إمكانية الجمع بين الطعن بالنقض وإعادة النظر في القرارات الاستئنافية

إمكانية الجمع بين الطعن بالنقض والطعن بإعادة النظر: نقض قرار استئنافي لتعليل فاسد

عالـم القانون17 ديسمبر 2024
مشهد داخل قاعة محكمة يظهر قاضياً يراجع وثيقة قانونية، مع رموز العدالة مثل الميزان وكتب قانونية مرتبة في الخلفية

القرار عدد 41
الصادر بتاريخ 09 يناير 2018
في الملف المدني عدد 2015/4/1/6986

 

 

شفعة – قرار استثنافي – جواز قابليته للطعن بالنقض والطعن بإعادة النظر في آن واحد.

 

إن القرارات الاستئنافية قد تكون في ذات الوقت قابلة لكل من الطعن بالنقض والطعن بإعادة النظر، ولما كان الطعن بالنقض في قرار استثنافي وصدور قرار برفضه غير مانع من الطعن فيه بإعادة النظر متى توفرت موجباته، فإن المحكمة لما نحت خلاف ذلك، تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

نقض وإحالة

حيث يؤخذ من وثائق الملف، ومن القرار المطعون فيه أن الطاعنين تقدموا لدى المحكمة الابتدائية بابن سليمان بمقال افتتاحي، عرضوا فيه أنهم يملكون على الشياع الدولة المغربية الملك الخاص العقار موضوع الرسم العقاري عدد (…)، وأنه بمقتضى عقد عرفي مؤرخ في 1991/8/22 باعت شريكتهم المذكورة للمطلوبين مجموعة من الأملاك من بينها حقوقها المشاعة في الرسم العقاري أعلاه، وأنهم رغبة في شفعتها أودعوا الثمن والمصاريف لفائدتهما بصندوق المحكمة بعد رفضهما عرضها عليهما، والتمسوا الحكم بالمصادقة على هذا العرض والقول بأنهم مارسوا حق الشفعة وأصبحوا بالتالي يملكون كل حسب حصته الحقوق المشاعة المبيعة في الرسم العقاري عدد (…)، والقول بأن المحافظ على الأملاك العقارية سيسجل هذا الحكم بنفس الرسم العقاري ويشطب على المشترين منه، وأجاب المطلوبان بأن الطاعنين لم يثبتوا أن شركتهم كانت سابقة لشرائهما، ثم أنهم لم يأخذوا بالشفعة في مجموع الحصص، كما أن العرض العيني غير صحيح، وبعد انتهاء الأجوبة والردود، أصدرت المحكمة الابتدائية حكما تحت عدد 94 بتاريخ 1995/02/20 في الملف 93/156 قضي: “بعدم قبول الدعوى”، واستأنفه الطاعنون مصممين على طلبهم، وبعد الأمر بإجراء خبرة أنجزها الخبير (إ.ص) وتبادل المذكرات، أصدرت محكمة الاستئناف قرارا بتاريخ 2002/4/23 في الملف عدد 96/8965 قضى بإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بالمصادقة على العروض العينية لحق الشفعة من طرف المستأنفين للمستأنف عليهما وأنهم اكتسبوا بالتالي ملكية الحقوق المبيعة من طرف الملك الخاص للدولة للمستأنف عليهما (ل.أ) و (أ.م) في الملك ذي الرسم العقاري عدد (…)، وعلى المحافظ على الأملاك العقارية بتمارة تسجيل هذا القرار بالرسم العقاري المذكور وبانتقال ملكية الحقوق المبيعة إلى المستأنفين عوض المشتريين والتشطيب عليهما من ذلك الرسم العقاري”، ونقضته محكمة النقض بمقتضى القرار عدد 3070 الصادر بتاريخ 2003/10/23 في الملف 02/4/1/3680 بعلة: “حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أنه من شروط الأخذ بالشفعة أن يؤدي الشفيع الثمن وتوابعه داخل الأجل القانوني، والثابت من عقد البيع المؤرخ في 1991/8/22 أن الدولة الملك الخاص باعت للمشفوع منه نصيبها في مجموعة من العقارات صفقة وبثمن قدره 333165 درهما، والبين من وصل إبداع الثمن أن الشفيع لم يودع سوى 62998 درهما اعتبرته المحكمة مناسبا لثمن البيع، من غير أن تبين العناصر التي اعتمدتها في تحديد قيمة الشخص موضوع طلب الشفعة، ولما لم تفعل فقد جاء قرارها فاسد التعليل الموازي لانعدامه ومعرضا للنقض”. وبعد الإحالة وتبادل المذكرات، أصدرت محكمة الاستئناف قرارا تحت عدد 1/4112 بتاريخ 2005/12/08 في الملف 04/255، قضى ” بتأييد الحكم المستأنف” وطلب الطاعنون إعادة النظر فيه بمقال مرفوع بتاريخ 2011/5/09 ، عرضوا فيه أن المحكمة مصدرته من جهة حكمت بما لم يطلب منها وأكثر مما طلب إذ لم تتقيد بالنقطة القانونية التي نقض من أجلها القرار الاستئنافي الصادر في الملف 96/8965 حيث كان يتعين أن تقتصر على بيان – وبصفة أكثر وضوحا – العناصر التي يجب اعتمادها في تحديد قيمة الشقص موضوع طلب الشفعة وأحقيتهم في طلبهم ذلك أنهم لا يملكون سوى في الرسم العقاري (…) دون
غيره من باقي الأملاك غير المشاعة التي شملها عقد البيع، وأن المبلغ المودع المحدد في 18700 درهم يعد هو الثمن الحقيقي للحقوق المطلوب استشفاعها باعتبار أن مساحتها 16 هكتارا تقريبا، وأن ثمن الهكتار الواحد حدد قضائيا في مبلغ 1075 درهما بالإضافة إلى باقي المصاريف المتعلقة بالتسجيل والتمبر والتحفيظ، ومن جهة أخرى، فهناك تناقض بين أجزاء الحكم، ذلك أن القرار المطعون فيه تطرق إلى ما عابته محكمة النقض على القرار المنقوض ولم يعمل على الأخذ بعين الاعتبار البت في ذلك المقتضى أي النظر في الخطأ الذي وقع فيه هذا القرار، ذلك أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتضح جليا التناقض الحاصل، وذلك عندما قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بعدم قبول الدعوى، مع أنه جاء في حيثية أولى: “وحيث إن ما تمسك به الطرف المستأنف من كونه غير مالك في باقي العقارات التي تم تفويتها، وبالتالي لا يحق له طلب استشفاعها، فقد أشار إلى ذلك المجلس الأعلى في قراره أعلاه وأخذه بعين الاعتبار”، وهذا يؤكد أحقية الطاعنين في استشفاع ما دون الحقوق المشاعة الخاصة بالرسم العقاري المبين أعلاه، إلا أنه ورد في الحيثية التالية: “حيث يتضح مما ذكر بأن الثمن المودع لا يساوي ثمن الصفقة الحقيقي، وبالتالي فإن إيداع الثمن الموجود بصفة كاملة بل البيع بكامله ينبغي أن يكون داخل الأجل القانوني وهو أجل سنة من تاريخ تقييد عقد البيع، وأنه طالما أن المطلوبين لم يودعوا ثمن الصفقة الحقيقي بصندوق المحكمة داخل الأجل القانوني يكونون قد خالفوا مقتضيات الفصلين 25 و 32 من ظهير 1915/6/02، ويكون الطلب الرامي إلى الشفعة غير مقبول” ، وهكذا من خلال استقراء هذه الحيثية يتضح أنها مخالفة تماما ومتناقضة مع الحيثية السابقة التي يفيد تحليلها أن محكمة النقض أخذت بعدم وجوب استشفاع الطاعنين العقارات الأخرى لعدم ملكيتهم لها، إلا أن القرار المطعون فيه عاد ليقول أنه من الضروري إيداع ثمن عقد البيع بكامله والمصاريف داخل الأجل، والحال أنهم لا يملكون مجمل الشيء المبيع ولا يمكنهم بالتالي استشفاع غير ما يملكون فيه على الشياع والتمسوا العدول عن القرار الاستئنافي والحكم من جديد بقبول الاستئناف وبالمصادقة على العروض العينية والتصريح باكتساب الملكية عن طريق الشفعة وترتيب كل الآثار القانونية، وأرفق المقال بصورة للقرار الاستئنافي عدد 1/4112 المطلوب إعادة النظر فيه ولعقد بيع المدعى فيه ولقرار محكمة النقض عدد 3070، وأجاب المطلوبان بأن القرار المطالب إعادة النظر فيه سبق البت فيه من طرف محكمة النقض برفضه بمقتضى القرار عدد 1239 الصادر بتاريخ 2009/4/08 في الملف 2006/4/1/4451، وبأنه لا يجوز تقديم طلب إعادة النظر أمام محكمة الاستئناف في قرار استثنافي صدر بشأنه قرار عن محكمة النقض يقضي برفض الطلب، وبعد استنفاد أوجه الدفع والدفاع قضت محكمة الاستئناف: “بعدم قبول طلب إعادة النظر”، وهو القرار المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن سبيين أجاب عنه المطلوبان والتمسا رفض الطلب.

في شأن السبب الثاني:

حيث يعيب الطاعنون القرار بنقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أنه اعتمد في تعليله على أن القرار المطعون فيه بإعادة النظر سبق الطعن فيه بالنقض من طرف نفس الأطراف ولنفس الأسباب، مع أن الأسباب المعتمدة في طلب إعادة النظر تتعلق بالتناقض بين أجزاء نفس الحكم وكذا إذا بت القاضي في ما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو إذا أغفل البت في أحد الطلبات وهي حالات منصوص عليها في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية الذي يفتح إمكانية الطعن المذكور أمام المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه متى توافرت شروط ذلك، مما يعني أن هذا الأخير ناقص التعليل الموازي لانعدامه، والمحكمة مصدرته كانت غير صائبة حينما أكدت بأنه لا يجوز طلب إعادة النظر أمام محكمة الاستئناف في قرار استثنافي صدر بشأنه قرار عن المجلس الأعلى يقضي برفض الطلب ما دام أن القرار الاستئنافي المذكور قد حاز بموجبه قوة الشيء المقضي به، وذلك لأنه لا وجود في قانون المسطرة المدنية لمقتضى ينتج عنه أن الطعن بالنقض يمنع الطعن بإعادة النظر ، وأن الفصل 402 وما يليه من فصول منظمة لطلب إعادة النظر بهذا القانون ليس ضمنها ما يقضي بأن هذا الطعن لا يمكن تقديمه بعد الطعن بالنقض، كما أن الفصل 379 من ذات القانون ينص على الحالات التي يجوز فيها الطعن بإعادة النظر أمام محكمة النقض ولم يتطرق لأي مقتضى يمنع تقديم طلب إعادة النظر أمام محكمة الموضوع، وبالتالي فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تصب حينما خلقت قاعدة جديدة وشرعت محل المشرع، مما يوجب نقض القرار.

حيث صح ما عابه الطاعنون في الوسيلة، ذلك أن القرارات الاستثنافية قد تكون في ذات الوقت قابلة لكل من الطعن بالنقض والطعن بإعادة النظر، ولما كان الطعن بالنقض في قرار استثنافي وصدور قرار برفضه غير مانع من الطعن فيه بإعادة النظر متى توفرت موجباته، فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت بعدم قبول طلب إعادة النظر الذي تقدم به الطاعنون ضد القرار الاستئنافي الصادر في الملف عدد 04/255 بعلة: “أنه لا يجوز تقديم طلب إعادة النظر أمام محكمة الاستئناف في قرار استئنافي صدر بشأنه قرار عن المجلس الأعلى يقضي برفض الطلب، ما دام أن القرار الاستئنافي موضوع الطعن قد حاز قوة الشيء المقضي به بموجب قرار المجلس الأعلى أعلاه، الشيء الذي يتعين معه التصريح بعدم قبول طلب إعادة النظر”، ولم تنظر في موضوعه، تكون قد خرقت القاعدة أعلاه، وعللت قرارها تعليلا فاسدا، مما يوجب نقضه

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.

وبهذا صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد حسن منصف رئيسا والمستشارين السادة المصطفى النوري مقررا، وعبد الواحد جمالي الإدريسي ومصطفى نعيم وعبد السلام بنزروع أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد نور الدين الشطبي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة ابتسام الزواغي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق