القرار عدد 894
المؤرخ في 3 دجنبر 2008
الملف الإداري عدد 2006/2/4/2715 و2006/2/4/2840
تعمير – هدم – عدم مشروعية القرار الإداري.
إذا تم تنفيذ القرار الصادر عن العامل بهدم غرفة في السطح، فإن طلب إلغائه يغدو بدون جدوى، ويبقى للمتضرر الحق في إقامة دعوى التعويض عما الحق به من أضرار نتيجة تنفيذ ذلك القرار المنعدم المشروعية بصدور الحكم بالبراءة بناء على شكاية من الإدارة التي قامت بالهدم نفسها. علما أن عيب عدم المشروعية في القرار الإداري إما أن يحكم به مباشرة بإلغاء ذلك القرار أو بطريقة غير مباشرة بطلب التعويض عنه.
في الشكل :
إلغاء الحكم المستأنف جزئيا
باسم جلالة الملك
حيث إن الاستئناف المقدم من طرف الدولة المغربية في شخص الوزير الأول ومن معها المذكورة أسماؤهم بالمقال بتاريخ 2006/08/03 ضد الحكم الصادر عن ا المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 2006/07/04 في الملف 2005/496 قد جاء مستوفيا لجميع الشروط المتطلبة قانونا فهو مقبول شكلا وقد فتح لهذا المقال الملف 2006/2715.
وحيث إن الاستئناف المقدم من طرف عمار (ب) بتاريخ 2006/08/18 ضد الحكم المشار إليه أعلاه وكذا الحكم التمهيدي في نفس الملف جاء هو الآخر مستوفيا لجميع الشروط المطلوبة فهو مقبول شكلا وقد فتح هذا المقال الملف 2006/2840.
وبناء على الفصل 110 من قانون المسطرة تقرر ضم الملفين لوحدة الأطراف والموضوع ولحسن سير العدالة.
في الموضوع :
حيث يستفاد من أوراق الملف، أنه بتاريخ 2000/09/24 تقدم عمار (ب) بمقال عرض فيه أنه يملك العمارة الكائنة بعنوانه بالمقال تحتوي على خمس طوابق إضافة إلى سطح به خزان ماء ومحل خاص بالمصعد ومظلة عارية الجوانب قائمة على أعمدة مؤثثة بأحواض الزهور. وأن هذه المنشآت قائمة منذ 25 سنة حسب الثابت من محضر المشاهدة المنجز بتاريخ 1999/08/25 وأنه فوجئ بصدور حكم غيابي عن ابتدائية مراكش قضى عليه بغرامة من أجل ارتكاب مخالفة بناء غرفة بسطح العمارة على مستوى الطابق السادس بدون ترخيص بعدما تقدم قائد مقاطعة إيسل بشكاية للسيد وكيل الملك، وبعد التعرض على الحكم أعلاه قضت المحكمة الابتدائية ببرائته لعدم وجود أي غرفة بالسطح بناء على محضر المشاهدة المنجز بتاريخ 1999/11/08 غير أنه بتاريخ 1999/09/21 اقتحم القائد وبعض مساعديه مدخل العمارة وكسر باب السطح وأتلف جهاز النظافة وآلية المعهد وهدم سقف المظلة بدون سند ودون إتباع القواعد المنصوص عليها في قانون التعمير الشيء الذي يجعل موظفوا الدولة قد تصرفوا خارج إطار القانون وأن ما قاموا به يشكل خطأ مصلحيا ألحق بالعارض أضرارا مادية ومعنوية. ملتمسا تحميل الدولة المغربية مسؤولية الحادث والحكم له بتعويض مسبق قدره 30.000,00 درهم وإجراء خبرة لتحديد قيمة الأضرار والتعويضات المستحقة مع حفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية، وإجراء خبرة لتحديد قيمة الأضرار والتعويضات المستحقة حفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية وإزالة الأنقاض التي تهدد العمارة بالانهيار وإرجاع ا إلى ما كانت عليه قبل الهدم والإذن له بالقيام بإزالة الأنقاض وإرجاع الحالة النفاذ مع المعجل. وبعد تمام الإجراءات قضت المحكمة برفض الطلب بحكم ألغته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى وأرجعت الملف إلى نفس المحكمة لعدم مناقشة الحكم الجنحي القاضي ببراءة المدعي من بناء غرفة دون ترخيص وكذا القرار الاستثنا في المؤيد له. وبعد إرجاع الملف إلى المحكمة الإدارية بمراكش قضت هذه الأخيرة بإجراء خبرة وبعد تمام الإجراءات قضت على الدولة المغربية في شخص الوزير الأول بأن تؤدي للمدعي تعويضا إجماليا قدره400.60,00 درهم ورفض باقي الطلبات وهو الحكم المستأنف.
في أسباب الاستئناف :
في السببين الأول والثاني في استئناف الدولة المغربية :
حيث تعيب الدولة المغربية ومن معها الحكم المستأنف بخرق الفصل 515 . المسطرة المدنية ذلك أن الدعوى وجهت ضد الوزير الأول ولم توجه ضد الدولة ثم طلب في الأخير الحكم على الدولة وقد سبق للعارضة أن دفعت بذلك إلا أن المحكمة أجابت يكون تقديم الدعوى في مواجهة الوزير الأول ليس من شأنه أن يؤثر على سلامتها باعتبار أن المدعي التمس تحميل الدولة مسؤولية الأضرار ومن جهة أخرى فقد قدمت الدعوى في مواجهة عامل عمالة المنارة ورئيس المجلس البلدي وأن المدعي اكتفى فقط بالإدلاء بصورة من الكتاب الموجه إلى وزير الداخلية رغم أن مقتضيات الميثاق الجماعي كانت سارية المفعول أثناء سريان الدعوى التي توجب عليه مكاتبة العامل من أجل الحصول على الوصل لمقاضاة البلدية وأن المستأنف عليه لم يدل بأية وثيقة تثبت طلبه الإذن من وزير الداخلية مما يستلزم إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى. لكن حيث تبين أن المستأنفة استأنفت فقط الحكم البات ولم تستأنف الحكم التمهيدي القاضي بإجراء خبرة فضلا على أنه سبق أن أحيل الملف على المجلس الأعلى الذي أحاله على نفس المحكمة لمناقشة الموضوع فقط مما تكون معه شكليات الدعوى قد اكتسبت حجية الأمر المقضى به ويكون بالتالي ما أثير عديم الأساس.
في السبب الرابع لأسبقيته :
حيث تعيب الدولة الحكم المستأنف بمجانبته للصواب عندما حملها المسؤولية اعتمادا على حكم قضى ببراءة المستأنف عليه من مخالفة البناء بدون رخصة مستبعدة محاضر المصالح البلدية المثبتة لذلك. علما أن الوالي لم يصدر أمرا بالهدم إلا بعدما أن تثبت له المخالفة وبعدما اتبعت جميع المساطر المتعلقة بالتعمير وأن العارضين قاموا بتنفيذ قرار إداري سليم اكتسب الحجية بعدم الطعن فيه وأن قرار الهدم بني على وقائع ثابتة والحكم بالبراءة ليس معناه أن المستأنف عليه لم يقم بالبناء بدون رخصة خاصة وأن الحكم الجنحي لا ينهض حجة للمطالبة بالتعويض علما أن الأمر بإيقاف الأشغال صدر بتاريخ 1999/06/06 ولم يصدر قرار بالهدم إلا بتاريخ 1999/09/06 مما يستلزم معه إلغاء الحكم المستأنف.
لكن، وخلافا لما جاء في هذا السبب فالمحكمة ركزت قضائها على الحكم القاضي بالبراءة من جنحة بناء غرفة في السطح بدون ترخيص وهو الحكم المستأنف الذي استبعد المحاضر الإدارية وأن هذا الحكم أيدته محكمة الاستئناف بقرارها الصادر في الملف 2001/555 والذي لم يدل المستأنف بما يفيد إلغائه.
وحيث إنه بعد تنفيذ القرار الصادر عن العامل بالهدم فإن طلب إلغائه يغدو بدون جدوى ويبقى للمتضرر الحق في إقامة دعوى التعويض عما ألحق به من أضرار نتيجة تنفيذ ذلك القرار المنعدم المشروعية بصدور الحكم بالبراءة بناء على شكاية من الإدارة التي قامت بالهدم بنفسها. علما أن عيب عدم المشروعية في القرار الإداري إما أن يحكم به مباشرة بإلغاء ذلك القرار أو بطريقة غير مباشرة بطلب التعويض عنه فإذا أغلق الطريق الأول لأي سبب من الأسباب كفوات أجل الطعن فإن هذا لا يمنع القضاء الإداري من استظهار ركن عدم المشروعية عند النظر في طلب التعويض. وبذلك تكون المحكمة قد ألغت القرار الإداري ضمنيا وأصبح غير مشروع خاصة وأنه ليس في الملف ما يفيد تطبيق مقتضيات قانون التعمير علما أن طلب رخصة البناء يمكن للمستأنف عليه أن يطالب بها عن طريق دعوى القضاء الشامل مما يجعل ما أثير عديم الأساس.
في السبب الثالث :
حيث تعيب المستأنفة ومن معها الحكم المستأنف باعتماده على خبرة باطلة. ذلك أن الخبرة أنجزت بتاريخ 2006/02/21 وأن الوكيل القضائي ووزير الداخلية توصلا بالاستدعاء بنفس التاريخ رغم أن مقتضيات الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية توجب استدعاء الأطراف قبل تاريخ الخبرة بخمسة أيام على الأقل وان المحكمة أرجعت الخبرة إلى نفس الخبير إلا أنه لم يقم بذلك.
لكن، وخلافا لما جاء في هذا السبب فإنه تبين من التقرير التكميلي لنفس الخبير أن تاريخ 2006/02/21 هو تاريخ حضور الأطراف لمكتب الخبير وأن تاريخ الخبرة كان يوم2006/03/10 الشيء الذي لم يناقشه المستأنفون مما يجعل ما أثير غير مقبول.
في استئناف المدعي : حيث يعيب المستأنف الحكم المستأنف بنقصان التعليل الموازي لانعدامه وخرق حق الدفاع والقانون الداخلي والخرق الجوهري في إجراءات المسطرة. ذلك أن المسطرة قضت بالتعويض ولم تبت في طلب إرجاع الحالة أو الإذن بإرجاعها وإزالة الأنقاض وتنقية السطح أو الإذن بذلك وكذا الحكم بالنفاذ المعجل بشأن رفع الأضرار. ثم إن المحكمة رفضت باقي الطلبات لعدم الإثبات والحال أن كل تلك الطلبات لا يتأتى إثباتها إلا بعد إجراء خبرة والتي أثبتها العارض بمحضر مشاهدة الذي لم تلتفت إليه معتمدة فقط على محضر الهدم الشيء الذي يجعل التعويض المحكوم به هزيلا ولا يتناسب وقيمة الأضرار التي مني بها مما يشكل خرقا لحق الدفاع وأن المحكمة بعدم مناقشتها لمحضر المشاهدة المأمور به قضائيا خرقت القانون وكذلك إجراءات المسطرة. كما أن المحكمة أهملت محضر المشاهدة الأول المنجز بتاريخ 1999/08/25 الذي يثبت وجود المظلة منذ زمان ملتمسا إلغاء الحكم المستأنف والحكم وفق مقاله الافتتاحي. لكن، وخلافا لما جاء في أسباب الاستئناف فالمحكمة قبل أن تبت في موضوع النزاع أمرت بإجراء خبرة وان الخبير عاين المحل وذكر أن البناء الذي طاله الهدم كان عبارة عن سقف من الخرسانة المسلحة كان محمولا على أعمدة الإسمنت المسلح وتقدر مساحته ب 63 م، وأن الأنقاض لا زالت بالسطح بتاريخ الخبرة مقترحا مبلغ 400.50,00 درهم لإعادة البناء و 10,000,00 درهم لإزالة الأنقاض. لذلك فالمحكمة بنت في جوهر النزاع بعدما توفرت لها العناصر اللازمة لذلك معتمدة بعض الوثائق ومستبعدة أخرى بما لها من سلطة تقديرية في ذلك.
وحيث تبين من وثائق الملف خاصة المقال الافتتاحي أن المدعي التمس الإذن له بإزالة الأنقاض وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وأن المحكمة أغفلت البت في ذلك.
وحيث يتجلى مما ذكر أعلاه خاصة الحكم بالبراءة من مخالفة البناء بدون رخصة لذلك يتعين الحكم بإعطائه الإذن بإزالة الأنقاض لما تشكله من خطر على العمارة ككل. مما يستلزم معه إلغاء الحكم جزئيا بشأنهما والحكم وفقهما.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بضم الملف 2006/2/4/2840 إلى الملف 2006/2/4/2715 وقبول الاستئنافين.
وموضوعا بإلغاء الحكم المستأنف جزئيا فيما قضى به من رفض طلب إزالة الأنقاض والحكم من جديد بإزالتها.
الرئيس : السيد بوشعيب البوعمري – المقرر : السيدة عائشة بن الراضي – المحامي العام : السيد سابق الشرقاوي.