قرار إداري:إلغاء قرار شفعة بسبب عدم توقيعه من الشخص المخول قانونيا: أهمية تفويض الاختصاص

نقض قرار شفعة لعيب الاختصاص: تفويض الاختصاص يختلف عن تفويض الإمضاء

عالـم القانون25 أغسطس 2024
قرار إداري:إلغاء قرار شفعة بسبب عدم توقيعه من الشخص المخول قانونيا: أهمية تفويض الاختصاص

القرار عدد 186

الصادر بتاريخ 14 فبراير 2019
في الملف الإداري عدد 2017/2/4/2870

 

قرار الشفعة – صدوره عن وزير المالية أو من فوض إليه في ذلك أجل الطعن فيه.

 

عيب الاختصاص – عدم ارتباطه بأجل الطعن القضائي – اختلاف بين تفويض الاختصاص وتفويض الإمضاء – أثره.

إن قرار الشفعة الذي يصدر عن وزير المالية أو من فوض إليه في ذلك لئن كان قرارا إداريا إلا أنه منظم بمقتضى المادتين 143 و 218 من المدونة العامة للضرائب، وبالتالي يخضع في إصداره وآجال الطعن فيه إلى المقتضيات الخاصة الواردة بهذه المدونة والتي لا تتضمن أي مقتضى قانوني يحيل على مقتضيات المادة 23 من القانون 41.90 المحدثة بموجب محاكم إدارية.
من المقرر أن عيب الاختصاص في القرار الإداري يعتبر من العيوب غير المرتبطة بأجل الطعن القضائي، وأن هناك اختلافا كليا بين تفويض الاختصاص وتفويض الإمضاء. وإذا كان المشرع قد أوكل الاختصاص بشأن اتخاذ قرار في موضوع معين إلى شخص بعينه، فإن صحة تفويض هذا الأخير لغيره، يقتضي أن يكون هذا التفويض في الاختصاص وليس التفويض في الإمضاء

نقض وإحالة

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

 

حيث يستفاد من أوراق الملف ومن القرار المطعون فيه بالنقض رقم 5792 الصادر عن، محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 2016/12/06 في الملف عدد 2016/7205/262، أن المدعين (طالبي (النقض تقدموا أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2008/12/26 مقال، عرضوا فيه أنهم اشتروا بموجب عقد توثيقي بتاريخ 2008/06/12 ومسجل لدى مكتب التسجيل بتاريخ 2008/06/13 العقار المسمى “…” ذي الرسم العقاري عدد (…) المكون من أرض فلاحية بقيادة بني عمير جماعة الكريفات دائرة الفقيه بن صالح إقليم بني ملال مساحته 13 هكتار و 91 أر و 87 سنتيار بثمن إجمالي قدره 1.000.000,00 درهم، وبتاريخ 2008/11/03 توصلوا من إدارة الضرائب برسالة تشير إلى وجود نقص في الثمن المصرح به وتدعوهم إلى إجراء اتفاق ودي في إطار مقتضيات المادتين 143 و 218 من المدونة العامة للضرائب بعدما قومت الثمن في مبلغ 26.682.340,00 درهم وطالبتهم بأداء مبلغ 3.057.802,00 درهم داخل أجل 10 أيام تحت طائلة ممارسة الدولة لحق الشفعة على العقار، وأنهم أجابوا عن تلك الرسالة بأنهم صرحوا بالقيمة الحقيقية، ورغم ذلك صدر مقرر بشفعة العقار بتاريخ 2008/12/03، والتمسوا الحكم بإلغاء ذلك القرار مع إبطال جميع آثاره واستعدادهم لأداء الرسوم التكميلية التي تراها المحكمة مناسبة بعد إجراء خبرة، وبعد جواب إدارة الضرائب وإدلاء الطاعنين بمقال إصلاحي رامي إلى اعتبار دعواهم موجهة في إطار القضاء الشامل وطلب إضافي رامي إلى الحكم بإلغاء مقرر الشفعة وبمحو جميع الآثار للمقرر المطعون فيه وبالتشطيب عليها من الرسم العقاري عدد (…)، وإدلاء المتدخلة في الدعوى (ل.ع) بمقال تدخل إرادي وجواب المحافظ على الملاك العقارية الذي تمسك بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة للبت في الطلب، صدر حكم عارض قضى بالعقاد الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية بالدار البيضاء، تم الطعن فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط التي قضت بعدم اختصاصها الوظيفي
للبت في الاستئناف، وبعد إحالة الملف على المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عقب ذلك، وتمام الإجراءات المسطرية، صدر حكم قضى بقبول الطلب الأصلي ومقال التدخل الإرادي في الدعوى وبعدم قبول المقالين الإصلاحي والإضافي مع رفض الطلب، استأنفه الطاعنون أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط التي وبعد المناقشة وتمام الإجراءات المسطرية أصدرت قرارها بتأييد الحكم المستأنف وهو القرار المطعون فيه.

في شأن الوسيلة الفريدة

حيث يعيب الطاعنون القرار المطعون فيه بفساد التعليل وعدم ارتكازه على أساس سليم، ذلك أن عدم الشرعية يمكن أن يندرج تحتها إما دعوى الإلغاء أو دعوى القضاء الشامل أو الجمع بينهما، وأن الطعن المنبني على عدم الشرعية في الأجل المقرر لذلك يخول للطاعن أن يضيف خارج الأجل ما يراه مناسبا لتدعيم انعدام الشرعية في القرار المطعون فيه، وأن العارضين لما تقدموا بالطعن داخل الأجل لإلغاء مقرر الشفعة، وإضافتهم أسباب تندرج تحت غطاء القضاء الشامل، فإن ذلك يصب في إطار بيان العيوب والمثالب التي أدت إلى ممارسة حق الشفعة؛ كما أن الحكم الابتدائي الذي أيدته المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه كان قد صدر بقبول المقال الإضافي حين بته في الدفع المتعلق بعدم الاختصاص المقدم من طرف المحافظ على الأملاك العقارية بالفقيه بنصالح، كما أنه إذا كان الطعن بعدم المشروعية يوجه ضد القرار الإداري، فإن جميع الإجراءات التي كانت السبب في صدوره تكون محط إبداء العيوب التي تشوبها إذا كان بها عيب أو إخلال بحكم أن بطلانها يؤدي إلى بطلان ما نتج عنها، وهو الحال بالنسبة لقرار الشفعة المطعون فيه الذي انبنى على موجبات لم تكن صحيحة ومخالفة للواقع والقانون بحكم أن إدارة الضرائب لم تمارسه في الإطار القانوني الواجب اتباعه، وأن ممارسة حق الشفعة طبقا لمقتضيات الفصل 143 من المدونة العامة للضرائب هو من اختصاص الوزير المكلف بالمالية أو من يفوض له
بذلك، في حين أنه بالاطلاع على قرارات الشفعة المطعون فيها يتضح بأنها موقعة من طرف (أ.ت) وليس من طرف وزير المالية آنذاك (ص.م) فضلا عن كون تلك القرارات لم تكن مرفقة بتفويض لممارسة حق الشفعة، كما أن الرسائل الموجهة من إدارة الضرائب إلى الطاعنين من أجل تسديد واجبات التسجيل التكميلية والصادرة قبل ممارسة الشفعة موقعة من طرف (أ.م) والذي ليس له تفويض بالتوقيع أو ممارسة حق الشفعة، ويجدر التأكيد على أن المادة 143 من المدونة العامة للضرائب أعطت الاختصاص لوزير المالية كأصل وله أن يوكل كاستثناء للغير بعض مهامه كما أن الطاعنين قد سبق لهم أن أثاروا أن مقرر الشفعة لم تحترم بشأنه شروط القبول أجلا وسندا، لقانونيتها، وبيانا المراجع المبيع وثمن التصريح وثمن التفويت وتبليغ المقرر إلى المعني به مع احترام شكليات التبليغ وبيان كيفيته طبقا للمادة 219 من المدونة العامة للضرائب، كما أنهم تمسكوا بعدم تبليغهم مقرر الشفعة وأن تبليغ شركة (…) لم يكن صحيحا حسب محاضر التبليغ والمحاضر الاستدراكية له وأن الإدارة لجأت إلى التصحيح غير أنها لم تستمر في إجراءاته وانتقلت إلى الأخذ بالشفعة دون مبرر إذ لم يثبت لديها امتناع الطاعنين عن أداء الواجبات المفروضة بناء على تقديراتها ولم تدل بما يفيد أنه لم يتأت لها الحصول على ذلك بالطرق المقرر للتحصيل أو بالمراضاة فضلا عن أنهم طالبوا بإجراء خبرة للوقوف على حقيقة لمن التفويت، مما يجعل القرار المطعون فيه غير معلل ومعرضا للنقض.
حيث من جهة أن قرار الشفعة يصدر عن وزير المالية أو من فوض إليه في ذلك لكن كان قرار إداريا، إلا أنه منظم بمقتضى المادتين 143 و 218 من المدونة العامة للضرائب وبالتالي يخضع في إصداره وآجال الطعن فيه إلى المقتضيات الخاصة الواردة بهذه المدونة والتي لا تتضمن أي مقتضى قانوني يحيل على مقتضيات المادة 23 من القانون 41.90 المحدثة بموجب محاكم إدارية وأن القرارات التي يصدرها مدير الضرائب أو من فوض إليه لكن كانت تشكل قرارات إدارية إلا أن المشرع الضريبي. حدد لها اجالا خاصة للطعن فيها حيادا على الضوابط المحددة بالمادة 23 من القانون 41.90 المشار إليه، وبالتالي وفي غياب أي مقتضى يحصر أمد الطعن في قرار الشفعة في أجل 60 يوما من تاريخ تبليغه إلى الملزم فإنه ليس هنالك ما يحول دون تقديم طلبات إضافية أو إصلاحية بعد انصرام الأجل المذكور، هذا فضلا عن أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تبين في قرارها الأساس القانوني الذي يحول دون تقديم طلبات إضافية أو إصلاحية خارج الأجل المذكور سيما وأن هذه الطلبات الإضافية والإصلاحية تروم كلها إلى الحكم بالغاء قرار الشفعة المطعون فيه ولو كان ذلك لأسباب غير السبب الذي بني عليه المقال الأصلي، ومن جهة أخرى فإن عيب الاختصاص في القرار الإداري هو من العيوب غير المرتبطة بأجل الطعن القضائي وأن هناك اختلاف كليا بين تفويض الاختصاص وتفويض الإمضاء وأن المشرع إذا كان قد أوكل الاختصاص بشأن اتخاذ قرار في موضوع معين إلى شخص بعينه فإن تفويض هذا الأخير لغيره هذا الاختصاص يقتضي لكي يصح من المفوض إليه أن يكون هذا التفويض في الاختصاص وليس التفويض في الإمضاء ولما كانت مقتضيات المادة 143 من المدونة العامة للضرائب قد نصت صراحة على أنه: “بصرف النظر عن حق المراقبة المنصوص عليها في المادة 27 أدناه يجوز للوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك أن يمارس لفائدة الدولة حق الشفعة على العقارات والحقوق العينية العقارية التي تكون محل نقل ملكية رضائي بين الأحياء بعوض أو بغير عوض …” ، فإنها تكون قد أوكلت ممارسة حق الشفعة وبالتالي إصدار قرار الشفعة إلى الوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي فوض إليه ذلك، بما يعنيه ذلك من وجوب إصدار القرار من طرف وزير المالية أو من فوض إليه ذلك في إطار تفويض الاختصاص وليس تفويض الإمضاء، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بتأييدها للحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول المقالين الإصلاحي والإضافي شكلا لم تجعل لما قضت به من أساس وعرضت قرارها للنقض من هذه الزاوية، كما أنها لما عللت قرارها بخصوص عيب الاختصاص بما جاءت به من أن العبرة من منطوق عيب الاختصاص تكون بالنسبة للقرار الإداري القابل للطعن في ذاته وليس للإجراءات المعدة له، وأنه في نازلة الحال فمقرر الشفعة موقع من طرف السيد (أ.ت) المدير المكلف بمديرية المراقبة الجبائية، وأنه يتوفر على تفويض التوقيع بموجب القرار عدد 2213.07 الصادر عن وزير المالية بتاريخ 2007/11/16 …”، والحال أن القرار المطعون فيه صدر عن مدير الضرائب وموقع عليه من طرف (أ.ت) المذكور وليس من طرف الوزير المكلف بالمالية حتى يكون لتوقيع السيد (أ.ت) المفوض إليه في التوقيع على قرار الشفعة أثر قانوني مطابقة لإرادة المشرع في ممارسة حق الشفعة من طرف الوزير المكلف بالمالية والمحكمة بعدم مراعاتها لذلك واعتمادها التفويض في الإمضاء دون تفويض الاختصاص تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا وعرضته للنقض لهذه العلة كذلك.

لهذه الأسباب

 

قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.

 

وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الثاني) السيد سعد غزيول برادة رئيسا، والمستشارين السادة أحمد البوزيدي مقروا وسعاد المديني وسلوى الفاسي الفهري ومحمد بوغالب أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد حسن تايب وبمساعدة كاتب الضبط السيد رشيد الزهري.
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق