نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بين القانون و القضاء

عالـم القانون7 ديسمبر 2021
نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بين القانون و القضاء

مقدمة:
يعد حق الملكية من أبرز وأهم الحقوق الدستورية والقانونية نظراً لما يمثله من أهمية في حياة الأفراد والدولة ودوره الحيوي في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية ، فهو حصيلة جهد الإنسان وثمرة عمله وسعيه لكسب الرزق وتكوين الثروات وقد حُظي بالإهتمام وأُحيط بالرعاية إلا أن درجة ذلك الاهتمام تفاوتت تبعاً للإتجاه الفكري أو الديني السائد في هذه الدولة أو تلك فبعض الدول بالغت في نظرتها إليه إلى حد اعتباره في فترة من الزمن حقاً مقدساً لا يجوز المساس به ثم تغيرت هذه النظرة تماشياً مع التغير في المفاهيم السياسية والتطورات الاقتصادية .
وقد ظلت الدول تثبت في دساتيرها وتنظم في قوانينها حق الملكية الخاصة بصورة تفصيلية ودقيقة وتضع الأسس والضوابط التي تؤمن حمايته وتضمن أداءه وتحقيقه الهدف الخاص لمالكه والوظيفة الاجتماعية المنوطة به ، إلا أن تنامي دور الدولة وتوسع وظائفها و ازدياد احتياجاتها للوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها ودواعي تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة اقتضت السماح على سبيل الاستثناء بالمساس المباشر بحق الملكية الخاصة على الرغم من موانع الحصانة وحواجز الحماية الدستورية والقانونية المقررة لهذا الحق بحيث تكون المحصلة النهائية لذلك انقضاؤه وانتقاله من طابعه الخاص إلى ملكية الدولة فيما يُعرف في القانون بإجراء نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، الذي يعد واحداً من أهم مواضيع القانون الإداري،حيث أن الدولة تحتاج في اطار القيام بمسؤولياتها في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والادارية الى عدد كبير من العقارات، وفي سبيل الحصول على هذه العقارات تلجأ إلى مسطرة الاقتناء بالتراضي شأنها في ذلك شأن الخواص، غير أنه أحيانا يتعذر عليها الاقتناء بالتراضي وبالتالي تلجأ إلى مسطرة نزع الملكية فما هي الإجراءات الإدارية والقضائية لهذه المسطرة؟ وكيف يمكن للمنزوعة ملكيته أن يواجه هذه الإجراءات إذا ما أحس بالظلم والتجاوز عند اتخاذه ؟
المبحث الأول:الإجراءات المسطرية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة
تحتاج الدولة في اطار القيام بمسؤولياتها في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والادارية الى عدد كبير من العقارات، وفي سبيل الحصول على هذه العقارات تلجأ إلى مسطرة الاقتناء بالتراضي شأنها في ذلك شأن الخواص، غير أنه أحيانا يتعذر عليها الاقتناء بالتراضي وبالتالي تلجأ إلى مسطرة نزع الملكية فما هي الإجراءات الإدارية والقضائية لهذه المسطرة؟
المطلب الأول:المرحلة الإدارية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة
تتكون المرحلة الإدارية لنزع الملكية من عدة إجراءات يلتزم نازع الملكية بالقيام بها وتخضع لمراقبة القضاء في إطار المسطرة القضائية لنزع الملكية، وتتجلى هذه الإجراءات في الإعلان عن المنفعة العامة وإخضاع مقرر التخلي للبحث الإداري وإبرام الاتفاق بالتراضي بين المالك ونازع الملكية وسأتعرض لهذه الإجراءات حسب التفصيل التالي:
الفرع الأول:الإعلان عن المنفعة العامة و قرار التخلي
من بين الإجراءات الأساسية لنزع الملكية يوجد مقرر إعلان المنفعة العامة و قرار التخلي، إذ ورد بالفصل الأول من قانون نزع الملكية ” إن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية لايجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة.
1-الإعلان عن المنفعة العامة
أ ـ السلطة المسندة إليها مهمة إعلان المنفعة العامة
إن القانون المتعلق بنزع الملكية لاجل المنفعة العامة و بالاحتلال الموقت لم يعين الجهة المسندة إليها مهمة اعلان المنفعة العامة، إذ أن الفصل 6 من هذا القانون اقتصر على الاشارة إلى أنها تعلن بمقرر إداري، وبالرجوع إلى مرسوم التطبيق الصادر بتاريخ 16 أبريل 1983 نجد أنه ينص في الفصل الأول منه على ما يلي: ” تطبيقا للفصل 6 من القانون رقم 81 ـ 7 تعلن المنفعة العامة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر”.
فالإعلان عن المنفعة العامة يتم إذن بموجب مرسوم باقتراح من الوزير المعني بالأمر.
ب ـ إشهار مقرر إعلان المنفعة العامة
أحاط المشرع عملية نزع الملكية بإشهار واسع النطاق وذلك من أجل إيجاد نوع من التوازن بين مصالح نازع الملكية التي تقتضي السرعة والمرونة وضرورة الحفاظ على حقوق الملاك وغيرهم من المعنيين بالأمر، وهكذا نص الفصل 8 من قانون نزع الملكية على تدابير الإشهار اللازمة بشأن مقرر إعلان المنفعة العامة وهي كالتالي:
 نشر مقرر اعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية (النشرة العامة)
 نشر إعلان بشأن نفس المقرر في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها في نشر الإعلانات القانونية مع الإشارة إلى تاريخ الجريدة الرسمية التي وقع نشره فيها
 تعليق النص الكامل بمكاتب الجماعة التي تقع فيها المنطقة المقرر نزع ملكيتها.
كما يجوز اللجوء إلى وسائل الإشهار الأخرى المفيدة (كالمناداة في الأسواق مثلا
وتجدر الإشارة إلى أن تدابير الإشهار المذكورة أعلاه لا تكتسي دائما طابعا إجباريا بالنسبة لنازع الملكية بل تصبح اختيارية إذا تعلق الأمر بأشغال تهم الدفاع الوطني (المادة 14 من قانون نزع الملكية.
وإذا اختار نازع الملكية العدول عن هذه الإجراءات يجب أن يتضمن المقرر بيان الأملاك المطلوب نزع ملكيتها وأن يبلغ إلى الملاك كسائر التبليغات الإدارية التي تسلم مباشرة إلى المعنيين بالأمر، وفي حالة تعذر ذلك يكتفى بتوجيهها إلى وكيل الملك التابع لنفوذه موقع العقار (المادة 46 من القانون)

ج ـ أثـار مقرر الإعلان عن المنفعة العامة
إن أهم أثر يترتب عن نشر مقرر الإعلان عن المنفعة العامة هو إخضاع المنطقة التي يعينها لارتفاقات ترمي بالأساس إلى منع القيام بأي بناء أو غرس أو تحسين في العقارات الموجودة بتلك المنطقة إلا بموافقة نازع الملكية.
وتجدر الإشارة إلى أن مدة صلاحية مقرر اعلان المنفعة العامة محددة في سنتين تبتدئ من تاريخ نشر هذا المقرر بالجريدة الرسمية ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بمقتضى إعلان جديد للمنفعة العامة.
2-مقرر التخلي
الهدف من مقرر التخلي هو تعيين الأملاك التي ستشملها نزع الملكية وذلك بإعطاء جميع البيانات المتعلقة بها لاسيما وضعيتها القانونية ومساحتها وأسماء الملاك وذوي الحقوق وعناوينهم.
وتجدر الإشارة الى أنه بإمكان نازع الملكية أن يدمج بين مقرر التخلي المعين للعقارات ومقرر الإعلان عن المنفعة العامة في مقرر واحد يعتبر في هذه الحالة بمثابة مقرر التخلي وتسري عليه قواعد الاختصاص فيما يخص السلطة المختصة بالإعلان عن المنفعة العامة أي أن المقرر بمثابة التخلي يتم بمرسوم باقتراح من الوزير المعني بالأمر.
وإذا اقتصر المقرر المعني عن المنفعة العامة على تحديد المنطقة القابلة لنزع الملكية يكون من اللازم تعيين العقارات اللازمة بواسطة مقرر التخلي ويتم اتخاذه كما هو مبين بالفصل الثاني من المرسوم التطبيقي لنزع الملكية من طرف:
 رئيس المجلس الجماعي إذا كان القائم بنزع الملكية جماعة حضرية أو قروية أو أي شخص تفوض إليه هذا الحق.
 عامل الاقليم أو العمالة إذا كان القائم بنزع الملكية إقليم أو عمالة أو شخص يفوض إليه هذا الحق.
 الوزير المعني بالأمر بعد استشارة وزير الداخلية في الحالات الأخرى.
الفرع الثاني:البحث الإداري
يخضع مقرر التخلي قبل صدوره أي في صيغته كمشروع إلى البحث الإداري الذي يستغرق مدة شهرين ويعمل نازع الملكية على القيام بالإجراءات التالية :
نشر مشروع المقرر بالجريدة الرسمية (نشرة الإعلانان القانونية والإدارية والقضائية
نشر نفس النص في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها في نشر الإعلانات القانونية
إيداعه مصحوبا بتصميم لدى الجماعة المحلية التابع لها موقع العقار موضوع نزع الملكية وذلك لفسح المجال للمعنيين بنزع الملكية للاطلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم بشأنه خلال أجل شهرين يبتدئ من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية.
ايداعه لدى مصلحة المحافظة على الأملاك العقارية لتقييده في الرسم العقاري إذا كان العقار محفظا أو بسجل التعرضات إذا كان العقار في طور التحفيظ ، وبكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية في حالة ما إذا كان هذا العقار غير محفظ وذلك من أجل التقييد بالسجل الخاص.
-وتجدر الإشارة إلى أن تاريخ النشر بالجريدة الرسمية أهمية كبرى إذ انطلاقا منه تبتدئ مدة صلاحية مقرر التخلي التي تمتد على مدى سنتين فإن لم يتقدم نازع الملكية خلالها بطلب نقل الملكية وتحديد التعويض لدى المحكمة الإدارية المختصة فلا يمكن مواصلة مسطرة نزع الملكية الا بواسطة إعلان جديد للمنفعة العامة.
الفرع الثالث: الإتفاق بالتراضي
في حالة موافقة المالك على القيمة المحددة من طرف اللجنة الإدارية للتقييم يتم إبرام الاتفاق بالتراضي عن طريق محضر أمام السلطة المحلية التابع لها موقع العقار إذا كان المنزوعة منه الملكية يقيم بالمكان المذكور أما إذا كان هذا الأخير غير مقيم بذلك المكان فإن هذا الاتفاق يتم بواسطة عقد عرفي أو عدلي أو توثيقي.
و الاتفاق بالتراضي يعفي الجانبين من الخوض في المرحلة القضائية لنزع الملكية للمنفعة العامة،فتنتقل الملكية لفائدة نازع الملكية ويطهر الملك من جميع الحقوق والتحملات التي تثقله.
المطلب الثاني: المرحلة القضائية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة
يتم اللجوء إلى المرحلة القضائية عندما لا يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الإدارة ومالك العقار المراد نزع ملكيته.و تتمثل هذه المرحلة من خلال دعوى الحيازة و دعوى نقل الملكية و تحديد التعويض.
الفرع الأول:رفع دعوى نزع الملكية
بعد صدور مرسوم نزع الملكية يتعين على نازع الملكية داخل أجل سنتين إيداع مقالي الحيازة ونزع الملكية لدى المحكمة الإدارية التي يقع العقار المنزوعة ملكيته في دائرة نفوذها.
ويرمي مقال الحيازة إلى الحصول على أمر استعجالي بحيازة العقار مقابل تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض المقترح من طرف نازع الملكية.
بينما المقال الثاني يرمي إلى الحكم بنقل ملكية العقار موضوع نزع الملكية لفائدة نازع الملكية وتحديد التعويض النهائي عن الملكية لفائدة المنزوعة منه الملكية.
وتجدر الإشارة إلى أنه استثناء من مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية فإن نازع الملكية يعفى من ذكر بعض البيانات التي تتعلق بالمدعى عليه أي المنزوعة منه الملكية كلما تعذر الحصول على هذه البيانات مثل الاسم والمهنة والموطن… كما سبقت الإشارة إلى ذلك في بداية هذا العرض.
ويشكل هذا الاستثناء تكريسا للطابع العيني الذي أصبحت تتميز به إجراءات نزع الملكية في ظل القانون الحالي اذ تتخذ في مواجهة العقارات موضوع نزع الملكية وليس في مواجهة الملاك وذوي الحقوق.
وقبل البت في طلب الحيازة أو نزع الملكية تعمل الهيئة القضائية على التحقق من سلامة الإجراءات الإدارية التي تكون على عاتق نازع الملكية والتي تسبق الإجراءات القضائية ومنها إعلان المنفعة العامة ونشره واتخاذ مقرر التخلي وتدابير الإشهار بالجريدة الرسمية والجرائد واحترام الآجال الخ…
وإذا ثبت للمحكمة إخلال بإجراء من هذه الإجراءات فإنها تحكم برفض الطلب المتعلق بالحيازة أو نقل الملكية.
أما أذا تأكد القاضي الاستعجالي من سلامة الإجراءات الإدارية فإنه يصدر أمره بالترخيص بالحيازة مقابل اداء التعويض الاحتياطي لفائدة المنزوعة منه الملكية، كما أن قضاء الموضوع يحكم بنقل الملكية بعد تأكده أيضا من سلامة الإجراءات وبتحديد التعويض عن نزع الملكية.
الفرع الثاني:تحديد التعويض
يتم تحديد التعويض عن نزع الملكية من قبل المحكمة طبقا للقواعد الآمرة النصوص عليها في الفصل 20 من قانون نزع الملكية وهي كالتالي:
1 -يجب ألا يشمل التعويض إلا الضرر الحالي والمحقق الناتج مباشرة عن نزع الملكية ولا يمتد إلى الضرر غير المحقق أو المحتمل أو غير المباشر.
2 -يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البناءات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية.
3- يجب ألا يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي، أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك التي ستنزع ملكيتها، ولا تراعى في تحديد هذه القيمة عناصر الزيادات بسبب المضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح بالمنفعة العامة، غير أنه في حالة ما إذا لم يودع نازع الملكية في ظرف أجل ستة أشهر ابتداء من نشر ” مقرر التخلي” أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها، المقال الرامي إلى الحكم بنزع الملكية وتحديد التعويضات وكذا المقال الرامي إلى طلب الأمر بالحيازة، فإن القيمة التي يجب ألا يتجاوزها تعويض نزع الملكية هي قيمة العقار يوم آخر إيداع لأحد هذه المقالات بكتابة الضبط لدى المحكمة الإدارية
-4 يغير التعويض، عند الاقتضاء، باعتبار ما يحدثه الإعلان عن الأشغال أو العملية المزمع إنجازها من فائض القيمة أو ناقصها بالنسبة لجزء العقار الذي لم تنزع ملكيته.
ويحدد قاضي نزع الملكية في حالة وجود حقوق انتفاع أو استعمال أو سكنى أو غيرها من الحقوق المماثلة أو من نفس النوع، تعويضا واحدا بالنظر لمجموع قيمة العقار. ويمارس مختلف المعنيين بالأمر حقوقهم في مبلغ التعويض، إذا كان يشغل العقارات المنزوعة ملكيتها مكترون بصفة قانونية مصرح بهم على إثر البحث الإداري المنصوص عليه في الفصل 10 أو مقيدون بصفة قانونية في السجلات العقارية فان نازع الملكية يتحمل منح التعويضات الواجبة لهم أو عند الاقتضاء تمكينهم من عقار آخر إذا كان من الممكن.
بعد صدور الحكم بنزع الملكية وتحديد التعويض يبلغ من طرف كتابة الضبط إلى نازع الملكية وإلى المنزوعة منهم الملكية، وتبليغ الأحكام يجب أن يرفق بنسخة مطابقة للأصل
ولقد نص الفصل 26 من قانون نزع الملكية في فقرته الأولى على أن القرارات القضائية الصادرة بنزع الملكية أو بالإذن في الحيازة تبلغ تلقائيا من طرف كاتب الضبط إلى نــازع الملكية والى المنزوعة ملكيتهم الذين عرفوا بأنفسهم على إثر الإشهار المنصوص عليه في الفصول 8 و9 و10 وكذا إذا كان الآمر يتعلق بعقارات محفظة أو في طور التحفيظ على مختلف ذوي الحقوق كما هم مثبتون بالشهادات المنصوص عليها في الفصل 11 وعند الاقتضاء إلى شاغل العقار.
ولقد ورد أيضا في الفقرة الأخيرة من الفصل 26 ما يلي :
” وإذا لم يعرف المنزوعة ملكيتهم بأنفسهم وكان العقار المقصود غير محفظ ولا في طور التحفيظ أو كانت الحقوق المعنية لا تتعلق بعقار محفظ أو في طور التحفيظ فإن القرارات المشار إليها في المقطع الأول تنشر في شكل ملخصات من طرف نازع الملكية في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية، وتعلق كذلك نصوص القرارات المذكورة بكاملها في مكتب الجماعة التابع لها موقع العقار.
للإشارة إذا لم يعمل نازع الملكية على الأداء أو الإيداع خلال أجل شهر ابتداء من يوم تبليغ الحكم الصادر بالإذن في الحيازة أو بنزع الملكية ترتبت عن ذلك لصالح المنزوعة ملكيتهم بمجرد انتهاء هذا الأجل فوائد حسب السعر القانوني المعمول به في ميدان المعاملات المدنية أي ستة في المائة سنويا من مبلغ التعويض.
المبحث الثاني:حدود تدخل القضاء في مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
المطلب الأول: دور القضاء في حماية الملكية الخاصة
يشكل القضاء مصدرا أساسيا لحماية الملكية الخاصة، فالسلطة القضائية ظلت حامية للملكية الخاصة من جميع الاعتداءات التي تتعرض لها، تتجلى هذه الحماية في رقابة القضاء لأعمال الإدارة، فالإدارة ملزمة دائما بالخضوع للقانون في كل الأعمال التي تقوم بها و كل تجاوز للقانون يفسح المجال للقضاء للتدخل لحماية حقوق الأفراد و حرياتهم.حيث تشكل رقابة القضاء لأعمال الإدارة في نظام نزع الملكية للمنفعة العامة، أهم الضمانات المفروضة في هذا النظام خاصة و أن الإدارة تكون طرفا في هذا الموضوع ، فهي التي تقوم بنزع الملكية و هي التي تقوم بكتابة الإجراءات اللازمة للإتمام هذه العملية و بالتالي تعد الرقابة القضائية ضمانة دقيقة لمنزوعي الملكية لما تخوله من حماية أكيدة ضد الانتهاكات التي قد تمس الملكية الخاصة، و تتم حماية القضاء للملكية الخاصة في هذا المجال عبر الدعاوى التي يرفعها منزوعي الملكية ضد انحرافات نازع الملكية، فقد تتمثل في دعوى إلغاء قرار المنفعة العامة أو دعوى التعويض و كذا الدعوى الرامية إلى وقف الاعتداء المادي.
الفرع الأول: رقابة القضاء على شرط المنفعة العامة
تعد المنفعة العامة مناط نزع الملكية فهي الأساس الذي بني عليه هذا النظام ككل.و أمام عدم وجود مفهوم دقيق لفكرة المنفعة العامة كان لزاما على القضاء أن يوفر رقابة فعالة للمنفعة العامة، و أمام عجز الرقابة العادية لكبح أوجه الانحراف الذي شاب عمل الإدارة في تقديرها للمنفعة العامة كان من الواجب على القضاء أن يستوعب هذه الأمور و يطور رقابته في هذا الصدد بهدف خلق توازن يوفر حماية حقيقية للملكية الخاصة.و قد مرت رقابة المجلس الأعلى لمقررات المنفعة العامة بمرحلتين، ظلت في المرحلة الأولى رقابة ضعيفة و في المرحلة الثانية عرفت نوعيا تأثرا بموقف مجلس الدولة الفرنسية.
حيث تميزت المرحلة الاولى بتدخل جد محتشم للقضاء لرقابة عمل الإدارة و قد عقل هذا الموقف منذ قضاء الحماية ، إذ استقر اجتهاد المحاكم الفرنسية في المغرب على قاعدة مفاده أن تنصب رقابتها على الشكليات التي يحددها القانون فقط.لذلك اقتصرت هذه المحاكم على التحقق من مدى احترام الإدارة للشكليات المحددة قانونا و غالبا ما كانت تبرر موقفها.
انطلاقا من الفصل الأول لظهير التنظيم القضائي لسنة 1913 الذي كان يمنعها من مراقبة مشروعية لقرارات الإدارية المعوجة للمنفعة العامة و اقتصرت على مراعاة الشكليات و مدى احترام الإدارة للإجراءات المسطرة فقط.
و قد أبرزت محكمة الاستئناف بالرباط في أحد قراراتها بتاريخ 31 أكتوبر 1950 “أن المحاكم القضائية هي الحارسة الطبيعية لحق الملكية و لذلك تشمل ما أمكن على التطبيق الدقيق للشكليات المنصوص عليها و أن القرارات المصرحة بالمنفعة العامة و الصادرة عن السلطة العامة لا تحتمل الإلغاء أمام مجلس الدولة الفرنسية و البطلان الذي يترتب على عدم تنفيذ الشكليات الموضوعة لأجل ضمان حق الملكية، إنما هي من النظام العام لذلك يمكن أن يثار حتى بصفة مباشرة”.
و أيدت محكمة النفط هذا التوجه إد اعتبرت سلطة القضاء في مجال نزع الملكية تقتصر على مراقبة السلكيات المنصوص عليها في الفصل الثاني من ظهير 31 غشت 1914، و لا يمكن أن تمتد إلى رقابة مشروعية جوهر القرارات الإدارية 9 هذا التوجه ظل سائدا في القضاء المغربي ، إذ ظل المجلس الأعلى يتهرب من الدخول في مناقشات قرارات الإدارة و ظلت الدعاوى الموازية المنفذ الوحيد الذي يلجأ إليه المجلس الأعلى لتفادي البث في مشروعية القرارات المعلنة للمنفعة العامة.
و هذا ما نلمس من قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 12 شتنبر 1980 حيث انه بتاريخ 11 أكتوبر 1976″ ثم التقدم إلى المجلس الأعلى بعريضة يطلب فيها بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء المقرر البلدي المستمر رقم 105 الصادر عن باشا مدينة الناطور و المصادق عليه بتاريخ 19 ماي 1976 من طرف عامل الإقليم و حيث أنه بالإمكان المطالبة بالحقوق التي قد تكون لهما في التعويض أمام محاكم الحق العام لهذا فإن طلبهما الرامي إلى إلغاء المقرر المطعون فيه غير مقبول”.
و قد غير المجلس الأعلى موقفه هذا تدريجيا في دعم لاحق البحث في الطعن والإلغاء ضد مقرر إعلان المنفعة العامة. جاء في القرار”حيث يصيب الطاعن على المقرر المطعون فيه إساءة استعمال السلطة و انعدام سبب نزع الملكية، الذي هو المنفعة العامة.لكن حيث أنشئت مراب في العقار المنزوعة ملكيته لاستعمال المصلحة العامة لناقلات الجماعة، تكون المنفعة التي يتطلبها لتبرير نزع الملكية متوفرة و لهذا فإن هذا القرار المطلوب إلغاءه لا يشوبه أي شطط .لقد شكل فعلا موقف المجلس الأعلى هذا تحولا إيجابيا في سبيل تفعيل رقابة القضاء على مقررات الإدارة المعلنة للمنفعة العامة
ولو اقتصر هذا القرار على رقابة مشروعية قرار نزع الملكية. لكن ما يمكن أن نلاحظ أنه إلى حد هذه المرحلة لم يقم المجلس الأعلى بإلغاء أي مقرر لنزع الملكية بمعنى أنه لم ترق رقابته في مراحلها الأولى حتى لمراقبة شرعية قرارات نزع الملكية، فكيف لمراقبة ملائمة قرار نزع الملكية للمنفعة العامة. وأمام هذا الوضع كان لا بد على القضاء أن يطور رقابته عبر تعزيز وتطوير وسائل ومجال هذه الرقابة لكي تضمن حماية أكيدة للملكية الخاصة وخلق توازن حقيقي بين مصلحة الأفراد في حماية الملكية الخاصة وحق الدولة في نزع الملكية.
وبهذا فقد ظلت رقابة القضاء لشرط المنفعة العامة إلى حدود سنة 1992 رقابة ضعيفة وضيقة لم ترق إلى حد كبح كل أوجه الإنحراف في قرارات الإدارة التي تضرعت في كثير من الأحيان بساطتها التقديرية. إلا أن الرقابة عرفت تحولا كبيرا من خلال قرار المجلس الأعلى (الغرفة الإدارية بتاريخ 10/12/1992) الذي تبنى قفزة نوعية وتطورا كبيرا في رقابة القضاء للسلطة التقديرية للإدارة.
ولأهمية القرار نورد وقائعه: يتعلق الأمر بنزاع بين الشركة العقارية ميموزة ووزارة السكنى، فبعد أن قامت الشركة ملكة العقار المسمى “كاريبا” موضوع الرسم العقاري 8066 بطلب رخصة لإنجاز تجزئة على الأرض المذكورة مساهمة منها في مشروع التنمية السكنية والقضاء على مدن الصفيح وبعد ما قسمت الأرض إلى ثلاث أجزاء وحصلت على الرخصة، ودققت التجزئة على القطعة الأولى مبالغ مالية مهمة، وبدأت تضطر تجهيز القطعة الثانية، لكنها فوجئت بصدور مشروع بنزع الملكية عن السيد الوزير، فقامت الشركة بالطعن في القرار طالبة إلغاء المرسوم وقضى المجلس الأعلى بإلغاء المرسوم معللا قراره كالأتي: “وحيث أن الإدارة إذا كانت تتوفر على السلطة التقديرية بخصوص المنفعة العامة التي تسعى إلى تدقيقها من وراء نزع الملكة فإن ذلك لا يمنع القضاء الإداري لمراقبة مضمون وأغراض المنفعة العامة وما إذا كان المنزوع ملكيته كما هو الحال في النازلة يسعى إلى تدقيق نفس الأغراض والأهداف بموافقة الإدارة المسبقة”
مما استنتج معه المجلس الأعلى أن المنفعة العامة التي تتدرع بها الإدراة لإصدار المرسوم المطعون فيه، وقد تدققت فيه عبر المشروع الذي أنجزت الطاعنة جزئا هاما منه.
وأضاف في تعليقه: “حيث يتضح من كل ذلك أن المنفعة العامة التي تتدرع بها الإدراة بإصدار الرسوم المطعون فيه، قد تدققت بالفعل عبر المشروع الذي أنجزت الطاعنة طرفا منه باعتراف الإدارة وبموافقتها الواضحة والصريحة، مما يجب معه إلغاء المقرر المطعون فيه”
يشكل إذن هذا القرار تطورا كبيرا في ميدان حماية الملكية الخاصة، وقد غير المجلس الأعلى من أسلوب رقابته للمنفعة بعد أن كان أمر تقديرها متروكا للسلطة التقديرية للإدارة.
ولم يقف تطور هذه الرقابة عند هذا الحد بل واكب ذلك قرارات أخرى أكدت النضج الكبير الذي وصل إليه القضاء في مجال مراقبته لأعمال الإدارة.
جاء في قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 07/05/1994.
“وحيث أن الإتجاه الحديث في القضاء الإداري لا يكتفي بالنظر إلى المنفعة العامة المتوخاة من نزع الملكية وذلك عن طريق الموازنة بين الفوائد التي سيدققها المشروع المزمع إنشاؤه والمصالح الخاصة المتعارضة التي يمسها…وبالتالي تقيم قرار نزع الملكية على ضوء مزاياه وسلبياته والمقارنة بين المصالح المتعارضة للإدارة والخواطر المنزوعة ملكيتهم”
فالمجلس الأعلى من خلال هذا القرار تبنى نظرية الموازنة التي سبق أن طبقها مجلس الدولة الفرنسية منذ 1971 في قضية المدينة الشرقية الجديدة .
والحقيقة أن تبني المجلس الأعلى لهذه النظرية سيمكن القضاء من وسيلة فعالة لرقابة قرارات إعلان المنفعة العامة وحماية الملكية الخاصة من أي تعسف أو شطط.
الفرع الثاني:دور القضاء في مجال التعويض
من بين الضمانات التي جاء بها القانون المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، منحه لأطراف هذه العملية الحق في الالتجاء إلى القضاء بغرض المنازعة في تقدير التعويض، في حالة عدم الارتضاء بالتقدير المتوصل إليه إداريا.
وهذا بموجب المادة 8 من قانون إحداث المحاكم الإدارية التي أوكل إليها المشرع المغربي النظر مجموعة من النزاعات من بينها المتعلقة بالتعويض عن نزع الملكية من خلال مراقبة القاضي الإداري جميع الإجراءات التي يسلكها نازع الملكية.
ويلعب القضاء الإداري في هذه المنازعات – التعويض – دورا هاما للغاية وذلك لكونه طرفا محايدا في النزاع ولأجل هذا يتمتع القاضي بكل الصلاحيات التي تسمح له بالعمل دون الاستعانة بالتقدير المقترح من طرف لجنة التقييم، بل له أن يقدر التعويض المستحق عن نزع الملكية بكل استقلالية مما سيضمن موضوعية هذا التقدير.
وبعدما تتأكد المحكمة من سلامة جميع الإجراءات الإدارية المتبعة لنزع الملكية لا يبقى أمامها سوى تحديد مبلغ التعويض الواجب دفعه للمعني بالأمر إلا أن هذه الحالة لا تخلول من مسارين دأبت عليهما المحكمة الإدارية ويتمثل المسار الأول في الموافقة الصريحة للتعويض المقترح من طرف نازع الملكية والمسار الثاني في الموافقة الضمنية للتعويض المقترح من طرف نازع الملكية.
وتتمثل في الموافقة التي تكون بمذكرة جوابية بمناسبة استدعاء المنزوعة ملكيته من طرف المحكمة بعد تبليغه بنسخة نزع ملكيته من مقال دعوى نقل الملكية وتكليفه بالجواب عنه فإنه في هذه الحالة يحكم القاضي بنقل الملكية مقابل التعويض المقترح وذلك لعدم المنازعة فيه ولا يمكن الحكم بأكثر مما طلب منه وهذه الحالة تكون نادرة الوقوع إلا أن أهم اشكال في هذه الحالة هو في نزع ملكية عقار مملوك على الشياع إذ يتم الموافقة على التعويض المقترح بمقتضى مذكرة جوابية من طرف بعض الملاك في حين ينازع باقي الملاك الآخرين حيث لا يتفق دفاعهم مع دفاع من لم ينازع في التعويض المقترح، وهذا ماوقع في قضية المكي الروندة الذي قضت له المحكمة بمبلغ 200 درهم للمتر المربع، بعلة قبوله للمبلغ المقترح ، وأحيانا يكتفي المنزوعة ملكيته بالموافقة على التعويض المقترحة عليه من طرف الإدارة نازعه الملكية بمجرد تصريح شفوي بالجلسة أثناء النظر في دعوى نقل الملكية .
أما في حالة عدم جواب المنزوعة ملكيتهم بعد توصلهم بالمقال الافتتاحي لدعوى نقل الملكية وعدم مناقشتهم للتعويض تقضي المحكمة بمبلغ التعويض المقترح من طرف نازع الملكية استنادا إلى أن توصل المنزوعة ملكية بالاستدعاء في التعويض يعتبر موافقة ضمنية كلية، وهكذا قضت المحكمة الإدارية بالرباط بما يلي حيث إن الطرف المدعي عليه توصل بنسخة من المقال ولم ينازع في مبلغ التعويض المقترح، كنازلة المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء للجهة الشمالية الغربية على سبيل المثال حيث تقدمت بتاريخ 08 يونيو 1995 بطلب يرمي إلى نقل مجموعة من القطع الأرضية المنزوعة ملكيتها إليها مقابل دفع وإيداع التعويض المحدد من طرف لجنة التقويم والمحددة في مبلغ 859.800 درهم فتقدم أحد المدعي عليه بمذكرة جوابية أشار فيها إلى أنه لا يمانع في التعويض المقترح عليه المتمثل في مبلغ 254.200. درهم مقابل نزع ملكية عقاره البالغ مساحته 1271 متر مربع، بينما أجاب الحميد الجلالي بن البشير يعقوب بواسطة نائبه بمذكرة جوابية ينازع بمقتضاها في التعويض المقترح عليه بعلة أنه لا يتناسب مع القيمة الحقيقة للعقار موضوع نزع الملكية ملتمسا إجراء خبرة ، وبعد إجراء الخبرة التي حددت قيمة المتر المربع ب 400 درهم قضت المحكمة الإدارية بنقل ملكية كافة القطع الأرضية المنزوع ملكيتها إلى المدعية المذكورة مقابل دفعها أو إيداعها تعويضا نهائيا حددته في مبلغ 400 درهم للمتر المربع لفائدة المدعي عليهم من طرف نازع الملكية، وحيث أنه أمام عدم وجود أي منازع في مبلغ التعويض المقترح، فإن المحكمة لا يسعها الحكم إلا بنقل الملكية مقابل التعويض المذكور، ولقد اعتبرت نفس المحكمة أن توصل احد المدعى عليهم بالاستدعاء وبنسخة من المقال يشكل قرينة على أنه لا ينازع في مبدأ التعويض المقترح بعدما أنجزت مسطرة القيم في حق المدعى عليه .
إلا أن ارتكاز المحاكم الإدارية على هذه الحيثيات يبقى محل نقاش خاصة إذا لم يمكن توصل المنزوعة ملكيتهم توصلا شخصيا وأن عدم حضور الجلسة أو عدم تقديم جواب مكتوب يبقى أمرا مجهولا بالنسبة للمحكمة وبالتالي لا يمكن أن يستنتج منه أن المدعي عليه قد قبل ما حددته اللجنة الإدارية للتقويم من تعويض مقابل نزع الملكية ولقد ألغت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى جميع أحكام المحاكم الإدارية التي قضت باعتماد التعويض المحددة من طرف اللجنة الإدارية للتقييم بعلة الموافقة عليه ضمنيا من طرف المنزوعة ملكيتهم .
أما فيما يتعلق اللجوء إلى الخبرة لتحديد التعويض ترتكز عملية تقدير التعويض عن نزع الملكية بشكل خاص على قواعد تقنية وفنية تتطلب معرفة ودراسة متخصصة يصعب على القاضي الإلمام بها وبالتالي يصوغ له اللجوء إلى أهل الاختصاص والاستعانة بهم قصد تكوين معرفة تقنية متخصصة حول موضوع النزاع.
فإذا كان نازع الملكية يتشبث بالتعويض المقترح من طرف لجنة التقويم كما سبق الذكر فإن المنزوعة ملكيتهم يلجئون إلى المحكمة الإدارية للطعن في المبالغ المقترحة، ففي هذه الحالة فإن المحكمة تقوم بانتداب خبير في الموضوع وبمراقبة القاضي لعمل الخبير.
يتضمن القانون المنظم لعملية نزع الملكية ومرسوم تنفيذه، الطرف التي يلجأ إليها القاضي الإداري لتسوية المنازعات المتعلقة بتقدير التعويض مما يتوجب علينا العمل بأحكام قانون المسطر المدنية.
لقد تضمنت المواد من 59 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية القواعد المتعلقة بالخبرة ” L’expertise judiciaire ” التي عرفها الأستاذ عبد العزيز توفيق بأنها ” العمليات والتقارير التي يقوم بها الخبير المعين من طرف المحكمة في مسألة فنية لا يأنس القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية للقيام بها.
وأول إجراء يقوم به الخبير هو تحديد موقع العقار وحدوده، والملاك المجاورين له ووصف العقار وذكر محتوياته، ثم يشرع في الأعمال التقنية والتي تتحدد تبعا لطبيعة النزاع فإن كانت المنازعة تتعلق بتحديد مساحة العقار المنزوع ملكيته فيجري الخبير مسحا طبوغرافيا لذلك العقار وذلك لمعرفة مساحته ومساحة الجزء المنزوع بدقة وكذلك ذكر مشتملاته ومن تم القيام بإنجاز مخطط للموقع الذي سينجز فيه المشروع وتبيان العقارات المعنية بالنزع وتحديد العقار القائم حول المناعة.
أما إذا كان محل النزاع يتعلق بتحديد طبيعة العقار محل النزاع وطريقة استغلاله، فإن الخبير يقوم بوصف عام للأملاك وحساب مساحتها وذكر خصائص الأرض محل النزع، إذا كانت مخصصة للفلاحة وإن أمكن تصنيف هذه الأراضي وذلك بناء على تواجد المياه وكذا جغرافية الأرض والتجهيزات الموجودة عليها.
ويقوم الخبير بمهامه تحت مراقبة القاضي، وهذا ما أكده المشرع صراحة من خلال الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية وتبدأ مراقبة المحكمة منذ إشعار الأطراف بتعيين الخبير.
وتتجلى مراقبة المحكمة في إلزامها بمراقبة العناصر التي اعتمد عليها الخبير والتأكد من سلامتها ولها أن تأخذ بالخبرة المنجزة أو تصرف النظر عنها أو أن تأمر بخبرة إضافية كما يمكن لطرفي النزاع طلب إجراء خبرة مضادة متى اتضح لها أن الخبرة التي أنجزها الخبير شابتها تجاوزات فما هي سلطة القاضي تجاه الخبرة ؟.
طبقا لنص الفصل 66 من قانون المسطرة المدنية الفقرة الرابعة فالقاضي غير ملزم برأي الخبير بمعنى أن القاضي يتمتع تجاه الخبرة بسلطة تقديرية واسعة، وينص الفصل 65 من قانون المسطرة المدنية على أن الخبير يتلقى على شكل تصريح عادل كل المعلومات الضرورية مع الإشارة إلى مصدرها في تقريره عاد إذ منعه القاضي من ذلك، وهذا يعني أن الخبير لا يمكنه أن يتلقى تصريحات أو معلومات معينة خارج ما أمرت به المحكمة، وفي حالة عدم اقتناع القاضي بالخبرة يمكن له أن يأمر بإجراء خبرة ثانية حيث يمكن له ….. تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف إلا أن القاضي يكون غير ملزم بالإجابة لطلبهم إلا إذا اقتنع بذلك.
المطلب الثاني: دور القضاء في رفع الإعتداء المادي و تنفيد الأحكام
يعتبر الإعتداء المادي و الصعوبات المسطرية و الإجرائية المتعلقة بتنفيذ الأحكام من بين الإكراهات الاساسية التي يعرفها القانون المتعلق بنزع الملكية من أجل المصلحة المنفعة العامة،والتي باتت تشغل بال المشرع المغربي من جهة أولى وتؤرق المتضرر المنزوع ملكيته من جهة ثانية.ومن خلال هذه الإشكالية المطروحة سنحاول في هذه الورقة التطرق الى الإكراه الأول المتعلق بالإعتداء المادي ،كما سنتطرق للإكراه الثاني والمتمثل في صعوبة تنفيذ الأحكام .
الفرع الأول: دور القضاء في رفع الإعتداء المادي
إن الإدارة أو من يقوم مقامها عندما تضع يدها على عقار مملوك ملكية خاصة دون أن تكون معتمدة في عملها على سند قانوني صحيح ودون أن تتبع مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة تكون قد ارتكبت اعتداء ماديا على الملكية الخاصة.
ويرى الفقيه الفرنسي دلو بادير أنه يكون هناك اعتداء مادي “عندما ترتكب الإدارة في حالة قيامها بنشاط مادي ذي طبيعة تنفيذية عدم مشروعية واضح وجسيم من شأنه أن يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات العامة”.
فعناصر الاعتداء المادي تتجلى في:
– ارتباط عمل الإدارة بخطأ جسيم يخرج به عن حدود المشروعية بحيث يجعله منعدم الصلة بوظائف السلطة العامة.
– أن ينتج عن الاعتداء المادي مساسا كبيرا بحق الملكية وبالحقوق العينية الأخرى وبالحريات الإنسانية.
– أن يرتبط بإجراء مادي تنفيذي إذ لا يكفي اتخاذ قرار من جانب الإدارة وإنما يجب أن تبادر الإدارة في تنفيذه ماديا أو تشرع في التهييئ لتنفيذه.
وإذا كان القضاء الإداري يعد قضاء الشرعية فإن دفع الاعتداء المادي يعد من صميم مبدأ الشرعية فالقاضي هو حامي الملكية الخاصة وحارسها من كل مساس أو اعتداء من جانب الإدارة أو من يقوم مقامها وقد اضطلع القضاء العادي بهذا الدور قبل نشوء المحاكم الإدارية واليوم وبعد أن أصبحت المحاكم الإدارية صاحبة الولاية العامة في النزاعات الإدارية فإن المحاكم الإدارية بدأت تعتبر نفسها هي المختصة في نزاعات الاعتداء المادي. وهكذا يحق للملاك الخواص طلب حماية القضاء كلما تعرضت حق الملكية لاعتداءات، فعمل الإدارة إذا لم يتم في إطار قانوني سليم يعد عملا ماديا ونزيح عنه طبيعته الإدارية. فإذا استولت الإدارة على عقار مملوك ملكية خاصة دون أن يكون تدخلها مسبقا بقرار تعلن فيه عن المنفعة العامة، يعد هذا اعتداء ماديا وانتهاكا لحق الملكية الخاصة ويحق للقضاء آنذاك طرد الإدارة من العقار مادام إن الإدارة بتصرفها هذا قد قلبت الوضع إلى وضع غير صحيح ويكون للقضاء إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وإرجاع الأمور إلى طبيعتها ووضعها الصحيح.
فصحة كل عمل ترتبط بمدى احترامه لقواعد القانون ومادامت قواعد نزع الملكية للمنفعة العامة من النظام العام، فلا يمكن مخالفتها.
وهكذا ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته”إن إدارة الأملاك المخزنية مسؤولة عن وضع اليد على قطعة أرضية وتحويلها إلى ساحة عمومية دون اتباع مسطرة نزع الملكية ويخول للقضاء إيقاف كل اعتداء مادي من جانب الإدارة”.
كما جاء في قرار آخر”إن الدولة مسؤولة عن الضرر الحاصل للمالك باستيلائها على ملكه وإقامتها فيه مؤسسة عمومية دون موافقة ودون سلوك مسطرة القانونية التي يرسمها ظهير 6/5/1982 المتعلق بنزع الملكية”. بل ذهب إلى تقرير مسؤولية الدولة في التعويض عن الأضرار الناجمة عن احتلالها ملك الغير في إطار القواعد العامة المقررة في الفصل 79 ق.ل.ع. ويحق لقضاء الاستعجالي في حالة الاعتداء المادي إيقاف هذا الاعتداء وطرد الإدارة من عقار الغير مادام الاستيلاء تم بطريقة غير قانونية.
ففي قرار صادر عن قاضي الأمور المستعجلة في إطار الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق آنذاك بالتنظيم القضائي للمملكة: “وحيث أنه مما لا جدال فيه أن الأشغال التي اتخذت في الأرض موضوع الصك العقاري عدد … قد وقع القيام بها بدون أن يسبقها صدور قرار يبرر احتلالها مؤقتا أو قرار يحدد توقيف الأعمال. وحيث أن استناد الإدارة على نظرية نزع الملكية غير المباشر لا يمكن أن يعفيها من الإجراءات المذكورة أعلاه أو يعوضها وأن الأعمال التي تقوم بها تكتسي صفة العنف. وحيث ينبغي والحالة هذه إصدار أمر بإيقاف الأعمال”
بقي أن نشير ونحن بصدد استعراض موقف القضاء المغربي من حماية الملكية الخاصة عن نزع الملكية للمنفعة العامة، أن هناك تطور إيجابي على صعيد مراقبة أعمال الإدارة وتقديرها لشرط المنفعة العامة، وقد تأكد الدور القضائي الهام كذلك في الموقف الذي اتخذه في حالة الاعتداء المادي أو فرض طرد الإدارة من العقار المستولى عليه بطريقة غير قانونية رغم ما أثاره من انتقاد اعتمادا على الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية. كما بدأنا نشهد أن التعويضات الممنوحة لمنزوعي الملكية أصبحت تصل إلى حدود معقولة ولم تعد تستجيب لما كانت تحدده الإدارة من تعويضات هزيلة جدا.
الفرع الثاني: صعوبة تنفيد الأحكام القضائية
تطرح مسطرة نزع الملكية من أجل المصلحة العامة ,اشكالية تنفيد الاحكام القضائية من قبل الادارة مما يطرح السؤال حول مدى قدرة الدولة على التوفيق بين المصلحة العامة , وحقوق الاشخاص الذين انتزعت ملكيتهم , كما يطرح مدى القوة التي تتمتع بها الاحكام الصادرة عن القضاء , خاصة أمام كثرة القضايا التي اصبحت تعرض والتي تعكس قوة النزاعات الناشئة عن قانون نزع الملكية والاحتلال المؤقت .كما أن تتبع عمل المحاكم الإدارية المغربية يظهر لنا أنها بدلت جهدا كبيرا من أجل إيجاد الوسائل المناسبة لإرغام الإدارة على التنفيذ ، مما جعل القاضي الإداري ، ينعت بالقاضي المجتهد . ومن أهم الوسائل التي اعتمدتها المحاكم الادارية ومن أهم الوسائل التي اعتمدتها المحاكم الإدارية من أجل التصدي لامتناع الادارة هناك الغرامة التهديدية والحجز على أموال الإدارة الممتنعة عن التنفيد .
1-الغرامة التهديدية:
بالنسبة للسند الذي اعتمد عليه القاضي الإداري ، من أجل تبرير فرض الغرامة التهديدية
يمكن استنتاجه من خلال أول حكم تم فيه فرض الغرامة التهديدية على الإدارة والمعروف بحكم ورثة العشيري ، الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط ، بتاريخ 6 مارس 1997 والحامل لرقم 134. فالقاضي في هذا الحكم رجع الى مقتضيات قانون المسطرة المدنية , على اعتبار أن القانون المؤسس للمحاكم الادارية لايتضمن أي مسطرة لاجبار الادارة على تنفيد الاحكام , وعلى اعتبار أن المادة السابعة من القانون المنشأ للمحاكم الادارية يحيل على تطبيق جميع قواعد قانون المسطرة المدنية مالم يقرر المشرع خلاف ذلك .
من هنا نلاحظ بأن المشرع اعتمد على مقتضيات المادة السابعة لفرض الغرامة التهديدية حيث تم تأييد هذا الحكم من قبل الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى من خلال قرارها رقم 1301 الصادر بتاريخ 25/09/1997 . ومادمنا نتحدث عن الغرامة التهديدية فإن هناك إشكالية جانبية يستحسن التطرق إليها والمتعلقة بجواز تحديد الغرامة التهديدية بمنطوق الحكم , وذلك قبل تسجيل امتناع الادارة عن التنفيد . ومادام أنه لايوجد نص قانوني يمنع هذا الاجراء فتحديد القاضي للغرامة في منطوق الحكم جائز وتطبيقا لذلك نجد القرار الاستعجالي الصادر عن المحكمة الادارية بوجدة عدد 28-98 بتاريخ 15/10 /1998
قضية ناصر مصطفى ومن معه ضد وزير التربية الوطنية , حيث إن قاضي المستعجلات أمر بإيقاف البناء إلى غاية الفصل النهائي للنزاع تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 1000 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيد ابتداء من تاريخ التثبت من الامتناع , وفي هذه النازلة لم ينتظر القاضي حصول واقعة عدم التنفيد للحكم بغرامة تهديدية , بل قام بذلك حتى في ظل عدم حصول امتناع واقعي من قبل الادارة .
وفي هذا الاطار يرى الاستاذ آمال المشرفي أن هذا الاجراء ليس من شأنه فقط ضمان تنفيد الاحكام القضائية ولكن لها ميزة أخرى متمثلة في أنها تضمن هذا التنفيد بصورة فورية وسريعة .وبالرغم من تنويه الباحثين بمجهود القضاء في هذا الاطار إلا أن هذا الاجراء يبدو غير ذي فعالية للأسباب التالية :
* تشكل الغرامة التهديدية نفقة طارئة وغير مبرمجة في الميزانية ,وبالتالي لاتوجد الاعتمادات الضرورية لآدائها .
* تقف امام الحصول على الغرامة التهديدية العديد من العراقيل المسطرية الطويلة المترتبة عن تدخل العديد من الجهات , كالآمر بالصرف والمحاسب ومراقب الالتزامات والخزينة العامة .
* في حالة قبول الادارة تسديد مبلغ الغرامة فهي تؤدى من المال العام الذي يتكون جزء كبير منه من الضرائب التي يؤديها المواطن , فهذا الأخير هو الذي سيتحمل في نهاية الامر عبئ امتناع الادارة عن التنفيد.
* أهم سبب يجعل هذه الوسيلة غير فعالة , هو أنه لايوجد هناك مايضمن استجابة الادارة الممتنعة عن تنفيد التزاماتها , فآداء الغرامة رهين بإرادتها .
ولضمان فعالية الغرامة التهديدية تم تمديدها الى المسؤول شخصيا عن عدم التنفيد وهذا الحل من ابتداع المحكمة الادارية بمكناس بحيث قامت بفرض غرامة على رئيس المجلس الجماعي الذي رفض الاستجابة لحكمها القاضي بإلغاء قرار عزل السيد العطاوي وارجاعه الى عمله.
2-الحجز على اموال الادارة الممتنعة عن التنفيد:
المال العام للدولة هو كل شيء تملكه الدولة من مال ومنقول او أي شخص اعتباري عام يكون مخصصا للنفع العام بالفعل أو بالقانون .
وإذا كانت القاعدة العامة هي عدم جواز الحجز على أموال الدولة العمومية ,وذلك لأن المرافق العامة تحتاج في ممارسة المهام إلى أموالها العامة ,وبالتالي فتنفيدا لمبدإ عدم تعطيل المرفق العام لايجوزالتنفيد على أمواله الضرورية بالحجز. إلا أن هذا الحضر يقابله مبدأ آخر وهو ضرورة تنفيد الأحكام الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به احتراما لمبدأ المشروعية وسيادة القانون .
من هنا فجل المحاكم الادارية بالمغرب تجيز الحجز على منقولات المرفق العام إذا لم تكن تلك المنقولات لازمة لسير المرفق العام لما لهذا الاجراء من فعالية في تسريع تنفيذ الادارة للأحكام المتعلقة بنزع الملكية حيث يمتد هذا الحجز ليشمل كذلك الاموال المودعة لدى الغير , وهذا ماقضت به المحكمة الادارية بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 23 أبريل 1997 عدد 99 في الدعوى الموجهة ضد الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق في قضية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبعد قيام مأمور التنفيذ التابع للمحكمة بتحرير محضر الامتناع عن التنفيذ بالحجز على أموال المؤسسة المودعة لدى الخزينة العامة .
ويمكن اجمال الصعوبات التي تعترض تنفيذ الاحكام الادارية عموما وتلك المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة إلى صعوبات قانونية إذ ليست هناك مسطرة لتنفيذ الاحكام الادارية كما أن ق م م لايتضمن الوسائل اللازمة لاجبار الادارة على تنفيذ الاحكام الادارية وهناك صعوبات واقعية متعلقة بكون الادارة تمثل المصلحة العامة ولايمكن اجبارها على التنفيذ في حالة اعسارها كما أن هناك صعوبات تقنية تتعلق بعدم ادراج الغرامات في ميزانية الشخص العمومي ناهيك عن عوائق التراتبية الادارية وتعقيد قواعد المحاسبة .
وهكذا نلاحظ تزايد الشكايات المتعلقة بعدم تنفيذ الادارة للأحكام القضائية اذ بلغ عدد الشكايات الموجهة ضد الادارة طبقا لاحصاءات ديوان المظالم 2782 شكاية وهنا نجد أن عدد الشكايات قد تضاعف ثلاث مرات مقارنة مع السنوات السابقة حيث بلغت 369 شكاية سنة 2004 و404 سنة 2005 و 1620سنة 2006 و1162 سنة 2007 وتأتي الداخلية على رأس القطاعات المعنية بنسبة 36% والتربية الوطنية ب 16% والمالية بنسبة 14% وبلغت قضايا التعويض عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة 366 من أصل 573 شكاية.
ولعل هذه الارقام تشير الى مدى الصعوبات التي تعترض التوفيق بين المنفعة العامة ومصالح الافراد بالرغم من المجهودات التي يبدلها القضاء في هذا الإطار .

خاتمة:
يشكل القضاء مصدرا أساسيا لحماية الملكية الخاصة فالسلطة القضائية ظلت ردحا من الزمن حامية للملكية الخاصة من جميع الاعتداءات التي تتعرض لها تتجلى هذه الحماية في رقابة القضاء لأعمال الإدارة فالإدارة ملزمة دائما بالخضوع للقانون في كل الأعمال التي تقوم بها وكل تجاوز للقانون يفسح المجال للقضاء للتدخل لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم. حيث تشكل رقابة القضاء لأعمال الإدارة في نظام نزع الملكية لمنفعة العامة أحد أهم الضمانات المفروضة في هذا النظام خاصة وأن الإدارة تكون طرفا في هذا الموضوع فهي التي تقوم بنزع الملكية وهي التي تقوم بكتابة الإجراءات اللازمة لاتمام هذه العملية وبالتالي تعد الرقابة القضائية ضمانة حقيقية لمنزوعي الملكية لما تخوله من حماية أكيدة ضد الانتهاكات التي قد تمس الملكية الخاصة. وتتم حماية القضاء للملكية الخاصة في هذا المجال عبر الدعاوي التي يرفعها منزعو الملكية ضد انحرافات نازع الملكية فقد تتمثل في دعوى إلغاء قرار المنفعة العامة أو دعوى التعويض وكذلك الدعوى الرامية إلى وقف الاعتداء المادي.
خلاصة القول أن المعايير التي وضعها المشرع المغرب لتقدير التعويض لا ترقى إلى مستوى تعويض عادل. والمؤسف أن نجد التشريع المغربي ذهب في أقصى حد إلى حماية المال العام والتضحية بمصالح منزوعي الملكية

المراجع المعتمدة
– محمد الكشبور، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة 2007، طبعة 2.
– باجي البشير، شرح قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، 1991، طبعة، 1.
– إدريس الحياني، محاضرات في القانون العقاري الطبعة الأولى.
– مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية و التبعية الجزء 3، طبعة 1978.
– عبد الرحمن البكدبوي: “الوجيز في القانون الإداري المغربي”، ط 1.
– ميشال روسي، القانون الإداري المغربي.
– مليكة الصروخ، القانون الإداري، دراسة مقارنة، الطبعة 6.
– قانون نزع الملكية في ضوء العمل القضائي، امحمد لفروبي، الطبعة 1، 2010.
– امحمد الفروجي، موسوعة القانون المغربي.
– أحمد أجعون، اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية.
– سيدي محمد علوي طاهري بعنوان ” نزع الملكية للمنفذة العامة و مظاهر حماية الملكية الخاصة”.
– العربي محمد مياد، الحق في التعويض العادل لمن نزع السالفة لأجل المنفعة.
– عبد العزيز يعكوبي: “تطور الرقابة إلى شرط المنفعة العامة في حالة نزع الملكية من خلال نظرية الموازنة، م.م، للإدارة المحلية والتنمية عدد 14-15.
– الحسن الوزاني شاهدي”الإعتداء المادي و انتصام قاضي المستعجلات”، المنشور في المجلة المغربية للقانون العدد 3، سنة 1985.
– عبد الله حداد” القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدد للمحاكم الإدارية”
– رسالة إبراهيم محمد علي “نظرية الإعتداء المادي، نقل عن أحمد أجعون.
– دليل أملاك الجماعات المحلية المساكن المغربية، وزارة الداخلية السديرية العامة للجماعات المحلي، الطبعة الأولى، 2009.
– منشور بالجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1983.
– منشور بالجريدة الرسمية، عدد 2854 بتاريخ 12 يوليوز 1967.

يمكنكم الحصول على العرض على صيغة pdf:

إضغط هنا :     نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بين الواقع و القانون

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...التفاصيل

موافق