نزع الملكية والحيازة المؤقتة في السعودية: حقوق المالك بين المصلحة العامة والتعويض العادل

قانون نزع الملكية السعودي 2025: التعويض +20%، الاعتراضات، والآجال… ماذا تغيّر للمالك؟

تصميم توضيحي يظهر منزلًا وحدود ملكية مع سهم نحو شارة 20% وخلفية طريق ومبانٍ ترمز لمشاريع البنية التحتية، ويتضمن نصًا بالإنجليزية “Saudi Expropriation Law 2025” للدلالة على نظام نزع الملكية ووضع اليد المؤقت في السعودية.

مقدمة

قد يستيقظ مالك منزل أو أرض في السعودية على خبر مشروع طريق، مترو، توسعة مرفق عام، أو تطوير عمراني يمرّ من جوار عقاره… ثم يبدأ السؤال الإنساني قبل القانوني: هل سأُعَوَّض بإنصاف؟ ما المدة؟ هل أستطيع الاعتراض؟ وماذا عن المستأجر أو صاحب المحل؟
لهذا بالضبط يكتسب نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة ووضع اليد المؤقت على العقارات (2025) اهتمامًا واسعًا؛ لأنه يمسّ الملكية العقارية مباشرة، لكنه في الوقت نفسه يضع إطارًا أكثر وضوحًا لحماية الحقوق وتوحيد الإجراءات، ويدخل حيّز النفاذ بعد 120 يومًا من تاريخ نشره في “أم القرى”.

المحور الأول: ما الذي يعتبر “مصلحة عامة” وفق النظام الجديد؟

النظام يقرّر قاعدة مركزية: لا نزع ملكية ولا وضع يد مؤقت إلا للمصلحة العامة وبمقابل تعويض عادل.
وحتى لا تبقى “المصلحة العامة” عبارة فضفاضة، قدّم تعريفًا عمليًا لها وربطها بما يحقق نفعًا عامًا ترجح فيه مصلحة المجتمع على الخاصة، أو ما يدفع ضررًا عامًا (كوارث/أوبئة).
ثم قدّم أمثلة واسعة لمشروعات المصلحة العامة: مرافق الحرمين وخدمات الحج والعمرة، الطرق والنقل، التخطيط والتطوير العمراني، مرافق التعليم والصحة، شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، التعدين، حماية التراث والبيئة، الأمن والمنشآت العسكرية… إلخ.
الرسالة هنا واضحة: المعيار ليس “رغبة الجهة” فقط، بل وجود نفع عام مُعرّف ومُبرّر داخل نطاق حدده النظام.

المحور الثاني: ضمانات قبل البدء… وهل يمكن تجاوز عقار الدولة؟

من النقاط التي تُطمئن المالك أن النظام يمنع اتخاذ إجراءات النزع/وضع اليد المؤقت إذا كانت هناك عقارات للدولة تفي بالغرض؛ أي أن اللجوء إلى ملكية الأفراد ليس الخيار الأول تلقائيًا.
كما يذكر أن أحكام النظام لا تسري على العقارات المملوكة للدولة أو لأجهزتها، بما يعني أن المجال الذي يتدخل فيه النظام هو أساسًا الملكيات الخاصة أو غيرها خارج نطاق أملاك الدولة.
هذه القاعدة مهمة للسيو لأن كثيرًا من الأسئلة المتداولة تكون من نوع: لماذا لم تُستعمل أرض الدولة بدل أرضي؟ والنظام يضع منطقًا واضحًا: أولوية البدائل المتاحة للدولة.

المحور الثالث: التعويض العادل… المعادلة الجديدة (+20%) ولماذا هي نقطة “ترند”؟

أكثر ما أشعل النقاش هو أن النظام وضع “صيغة” صريحة للتعويض:
• في نزع الملكية: التعويض يُبنى على القيمة السوقية للعقار، ويُضاف إليها عوض بنسبة 20% من القيمة السوقية مقابل نزع الملكية، إضافة إلى تعويض الأضرار الناشئة عن إجراءات النزع.
• في وضع اليد المؤقت: التعويض لا يقل عن أجرة المثل (القيمة الإيجارية العادلة)، ويُضاف إليها عوض بنسبة 20% من أجرة المثل مقابل وضع اليد المؤقت، إضافة إلى تعويض الأضرار الناشئة عن وضع اليد.
هذه الإضافة (20%) مهمّة لأنها تُحوّل التعويض من مجرد “ثمن” إلى تعويض يأخذ بعين الاعتبار أثر الإجراء نفسه على المالك (الاضطراب، فقدان الاستقرار، الانتقال، توقف النشاط… إلخ). وقد أُشير أيضًا إلى أن التقييم يتم عبر مقيمين معتمدين وأن الفكرة العامة مرتبطة بالقيمة السوقية وتقدير منصف.

المحور الرابع: وضع اليد المؤقت… متى يُستخدم؟ وما سقف المدة؟

الناس غالبًا تخلط بين “النزع النهائي” و”وضع اليد المؤقت”. النظام يميّز بينهما بوضوح: وضع اليد المؤقت هو مسطرة تُستعمل في حالات محددة (وخاصة الحالات الطارئة/العاجلة) مع بقاء الملكية في الأصل للمالك، مقابل تعويض.
والأهم: النظام وضع سقفًا زمنيًا صارمًا:
• المدة القصوى لوضع اليد المؤقت: 3 سنوات.
• ويمكن تمديدها لمدة إضافية لا تتجاوز 3 سنوات لكن بشرط موافقة اللجنة المختصة وموافقة مالكي العقارات.
هذا الشرط الأخير (موافقة المالك على التمديد) يخلق توازنًا حقيقيًا: إن كان المشروع يحتاج مدة أطول دون موافقة المالك، فالحل الطبيعي يكون الاتجاه إلى إجراءات أخرى ضمن النظام بدل “إطالة المؤقت بلا نهاية”.

المحور الخامس: الاعتراض والطعن… ماذا يملك المالك أن يفعل؟

من حيث المبدأ، النظام يقرّ حقًا عامًا: لمن صدر بشأن عقاره قرار وفق النظام واللائحة أن يتقدم بالاعتراض عليه وفق الإجراءات النظامية ذات العلاقة.
وهنا عمليًا تظهر قيمة نقطتين:
1. وضوح الوثائق المطلوبة و“مخطط المشروع”: لأن الاعتراض القوي عادة لا يكون عاطفيًا فقط، بل يرتكز على: هل المصلحة العامة متحققة؟ هل يوجد بديل؟ هل التقييم عادل؟ هل أُخذت الأضرار بعين الاعتبار؟
2. الاعتراض لا يعني تعطيل التنمية، بل يعني “تصحيح المسار”: كثير من النزاعات لا تكون حول وجود المشروع، بل حول حدوده الدقيقة، أو طريقة التقييم، أو إدراج عقار دون حاجة فعليّة.
وبحسب ما أُعلن عن الإطار الجديد من الجهات المعنية، توجد آجال إجرائية أكثر تحديدًا (مثل مراحل مراجعة الطلبات، الجرد، التقييم…) بما يرفع من “قابلية التنبؤ” ويقلّل الضبابية التي كانت تُرهق المالك نفسيًا وماليًا.

المحور السادس: ما الفرق عن النظام السابق؟ ولماذا يرتبط الموضوع برؤية 2030 والبنية التحتية؟

القرار المنشور يوضح أن النظام الجديد يحل محل النظام السابق الصادر بالمرسوم الملكي (م/15) لعام 1424هـ ويلغي ما يتعارض معه، مع ترتيبات انتقالية للحالات التي صدر بشأنها قرار البدء قبل نفاذ النظام الجديد.
وأبرز الفوارق “الملموسة” التي تهم القارئ غير المتخصص:
• صيغة تعويض أوضح بربطها بالقيمة السوقية/أجرة المثل + إضافة 20% + الأضرار.
• حوكمة أعلى وتفاصيل أكثر حول المشروع، واللائحة التنفيذية، والاعتراض، ومدد وضع اليد المؤقت.
• نقطة تُتداول كثيرًا لأنها تمس الحياة اليومية: توجّه رسمي إلى ربط فواتير استهلاك الكهرباء والمياه بشاغلي العقارات وليس بصك الملكية خلال سنة، مع إمكانية تمديد المدة، وهي مسألة ظهرت أهميتها في مشاريع تطوير كبرى.
من زاوية “الترند”، هذه المنظومة تأتي في سياق توسع مشاريع البنية التحتية والتطوير الحضري، وبالتالي يرتفع البحث عنها كلما توسعت المشاريع، أو ظهرت حالات واقعية في مدينة معيّنة.

خاتمة

نزع الملكية ليس موضوعًا قانونيًا جافًا؛ هو تجربة إنسانية قد تغيّر حياة أسرة أو تاجر أو مزارع. النظام السعودي الجديد لسنة 2025 حاول أن يمسك العصا من الوسط: يضمن تنفيذ مشاريع المصلحة العامة، لكنه في المقابل يضع تعويضًا أكثر وضوحًا (القيمة السوقية +20% + الأضرار)، ويقيّد وضع اليد المؤقت بمدد محددة وبشروط تمديد تتطلب موافقة المالك، ويؤكد حق الاعتراض ضمن الإجراءات النظامية.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...التفاصيل

موافق