عقــــــــود إحتراف اللاعبيــــــــن

عالـم القانون22 يونيو 2024
عقــــــــود إحتراف اللاعبيــــــــن

مقدمـــــــة

يتطلب الحديث عن عقود احتراف اللاعبين في كرة القدم تحليلا مطولا لتناول جميع جوانبه من حيث شكله ومن حيث مضمونه وآثاره وتصنيفها ضمن العقود المعروفة المسماة وغير المسماة.
وقد حاولنا تناول بعض خصائص العقد المذكور لإعطاء بسطة تساعد على فهم بعض الاشكاليات المطروحة بمناسبة تنفيذ هذه العقود ومعرفة كيفية نشأتها وكيفية إنتهائها وإصلاح بعض المصطلحات الرائجة والخاطئة كتلك التي تقول ببيع اللاعبين وكأننا رجعنا إلى عهد العبودية الذي يباع ويشترى فيه الأشخاص، ولقد حاولت التشريعات الحديثة مواكبة التطورات والمتغيرات التي حصلت منذ مدة في الميدان الرياضي وخاصة فيما يتعلق برياضة كرة القدم سواء كانت تلك المتغيرات متعلقة بالجمعيات الرياضية وهيكلتها وإمكانياتها المادية والبشرية أو تلك المتعلقة باللاعبين وعقلياتهم ومتطلباتهم أو تلك المتعلقة بالجمهور الرياضي وشغفه بهذه اللعبة.
وقد اضطر لذلك المشرع إلى الانتقال من عالم الهواية إلى عالم اللاهاوية ثم إلى عالم الاحتراف وقد زاده قناعة بذلك الاعتقاد السائد وقتها بأن الإصلاحات الجوهرية التي يستوجبها الأمر تمر حتما بتلك النقلة النوعية من الهواية إلى
الاحتراف.
وللوصول إلى الهدف المنشود، حرصت الهياكل الساهرة على تسيير وإدارة رياضة كرة القدم على إدخال تعديلات هامة في القوانين المتعلقة بالجمعيات وعلاقتها بلاعبيها مع الإبقاء على الصبغة الجمعياتية للنوادي الرياضية.

وفي نطاق حرص المشرع على ضمان نجاعة القوانين الجديدة وحماية جميع الأطراف المتداخلة، فقد عمد إلى الحد من حرية الأطراف المتعاقدين وسلطان إرادتهم سواء من حيث الشكل أو المضمون أو من حيث تدخل طرف أجنبي عن العقد لإجراء الرقابة مما أضفى خصوصية على العقد.
هذا ولا يكفي توفر عنصري الإيجاب والقبول وتلاقي الإرادتين لتكوين العقد ذلك أنه لابد من توفر الكتابة كشرط لقيام العلاقة التعاقدية وصحتها. وسوف نترك جانبا ما تناولته النظرية العامة للعقد حول الأهلية والرضاء والسبب والمحل باعتبار انطباق القانون العام على عقد احتراف اللاعب ولو تعلق الأمر بالعقود التي تنعقد بين اللاعبين والجمعيات الرياضية ونقتصر في هذا الإطار على ما تختص به هذه العقود حسب وجهة نظرنا عند قيامها  أو عند انتهائها.

1- خصوصية العقد عند قيام العلاقة التعاقدية

تختص هذه المرحلة التعاقدية بوجوبية الكتب  وبتدخل الهياكل الرياضية للمصادقة عليه.

 

1- وجوبية الكتب

نص الفصل الخامس من القانون المتعلق بكرة القدم اللاهاوية بعد التنقيح المصادق عليه من المجلس الفيدرالي والذي دخل حيز التنفيذ في غرة جويلية 2003 وعلى أن اللاعب غير الهاوي هو اللاعب المرتبط مع ناديه بعقد لاعب غير هاوي.
كما نص الفصل 15 من نفس القانون على أن لاعبي الأكابر التابعين للجمعيات التي تنشط في القسم الوطني أ و ب يمضون عقد لاعب لاهاوي.

كما نص الفصل السابع من القوانين العامة المتعلقة بتنظيم كرة القدم المحترفة على أنه لا يشارك في بطولة القسم الوطني 1 و 2 إلا اللاعب المحترف.

كما نص الفصل 4 من قانون كرة القدم المحترفة على أن اللاعب المحترف هو الذي يربطه مع ناديه عقد كتابي.
كما نص الفصل 54 من التراتيب العامة وأنه يعد لاعبا غير هاويا كل لاعب مرتبط مع ناديه بعقد.
ويتبين من الفصول السابقة وأن شرط الكتابة وجوبي بين اللاعب وناديه إذ أن الكتابة علاوة على كونها وسيلة إثبات للعلاقة المنعقدة بين الطرفين المتعاقدين في خصوص معاملاتهما والتزامات كل طرف تجاه الآخر فإنها من شروط صحة العقد الذي بدونه يكون العقد باطلا.
والسؤال الذي يطرح نفسه كلما تعلق الأمر بالبطلان هو معرفة نوعيته هل هو البطلان النسبي أو هو البطلان المطلق؟ فالأول يتعلق بمصالح الأطراف المتعاقدة ولا يمكن إثارته إلا من طرف المتعاقدين ومتى حصلت من جرائه مضرة، و الثاني يتعلق بالمصلحة العامة ويمكن لكل طرف إثارته كما يمكن إثارته من قبل الغير ولو لم يكن طرفا في العقد ذاته.

ورغم اقتصار النص القانوني على التنصيص على وجوبية الكتابة وعدم ترتيب البطلان كجزاء لعدم احترام الشكل المطلوب فإن التشريع المتعلق بكرة القدم اعتبر الكتب عنصرا من العناصر المعتمدة في تعريف اللاعب لغير الهاوي وبالتالي فإن غياب الكتب يعني غياب الاحتراف.

 

كما أن تدخل الجامعة التونسية لكرة القدم أو الرابطة الوطنية في العقد يحسم الإشكالية المطروحة نظرا لوجوب تدخلها في الموضوع للمصادقة وإعطاء الإذن للاعب بمباشرة نشاطه.

2 مصادقة الرابطة الوطنية على عقد الاحتراف

نص الفصل 34 جديد من التشريع المتعلق بكرة القدم المحترفة على ضرورة المصادقة على عقد الاحتراف من طرف الرابطة الوطنية لكرة القدم اللاهاوية وعلى المصادقة على كل تغيير يتعلق بالعقد الأصلي. وبهذه المصادقة كرس المشرع تدخل طرف أجنبي على العقد لممارسة حق الرقابة على العقد المنعقد بين الجمعية الرياضية واللاعب في إطار حرصه على مزيد حماية الأطراف المتعاقدة. والسؤال المطروح يتمثل في معرفة مدى حاجة الأطراف المذكورة لحماية خاصة وهل بإمكانها حماية نفسها بنفسها خاصة وأن مجال العقود يسمح بمثل ذلك في نطاق حرية الإرادة وسلطانها إضافة للحماية التي يمنحها القانون في إطار النظرية العامة للعقد أم أن الرقابة المشار إليها مرتبطة بمجال هام يهم النظام العام
الاقتصادي أو الاجتماعي أو هي بداية تكريس فكرة النظام العام الرياضي؟ مما لا شك فيه فإن المصادقة على العقد تعني إطلاع الهياكل الرياضية على مضمون العقد وعلى شكلياته مما يضمن تلافي النزاعات التي يمكن أن تنشأ بسببه وما يحدثه ذلك النزاع من ضرر بالنسبة للمتعاقدين وما يترتب عن طول النزاع من مساس بحقوقهم لو التجأ أحد الطرفين إلى المحاكم العدلية.

وقد رتب الفصل 35 البطلان على عدم المصادقة على العقد اللاحق للعقد الأصلي غير أن الفصل 34 لم يرتب البطلان كجزاء على العقد الأصلي.

ومعنى ذلك أن العقد الأصلي الذي لم تقع المصادقة عليه من طرف السلطة الإدارية المختصة لا ينتج أثرا في علاقة الإدارة المعنية مع المتعاقدين وبالتالي لا يمكن منح اللاعب المتعاقد ترخيصا لللعب مع الإبقاء على آثاره بين المتعاقدين على عكس العقد التكميلي الذي انعقد بين الأطراف بعد الحصول على التراخيص الإدارية التي تخول اللعب وبالتالي فإن جزاءه لا يكون إلا ببطلانه حسب صريح الفصل 34 المشار أعلاه.

وتتمثل إجراءات المصادقة في وجوب إرسال أربع نسخ أصلية من العقد المبرم بين اللاعب والجمعية بواسطة رسالة مضمونة الوصول أو البريد السريع مرفوق بعقد تأمين لللاعب ضد الحوادث التي تحدث أضرارا بدنية له وترخيص أبوي بالنسبة للقصر وشهادة طبية في التأهيل البدني مسلمة من المركز الطب الرياضي، ونسخة من القانون الداخلي للجمعية.
وتتم المصادقة بإرجاع نسخة من العقد إلى الجمعية ونسخة منه ومن القانون الداخلي لللاعب.

2- خصوصية العقد عند انتهاء العلاقة التعاقدية

خصوصية العقد في هذه المرحلة من العقد مرتبطة خاصة بما يتميز به هذا العقد بخصوص مدة التعاقد وكيفية إنتهاء العلاقة التعاقدية.

