مــــــــــقــــــــدمـــــــة:
أضحى الحساب البنكي من بين الأساسيات، فمعظم المعاملات تتم بواسطته، فقد كشف بنـك المغـرب في تقريـره السـنوي حـول الإشراف البنكي لسنة 2017 أن عدد الحسابات البنكية قد بلغ 26 مليون حساب، مسجلا بذلك ارتفاعا بمليـوني حسـاب مقارنـة مـع
سنة 2016 التي عرفت تسجيل 24 مليون حساب، وقد بلغ عدد الحسابات البنكية التي فتحت لدى البنوك التشاركية المرخص لهـا بالمغرب 43 ألف حساب نهاية شهر يونيو 2018.
و على الرغم من الأهمية البالغة للحساب البنكي، بإعتباره أحد أهم الوسائل التي يستعملها الأفراد والمؤسسات لتنظيم العمليات المالية في حياتهم اليومية، فإنه قد تظهر ظروف تستدعي إقفال هذه الحسابات البنكية، و يُعد إقفال الحساب البنكي إجراء يتطلب فهماً دقيقاً للخطوات و الإجراءات الواجب إتباعها، ثم القوانين المنظمة لعملية إقفال الحساب البنكي.
فما هي إذن الإجراءات الواجب إتباعها لإقفال الحساب البنكي؟ و ماهي التحديات أو العراقيل الممكن مواجهتها عند الرغبة في إقفال حساب بنكي؟
و لمعالجة هذا الموضوع و الجواب على الإشكالية المطروحة بخصوصه سيتم ذلك من خلال إتباع المنهجية التالية:
المطلب الأول:الإجراءات الواجب إتباعها من أجل إقفال الحساب البنكي.
الفقرة الأول:إقفال الحساب البنكي لأسباب إرادية.
الفقرة الثانية: إقفال الحساب البنكي لأسباب غير إرادية.
المطلب الثاني: تحديات إقفال الحساب البنكي
الفقرة الأولى:إكراهات صادرة من طرف مسؤولي الأبناك.
الفقرة الثانية:إكراهات يجب القيام بها قبل إقفال الحساب البنكي.
المطلب الأول:الإجراءات الواجب إتباعها من أجل إقفال الحساب البنكي.
يقفل الحساب البنكي إما بشكل إرادي أي بمبادرة من العميل أو من البنك(الفقرة الأولى) أو لسبب غير إرادي كالوفاة أو إنعدام الأهلية أو التسوية القضائية للعميل(الفقرة الثانية).
و هذا ما نص عليه القانون 134.12 الذي نسخ المادة 503 من مدونة التجارة
الفقرة الأول:إقفال الحساب البنكي لأسباب إرادية
أصدر بنك المغرب العدد الثامن من سلسلة دليل “معلومات مفيدة”، الذي خصص لإجراءات إغلاق الحساب تحت الطلب، ويوضح البنك المركزي، في هذا العدد الجديد، إجراءات إغلاق حساب بنكي، عبر إخبار الزبناء الراغبين في إغلاق حساباتهم بحقوقهم وتحسيسهم بالشروط والمراحل الضرورية لإنجاز هذه العملية.
و قد إستهل العدد تعريف مفهوم إغلاق الحساب البنكي حيث عرفه بأن الأمر يتعلق بعملية يقوم من خلالها الزبون بوضع حد لاتفاقية الحساب التي تربطه بمؤسسته البنكية بإغلاق الحساب الذي كان قد فتحه لدى هذه الأخيرة.
ويمكن أن يتم إغلاق الحساب بناء على طلب يقدمه الزبون، صاحب الحساب، دون سابق إشعار، أو بمبادرة من البنك، مع مراعاة إرسال إشعار سابق مدته 60 يوما.
أما بخصوص المراحل التي على الزبون إتباعها من أجل إغلاق الحساب البنكي فإنها تبتدئ بــــ:
أولا: إيداع الطلب.
يجب كتابة طلب إغلاق الحساب وتوقيعه وتسليمه للبنك عن طريق إحدى القنوات الآتية:
* إيداع الطلب مباشرة لدى الوكالة البنكية أو بطريقة رقمية، من خلال إرسال الطلب عبر البريد الإلكتروني للبنك أو عبر التطبيق البنكي على الهاتف المحمول أو على الموقع الإلكتروني للبنك، أو عبر البريد.
* يجب أن تتضمن الرسالة المعلومات الضرورية التي تسمح بمعالجة الطلب من قبل البنك: الاسم العائلي والشخصي، ورقم البطاقة الوطنية للتعريف، ورقم الحساب، واسم الوكالة البنكية، والمدينة، ورقم الهاتف…
ثانيا: وصل استلام الطلب.
بمجرد التوصل بالطلب، يسلم البنك تلقائيا وفورا وصلا بالاستلام للزبون.
ثالثا: الإجابة على الطلب.
يقوم البنك، في أجل أقصاه شهر، بإخبار الزبون بمآل طلبه، وذلك بجميع الطرق المتاحة: رسائل نصية، بريد إلكتروني…
ويتعلق الأمر بإخبار الزبون إذا كان حسابه «قابلا للإغلاق» كما هو أو إذا كان يجب عليه تسوية الوضعية المدينة للحساب أو تسديد القروض… وحتى إذا كان الحساب قابلا للإغلاق، فقد تتطلب عملية الإغلاق أجلا لحصر الرصيد النهائي للحساب قبل إغلاقه نهائيا.
رابعا: الإغلاق الفعلي للحساب.
حين يغلق البنك الحساب فعليا، يرسل للزبون شهادة إغلاق الحساب.
الفقرة الثانية: إقفال الحساب البنكي لأسباب غير إرادية
إقفال الحساب البنكي يمكن أن يحدث لعدة أسباب، وهناك فئة خاصة من هذه الأسباب تُعرف بالأسباب غير الإرادية، والتي لا يكون العميل قد اتخذ قرارًا واعيًا بإقفال حسابه البنكي. تشمل هذه الأسباب ما يلي:
الوفاة:
عندما يتوفى صاحب الحساب، يتم تجميد الحساب البنكي غالبًا كجزء من إجراءات تصفية الورثة حتى يتم تحديد الورثة الشرعيين وتوزيع الأموال وفقًا للقانون أو وصية المتوفى.
عدم النشاط:
الحسابات التي لم يتم استخدامها لفترات طويلة يمكن أن تُعتبر غير نشطة أو مهملة، البنوك لديها سياسات مختلفة بخصوص الحسابات غير النشطة، وقد تقرر إغلاق هذه الحسابات أو تحويل الأموال إلى حسابات خاصة حتى يطالب بها العميل.
الأمور القانونية:
قد يتم إقفال الحسابات البنكية بأمر قضائي أو في إطار تحقيقات قانونية، مثل هذه الأوامر قد تصدر لأسباب متعلقة بالاشتباه في تمويل الإرهاب، غسل الأموال، أو غيرها من الأنشطة غير المشروعة.
الأخطاء الإدارية:
في بعض الحالات، قد تقوم البنوك بإقفال حساب بنكي بطريق الخطأ نتيجة للأخطاء الإدارية، مثل هذه الأخطاء قد تشمل سوء فهم لتعليمات العميل أو خطأ في تطبيق سياسات البنك.
التغيرات التنظيمية:
قد يحدث أن تغيرات في التنظيمات المالية أو قوانين البنوك تتطلب إعادة تقييم الحسابات القائمة، في حالات نادرة، قد تؤدي هذه التغيرات إلى إقفال حسابات لا تفي بالمعايير الجديدة.
الفشل في التحقق من الهوية:
البنوك ملزمة بمعرفة عملائها بشكل جيد. إذا فشل العميل في تقديم المستندات المطلوبة للتحقق من هويته أو تحديثها، قد يؤدي ذلك إلى إقفال الحساب البنكي.
المطلب الثاني: تحديات إقفال الحساب البنكي
الفقرة الأولى:إكراهات صادرة من طرف مسؤولي الأبناك
على الرغم من صدور منشور من طرف والي بنك المغرب سنة 2016، بإقفال الحسابات البنكية بمبادرة منها إذا توقف الزبون عن تشغيله لمدة سنة، وإشعاره قبل ذلك بواسطة رسالة مضمونة، إلا أن الأبناك إمتنعت عن تطبيق هذا المنشور، بل كانت سدا منيعا حتى أمام المبادرات الفردية من طرف العميل، حيث أنه كلما جاء زبون من أجل إقفال حسابه البنكي فإنه يواجه صعوبات كبيرة من طرف موظفي البنك، الذين يحاولون بشتى الطرق ثنيه عن ذلك، و في حالات كثيرة يعمدون إلى تصعيب مسطرة إقفال الحساب البنكي
و قد جاء هذا المقتضى في منشور لوالي بنك المغرب يحمل رقم 15/و/16 يعود إلى 18 يوليوز 2016، لكن المصادقة عليه من طرف وزارة الاقتصاد والمالية لم تتم إلا سنة 2019، ولم ينشر في الجريدة الرسمية إلا في عددها 6814 الصادر في شهر شتنبر من نفس السنة أي 2019، وبذلك يكون قد دخل حيز التنفيذ.
ونص المنشور على أن فتح أي حساب يجب أن يكون موضوع اتفاقية مكتوبة بين الزبون والمؤسسة البنكية، وقد أرفق بنك المغرب منشوره بنموذج باللغة العربية يتضمن البنود الدنيا للاتفاقيات المتعلقة بمختلف الحسابات، تحت الطلب والحساب لأجل وحساب للسندات، للأبناك التقليدية والتشاركية والنوافذ أكد بنك المغرب أن هذه الاتفاقية تهدف إلى تأطير كل العمليات المستقبلية التي قد تجمع البنك بالعميل ضمن علاقة تدعى “علاقة حساب” أو ما يترتب عنها، وتوضع نسخة منها مجانية لفائدة الزبون موقعة من جانب الطرفين.
منشور والي بنك المغرب ينص أيضا على أن إقفال الحساب الجاريالمستعمل أكثر من قبل المغاربة، يتم مجاناً في غضون شهر بناءً على طلب الزبون، كما يقفل أيضاً بالوفاة أن انعدام الأهلية أو التسوية أو التصفية القضائية للزبون.
ومن حق الزبون الذي يطلب إقفال الحساب أن يحصل مجاناً على ملخص للعمليات الأوتوماتيكية المعتادة التي سجلت في حسابه طيلة الأشهر الستة الأخيرة، يسلم له داخل أجل أقصاه ثلاثين يوم عمل.
ويؤكد المنشور ضرورة إقفال الحساب المدين بمبادرة من البنك “إذا توقف الزبون عن تشغيل حسابه لمدة سنة ابتداءً من تاريخ آخر عملية دائنة مقيدة به”.
كما يتوجب على البنك في الحالة سالفة الذكر إشعار الزبون المعني، قبل إقفال الحساب، بواسطة رسالة مضمونة في آخر عنوان يكون قد أدلى به للوكالة البنكية.
وفي حالة الوفاة، تُقتطع من الحساب الديون المستحقة للبنك بعد أداء الديون المتعلقة بالمصاريف والمستحقات، ولا يستحق الورثة سوى ما تبقى من التركة.
وإذا كان الأمر يتعلق بالتسوية القضائية، يمكن للبنك اللجوء إلى “السنديك” إذا تبين أن استمرارية اتفاقية الحساب ضرورية طبقاً لأحكام المادة 588 من القانون 15.95.
ويترتب عن إقفال الحساب وجوب الإرجاع الفوري لكل وسيلة للأداء موضوع تحت تصرف العميل من طرف البنك، بما فيها الشيكات غير المستعملة، وكذلك إنهاء كل إشعارات السحب أو تعليمات دائمة بتحويل المعلومات من الزبون إلى وكلائه المحتملين.
وأكد البنك المركزي أن هذا المنشور يهدف لتأطير كل العمليات المستقبلية البنكية، ويتوجب على جميع الأبناك مطابقة اتفاقيات الحسابات البنكية التي تم إبرامها قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ تدريجياً مع مقتضيات المنشور داخل أجل أقصاه سنتين، أي إن أمامها أجل ينتهي في شتنبر من سنة 2021.
ومن شأن تطبيق مقتضيات هذا المنشور أن ينهي معاناة عدد من الزبناء الذين ينقطعون عن استعمال حساباتهم البنكية ويتفاجؤون بأنهم مدينون بمبالغ مالية مهمة لفائدة البنك، كما أن مسطرة إغلاق الحسابات معقدة لدى أغلب المؤسسات البنكية، رغم صدور اجتهادات قضائية من محكمة النقض تشدد على ضرورة إقفال الحساب المتوقف عن التشغيل لمدة.
وبالإضافة إلى إشكالية إقفال الحسابات، ينظم المنشور أيضاً عدداً من الأمور مثل معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي والتسجيلات الهاتفية بين الزبون والبنك في إطار خدمة الزبناء، ناهيك عن معالجة الشكايات والوكالة والتوقيعات.
الفقرة الثانية: إكراهات يجب القيام بها قبل إغلاق الحساب البنكي.
إن البنك يمكنه رفض طلب إغلاق الحساب البنكي في حالة ما إذا لم يقم الزبون بتسوية وضعيته المدينة، التي قد تكون ناتجة عن مصاريف، وعمولات، وفوائد و/أو إذا لم يسدد القروض التي حصل عليها من البنك.
و بالتالب فإن الزبون عليه التأكد من تسوية مبالغ جميع القروض ثم الشيكات المظهرة للحساب موضوع الإغلاق، إذا توصل البنك بشيك بعد إغلاق الحساب، سيقوم برفض أداء المبلغ المسجل في الشيك لأن «الحساب مغلق» مما سيؤدي إلى المنع من استعمال الشيكات.، و على الزبون كذلك إرجاع جميع وسائل الأداء المرتبطة بالحساب البنكي الذي يرغب الزبون في إغلاقه، حيث أن الأخير سيتحمل مسؤولية عدم إرجاعها في حال استعملت بعد إغلاق الحساب. – تسوية وضعية الحساب البنكي إذا كان مدينا على إثر قيام الزبون بعمليات بنكية على أساس الوضعية المحصورة من طرف البنك.
كما أن الزبون عليه إخبار المؤسسات أو الشركات المستفيدة من ترخيص بالاقتطاع أو الآمرين بتحويل دائم على الحساب، بإغلاق الحساب مع موافاتهم برقم التعريف البنكي للحساب الجديد.
و بالتاالي، فكل ما سبق تعتبر أمور يجب على الزبون القيام بها حتى يتفادى مجموعة من المشاكل مستقبلا، و هذه هي أهم الإكراهات الممكن أن تواجه أي راغب في إغلاق حسابه البنكي و بالتالي عليه تفاديها بداية قبل اللجوء إلى إقفال الحساب البنكي.
خاتمـــــــة:
إقفال الحساب البنكي في المغرب هو إجراء قد يبدو بسيطاً في الظاهر، لكنه يتطلب فهماً عميقاً للخطوات والمتطلبات القانونية والمالية. يواجه العملاء تحديات متنوعة تتراوح بين التعقيدات البيروقراطية والالتزامات الغير متوقعة التي قد تظهر بعد الإقفال. لذلك، من المهم الاستعداد جيداً والتعامل بشكل وثيق مع البنك خلال هذه العملية لضمان إنهاء جميع الأمور المالية بكل سلاسة وأمان. من خلال الفهم الدقيق لهذه الإجراءات والتحديات، يمكن للأفراد في المغرب إدارة مواردهم المالية بفعالية أكبر وتجنب المشاكل التي قد تنشأ عند إقفال حساباتهم البنكية.