التعريف العام للقوة القاهـــــــــرة
القوة القاهرة تُعرف بأنها حدث استثنائي وغير متوقع لا يمكن تجنبه، ويحدث خارج عن إرادة الأطراف، مما يجعل تنفيذ الالتزامات التعاقدية مستحيلاً أو غير عملي.
فهي حدث غير متوقع ولا يمكن مقاومته، مثل الكوارث الطبيعية، الذي يمنع تنفيذ الالتزامات التعاقدية. فهم هذا المفهوم يحتاج إلى تمييزه عن الظروف الطارئة الأخرى
في القانون،
تعتبر القوة القاهرة سببًا مشروعًا للإعفاء من المسؤولية عن تنفيذ الالتزامات، حيث يُعترف بأن الطرف المتضرر لا يمكن أن يُحاسب على الإخفاق في الوفاء بالالتزامات المتفق عليها نظرًا لوجود هذا الحدث الطارئ.
في السياق القانوني:
القوة القاهرة تتواجد عادة في القوانين المدنية والتجارية، وتختلف من نظام قانوني إلى آخر. في العقود، يُدرج بند خاص بالقوة القاهرة لتحديد الظروف التي يمكن أن تُعفى فيها الأطراف من تنفيذ التزاماتها. يُعترف بالقوة القاهرة في العديد من القوانين والأنظمة القانونية، مثل القانون المدني الفرنسي والمغربي وغيرهما.
في قانون الإلتزامات و العقود المغربي مثلا:
يعرّف القوة القاهرة في الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود بأنها “كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية الفجائية والفيضانات والجائحات والحروب وغزو الجراد وأسراب النحل والحرائق والمجاعات وما إلى ذلك من الحوادث التي تعجز عن الاحتياط لها، على شرط ألا يكون للطرف المتأثر دور في نشوء هذه الظروف.”
أمثلة تطبيقية للقوة القاهرة في القانون الإداري:
عقود الأشغال العامة:
إذا تعاقدت شركة مع الإدارة لإنشاء جسر، وحدث فيضان مفاجئ أدى إلى تدمير المعدات والمواد المستخدمة في البناء، يمكن أن تُعتبر هذه الحالة قوة قاهرة، مما قد يتيح للشركة طلب تمديد فترة التنفيذ دون فرض عقوبات.
إدارة المرافق العامة:
في حالة إدارة مرفق عام مثل محطة توليد الكهرباء، إذا أدى زلزال إلى تدمير المحطة بالكامل أو جزء كبير منها، قد تعفى الإدارة من مسؤولية تزويد الكهرباء للمناطق المتضررة لحين إعادة تأهيل المحطة.
الإضرابات العامة:
إذا واجهت الإدارة إضرابًا عامًا مفاجئًا شمل جميع موظفي القطاع العام، مما أعاق تنفيذ الخدمات الإدارية أو المشاريع الكبرى، يمكن أن يُعتبر هذا الإضراب قوة قاهرة. وهذا يعني أن الإدارة لن تكون مسؤولة عن التأخير في تقديم الخدمات أو تنفيذ المشاريع خلال فترة الإضراب.
التوريد والامتياز:
في حالة عقد توريد بين إدارة حكومية ومورد لتزويد مواد طبية لمستشفيات حكومية، وإذا حدثت جائحة أدت إلى توقف المصانع عن الإنتاج بسبب فرض الحجر الصحي الشامل، يمكن اعتبار هذا الحدث قوة قاهرة، مما يبرر تأخر أو عدم تسليم المواد في الوقت المحدد.
الآثار القانونية للقوة القاهرة في العقود الإدارية:
الإعفاء من المسؤولية: الطرف المتضرر من القوة القاهرة يُعفى من الالتزامات المتفق عليها دون أن يتعرض للجزاءات القانونية المعتادة.
تمديد آجال التنفيذ: في كثير من الحالات، يترتب على القوة القاهرة تمديد فترة تنفيذ العقد دون فرض غرامات التأخير.
التفاوض لإعادة التوازن المالي للعقد: في بعض العقود الإدارية، إذا تسببت القوة القاهرة في اختلال التوازن المالي للعقد، يمكن للطرف المتضرر التفاوض لإعادة التوازن المالي للعقد.
أهمية مفهوم القوة القاهرة في القانون الإداري:
القوة القاهرة في القانون الإداري تحمي الإدارة والمتعاقدين معها من تحمل مسؤولية الأحداث غير المتوقعة، مما يسمح بتنظيم العلاقات بين الإدارة والأطراف الأخرى بطريقة عادلة ومتوازنة. يساعد هذا المفهوم في تجنب النزاعات القانونية وتوفير الحماية للطرفين من التبعات المالية أو القانونية التي قد تنشأ عن أحداث خارجة عن السيطرة.
أمثلة تطبيقية للقوة القاهرة بشكل عام
الظواهر الطبيعية:
الزلازل:
إذا تعاقدت شركة مقاولات لبناء منشأة معينة، ووقع زلزال مدمر أدى إلى تدمير جزء كبير من المنشأة قيد البناء، فإن الشركة يمكن أن تحتج بالقوة القاهرة لعدم قدرتها على استكمال المشروع في الوقت المحدد.
الأعاصير:
في حال قيام شركة شحن بالتعاقد على نقل بضائع من ميناء إلى آخر، وحدث إعصار قوي أدى إلى غرق السفينة وتدمير البضائع، فإن الشركة يمكن أن تُعفى من المسؤولية بسبب القوة القاهرة.
الحروب والنزاعات المسلحة:
إذا قامت شركة بتوريد مواد غذائية لدولة معينة، ولكن اندلعت حرب في تلك الدولة مما أدى إلى إغلاق الحدود أو تدمير البنية التحتية اللازمة للتوريد، فإن الشركة قد تُعفى من الالتزام بتسليم البضائع بسبب الظروف القهرية.
الأوبئة والجائحات:
جائحة كوفيد-19: