تطرح جنحة الخيانة الزوجية عدة إشكالات قانونية وواقعية تستوجب إعادة النظر في المقتضيات القانونية المنظمة لها، وذلك من أجل الحد من الانتقادات التي تطال الاجتهاد القضائي، نظراً لتضارب بعض القرارات الناتج عن سوء تطبيق النص المنظم للجنحة المذكورة أعلاه.
هذا وإن كان المشرع المغربي قد أفرد نصوصاً قانونية لجنحة الخيانة الزوجية، فإنه قد سكت عن تعريفها، كما يتجلى من الفصل 491 من ق.ج، لكنه تدارك ذلك ضمن الفصل 492 من ق.ج المغربي، لما بين عناصرها، إذ يكفي لقيام جنحة الخيانة الزوجية أن يكون أحد طرفي العلاقة الجنسية متزوجاً.
ومنه سوف نتطرق إلى جنحة الخيانة الزوجية، كما يلـي:
المتابعــــــــــــــــــــــــــــة:
غالباً ما تكون المتابعة في الجريمة أعلاه، تحمل شق يتعلق بالمشاركة في الخيانة الزوجية، وهذا خطأ سائد، إذا تم الإمعان في أطراف الفعل الجرمي، حيث إن جنحة الخيانة الزوجية لا تقوم إلا بين شخصين رجل وامرأة، ومن ثمة ينعدم عنصر المشاركة، ما دامت جنحة الخيانة الزوجية يستحيل ارتكابها من فاعل واحد.
ذلك أن عنصر المشاركة لا يمكن تصوره قطعاً إلا إذا تدخل شخص ثالث تبعاً لمقتضيات الفصل 129 من ق.ج.
لكن الواقع العملي ذهب عكس ذلك، إذ يتابع الطرف المتزوج بجنحة الخيانة الزوجية، في حين يتابع الطرف الثاني غير المتزوج بالمشاركة في الخيانة الزوجية، مع العلم أنهما معاً فاعلين أصليين، مما يبقى لازماً تدخل المشرع من أجل تعديل مقتضيات الفصل 492، خاصة في فقرته الأخيرة.
الإثبات في جنحة الخيانة الزوجية والتنازل عنها:
إن الوسيلة الأكثر اتباعاً من طرف القضاء في إثبات الخيانة الزوجية هي محاضر الشرطة القضائية، ولو تعلق الأمر أحياناً بمحاضر غير موقعة من طرف المتهم.
علماً أن الفصل 493 من ق.ج المغربي صريح في هذا الاتجاه.
إذ قيد من وسائل الإثبات، عكس ما عليه الحال في المادة الجنحية حيث حرية الإثبات.
ومن هذا المنطلق يتوجب عدم الأخذ بالمحاضر غير الموقعة من طرف المتهمين، وعدم اعتبار وسيلة إثبات للخيانة الزوجية.
ولقد أحسن المشرع الجنائي صنعاً، لما قيد من وسائل الإثبات وجعلها على سبيل الحصر:
محضر رسمي يحرره ضابط الشرطة القضائية حالة التلبس، علما أن هذه الأخيرة قد خلفت جدلاً واسعاً لعدم تحديد صورها ضمن الفصل 493 من ق.ج، لكن الرأي الراجح يحتكم إلى حالات التلبس المنصوص عليها في المادة 56 من ق.م.ج، بالرغم من عدم انطباق بعض حالاتها على جنحة الخيانة الزوجية.
اعتراف تضمنته مكاتيب، أو أوراق صادرة عن المتهم.
إعتــــــــــــــــراف قضائـــــــــــــــــــــي.
إذ الغاية هي الحفاظ ما أمكن على التماسك الأسري، وعدم تشتيت شمل الأسرة، بل الأكثر من ذلك لم يعاقب المشرع الجنائي على المحاولة في الخيانة الزوجية، حتى لا يفتح الباب أمام ذوي النيات السيئة للإطاحة ببعضهما البعض في فخ الخيانة الزوجية بسوء نية.
وللتأكيد على أن المشرع الجنائي كان رحيماً بالعلاقة الزوجية لما لها من قدسية، فقد جعل المتابعة في الخيانة الزوجية مبنية على شكوى الزوجة أو الزوج، وليس من الغير باستثناء النيابة العامة، حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة، وهي حالات شبة منعدمة، لأن الفصل 490 من ق.ج، ربطها بتعاطي الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة، وهو ما لا يمكن حصوله إلا استثناءً، وحتى إن حصل، يمكن متابعة المتهم آنذاك بجنح أخرى غير الخيانة الزوجية.
فضلا عما قيل أعلاه، فالمشرع المغربي قد جعل من تنازل أحد الزوجين للآخر عن شكايته حداً للمتابعة، كما جعل من التنازل الذي يحصل بعد صدور الحكم حداً لآثار هذا الأخير، شريطة أن يكون غير قابل للطعن، والكل يستفيد منه الطرف المتزوج فقط.
لكن هناك توجهات تذهب إلى متابعة الزوج أو الزوجة حالة التنازل بجنحة أخرى غير الخيانة الزوجية، وهو ما لا يستقيم ومقتضيات الفصل 492 من ق.ج المغربي.
المســــــــــــــــــــــاواة بين الرجل والمرأة
بالرجوع إلى الفصل 491 من ق.ج المغربي، نجده قد سوى بين الزوجين في العقاب، حالة ارتكاب أحدهما لجنحة الخيانة الزوجية، وهو ما يتأكد من نصه الآتي: ((يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية … )).
ونفس الأمر بالنسبة للأعذار المخفضة للعقوبة في الجرائم التي يرتكبها أحد الزوجين ضد الآخر حالة مباغثته متلبساً بجريمة الخيانة الزوجية، حيث سوى المشرع بين الزوجين.
وهنا نص الفصل 418 من ق.ج على ما يلي: (( يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل، أو الجرح أو الضرب، إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية)).
وعليه يجب التعامل مع الفصل المذكور بحرص ورزانة، حتى لا يتأتى لكل من سولت له نفسه من الزوجين الانتقام من الآخر، وهذا ما جعل المشرع الجنائي يربط التمتع بالعذر المخفض للعقوبة بحالة التلبس، هذه الأخيرة قد يصعب التأكد منها حالة قيام الجريمة وادعاء الزوج الجاني أن ذلك حصل والضحيتين في حالة تلبس.
وبهذا يكون المشرع الجنائي قد سوى بين الزوجين في العقاب، وفي الأعذار المخفضة، عكس ما كان عليه الأمر سابقاً، ولم يعد يفرق بين الرجل والمرأة، وهو ما تأكد أيضاً من خلال دستور المملكة، باعتباره أسمى قانون.