق آخر التعديلات
تحت رقم 2.16.146 صادر في 13 من شوال 1437 (18 يوليو 2016) بتتميم المرسوم رقم 2.11.621 صادر في 28 من ذي الحجة 1432 (25 نوفمبر 2011)، بتحديد شروط وكيفيات تنظيم مباريات التوظيف في المناصب العمومية، جريدة رسمية عدد 6491 بتاريخ 11 ذو القعدة 1437 (15 أغسطس 2016)، صفحة 6055.
وبالرجوع إلى مقتضياته و فحواه، لا نجد ما يلزم القطاعات الوزارية في تنظيم المباريات، ما يدل او يوحي بشكل ما، وجوب التمييز بين الشواهد المطلوبة في اجتياز المباريات، اذ ان الاساس في تنظيميها هو توفر الشروط المطلوبة في المترشحين على قدم المساواة، وليس على أساس صنف او معيار إقصاء باقي الشواهد، وذالك على أساس تكافؤ الفرص لا غير.
وبالنظر إلى الواقع العملي، نجد عدد الطلاب الحاصلين على شواهد الماستر وفي مختلف الشعب في تزايد مستمر، وان مناصب الوظيفة الشاغرة في تناقص مستمر، وهي المعادلة التي توجب عدم حرمان بعض الشعب من الماستر من الولوج إلى المناصب المعلن عليها، من القطاعات الوزارية، على قدم المساواة ودونما استتناء
اوعلى الأقل. في حالة الاعلان على مباريات التوظيف تضمين الإعلان بما يفيد طلب شهادة من الكلية تتعلق بموضوع الاختصاص، ذالك ان معظم الإعلانات تشترط مثلاً كون المبارة.مفتوحة في وجه الحاصلين على ماستر قانون الاعمال والمنازعات، وهو ما يعني إقصاء بعض الشعب دات نفس التوجه نورد بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر، فمثلا طلاب ماستر تدبير الشأن العام المحلي و ماستر القانون الاداري او الحكامة الترابية، فجميع اصناف هده الشعب متقاربة في مضمون المواد التي يدرسونها، مما يجعل اقصاء بعضها، اجنحاف في حق الطلبة، وكما سبقت وان اشرت يكفي ان يتم اشتراط الحصول على شهادة من الكلبة تتبت ان الطالب درس إحدى المواد المطلوبة فقط.
خاتمة ؛
ان سياسة التعليم بالمغرب، عانت ولازالت تعاني من مجموعة من النقائص والتي اسهمت فيها بشكل مباشر او غير مباسرة، الحكومات المتعاقبة، لا على مستوى الجودة ولا على مستوى افق التعليم وربطه بضرورة توفير مناصب شغل تتماشى مع متطلبات سوق الشغل، وبالتالي لا تتحملها شعاب واسلاك التوجهات العلمية، على اساس ان تلك الشعب هي وليدة وصنع الحكومات التي تعاقبت على تحمل مسؤوليتها في مجال إصلاح المنظومة التعليمية والتربوية