القرار عدد 39 الصادر بتاريخ 18 يناير 2018 في الملف الإداري عدد: 2015/1/4/899
طعن بالإلغاء – قرار بالعزل من الوظيفة – مشروعيته.
لتطبيق مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، و ترتیب أثر العزل من الوظيفة في حق الموظف المغادر لوظيفته، يتعين أن يكون هذا التغيب إرادیا و بدون عذر مقبول وبعد توجيه الإنذار بالعودة إلى العمل داخل أجل سبعة أيام من تاريخ التوصل به، والمحكمة لما عللت قضاءها بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلغاء قرار العزل بالنظر لحالة المطلوبة المثبتة بالشهادة الطبية المدلى بها في الملف من طرفها الصادرة عن طبيبة بمستشفى عمومي، وثبت لها أن الإدارة لم تنف عنها سبق إدلائها بالشهادة المشار إليها، واعتبرتها حجة على ما تضمنته ما دامت الإدارة لم تطعن فيها بالزور، واستنتجت أن المراقبة الإدارية لا تحل محل الفحص الطبي للوقوف على حقيقة المرض المبرر للتغيب، ولم تعتبر واقعة عدم استعمال الرخصة في العلاج قد تحققت عندما لم تعثر اللجنة الإدارية على الموظفة في منزلها الذي اعتبرت في شأنه استنتاج الإدارة مجرد احتمال، مبرزة أن قرارات الإدارة ينبغي بناؤها على اليقين لا على مجرد فرضيات، تكون بذلك قد بنت قضاءها على أساس، وعللت قرارها تعليلا كافيا وسليما.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من وثائق الملف، ومحتوى القرار المطعون فيه بالنقض – المشار إلى مراجعه أعلاه -، أنه بتاريخ 10 يونيو 2013 تقدمت المدعية (المطلوبة) بمقال أمام المحكمة الإدارية بفاس، عرضت فيه أنها أستاذة للتعليم الابتدائي مجموعة مدارس “…” بنيابة زواغة مولاي يعقوب، وقد ألم بما مرض نفسي فمنحتها الطبيبة المعالجة بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس شهادة طبية لمدة ستة أشهر ابتداء من 2012/11/08، وقد بادرت إلى تسليمها إلى مدير المؤسسة التعليمية بتاريخ 2012/11/09 مقابل وصل، وبتاريخ2013/05/07 التحقت من جديد بالمؤسسة التي تنتمي إليها، غير أنها فوجئت بعدم السماح لها بذلك، وإثر مراجعة مصلحة الموارد البشرية بالنيابة الإقليمية أخبرت بأنه قد صدر قرار بعزلها بتاريخ 2013/04/24، موضحة أنه قرار غير مشروع لكون الإدارة اعتبرها في وضعية ترك الوظيفة وطبقت عليها مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على الرغم من سبق الإدلاء لها بشهادة طبية، مؤكدة أنها كانت تقضي رخصة مرضية، ملتمسة إلغاء القرار المذكور مع تسوية وضعيتها الإدارية والمالية، وبعد عدم جواب الإدارة على الرغم من إنذارها و تمام الإجراءات، صدر الحكم بإلغاء القرار الإداري عدد 1/7089 المؤرخ في 2013/4/24 الصادر عن وزير التربية الوطنية القاضي بعزلها من أسلاك وزارته بما يترتب عن ذلك من آثار قانونية بما فيها تسوية وضعيتها الإدارية والمالية طبقا للقانون، استأنفه الوكيل القضائي بصفته هذه ونائبا عن باقي الطالبين، فقضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتأييده، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في الوسيلة الفريدة للنقض:
حيث ينعى الطرف الطالب على القرار المطعون فيه بالنقض عدم ارتكازه على أساس وفساد التعليل الموازي لانعدامه، وذلك لست اعتبارات:
يتمثل أولها في أن التفسير الذي اعتمدته المحكمة بشأن اقتران التعمد بالانقطاع عن العمل بشكل لا رجعة فيه لا نجده متضمنا في مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وأن هذا التأويل يتعارض مع الفقرة الأولى من هذا المقتضى، ويتجلى الاعتباران الثاني والسادس في أن الشهادة الطبية التي أدلت بها المطلوبة في النقض الصادرة عن طبيبة تعمل بمستشفى الحسن الثاني بفاس – أي مستشفي عمومي – لا يمكن اعتمادها لكون الشهادة الطبية التي تمنح من طرف المستشفى والتي تكون لها صفة الوثيقة ذات الحجية على ما تضمنته ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، هي تلك التي تصدر عن مدير المستشفى أو من ينيبه لذلك، وأن الطبيبة التي أصدرتها ليست من الأطباء المحلفين المقبولين لدى المحاكم، و بالتالي يمكن دحضها بأي طريقة أو أي مسطرة ومن بينها ما نصت عليه مقتضيات الفصل 42 من قانون الوظيفة العمومية بخصوص المراقبة الطبية والإدارية، وهو ما قامت به الإدارة، وأن محكمة الدرجة الثانية تنسب للقرار المطعون فيه بالإلغاء كونه اعتمد على الافتراض والاستنتاج، علما بأن الإدارة قامت بالمراقبة الإدارية وثبت لها عدم استعمال المطلوبة في الطعن بالنقض للرخصة المرضية في العلاج، وأنه كان على المحكمة أن تقوم هي نفسها بإجراءات التحقيق والوقوف على حقيقة الأمر ما دامت المعنية بالأمر قد أدلت بشهادة طبية كان يتعين التأكد من كونها تعكس الحقيقة، ويكمن الاعتبار الثالث في أن تلك الشهادة الطبية تتضمن فقط أنه يتعين لها الاستفادة من رخصة مرض طويلة الأمد دون بيان نوع المرض وتجلياته، والتي تبرر منحها هذه الرخصة، ويتمثل الاعتبار الرابع في أنه حتى في حالة ما إذا قامت الإدارة بالإجراءات المتعلقة بالفحص الطبي، فإن النتيجة ستكون نفسها، وبالتالي لا يمكن القيام بالفحص الطبي المضاد إلا بعد القيام بالمراقبة الإدارية، ويتجلى الاعتبار الخامس في أن التفسير الذي أعطته المحكمة للفصل 42 المذكور من وجوب اللجوء إلى المسطرة المنصوص عليها فيه غير تطبيق الفصل 75 مكرر من نفس القانون، يتناقض مع ما جاء في هذا الفصل الذي لا يمنع من اعتماد المسطرة التأديبية المنصوص عليها فيهما ما دام أن انقطاع المطلوبة في النقض عن العمل كان متعمدا، مما يناسب نقض القرار.
لكن، حيث إنه لتطبيق مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وترتيب أثر العزل من الوظيفة في حق الموظف المغادر لوظيفته، يتعين أن يكون هذا التغيب إراديا و بدون عذر مقبول و بعد توجيه الإنذار بالعودة إلى العمل داخل أجل سبعة أيام من تاريخ التوصل به، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عللت قضاءها بتأیید الحكم الإبتدائي القاضي بإلغاء قرار العزل بالنظر لحالة المطلوبة المثبتة بالشهادة الطبية المدلى بها في الملف من طرفها الصادرة عن طبيبة بمستشفى عمومي (المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني)، وثبت لها أن الإدارة لم تنف عنها سبق إدلائها بالشهادة المشار إليها واعتبرتها حجة على ما تضمنته ما دامت الإدارة لم تطعن فيها بالزور، واستنتجت – وعن صواب – أن المراقبة الإدارية لا تحل محل الفحص الطبي للوقوف على حقيقة المرض المبرر للتغيب ولم تعتبر واقعة عدم استعمال الرخصة في العلاج قد تحققت عندما لم تعثر اللجنة الإدارية على الموظفة في منزلها الذي اعتبرت في شأنه استنتاج الإدارة مجرد احتمال، مبرزة أن قرارات الإدارة ينبغي بناؤها على اليقين لا على مجرد فرضیات، وأن إعمال المراقبة الإدارية دون المراقبة الطبية لا يتيح للإدارة تحريك المسطرة التي تحكمها مقتضيات الفصل 75 مكرر وفق المبين أعلاه، اعتبارا إلى أن الفقرة 3 من الفصل 42 من نفس النظام الأساسي تحيل على المسطرة التأديبية العامة عندما يثبت الإخلال بما ورد في الفقرة 2 من نفس الفصل، معتبرة إلزامية مراعاة الضمانات التأديبية التي ينص عليها النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، بتحريك المسطرة التأديبية، تكون بذلك قد بنت قضاءها على أساس وعللت قرارها تعليلا كافيا وسليما، وما بالوسيلة على غير أساس.
لهذه الأسباب قضت محكمة النقض برفض الطلب.
و به صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الأول) السيد عبد المجيد بابا أعلى والمستشارين السادة: نادية للوسی مقررة، أحمد دينية، عبد العتاق فكير، فائزة بلعسري ومحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.