محكمة النقض تحسم نزاعاً حول الاحتلال المؤقت لملك غابوي: الالتزام بالشروط أساس التعاقد

فسخ عقد احتلال مؤقت: كيف تصون الدولة أملاكها الغابوية من التفويت غير المشروع

عالـم القانون16 يناير 2025
صورة تعبر عن قرار محكمة النقض المغربية حول فسخ عقد احتلال مؤقت لملك غابوي، يظهر فيها ميزان عدالة ذهبي وأوراق قانونية مع ختم رسمي وخريطة المغرب في الخلفية

القرار عدد 8
الصادر بتاريخ 9 يناير 2014
في الملف الإداري عدد 2012/2/4/1056

 

الجماعة القروية لسيدي العايدي الدولة المغربية ومن معها

احتلال مؤقت – ملك غابوي للدولة – فسخ العقد – خرق الفصل 2 من كناش الشروط العامة – الدفع بالتقادم.

إن موضوع الدعوى هو فسخ العلاقة القائمة بين الطرفين من خلال قرار الترخيص بالاحتلال المؤقت للعقار، وبالتالي فإن الدفع بالتقادم غير قائم ولا يسري على النراع بالنظر إلى طبيعة الاحتلال المؤقت للملك العمومي الذي لا ينشئ للمرخص له أي حق.
إن مقتضيات البند 2 من الفصل 6 من كناش الشروط العامة المؤرخ في 1948/10/21 المنظم للاحتلال المؤقت للملك الغابوي للدولة أوجبت الموافقة الصريحة لرئيس إدارة المياه والغابات والمحافظة على الأراضي تحت طائلة الفسخ في حالة قيام المحتل أو المرخص له بتفويت الحقوق أو الإمكانية الممنوحة له بمقتضى قرار الترخيص للأغيار وما تمسك به الطرف الطاعن من وجود الموافقة الضمنية من خلال طول المدة ووجود الفندق بالعقار موضوع الاحتلال لا يصمد أمام وجوب الحصول على الموافقة الصريحة وهو أمر غير ثابت في النازلة. وبالنسبة للتمسك بأن الطرف المطلوب لم يدل بالعقد وأن المحكمة بنت قضاءها عليه رغم عدم وجوده بالملف لا تأثير له في النازلة ما دام أن الطرف الطاعن لا ينازع في كونه تسلم العقار محل التزاع من إدارة المياه والغابات بغاية استغلاله في إطار الاحتلال المؤقت للملك الغابوي.

رفض الطلب

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

حيث يستفاد من أوراق الملف، ومن القرار المطعون فيه بالنقض والمشار إلى مراجعه أعلاه، أن المطلوبين في النقض تقدموا بمقال افتتاحي أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2007/02/13، عرضوا فيه أنه بمقتضى القرارين عدد 5/50 و58/81 الصادرين عن وزير الفلاحة والإصلاح الزراعي فقد تم الترخيص للجماعة القروية بسيدي العايدي (الطالبة بالاحتلال المؤقت للعقار الذي يدخل ضمن الملك الغابوي للدولة الكائن بالغابة التي كانت تقع آنذاك بالدائرة الترابية للجماعة المذكورة، وانتهى إلى علمهم أنه بطلب من القابض الجماعي بسطات فقد تم الإعلان عن بيع الأصل التجاري لشركة التنمية السياحية الكائن بطريق الدار البيضاء بسطات والذي تم تشييده على العقار المرخص للجماعة المذكورة باحتلاله مؤقتا. وبعد البحث تبين أن هذه الأخيرة قدمت العقار كمساهمة من طرفها في شركة التنمية السياحية مع أشخاص آخرين، وما قامت به الجماعة يشكل خرقا للفصل 2 من كناش الشروط العامة، كما أنها رفضت أداء المستحقات رغم الإنذارات المتعددة ملتمسين الحكم بفسخ العلاقة التعاقدية والأمر تبعا لذلك بطرد الجماعة المدعى عليها ومن يقوم مقامها أو بإذنها أو بتعاقد معها من العقار المرخص لها باحتلاله مؤقتا، تحت غرامة تهديدية قدرها 2000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ. وبعد جواب الأطراف المطلوبة في الدعوى وتقديم مقال إصلاحي رام إلى اقتصار الطلب على القرار رقم 5/80 وتمام الإجراءات، صدر الحكم القاضي بقبول الطلبين الأصلي والإصلاحي وفي الموضوع باعتبارهما والحكم بفسخ العلاقة التعاقدية الرابطة بين المدعين والجماعة القروية لسيدي العايدي مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك ورفض الطلب في الباقي. استأنفته الطالبة وفتح له الملف رقم 5/09/239، واستأنفته شركة التنمية السياحية فتح له الملف رقم 5/09/345، وبعد المناقشة صدر القرار المطعون فيه والقاضي في الشكل بضم الملف 5/09/345 إلى الملف 5/09/293 وقبول الاستئناف فيهما وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف.

في الفرع الأول من الوسيلة الأولى:

حيث تعيب الطاعنة القرار المطعون فيه بخرق إجراءات مسطرية جوهرية تتمثل في عدم وجود تقرير المستشار المقرر ذلك أن القرار المطعون فيه أشار إلى تلاوة التقرير ولا يوجد ضمن وثائق الملف ما يثبت تحرير تقرير المستشارة المقررة حتى تتم تلاوته أو عدم تلاوته وأن الفصل 342 من قانون المسطرة المدنية يعطي للأطراف الحق في تقديم ملاحظاتهم الشفوية بعد تلاوة التقرير، وأن هذا الخرق الجوهري لقواعد المسطرة أضر بحقوق الطالبة لأن الوقائع المذكورة ومضمون الوثائق هي غير التي تمت الإشارة إليها في القرار المطعون فيه مما يعرضه للنقض.
لكن، حيث إن ما تضمنه القرار المطعون فيه من إشارة إلى تلاوة المستشارة المقررة لتقريرها في النازلة يعتبر حقيقة قاطعة على أن ذلك التقرير عند تلاوته كان محررا ومكتوبا ولا يمكن دحض هذه الحقيقة إلا بالطعن بالزور وأن ما تضمنه القرار من وقائع هذا الخصوص يبقى كذلك مطابقا لواقع التراع ومن ثم فإن ما أثير بهذا الفرع من الوسيلة غير مرتكز على أساس.

في الفرع الثاني من الوسيلة الأولى:

حيث تعيب الطاعنة القرار المطعون فيه بخرق إجراءات مسطرية جوهرية عند بته في القضية قبل استكمال عناصرها، ذلك أن الطاعنة أثارت في مقالها الاستئنافي دفوعات تتمثل في خرق الحكم الابتدائي لمقتضيات الفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود والدفع بعدم القبول لعدم إدلاء المدعية بالعقد المطلوب فسخه والدفع بعدم ارتكاز الطلب والحكم الابتدائي على أساس واقعي وقانوني سليم، وأن وضعية كهذه تتطلب بحثا من طرف المحكمة أكثر تدقيقا للوقوف على الحقيقة والبت في القضية على ضوء منطلقات سليمة أو الأمر بإجراء خبرة للتأكد من مدى توفر عناصر الدعوى الحالية، الشيء الذي يجعل المحكمة قد بتت في القضية قبل استكمال عناصرها، مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
لكن، حيث إن تقدير مدى جاهزية القضية للبت فيها وما إذا كانت تتطلب إجراء تحقيق من عدمه مما تختص به محكمة الموضوع، سيما إذا كان التراع منصبا حول مسألة قانونية تتطلب الرأي القضائي من غير موجب لإجراء أي تحقيق كما في نازلة الحال، والمحكمة لما اعتبرت القضية جاهزة للبت فيها انطلاقا مما توفر لديها من عناصر البت التي أوردتها في تعليلها والتي لم تكن تستوجب إجراء أي تحقيق فيها حسبما هو متجلي من واقع التراع ومستندات الملف، فإنها لم تخرق المقتضى المحتج بخرقه وما بالفرع من الوسيلة على غير أساس.

في الوسيلة الثانية:

حيث تعيب الطاعنة القرار المطعون فيه بانعدام التعليل وعدم الارتكاز على أساس قانوني ذلك أن الطاعنة تقدمت في مقالها الاستئنافي بأسباب استئناف واضحة ومدعمة بنصوص قانونية مستقل بعضها عن الآخر، إلا أن القرار المطعون فيه أدمج بعضها في البعض وقدم بعضها على البعض الآخر في إيجاز أفقدها كنهها وحقيقتها، وأن الطاعنة التمست في السبب الأول للاستئناف إلغاء الحكم الابتدائي والحكم أساسا بسقوط الدعوى لتقادمها طبقا للفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود، لكن القرار المطعون فيه وفي تعليل غير مفهوم أشار إلى أن موضوع الدعوى يهدف إلى فسخ العلاقة القائمة بين الطرفين من خلال إقرار الترخيص بالاحتلال المؤقت للعقار المشار إليه بالمقال مما يكون معه الدفع بالتقادم غير قائم ولا يسري على التراع بالنظر إلى طبيعة الاحتلال المؤقت للملك العمومي الذي لا ينشئ للمرخص له أي حق، وهو ما رد به الحكم المستأنف الدفع عن صواب، وأنه لا يمكن قبول مثل هذا التعليل المخالف للواقع والقانون، فمقتضيات الفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود جاءت عامة عدا الاستثناءات الواردة في القانون المذكور، والاستثناءات التي يقضي بها هذا القانون في حالات خاصة ونازلة الحال لا تدخل ضمن هذه الحالات الخاصة، وأن القرار المطعون فيه لم يبين ما هو السند القانوني المعتمد في رد دفع الطاعنة بالتقادم فالترخيص للاحتلال المؤقت للملك العمومي يعتبر التزاما والدعوى الحالية ناشئة عن هذا الالتزام بدليل مطالبة المطلوبين في النقض بفسخ العلاقة التعاقدية، وهو ما يدل على وجود التزام بين الدولة المغربية والطاعنة كجماعة قروية باحتلال الملك الغابوي واستغلاله منذ البداية في إحداث مركب سياحي كما دفعت الطاعنة في السبب الثاني للاستئناف بعدم قبول الدعوى لعدم إدلاء المطلوبين في النقض بالعقد المطلوب فسخه من طرفها والعقد المثبت للخرق المزعوم لهذا العقد، وأن القرار المطعون فيه لم يجب عن هذا الدفع رغم إشارته إليه في سرد أسباب استئناف الطاعنة، كما دفعت في السبب الثالث للاستئناف بعدم ارتكاز الطلب على أساس من الواقع أو القانون، باعتبار أن هنالك فرق كبير بين الملكية العقارية والأصل التجاري. فاستغلال المركب السياحي فندق المنتزه من طرف شركة التنمية السياحية بسطات لا يعني بالضرورة تملك هذه الشركة أو حتى الطاعنة للملك الغابوي إلا بمقتضى المبادلة، وأن القرار المطعون فيه تجاهل استثمار الطاعنة بما يقارب 10.000.000 درهم منذ سنة 1992 والذي قبلت به إدارة المياه والغابات وظلت تتوصل بواجبات الكراء بانتظام، في الوقت الذي أسست طلبها على سبب مغاير يتمثل في عدم تشبث المطلوبين في النقض بكراء هذا الملك للطاعنة، وأن من حقها استغلاله على الوجه الذي يحقق لها مردودا في تسيير مصالحها وتوفير موارد مالية لتغطية أعباء الجماعة، وأنها التمست للوقوف على هذه الحقائق إجراء بحث ووقوف على عين المكان للتأكد من أن الأمر لا يتعلق بمعاملة بسيطة أو تواجد مؤقت لم يترتب عنه ضرر للطاعنة وأن القرار المطعون فيه تجاهل كل هذه الدفوع واكتفى بتبني الفصل 2 من ظهير 1917/10/10 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها والبند 2 من الفصل 6 من كتاب الشروط العامة المؤرخ في 1948/10/21 المنظم للاحتلال المؤقت للملك الغابوي للدولة دون تعليل وهو ما يعرضه للنقض.

لكن، حيث إن المحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم وأنه لا مانع من تجميع الدفوع المثارة والرد عليها بجواب واحد، شريطة عدم إهمال الرد عن الدفوع التي لها تأثير على وجه ،قضائها، وأن المحكمة لما عللت قرارها بما جاءت به من أنه بالرجوع إلى موضوع الدعوى يتبين أنه يهدف إلى فسخ العلاقة القائمة بين الطرفين من خلال قرار الترخيص بالاحتلال المؤقت للعقار المشار إليه صدر المقال، مما يكون معه الدفع بالتقادم غير قائم ولا يسري على التراع بالنظر إلى طبيعة الاحتلال المؤقت للملك العمومي الذي لا ينشئ للمرخص له أي حق، وهو ما رد به الحكم المستأنف الدفع عن صواب”، فإنها تكون قد استبعدت الدفع المثار بشأن التقادم اعتمادا على تعلق الأمر بالملك الغابوي الذي لا يقبل التفويت ولا تخضع الالتزامات المتعلقة به للتقادم ودون ضرورة الإشارة للنص القانوني الذي يقضي بذلك ما دام أن جوابها هذا جاء مطابقا للقانون ولاسيما مقتضيات ظهير 1917/10/10 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها، وبذلك جاء تعليلها بهذا الخصوص كافيا ومرتكزا على أساس قانوني سليم. ومن جهة أخرى فإن ما عللت به المحكمة قرارها من أن: “مقتضيات البند 2 من الفصل 6 من كناش الشروط العامة المؤرخ في 1948/10/21 المنظم للاحتلال الموقت للملك الغابوي للدولة أو جبت الموافقة الصريحة لرئيس إدارة المياه والغابات والمحافظة على الأراضي . تحت طائلة الفسخ في حالة قيام المحتل أو المرخص له بتفويت الحقوق أو الإمكانية الممنوحة له بمقتضى قرار الترخيص للأغيار وما تتمسك به المستأنفتان من وجود الموافقة الضمنية من خلال طول ووجود الفندق بالعقار موضوع الاحتلال لا يصمد أمام وجوب الحصول على الموافقة الصريحة المشار إليها أعلاه وهو أمر غير ثابت في النازلة مما يبقى معه طلب الفسخ مؤسسا… “، هو تعليل سائغ وكاف، كما أن ما أثاره الطاعن من كونه تمسك بأن المطلوبين لم يدلوا بالعقد الرابط بينهم وبين الطاعنة وأن المحكمة بنت قضاءها عليه رغم عدم وجوده بالملف لا تأثير له في النازلة، ما دام أن الطاعنة لا تنازع في كونها تسلمت العقار محل النزاع من إدارة المياه والغابات بغاية استغلاله في إطار الاحتلال المؤقت للملك الغابوي، مما يكون معه ما أثير بالوسيلة غير مرتكز على أساس.

 

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض يرفض الطلب.
الرئيس : السيد محمد منقار بنيس – المقرر : السيد سعد غزيول برادة -المحامي العام : السيد حسن تايب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق