القرار عدد 1114
الصادر بتاريخ 11 يوليوز 2019
في الملف الإداري عدو 2018/3/4/156
خطأ قضائي – حكم بالبراءة – سلطة الملائمة الموكولة للنيابة العامة –
إن المحكمة لئن قضت ببراءة المطلوب من المنسوب إليه، فإن ذلك لا يعفيه من المسؤولية عن الأفعال المرتكبة التي تتجلى في تجهيز مسجد الجماعة وتزويد أطفال الحي ببدلات رياضية وإنجاز مشروع الماء بالمنطقة خلال الفترة الملازمة للانتخابات التي هي وقائع قائمة مما ينفي عن الإدارة الخطأ فيما ذهبت إليه من متابعته من أجل المنسوب إليه في المراحل الأولى قبل النقض باعتبار أن النيابة العامة لها سلطة الملاءمة في اتخاذ القرار الذي تراه ملائما، وبذلك تكون مسؤولية الدولة غير قائمة.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
نقض وإحالة
حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه أنه بتاريخ 2015/04/29 تقدم المطلوب في النقض بمقال أمام المحكمة الإدارية بمراكش عرض خلاله بأنه سبق للمسمى (خ.ق) أن تقدم بشكاية في مواجهته إلى السلطات انتهت بمتابعته في حالة اعتقال، وأدين ابتدائيا واستثنافيا بثلاثة أشهر حبسا نافذا، وبعد الطعن فيه بالنقض قضى المجلس الأعلى بإبطاله، وقضت محكمة الإحالة بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم من جديد ببراءته.
فعمد إلى تقديم شكاية مباشرة في مواجهة المشتكي متهما إياه بالوشاية الكاذبة انتهت بصدور حكم ابتدائي جنحي بالبراءة أيد استئنافيا بعلة أن المشتكى به غير مسؤول عن عدم شرعية المتابعة والتكييف القانوني الذي أعطي للأفعال موضوع الشكاية، فتكون بذلك النيابة العامة هي المسؤولة عن اعتقاله، ملتمسا الحكم له بتعويض مسبق قدره 5000.00 درهم والحكم تمهيديا بإجراء خبرة من أجل تقدير التعويض النهائي.
وبعد تمام الإجراءات المسطرية صدر الحكم عدد 584 بتاريخ 2016/7/26 قضى بأداء الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة للمدعي تعويضا إجماليا قدره 60,000,00 درهم. وبعد الطعن فيه بالاستئناف أصليا من طرف الوكيل القضائي وفرعيا من طرف (ع.س) صدر القرار الاستثنائي المشار إلى مراجعه أعلاه والذي قضى بتأييد الحكم المستأنف مع تعديله برفع التعويض المحكوم به إلى مبلغ 100.000,00 درهم وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في شان وسيلتي النقض مجتمعتين لارتباطهما:
حيث يعيب الطالب القرار عدم ارتكازه على أساس وانعدام التعليل، وذلك لاعتماده على نظرية المخاطر بالرغم من عدم توافر شروطها على اعتبار أن الدستور أقرن بين استحقاق التعويض وضرورة وجود الخطأ، وذلك من خلال مقتضيات الفصل 122 منه الذي جاء فيه بأنه يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة، وأن الثابت من وثائق الملف انتفاء الخطأ من جانب مرفق القضاء سواء بالمعنى الوارد في الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود أو المنصوص عليها بموجب المادة 122 من الدستور، فكل من النيابة العامة وهيئة الحكم باشرت سلطاتها في القضية في إطار القانون ولم يثبت في حقها أي تجاوز أو انحراف أو تعسف في ممارسة سلطتها.
وأن الأخطاء الجسيمة التي قد يرتكبها القاضي بمناسبة قيامه بمهامه هي وحدها التي يمكن اعتبارها أخطاء مهنية، وذلك شريطة اقترانها بوجود فعل مادي إيجابي أو سلبي صادر عنه يفضي إلى الإضرار بحقوق أحد المتقاضين وأنه وأمام عدم ثبوت ما يفيد اعتقال المطلوب احتياطيا بسبب ارتكاب القاضي خطأ قضائي، تكون مطالبته بالتعويض غير ذي أساس.
فضلا عن ذلك فإنه وأمام عجز المطلوب في النقض على إثبات الأضرار المادية التي خلفها اعتقاله بالسجن سواء من حيث طبيعتها أو حجمها أو مداها يكون التعويض المحكوم به عديم الأساس وأنه حتى في حالة إثبات ذلك فإن الفعل المتسبب فيها لا يرقى إلى درجة الخطأ القضائي.
كما أن التعويض عن الضرر المعنوي لا يمكن الحكم بالتعويض عنه إلا بتحقق خطأ قيام قضائي، والحال أن الفترة التي قضاها في السجن تدخل في إطار الاعتقال الاحتياطي فقط ولا يمكن بأي حال اعتبارها عقوبة حبسية، وذلك لا يجعله محقا في أي تعويض خاصة وأنه لم يثبت أن اعتقاله كان تعسفيا. كما أن التعويض المحكوم به يتسم بالغلو في التقدير بأن اعتمدت المحكمة في تقديره على سلطتها التقديرية مما جعل قرارها مشوبا بعيب انعدام التعليل وعرضة للنقض.
حيث صح ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه، ذلك أنه وإن كانت المحكمة قد قضت ببراءة المطلوب من المنسوب إليه فإن ذلك لا يعفيه من المسؤولية عن الأفعال المرتكبة التي تتجلى في تجهيز مسعد الجماعة وتزويد أطفال الحي ببدلات رياضية وتحمل مبلغ 100.000,00 درهم لإنجاز مشروع الماء بالمنطقة خلال الفترة الملازمة للانتخابات التي هي وقائع قائمة، مما ينفي عن الإدارة الخطأ فيما ذهبت إليه من متابعته من أجل المنسوب إليه في المراحل الأولى قبل النقض باعتبار أن النيابة العامة لها سلطة الملائمة في التخاذ القرار الذي تراه ملائما، وبذلك تكون مسؤولية الدولة غير قائمة والمحكمة لما قضت بخلاف ذلك عرضت قرارها للنقض.
لهذه الأسباب