الوعد بالبيع بواسطة عربون مالي ثم عدم تنفيذ الإلتزامات

أثر عدم تنفيذ الإلتزامات المقابلة بعد أن كان هناك إتفاق على موعد البيع النهائي

عالـم القانون19 أكتوبر 2022
الوعد بالبيع بواسطة عربون مالي

القرار 690 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2019 في الملف الشرعى عدد 2018/1/2/586

 

وعد بالبيع – تسلم البائع لمبلغ مالي كعربون – تحديد تاریخ توثيق عقد البيع النهائي – عدم تنفيذ الالتزامات المتقابلة داخل الأجل – أثره.
إن العقد الذي سماه طرفاه الطاعن الأول والمطعون ضدها بالوعد بالبيع يعتبر في الحقيقة عقد بيع ابتدائي تترتب عنه جميع آثار البيع إلى أن يتم توثيق العقد النهائي، لأنه تضمن إلتزامات متقابلة لهما، إذ التزما معا بمقتضاه أن يبرما عقد البيع النهائي في التاريخ المتفق عليه، بعد أن تسلم الأول من الثانية مبلغا ماليا كعربون من مجموع ثمن البيع المتفق عليه، وبالتالي فإن عدم تنفيذهما لما إلتزما به داخل الأجل المتفق عليه، يعد تنازلا منهما عن ذلك الأجل، ويصبح العقد الرابط بينهما غير محدد المدة، ولا يكون أي منهما حينه في حالة مطل تتيح للآخر الحق في إجباره على تنفيذ التزامه أو المطالبة بفسخ العقد مع الحق في التعويض في الحالتين، طبقا للفصل 259 قانون الالتزامات والعقود، إلا إذا وجه إليه إنذارا من أجل تنفيذ ما التزم به من جانبه في أجل معين ويبقى دون جدوى.

رفض الطلب

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

حيث يستفاد من أوراق الملف والقرار المطعون فيه، أن المطلوبة (ن.خ)قدمت مقالا للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء يوم 2017/03/02، عرضت فيه أنها كانت قد اشترت بمقتضی عقد وعد بالبيع عرفي مؤرخ في 2011/10/28
، حقوق الطالب الأول (ن.ر) في الملك المسمى “…” الكائنة بدوار السحابات، المذكورة برسم المخارجة المضمن بعدد (…) صحيفة (…) کناش عدد (…) بتاريخ 1991/05/09 والمشتملة على 4) غرف مسقفة، بثمن قدره (100000,00) درهم، حاز منها مبلغ ( 55000,00 درهم و الباقي تم إيداعه بصندوق المحكمة يوم 2016/11/25، حسب الوصل عدد (…) حساب (…)، بعدما رفض تسلمه کما بمحضر العرض العيني المرفق بالطلب، وأها فوجئت به قد فوت الحقوق المذكورة إلى أخيه الطالب الثاني (ب.ر) بموجب عقد الصدقة عدد (…) کناش (…) بتاريخ 2016/09/26 توثيق الدار البيضاء، فشكته وأدين زجريا من أجل النصب بمقتضى الحكم الصادر يوم 2016/12/19 في الملف رقم 2016/2104/9862، والتمست إبطال عقد الصدقة ذي المراجع أعلاه، والحكم على المدعى عليه الأول (ن.ر) بإتمام إجراءات البيع معها بخصوص حقوقه المشاعة في الملك المدعى فيه، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها (5000,00) درهم عن كل يوم تأخير، واستدلت بالوثائق المومأ إليها أعلاه، فأجاب المدعى عليهما أن المدعية تقدمت بطلبين مختلفين، الشيء الذي يوجب عدم قبول دعواها شكلا، وفي الموضوع أفادا أنه بالرجوع إلى عقد الوعد بالبيع يتضح أنه تم باتفاق الطرفين، تحديد يوم 30 مارس 2012 لكتابة العقد النهائي وأداء باقي الثمن، وبما أن المدعية لم تف بالتزامها بالأداء، فإن اتفاقهما يصبح كأن لم يكن، إعمالا للفصل 114 من ق.ل.ع، ثم إنها تعتبر في حالة مطل طبقا للفصول 254، 255 و259 من نفس القانون، ومن دون حاجة لتوجيه إنذار إليها لعدم أدائها باقي الثمن في الأجل المتفق عليه والذي أقصاه 30 مارس 2012، ولا يسوغ للقاضي عملا بالفصل 128 من ق.ل.ع أن يمنح أجلا أو ينظر إلى ميسرة، ما لم يمنح هذا الحق بمقتضى الاتفاق أو القانون، مما يكون معه الإيداع الذي قامت به قد وقع خارج الأجل الذي حصل الاتفاق بينهما عليه، أما الحكم الجنحي الذي استدلت به فلا أثر قانوني له، لأنه مجرد حكم ابتدائي ليس إلا، والتمسا رفض الطلب، فقضى الحكم الابتدائي عدد 1873 وتاريخ 2017/07/19 في الملف رقم 2017/1401/835 برفض الطلب، فاستأنفته المدعية، وبعد التعقيب وتمام الإجراءات، ألغته محكمة الاستئناف وقضت تصديا ببطلان عقد الصدقة المضمن بعدد (…) كناش (…) بتاريخ 2016/09/26، وحكمت على المستأنف عليه (ن.ر) بإتمام إجراءات البيع مع المستأنفة بخصوص العقد الرابط بينهما بتاريخ 2011/10/28، وذلك بمقتضى قرارها أعلاه المطعون فيه بالنقض بعريضة من وسيلة فريدة، لم تجب عنها المطلوبة وقد وجه إليها
الإعلام.
حيث ينعى الطاعنان على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل، ذلك أن طالب النقض الأول (ن.ر) أبرم وعدا بالبيع مع المطلوبة تضمن بيعها حقوقه المشاعة في الملك المسمى “…” المستخرجة من أرض الحطة الكائنة بدوار السحابات الدار البيضاء، المحدودة شرقا وغربا وشمالا بـ (ب.ر) وجنوبا بورثة (م.ز)، والتي آلت إليه إرثا من جده المرحوم (ب.ر)، وحدد الثمن في مبلغ (100000,00) درهم، توصل منه بمبلغ (55000,00) درهم على أساس تأدية باقي الثمن وهو (45000,00) درهم عند إبرام عقد البيع النهائي في أجل أقصاه شهر مارس 2012، والمطلوبة لم تقم بإيداع باقي الثمن بصندوق المحكمة إلا يوم 2016/11/25، مما تعتبر معه في حالة مطل طبقا للفصول 254 و255 و259 من ق.ل.ع، ومن غير حاجة لتوجيه إنذار إليها، لكن محكمة الاستئناف قالت بغير ذلك، إذ اعتبرت أنه وإن كان عقد الوعد بالبيع المبرم بين الطرفين يحدد أجل أداء باقي الثمن، فإن المطل لا يثبت إلا بتوجيه إنذار طالما لم يتضمن العقد المذكور شرط الفسخ، وأن عدم تنفيذ كلا الطرفين لالتزاماتهما داخل الأجل المضروب يعتبر تنازلا منهما ويصبح كأن لم يشترط، كما أنها لما قبلت العرض والإيداع الذي قامت به المطعون ضدها بتاريخ 2016/11/25،وقضت عليه بإتمام البيع وإبرام عقد نهائي معها، تكون قد مددت لفائدتها الأجل الذي حدده الطرفان لكتابة عقد نهائي ضدا على إرادة الواعد وخرقا للفصل 128 من ق.ل.ع، وذلك على الرغم من أن الوعد بالبيع تضمن التزاما من جانب المطعون ضدها وحدها يتمثل في أداء بقية الثمن داخل أجل أقصاه 30 مارس 2012، ثم إن قرار النقض الذي استندت إليه المحكمة لا ينطبق على النازلة، لأن الوعد بالبيع هنا لم يتضمن لا التزاما من جانبه ولا شروطا واقفة، ومن جهة أخرى، فإن تصريحها ببطلان عقد الصدقة استنادا إلى أنه من شروطها أن يكون المتصدق به ملکا خالصا للمتصدق يبقى تعليلا ناقصا وسابقا لأوانه، الشيء الذي يجعل القرار المطعون فيه غير قائم على أساس، والتمسا نقضه.
لكن، لما كان المقرر، بمقتضى الفصل 488 من ق.ل.ع، أن البيع يكون تاما بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والأخر بالشراء، وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى، فإن العقد موضوع النازلة الذي سماه طرفاه الطاعن الأول والمطعون ضدها بالوعد بالبيع تضمن التزامات متقابلة لهما، إذ التزما بمقتضاه أن يبرما عقد البيع النهائي في أجل أقصاه شهر مارس 2012، بعد أن تسلم الأول من الثانية مبلغ (55000,00درهم كعربون من مجموع ثمن البيع المتفق عليه و المحدد في مبلغ (100000,00) درهم، يعتبر في الحقيقة عقد بيع ابتدائي تترتب عنه جميع آثار البيع إلى أن يتم توثيق العقد النهائي، ولما كان ذلك كذلك، فإن عدم تنفيذهما لما التزما به داخل الأجل المتفق عليه، يعد تنازلا منهما عن ذلك الأجل، ويصبح العقد الرابط بينهما غير محدد المدة، ولا يكون أي منهما حينه في حالة مطل تتيح للآخر الحق في إجباره على تنفيذ التزامه أو المطالبة بفسخ العقد مع الحق في التعويض في الحالتين، طبقا للفصل 259 من ق.ل.ع، إلا إذا وجه إليه إنذارا من أجل تنفيذ ما التزم به من جانبه في أجل معين ويبقى دون جدوى، ولما ثبت للمحكمة من وقائع النازلة وأوراق الملف أن الطالب الأول قد عمد بعد انصرام الأجل المتفق عليه بينه وبين المطلوبة لإبرام العقد النهائي، إلى التصدق بالمدعى فيه على الطاعن الثاني، دون سلوك ما ذكر كما ذكر، فإن المحكمة لما قضت عليه بإتمام إجراءات البيع معها وببطلان عقد الصدقة الذي أجراه بشأن محلها المدعي بشأنه والذي كان خرج عن ملکه بالبيع المذكور ولم يتحلل منه كما ذكر، ما دام العقد لم يتضمن اتفاقهما على الفسخ، فإنما أقامت قضاءها على أساس وعللت قرارها تعليلا قانونيا سليما، وما بالنعي على غير أساس.

لهذه الأسباب قضت محكمة النقض برفض الطلب.

و به صدر القرار وتلى بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية محكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد بترهة رئيسا والسادة المستشارين: عبد العزيز وحشي مقررا محمد عصبة وعمر لمين والمصطفي بوسلامة أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد أحمد الموساوي ومساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة أوجوش.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...التفاصيل

موافق