 

1- مدة العقد:

يعتبر عقد اللاعب المحترف من العقود محددة المدة التي تتميز عن غيرها من العقود المشابهة بعدم حرية الأشخاص المتعاقدة في تحديد مدة العقد وعلى أساس ذلك اقتضى التشريع الرياضي تقسيم عقود اللاعبين غير الهواة إلى ثلاث
أصناف:

*اللاعبون المحترفون
* اللاعبون نصف المحترفين
*اللاعبون المتمرنون

اللاعبون المحترفون هم الذين جعلوا من تعاطي كرة القدم مهنة.

واللاعبون نصف المحترفين هم الذين ينشطون بصنف الأكابر مع نوادي تابعة للأقسام الوطنية أ و ب ولا تربطهم بنواديهم عقود احتراف.

واللاعبون المتمرنون هم الذين تربطهم بناديهم عقد لاعب متمرن. ويبدأ الاحتراف بالنسبة للاعب بين 16 و 21 سنة من العمر.
وقد اقتضى الفصل 22 من التشريع المتعلق بكرة القدم غير الهاوية والتراتيب المتعلقة بكرة القدم المحترفة وأن مدة العقد الأول لللاعب اللاهاوي هي 5 سنوات وبالنسبة لللاعبين الذين أعمارهم أقل من 18 سنة مدتها 3 سنوات.

وأن مدة العقد الثاني تتراوح بين عام و 5 سنوات.

كذلك الشأن بالنسبة لللاعب الأجنبي. وتنتهي مدة العقد وجوبا في 30 جوان لآخر موسم في العقد ومهما كانت بدايتها.

2- انتهاء العقد:

ينتهي العقد بانتهاء مدته و يصبح اللاعب بعد ذلك حرا في اختيار وجهته مع التزامه بالقيام بالواجبات المفروضة عليه بموجب العقد وبموجب موافقته على نظام الجامعة التونسية وعلى نظامها الداخلي.

وينتهي العقد قبل مدته في الحالات المبينة بالفصل 26 من قانون كرة القدم اللاهاوية في صورة صدور حكم بالسجن لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر من أجل جرائم منافية للأخلاق والشرف أو في صورة التشطيب عن اللاعب بقرار تأديبي من الجامعة التونسية أو من الجمعية تقرر من اللجنة الفيدرالية القانونية أو في صورة تعليق نشاط اللاعب من طرف الجامعة التونسية أو الجامعة الدولية أو الكنفدرالية الإفريقية أو الإتحاد العربي لكرة القدم لمدة تساوي أو تفوق السنة أو تتجاوز مدة انتهاء العقد أو في صورة عدم قدرته البدنية على ممارسة الرياضة.

كما ينتهي العقد بالتراضي قبل مدته وهي الحالة التي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للجمعية واللاعبين على حد السواء والتي تعود على الطرفين بعائدات مالية هامة تمثل حاليا وفي رياضتنا مورد مالي لا يستهان به ويحصل الفسخ بإمضاء الرئيس أو من ينوبه و الكاتب العام أو من ينوبه من جهة و اللاعب من جهة أخرى على كتب يقع إرساله إلى الرابطة برسالة مضمونة الوصول في مدتي التسجيل على أن اللاعب الحر من كل ارتباط لا يمكنه إمضاء عقد جديد لفائدة جمعية أخرى إلا في فترتي التسجيل المذكورتين.

كما ينتهي العقد بالتقاضي وذلك في صورة إخلال أحد الطرفين بالالتزامات المحمولة عليه وذلك طبقا لإجراءات المصالحة أو قانون الشغل.
كما ينتهي العقد بطلب من اللاعب بالنسبة لعقده الثاني بعد مرور ثلاث مواسم بالنسبة للاعبين الذين يقل سنهم عن 28 سنة أو بعد مرور عامين بالنسبة لللاعبين الذين يفوق منهم 28 سنة.
وفي صورة قطع العلاقة التعاقدية من طرف اللاعب وفي المدة المحمية بدون سبب مشروع أو بدون سبب رياضي مرخص فيه من الجامعة، فإن اللاعب يُعلق نشاطه لمدة ستة أشهر و يدفع غرامة لناديه تحددها الجامعة التونسية لكرة
القدم.
وفي صورة قطع العلاقة الشغلية من طرف اللاعب خارج المدة المحمية فإن اللاعب لا يُعلق نشاطه بل يتحمل غرامة تحددها الجامعة التونسية. وفي صورة قطع العلاقة من طرف الجمعية فإنها تتحمل جميع الأجور والمنح الراجعة لللاعب

بقية مدة العقد مع غرامة مالية لفائدة الجامعة . ولجبر الطرفين على خلاص الغرامات، فإن اللاعب لا يمكنه ممارسة النشاط الرياضي إلا بعد خلاص ما تخلد بذمته كما أن الجمعية لا يمكنها إنتداب أي لاعب آخر إلا بعد الخلاص.

المصدر محمد جمال الدين المهيري، المحامي لدى التعقيب
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق