الطعن بالإستئناف في الأحكام القاضية بعدم القبول

عالـم القانون18 فبراير 2022
الطعن بالإستئناف في الأحكام القاضية بعدم القبول

عندما تصدر المحكمة الابتدائية حكما بعدم قبول الطلب سواء بسبب نقصان أو انعدام الاثبات، ويبادر المدعي الى الطعن بالاستئناف في هذا الحكم، يكون امام فرضيتين:
الفرضية الاولى، تقوم على منازعة المستانف في ما قضى به الحكم الابتدائي من عدم قبول طلبه إما بسبب سوء تقدير للحجج او بسبب تحريف للوقائع، وهذه الفرضية لا تثير ادنى إشكال إزاء مقاربة الموضوع الذين تناوله
الفرضيه الثانية، تقوم على التسليم الضمني للمستئناف بما قضى به الحكم الابتدائي، مع مبادرته الى تدارك ما فاته اثناء المرحله الابتدائيه وذلك بالادلاء بحجج جديده لتاسيس او تعزيز مركزه الاثباتي.

و في هذه الفرضية تبادر محكمة الإستئناف إما إلى التصدي إلى جوهر القضية بعد وقوفها على جهوزيتها،و إما ترجع الملف إلى المحكمة الإبتدائية للبت فيه من جديد فرضا منها لإحترام مبدأ التقاضي على درجتين،مع إلغاء الحكم الإبتدائي في الحالتين.

قبل مناقشة هذين التوجهين، حق أن نتساءل عن“الخطأ“الذي اقترفته المحكمة الإبتدائية حتى ينال حكمها نصيب الإلغاء،أو لم يكن الخطأ-في عدم الإثبات أو نقصانه-منسوبا للمستأنف؟وهو بإدلائه بحجج لأول مرة أمام محكمة الإستئناف يكون مسلما بصحة الحكم الإبتدائي و منساقا لما تضمنته علله، و بذلك يفرض التساؤل نفسه عن تحميل الحكم الإبتدائي”وزرا”لم يقترفه؟

صحيح أن الأثر الناقل و الناشر للطعن بالإستئناف ينقل النزاع إلى درجة ثانية من التقاضي،لكنه ينقله في حدود ماتثيره وسائل الطعن التي تقوم أولا و أخيرا على مخاصمة الحكم الإبتدائي،ذلك أن محكمة الإستئناف لاتبث في الطلب و إنما تبث في وسائل الطعن التي تقوم أولا و أخيرا على مخاصمة الحكم الإبتدائي عبر نعي الأسس التي أسس عليه قضاءه، مالم تثر من تلقاء نفسها وسائل لها إرتباط مباشر بالنظام العام.

محكمة النقض(م أ س) في بداية الثمانينات، اعتبرت أن حق التصدي الذي تتوفر عليه محكمة الإستئناف يمنحها مكنة مطلقة للبث في جوهر الدعوى بحسب الوثائق المعروضة في الملف برمته سواء أدلي بها إبتدائيا أو إستئنافيا،ففي قرارها عدد 212 الصادر بتاريخ 11/12/1985 ملف عدد 96312 اعنبرت أن”محكمة الإستئناف بإعتبارها محكمة موضوع يمكن الإدلاء لديها بكل الحجج التي تكون قد أغفلت في المرحلة الإبتدائية،ويكون تقييمها للحكم الإبتدائي في مصادفته للصواب أو عدمه مبنيا على كل مايتوفر عليه الملف وعلى ما انتهت إليه المسطرة و لو لم يدل به إلا في المرحلة الإستئنافية.

وفي قرار أخر اعتبرت بأنه:”مادام أن المحكمة الإبتدائية قد قضت برفض الدعوى على الحالة بعلة عدم إرفاقها بأية حجة…فإن إلغاء محكمة الإستئناف للحكم الإبتدائي يكون من قبيل التصدي الذي يشترك لإتخاذه حسب الفصل 146 من ق م م أن تكون الدعوى جاهزة(ق 1894 ت 22/12/199 ملف عدد 291/99).

و بخصوص جهوزية الدعوى فمحكمة النقض أكدت ما مرة بأن الأمر”لا علاقة له بما إذا كان الحكم الإبتدائي قد بت في موضوعها أم إقتصر على التصريح بعدم قبولها شكلا”

و في نظرنا لايمكن إعتبار حق التصدي “بطاقة مرور مسطرية” لنفاذ محكمة الإستئناف مباشرة للطلب الأصلي استحضارا لدورها الأساسي كمحكمة طعن،و لإختصاصها المقيد كما أسلفنا الذكر بوسائل الطعن.

و لنفترض كمثال على أن المستأنف قد طعن في الجزء (أ)من الحكم الإبتدائي،دون الجزء (ب)فهذا يعني حتما أن هذا الأخير قد حاز قوة الشيء المقضي به لكونه قد أضحى في منأى من أية منازعة.

ومن باب أولى،إذا لم ينازع المستأنف في أي جزء من الحكم الإبتدائي، فهذا الأخير سيعتبر برمته حائزا لقوة الشيء المقضي به ومن تم سيبقى غير قابل للطعن بالإستئناف،و أن الطعن المقدم من طرفه و لو أنه قدم داخل الأجل ومحترم للشكليات النمطية،فإنه سيكيف كطعن إطار لكونه لايخاصم في شيء الحكم الإبتدائي و الذي هو جوهر الطعن بالإستئناف.

وعلى هذي ذلك نرى بأنه على محكمة الإستئناف أن تقضي في هذه الحالة بعدم قبول الطعن بالإستئناف الذي لم يخاصم البتة الحكم المطعون فيه، و أن مكنة التصدي لجوهر الدعوى لايمكن أن تقوم في غياب الأثر الناشر للطعن و الذي يستمد وجوده بدوره من وسائل الإستئناف عملا بالقاعدة القانونية “لاينشر الطعن بقدر مايتم إستئنافه”

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...التفاصيل

موافق