أصدرت محكمة النقض قرارا مهما (عدد: 1/828 بتاريخ 10 يونيو 2015، ملف جنحي عدد 2015/4230) وضعت من خلاله قاعدة قضائية بارزة بخصوص قيمة التسجيلات الهاتفية التي ينجزها الأفراد ودورها في الإثبات الجنائي.
أولا: التسجيلات الهاتفية وأحكام المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية
أكدت محكمة النقض أن تسجيل المكالمات الهاتفية من طرف الأفراد لا يخضع للمقتضيات الصارمة المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تنظم التنصت القانوني وتربطه حصرا بسلطات البحث والتحقيق.
وبالتالي، إذا قام شخص بتسجيل مكالمة هاتفية ليبرهن على تعرضه لتهديد أو ابتزاز أو أي جريمة أخرى، فإن هذا التسجيل لا يعتبر باطلا لمجرد أنه لم يتم وفق إجراءات المادة 108.
ثانيا: التسجيلات كوسيلة إثبات
اعتبرت المحكمة أن هذه التسجيلات، شأنها شأن أي وسيلة أخرى من وسائل الإثبات، تخضع لتقدير القاضي الجنائي. أي أن القاضي يبقى حرا في تقدير قيمتها الإثباتية بحسب ظروف النازلة ومدى انسجامها مع باقي الأدلة.
ثالثا: ضمانات حقوق الدفاع
القرار أبرز أيضا قاعدة أساسية في المحاكمة العادلة: إذا قررت المحكمة أثناء سير المحاكمة إعادة تكييف الأفعال المنسوبة للمتهم، فإنها ملزمة بإشعاره بالتكييف الجديد ومنحه مهلة لإعداد دفاعه. عدم القيام بذلك يعد إخلالا بحقوق الدفاع يمكن أن يؤدي إلى بطلان الحكم.
هذا القرار يجمع بين بعدين أساسيين:
• مرونة الإثبات الجنائي من خلال الاعتراف بقيمة التسجيلات التي ينجزها الأفراد.
• تشديد على حقوق الدفاع عبر إلزام المحكمة بتمكين المتهم من مواجهة أي تكييف جديد للتهم.