إن دعاوي تسوية وضعية الموظفين متى كانت تستند إلى حق مستمد من القانون، وكان الفصل فيها لايستوجب المساس بقرارات إدارية لم يتم الطعن فيها خلال المدة المقررة لذلك قانونا،فإنها من جهة لا تخضع لشروط الأجل المنصوص عليها في المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، خاصة وأن المطلوب ومن خلال مقال الدعوى يلتمس بتسوية وضعيته الإدارية و المالية وذلك بترقيته إلى درجة عميد شرطة ممتاز، وهو الأمر الذي استجابت إليه المحكمة الإدارية بعد أن كيفت الدعوى في إطار القضاء الشامل لا في إطار دعوى الإلغاء. ومن جهة أخرى، إن الفصل في دعاوى التسوية يشمل ما يتفرع عنها من قرارات وإجراءات ترتبط بها وتعد عنصرا من عناصرها ما دام النزاع فيها قائم علی مراکز قانونية يتلقى أصحابها الحق مباشرة من القانون، ولا تعدو هذه القرارات الصادرة بشأنها أن تكون إلا تنفيذا للقانون، وبهذا الوصف فإنها تعد من قبيل دعاوى التسوية لا الإلغاء، ولا يخضع قبولها للمواعيد المقررة للطعن بالإلغاء.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يؤخذ من وثائق الملف، ومن القرار المطعون فيه المشار إلى مراجعة أعلاه، أن المطلوب (ح.) تقدم بمقال أمام المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 2015/03/23، يعرض فيه أنه ولج سلك الإدارة العامة للأمن الوطن بتاريخ:1989/12/28 برتبة ضابط شرطة واجتاز بنجاح مباراة عمداء الشرطة سنة 2000 ولم يحض
بأي ترقية رغم استحقاقه لرتبة عميد ممتاز ابتداء من سنة 2006 وأدرج اسمه باللائحة النهائية لسنة 2013 لترقيته إلى رتبة عميد ممتاز ، إلا أنه فوجئ بإزالة اسمه من جميع القوائم المعدة من طرف مديرية الموارد البشرية، رغم أن ملفه الإداري خال من أية عقوبة إدارية أو قضائية، وأنه طلب تسوية وضعيته الإدارية إلا أن طلبه ظل بدون جواب مما يجعل القرار القاضي بعدم ترقيته مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة وخرق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص من خلال تخطيه في الترقية، إذ تمت ترقية زملاء له أقل أقدمية منه و يتعلق الأمر بجميع العمداء الحاملين لأرقام تفوق رقمه المهني، ملتمسا الحكم بإلغاء القرار الضمني بشأن رفض ترقيته و بأحقيته في الترقية إلى رتبة عميد ممتاز منذ سنة 2006 مع ما يترتب عن ذلك من أثر قانوني. وبعد الجواب وإجراء بحث في الموضوع و تمام الإجراءات، قضت المحكمة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعي وذلك بترقيته إلى رتبة عميد شرطة ممتاز برسم سنة 2018 مع ترتيب الآثار القانونية عن ذلك وبرفض باقي الطلبات، بحكم استأنفه الطالبون أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط التي قضت بضم الملف رقم 2016/7208/265 إلى الملف رقم 2016/7208/264 وشمولهما بقرار واحد و قبول الاستئناف فيهما معا وبتأييد الحكم المستأنف بمقتضى القرار المطعون فيه بالنقض.
في الفرع الثاني من الوسيلة الثانية :
حيث يعيب الطالبون القرار المطعون فيه بعدم الارتكاز على أساس، وبانعدام التعليل، ذلك أن المحكمة مصدرته لما بتت في الدعوى تكون قد أقرت ضمنا بتعليل المحكمة الإدارية بما انتهت إليه بكون نتائج الترقية المتعلقة بسنة 2013 لم تنشر إلا بتاريخ 2015/01/25 في حين أن الدعوى قدمت بتاريخ 2015/03/23، أي داخل الأجل القانوني في الوقت الذي لم يثبت وجود قرار صريح سابق على تاريخ الدعوى يقتضي رفض تسوية وضعية المستأنف عليه إلى الدرجة المطلوبة حتى يمكن القول بأن تسوية وضعيته تصطدم بتحصين هذا القرار بعدم الطعن فيه بالإلغاء داخل الأجل القانوني، سيما وأن المعني بالأمر كما يقر في مقال طعنه أنه كان عالما بعدم إدراج اسمه في لائحة الترقي لسنة 2013، والتي على أساسها يتم الترقي بالاختيار إلا أنه لم يتقدم بأي طعن وانتظر إلى حين الإعلان عن نتائج الترقية بتاريخ
2015/01/25 لتقديم دعواه الحالية، أي خارج الأجل القانوني المحدد في المادة 23 من قانون إحداث المحاكم الإدارية، وعرضت قرارها للنقض.
لكن، حيث إن دعاوى تسوية وضعية الموظفين متى كانت تستند إلى حق مستمد من القانون وكان الفصل فيها لا يستوجب المساس بقرارات إدارية لم يتم الطعن فيها خلال المدة المقررة لذلك قانونا، فإنها من جهة لا تخضع لشروط الأجل المنصوص عليها في المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، خاصة وأن المطلوب و من خلال مقال الدعوى إنما يلتمس بتسوية وضعيته الإدارية والمالية، وذلك بترقيته إلى درجة عميد شرطة ممتاز طبقا للمرسوم رقم 2.10.85 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي الأمن الوطني، وهو الأمر الذي استجابت إليه المحكمة الإدارية بعد أن كيفت الدعوى في إطار القضاء الشامل لا في إطار دعوى الإلغاء، ومن جهة أخرى، أن الفصل في دعاوى التسوية يشمل ما يتفرع عنها من قرارات وإجراءات ترتبط بها وتعد عنصرا من عناصرها ما دام النزاع فيها قائم على مراكز قانونية يتلقى أصحابها الحق مباشرة من القانون ولا تعدوا هذه القرارات الصادرة بشأنها أن تكون إلا تنفيذا للقانون، وبهذا الوصف فإنها تعد من قبيل دعاوي التسوية لا الإلغاء ولا يخضع قبولها للمواعيد المقررة للطعن بالإلغاء،ومحكمة الاستئناف لما أيدت الحكم المستأنف القاضي بقبول الدعوى شكلا لم تخرق المقتضی القانوني المحتج به ويبقى ما أثير غير جدير بالاعتبار.
في الوسيلة الأولى والفرعين الاول و الثالث من الوسيلة الثانية مجتمعين للارتباط.
حيث يعيب الطالبون القرار المطعون فيه بعدم الجواب على دفوعات الاطراف وبعدم الإرتكاز على أساس وبانعدام التعليل ، ذلك أن المحكمة في تابيدها للحكم المستأنف فيما انتهى إليه لم تجبهم على الدفع المثار من طرفهم أمامها بخصوص عدم الاختصاص النوعي للبت في الطلب بإعتبار أن المعني بالأمر من الموظفين الذين تتم ترقيتهم بناء على ظهير شريف وأقرت ضمنا في بالترقيات التي تهم درجة عميد ممتاز والدرجات التي تعلوها تقتصر على رفع اقتراحات بالترقية، يبقى جلالة الملك هو الجهة المختصة بالتقرير فيها طبقا لمقتضيات المادة الثانية من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 29 شتنبر 1990 الذي يحدد بشكل حصري الأشخاص الظافرين بتلك الترقية برسم السنة التي حددها المعني بالأمر في دعواه، وأن مسايرة هذا الأخير فيما ساقه معناه إخضاع الظهير المولوي للرقابة القضائية وإضافة شخص لم يرد ضمن الأشخاص الذين وافق على اقتراح ترقيتهم، كما أنها – أي المحكمة – لم تعتبر أن الترقية تخضع لشروط و معايير محددة تتمثل في النسبة المئوية والكوطا وأن يكون ملف المترشح لها خاليا من أية عقوبة تأديبية وللمنصب المالي المتوفر، والحال أن المعني بالأمر كان موضوع متابعتين تأديبيتين فضلا عن أن هناك عمداء شرطة عينوا بنفس درجته و بنفس سنة تعيينه خلال سنة 2000 ولم يستفيدوا من ترقيتهم الى درجة عميد شرطة ممتاز لحد الآن، بل إن هناك عمداء شرطة أكثر منه أقدمية ولم تتم ترقيتهم، مما تكون معه الإدارة قامت في حدود ما هو متوفر لديها طبقا للنصوص القانونية والمعايير المعمول بها بالترقية في الدرجة، وعرضت بذلك قرارها للنقض.
حيث استندت المحكمة فيما انتهت إليه أنه: “لكن، حيث لئن كانت ترقية الموظفين بالاختيار تخضع للسلطة التقديرية للإدارة بالنسبة للموظفين المتوفرين على الشروط المتطلبة فيها، فإن السلطة المذكورة ليست مطلقة بل تخضع لرقابة القضاء الإداري للتأكد من أنها تمت في إطار احترام المساواة بين الموظفين الذين هم في نفس الوضعية، وأن الفصل 24 من المرسوم رقم 879-75-2 الخاص بموظفي الأمن الوطني المعدل بالمرسوم رقم 672-80-2 باعتباره المقتضى النافذ خلال استحقاق المدعى للترقية المطلوبة نص على أنه: “يتم الترقي إلى درجة عميد شرطة ممتاز عن طريق الاختيار بعد التقيد في جدول الترقي من بين عمداء الشرطة الذين قضوا بهذه الصفة ست سنوات على الأقل من الخدمة الفعلية، ذلك في حدود
3/1 من عدد المناصب إطار عمداء الشرطة.
والثابت من وثائق الملف أن المستأنف عليه استوفي الشروط المتطلبة للترقية بالاختيار، فضلا عن أن زملاء له في نفس الدرجة استفادوا من الترقية إلى عمداء شرطة ممتازين يجعله محقا في الاستفادة منها…”، في حين أثار الطالبون أمامها بكون الترقية بالاختيار تخضع لشروط ومعايير معينة، وأن الإدارة في إطار اقتراحاتها بخصوص الترقية لم تخرق مبدأ المساواة بين المترشحين وإنما ساقت كل المعطيات لتفند مزاعم المطلوب بأن هناك عملاء شرطة عينوا بهذه الدرجة بنفس سنة تعيينه خلال سنة 2000 ولم يستفيدوا من الترقية في الدرجة المطلوبة، كما أن الموظفين الذين استفادو من درجة عميد شرطة ممتاز لم تشملهم أية عقوبة تأديبية خلاف المعني بالأمر الذي تعرض لعقوبتين ولم تمحيا من ملفه الإداري، واللتين تعتبران دليلا على انتفاء شروط أساسية في الترقية كفاءته وسلوكه المهني، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما أيدت الحكم المستأنف دون أن تلتفت لما ذكر لم تجعل لما قضت به أساس صحيح، وعللته تعليلا فاسدا يوازي انعدامه، مما عرضته للنقض.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.
و به صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الأول) السيد عبد المجيد بابا أعلى والمستشارين السادة: المصطفی الدحان مقررا، احمد دینية، عبد العتاق فكير، نادية للوسي ومحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.