مقدمة
في خطوة رائدة نحو تعزيز العدالة الرقمية وتيسير الوصول إلى الخدمات القضائية، أطلقت وزارة العدل السعودية خدمة الترجمة الموحدة عبر منصة “ناجز” الإلكترونية. تهدف هذه المبادرة إلى تمكين غير الناطقين بالعربية من التفاعل الفعّال مع النظام القضائي، مما يعكس التزام المملكة بتطوير بيئة قانونية شاملة ومتطورة. تأتي هذه الخدمة كجزء من رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تحديث وتطوير جميع القطاعات الحكومية، بما في ذلك القطاع العدلي، لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين على حد سواء.
المحور الأول: منصة “ناجز” الإلكترونية – بوابة العدالة الرقمية
1.1 تعريف منصة “ناجز”
منصة “ناجز” هي منصة إلكترونية متكاملة أطلقتها وزارة العدل السعودية لتقديم خدمات قضائية رقمية للمواطنين والمقيمين. تتيح المنصة للمستخدمين إجراء العديد من المعاملات القانونية عن بُعد، مثل تقديم الدعاوى، إصدار الوكالات، والاستفسار عن القضايا، مما يسهم في تسريع الإجراءات وتقليل الحاجة للزيارة الشخصية للمحاكم.
1.2 أهمية التحول الرقمي في القطاع العدلي
يعتبر التحول الرقمي في القطاع العدلي خطوة استراتيجية نحو تحسين كفاءة النظام القضائي. من خلال رقمنة الإجراءات، يتم تقليل التكاليف، وتوفير الوقت، وزيادة الشفافية، مما يعزز ثقة المواطنين في النظام القضائي. كما أن التحول الرقمي يسهم في تسهيل الوصول إلى العدالة، خاصة للفئات التي قد تواجه صعوبة في التفاعل مع النظام القضائي التقليدي.
المحور الثاني: خدمة الترجمة الموحدة – جسر التواصل بين الثقافات
2.1 أهداف الخدمة
تهدف خدمة الترجمة الموحدة إلى تيسير التواصل بين الأطراف غير الناطقة بالعربية والنظام القضائي السعودي. من خلال هذه الخدمة، يمكن للمستفيدين طلب مترجمين بلغاتهم الأم، مما يضمن فهمهم الكامل للإجراءات القضائية وحقوقهم وواجباتهم
2.2 كيفية استخدام الخدمة
لاستفادة من خدمة الترجمة الموحدة، يجب على المستخدمين الدخول إلى منصة “ناجز” الإلكترونية، وتحديد نوع الخدمة المطلوبة، مثل “طلب مترجم”، ثم ملء البيانات المطلوبة، واختيار اللغة المراد الترجمة إليها، وتحديد موعد الجلسة القضائية. بعد ذلك، يتم تنسيق الترجمة مع الجهات المعنية لضمان حضور المترجم في الوقت المحدد.
2.3 الفئات المستفيدة
تستهدف الخدمة الأفراد غير الناطقين بالعربية، سواء كانوا مقيمين أو زوارًا، الذين يحتاجون إلى مساعدة لغوية أثناء الإجراءات القضائية. كما تشمل الخدمة المحامين والمستشارين القانونيين الذين يتعاملون مع قضايا دولية أو متعددة الجنسيات.
المحور الثالث: تأثير الخدمة على النظام القضائي والمجتمع
3.1 تعزيز الوصول إلى العدالة
من خلال توفير مترجمين مؤهلين، تساهم الخدمة في ضمان أن جميع الأطراف، بغض النظر عن خلفياتهم اللغوية، يمكنهم فهم الإجراءات القضائية والمشاركة الفعّالة فيها. هذا يعزز من مبدأ العدالة والمساواة أمام القانون.
3.2 تحسين كفاءة المحاكم
بتقليل الحواجز اللغوية، تصبح المحاكم أكثر كفاءة في معالجة القضايا، مما يقلل من التأخيرات الناتجة عن سوء الفهم أو الحاجة إلى مترجمين غير متخصصين. هذا يسهم في تسريع الإجراءات وتقليل التكاليف المرتبطة بها.
3.3 تعزيز سمعة المملكة دوليًا
من خلال تقديم خدمات مترجمة عالية الجودة، تعزز المملكة سمعتها كمركز دولي للعدالة، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويعزز من مكانتها في المجتمع الدولي.
المحور الرابع: التحديات والفرص المستقبلية
4.1 التحديات
• توافر المترجمين المؤهلين: يعد العثور على مترجمين قانونيين مؤهلين في لغات نادرة تحديًا.
• التكامل مع الأنظمة الأخرى: يجب ضمان تكامل خدمة الترجمة مع أنظمة المحاكم الأخرى لضمان سير العمل بسلاسة.
• التوعية بالخدمة: يجب زيادة الوعي بين المستفيدين حول كيفية استخدام الخدمة والاستفادة منها.
4.2 الفرص المستقبلية
• توسيع نطاق اللغات: يمكن إضافة لغات جديدة لتلبية احتياجات فئات أكبر من المجتمع.
• استخدام التكنولوجيا الحديثة: يمكن استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الترجمة وتسريعها.
• التعاون الدولي: يمكن التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات وتحسين الخدمة.
خاتمة
إن إطلاق خدمة الترجمة الموحدة عبر منصة “ناجز” يمثل خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الرقمية في المملكة العربية السعودية. من خلال هذه الخدمة، تبرهن المملكة على التزامها بتوفير بيئة قضائية شاملة ومتطورة تلبي احتياجات جميع الأفراد، بغض النظر عن خلفياتهم اللغوية. إن هذه المبادرة لا تقتصر على تحسين الإجراءات القضائية فحسب، بل تعكس أيضًا رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاعات الحكومية وتعزيز الشفافية والكفاءة.
مع استمرار المملكة في تبني الابتكار والتكنولوجيا، من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من التطورات في مجال العدالة الرقمية، مما يسهم في تحقيق بيئة قانونية أكثر عدلاً وشفافية.