مقدمة
تعد مادة قانون الشغل من بين أهم المواد التي تدرس بكليات الحقوق بالمغرب، وتأتي هذه الأهمية من كونه موجه لحماية مصالح الفئة الشغيلة التي تمثل أكبر نسبة من السكان، وذلك عن طريق منحها مجموعة من الحقوق التي تتيح لها العيش الكريم، كما أن المشرع يهدف من خلال قواعد هذا القانون تحقيق نوع من التوازن الاجتماعي بين أطراف علاقة الشغل من جهة، وتوفير أرضية للعمل خالية من الصراعات والنزاعات من جهة أخرى.
المشرع المغربي اعتمد مصطلح قانون الشغل ، قانون رقم 65-99 الذي صدر بظهير شريف رقم 1-3-194 بتاريخ 14 رجب 1424 هجرية 11 سبتمبر 2003 ،ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 8 ديسمبر 2003 ودخل حيز التطبيق في 8 يونيو 2004 .المشرع المغربي اعتمد مصطلح قانون الشغل ، قانون رقم 65-99 الذي صدر بظهير شريف رقم 1-3-194 بتاريخ 14 رجب 1424 ه 11 سبتمبر 2003 ،ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 8 ديسمبر 2003 ودخل حيز التطبيق في 8 يونيو 2004.
وقد تم تجميع النصوص المتعلقة بالشغل في مدونة الشغل استجابة للخطابات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وسدد خطاه عندما قال : ”…إننا نحث الحكومة والبرلمان على الإسراع بإقرار مدونة شغل عصرية تشجع على الاستثمار والتشغيل ، كما أننا ندعو كافة الشركاء الاجتماعيين إلى إقامة سلم اجتماعي ،الذي يعد من مقومات الثقة في الاستثمار وحفزه ….“
إذن مدونة الشغل الحالية هي تجميع لمختلف القواعد القانونية المتعلقة بمجال الشغل كان أغلبها موجودا يرجع إلى عهد الحماية ،غير أنها كانت مشتتة ومبعثرة .
ونظرا لخصوصيات هذه المادة وتعدد موضوعاتها فإن دراستها في فصل واحد أمر صعب، لذا سنحاول أن نركز في دراستنا هذه على الموضوعات التي تثير مشاكل عملية.
ونبدأ بفصل تمهيدي سنعرض فيه بعد تعريفه لنشأة قانون الشغل وتطوره وطنيا ودوليا مع ذكر خصائصه.
الفصل التمهيدي: نشأة و تطور قانون الشغل بالمغرب
قانون الشغل كما عرفه بعض الفقه هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الفردية والجماعية التي تنشأ بين المشغلين الخصوصيين ومن في حكمهم، وبين الأجراء الذين يعملون تحت إشرافهم وتوجيههم وذلك نظير أجر.
من خلال هذا التعريف يتبين أن قواعد قانون الشغل لا تنظم فقط علاقات الشغل الفردية بل تنظم أيضا علاقات الشغل الجماعية
وقد نشأ قانون الشغل بمجيء الديانات السماوية وخاصة الإسلام ، الذي نظم علاقات العمل ، وعليه فقد حث ديننا الحنيف على العمل لأنه عبادة ،مصداقا لقوله تعالى ”وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُوَالْمُؤْمِنُونَ” سورة التوبة الآية 105.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ” وهذا دليل على أن دين الإسلام لا يحث الإنسان على العمل فقط وإنما يحث أيضا العامل على إخلاص النية في العمل، وفي المقابل يحث المؤاجر على أداء الأجر وهو ما يتبين من قوله صلى الله عليه وسلم “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه “.
ثم جاء بعد ذلك حدث مهم ساهم إلى حد كبير في تقنين علاقات الشغل بين الأجير والمؤاجر ويتعلق الأمر بالثورة الصناعية الفرنسية لسنة 1789 م،والتي قامت بسبب علاقات العمل التي كان يطبعها التعسف والاستغلال البرجوازي لصفوف الطبقة البروليتارية العاملة، وذلك في غياب مبادئ قانونية وغياب أيضا قواعد تنظم علاقة العامل برب العمل، وعليه فقد كانت قوة العمل مجرد سلعة يتحكم في تسويقها النبلاء.
وهكذا ظلت علاقة الشغل بين العامل ورب العمل إلى أن جاءت الثورة الفرنسية فألغت هذه الأنظمة استنادا إلى مبدأ الحرية، ليبدأ بذلك عهد آخر جديد ألا وهو العهد الليبرالي، هذا العهد الذي عرفت خلاله علاقة الشغل مرحلتين مهمتين الأولى تتمثل في الحرية المطلقةوالثانية مرحلة تدخل الدولة.
مرحلة الحرية المطلقة:
خلال هذه المرحلة تميزت علاقة الشغل بين العامل ورب العمل بالحرية وأن الدولة لم يكن لها حق التدخل لتنظيم هذه العلاقة على اعتبار أن علاقة الشغل هي مسألة خاضعة لإرادة الأطراف، غير أن طبيعة هذه العلاقة أثرت سلبا على طبقة العمال بمختلف شرائحها فأصبحوا يعيشون وضعية مزرية نظرا لطول ساعات العمل التي كانت تصل إلى 16 ساعة وأيضا ضعف الأجور بالإضافة إلى تجمعات البؤساء السكنية …
ذلك أن الحرية التي طبعت علاقة الشغل هي في الواقع ليست حرية العامل، وإنما هي حرية رب العمل الذي يمتلك وسائل الإنتاج، وعليه فقد كان رب العمل يفرض على العامل الشروط التي تناسبه وتزيد من ربح مؤسسته، وأن هذا الأخير كان مضطرا للقبول بتلك الشروط ما دام انه لا يمتلك وسائل الإنتاج.
إذن كل ذلك خلق لدى العمال الشعور والإحساس بالظلم والاستغلال مما دفع بالعمال إلى التكتل في تجمعات ونقابات للمطالبة بمجموعة من المطالب من بينها بتحديد ساعات العمل والزيادة في الأجور …
مرحلة تدخل الدولة:
جاء تدخل الدولة نتيجة تزايد التصنيع وتزايد العمال وتكتلهم في المدن ، فبرزت في المجتمع طبقة مضطهدة بئيسة سميت بالبروليتاريا تمثلها الطبقة العمالية ، وطبقة برجوازية يمثلها أرباب العمل.
ونظرا للظروف المهنية والاجتماعية للعمال أنشئوا تجمعات طالبوا من خلالها بتحسين أوضاعهم ، لتظهر بعد ذلك منظمات نقابية سرية تم الاعتراف القانوني بها فيما بعد لتصبح مؤسسات لازمة للمجتمع الرأسمالي .
هذه المنظمات قدمت مجموعة من المطالب لأرباب العمل تهدف من خلالها لتحسين ظروف العمل، كما طالبت الدولة بالتدخل التشريعي لضمان حماية اجتماعية للعمال، إلا أن هذه المطالب لم تتم الاستجابة لها طبعا إلا بعد الخوض في الإضرابات و الضغوط السياسية التي مارستها هذه المنظمات إما بشكل مباشرة أو من خلال الأحزاب السياسية .
كل ذلك أدى إلى ضرورة تدخل الدولة على الأقل للتخفيف من بعض المظاهر المقلقة والمهددة للأمن والاستقرار الاقتصادي والسياسي باعتبارها الشرط الأساسي لتوسع النظام الرأسمالي، لتتكون بعد ذلك منظمات نقابية دولية وحدت النضال العمالي مثل الفدرالية النقابة العالمية وغيرها…
بعد ذلك ستظهر منظمة العمل الدولية التي تدافع عن حقوق العمال و تحث الدول على المزيد من تدخلها التشريعي والسياسي لتطوير قانون الشغل وضمان فعاليته.
وإذا كان مجال نشوء وتطور قانون الشغل هو أوربا فإن انتقال الرأسمالية إلى مرحلتها الامبريالية قد أدى إلى تصدير هذا النمط الإنتاجي إلى دول المغرب العربي من خلال الاستعمار الذي طال هذه الدول، ومن بينها المغرب، الذي دخل عهد الحماية الفرنسية سنة 1912 م .
فبرزت بذلك علاقات الشغل بشكلها الحديث، ليعرف المجتمع صدور مجموعة من القوانين، حيث صدر قانون الالتزامات والعقود سنة 1913م والذي اهتم في أحد أبوابه بتنظيم عقد الشغل ليدخل بذلك المغرب في مرحلة التشريع الوضعي.
وفي سنة 1926 وبسبب بعض التحركات المطلبية من بعض التعاضديات والجمعيات المهنية للعمال الفرنسيين أصدرت سلطات الحماية ظهيرين يتعلق الأول بتنظيم أداء الأجور، وأما الثاني فيمكن اعتباره نظام شامل للشغل تضمنت قواعده:
- تحديد مدة العمل اليومية في 10 ساعات
- تحريم تشغيل النساء والأحداث ليلا وفي باطن الأرض
- تحديد السن الأدنى للتشغيل في 12 سنة
- تعيين مدة استراحة للحامل
- تحديد شروط السلامة والصحة في المؤسسات
- رافق ظهير 1926 م بتنظيمه هذا وضع نواة لجهاز تفتيش الشغل تمثل في إنشاء مصلحة الشغل، كما أنشأ لجنة استشارية للشغل عهد إليها بدراسة القضايا والمشاريع التي تحيلها عليها الحكومة.
- وفي سنة 1927 صدر ظهير يتعلق بنظام حوادث الشغل.
- وفي سنة 1931 صدر ظهير يتعلق بشأن الراحة الأسبوعية.
- وفي سنة 1934 صدر ظهير يتعلق بشأن الهجرة العمالية إلى المغرب.
- وفي سنة 1936 ونظرا لتوسع القطاع الصناعي بالمغرب وتزايد اليد العاملة ،عرف التشريع الاجتماعي تطورا مهما صدرت خلاله مجموعة من النصوص التشريعية ومن بينها:
- – تقليص مدة العمل اليومية إلى 8 ساعات.
- – تحديد الحد الأدنى للأجور في القطاع الصناعي والتجاري والمهن الحرة.
وبعد الحرب العالمية الثانية انطلقت سلسلة من التشريعات،فصدرت قوانين تنظم مجالات أخرى جديدة، وأخرى عدلت النصوص القديمة كظهير 2 يوليوز 1947 معدل لظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بنظام العمل.
- إلا أنه وبعد حصول المغرب على الاستقلال اهتم المشرع بالجانب الاجتماعي للعمال، فصدرت مجموعة من الظهائر من بينها:
- ظهير 16 يوليوز 1957 المتعلق بشأن النقابات المهنية.
- ظهير 31 دجنبر 1959 المتعلق بشأن نظام الضمان الاجتماعي والذي عوض بظهير 27 يوليوز 1972.
- ظهير 24 أبريل 1973 المتعلق بتنظيم الشغل في القطاع الفلاحي.
- وغيرها من الظهائر التي هدفت في مجملها إلى توفير أكبر قدر من الحماية للعامل.
- إلى أن جاءت مدونة الشغل لتجمع شتات النصوص التشريعية الاجتماعية بصدور القانون رقم 99 – 65 متضمنة سبعة كتب وهي:
- – الكتاب الأول: الاتفاقيات المتعلقة بالشغل
- – الكتاب الثاني: شروط الشغل وأجر الأجير
- – الكتاب الثالث: النقابات المهنية ومندوبو الأجراء ولجنة المقاولة والممثلون النقابيون داخل المقاولة
- – الكتاب الرابع: الوساطة في الاستخدام وتشغيل الأجراء
- – الكتاب الخامس: أجهزة المراقبة
- – الكتاب السادس: تسوية نزاعات الشغل الجماعية
- – الكتاب السابع: مقتضيات ختامية
ثانيا: مصـــــــادر قانون الشغل
أهم ما يتميز به قانون الشغل عن باقي القوانين الأخرى هو مصادره المتميزة ، فهو يستقي قواعده من مصادر متنوعة منها ما هو داخلي وطني ومنها ما هو خارجي دولي.
1- المصادر الداخلية لقانون الشغل :
مصادر قانون الشغل الداخلية أو الوطنية هي إما مصادر عامة أو مصادر خاصة:
المصادر العامة :
بالنسبة للمصادر العامة نجد الدستور، التشريع العادي والفرعي، القضاء والفقه.
الدستور:
يعتبر من بين مصادر قانون الشغل، فالدستور ينص على مجموعة من الحقوق الفردية والجماعية ومن بينها أن الشغل حق لجميع المواطنين وهو ما نص عليه في الفصل 31 من الدستور، وأن حق الاضراب مضمون حسب الفصل 29 من الدستور، وأيضا الانتماء النقابي …
التشريع العادي:
التشريع العادي هو مصدر مهم لقانون الشغل فهو ينظم بواسطة نصوصه كل ما يتعلق بعلاقات الشغل، غير أن هذه النصوص لا تتواجد في قانون الشغل وحده وإنما توجد في قوانين أخرى كقانون الالتزامات والعقود والمسطرة المدنية والقانون الجنائي …
التشريع الفرعي:
وهي نصوص تنظيمية توضح لنا بعض المسائل الواردة في التشريع العادي، فقد نجد مثلا قانون الشغل -التشريع العادي – ينص في المادة 217 على أنه يمنع على المشغلين تشغيل الأجراء أيام الأعياد وأيام العطل، غير أن المادة لم تحدد بالضبط هذه العطل والأعياد، بل إن تحديدها جاء في المرسوم رقم 2.04.426 الصادر سنة 2004 .
القضاء:
يلعب القضاء كمصدر تفسيري للقانون دورا مهما في الميدان الاجتماعي، فهو ينظر في النزاعات المترتبة عن هذا النوع من النزاعات، وهو قضاء متخصص يميل إلى حماية الأجير، وان تفسيره للقوانين وشرحها للتوصل إلى فهم قصد المشرع يدفع بالمشرع أحيانا إلى تكريس اجتهادات محكمة النقض لتصبح مصدرا من مصادر قانون الشغل .
المصادر الخاصة :
إلى جانب المصادر العامة هناك مصادر خاصة لها علاقة بالمحيط المهني كالأعراف المهنية، الأنظمة الداخلية للمؤسسات والاتفاقيات الجماعية.
الأعراف المهنية :
هي مجموعة من القواعد التي تعارف عليها واعتاد على اتباعها الاجراء والمشغلين في الأوساط المهنية ،وقد لعبت دورا كبيرا في تنظيم علاقات الشغل، ونظرا لأهمية العرف في سد الثغرات القانونية فإن المشرع يحيل عليه في بعض مواد قانون الشغل كالمادة 11 التي تنص على أنه ” لا تحول أحكام هذا القانون دون تطبيق مقتضيات الأنظمة الأساسية ،أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية ،أو النظام الداخلي ،أو ما جرى عليه العرف من أحكام أكثر فائدة للأجراء “.
وكذلك المادة 43 من مدونة الشغل التي تنص على أنه ” …ينظم أجل الاخطار ومدته بمقتضى النصوص التشريعية ،أو اتفاقية الشغل الجماعية ،أو النظام الداخلي ،أو العرف …” .
النظام الداخلي للمؤسسة :
يتضمن النظام الداخلي مجموعة من القواعد العامة الدائمة لتنظيم ظروف العمل داخل المؤسسة وضمان حسن سيرها، ويضع النظام الداخلي رئيس المؤسسة إما بصفة انفرادية أو بعد استشارة ممثلي الأجراء، وسنرى تفصيل ذلك في حينه.
اتفاقيات الشغل الجماعية :
هذه الاتفاقيات هي عبارة عن اتفاق أو عقد يبرم بين ممثلي منظمة نقابية للأجراء الأكثر تمثيلا ، أو عدة منظمات نقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، أو اتحاداتها ،من جهة ،وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية، أو ممثلي منظمة مهنية للمشغلين أو عدة منظمات مهنية للمشغلين من جهة أخرى .
تحدد ضمن هذه الاتفاقيات شروط العمل الواجب تطبيقه على جميع الأجراء وأرباب العمل المشاركين في هذه الاتفاقية ، وهي تشكل الوسيلة المثلى لضمان فعالية هذا القانون وتطويره، إذ يكتفي القانون بوضع الحد الأدنى ويترك المجال متسعا لتنميته عن طريق هذه الاتفاقيات الجماعية.
ثانيا- المصادر الدولية
تتمثل المصادر الدولية لقانون الشغل في الإعلانات والمواثيق الدولية ، وأيضا المعاهدات الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية ،إضافة إلى الاتفاقياتالدولية والثنائية الأطراف .
فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948م، يحدد الحقوق الأساسية التي يتعين حمايتها عالميا ومن ضمنها حقوق العامل ، ثم الميثاق الأوربي لحقوق الإنسان لسنة 1950م، والذي يهدف إلى حماية حقوق الانسان والحريات الأساسية في أوروبا وقد تضمن بدوره مجوعة من الحقوق العمالية ،إضافة إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان سنة 1958 وغيرها من المواثيق.
كذلك نجد العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والسياسية الصادرين سنة 1966م ، تضمن الأول التأكيد على حق الشغل وتحريم السخرة، والحق في الأجر العادل و الحق النقابي….ونص الثاني على ضرورة اعتراف الدول الأطراف في المعاهدة بالحق في العمل مع اتخاذها التدابير الكافية لصون هذا الحق.
ثم هناك الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان المبرمة مع الأمم المتحدة كالتصريح العالمي لحقوق الطفل الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1959م ، والاتفاقيات الخاصة بإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة المصادق عليها سنة 1979 م .
إضافة إلى المعاهدات التي أبرمت مع منظمة العمل الدولية والتي تأتي بعد الأمم المتحدة من حيث الأهمية، وتعتبر هذه المنظمة خلاصة تطور وتراكم النضالات النقابية ومجهودات المفكرين والمهتمين بقضايا العمال.
وهي تشكل اليوم إطارا دوليا للعمل، من أجل إقرار وتنمية الحماية الاجتماعية للأجراء، كمعاهدات جنيف 16 يونيو 2011 المتعلقة بتدابير حماية عاملات المنازل، ، ثم هناك كذلك الاتفاقيات المبرمة مع منظمة العمل العربية التي أنشئت بدعوة من العراق سنة 1965 وقد استلهمت مبادئها ووظائفها من منظمة العمل الدولية إلا أنها لم تصل إلى مصداقيتها وفعاليتها بفعل ضعف دعم الأنظمة العربية لهذه المنظمة.
ثالثا : خصائص قواعد قانون الشغل
تتميز قواعد قانون الشغل بمجوعة من الخصائص من بينها :
الصبغة الآمرة :
أي أن قواعده تتصف بالصبغة الامرة ،فهي من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها إلا إذا كانت المخالفة في مصلحة الأجير، كما أنها قواعد تضمن الحد الأدنى من الحقوق الممنوحة للعمال، وهو ما نلمسه من خلال القواعد المنظمة لعقد الشغل مثلا فهو عقد ملزم للجانبين ،وعليه لا يمكن لأي من طرفي العقد أن ينفرد بتعديل هذا العقد أو بإنهائه .
كما أنه يتضمن الجزاءات الزجرية، لذلك نلاحظ أن غالبية قواعد قانون الشغل تختتم بعقوبات زجرية في حالة مخالفتها، وكمثال على ذلك نجد المشرع ينص في المادة 12 من ق.ش على أنه ط يعاقب المشغل عن مخالفة أحكام المادة 9 أعلاه بغرامة من 15.000 إلى 30.000 درهم.
وفي حالة العود تضاعف الغرامة المذكورة أعلاه …”.
كما ينص في المادة 31 من ق.ش على أنه ” يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم عن الأفعال التالية :
عدم مسك السجل المنصوص عليه في المادة 26 ….
عدم تسليم وصل عن الكفالة المنصوص عليه في المادة 26 .
عدم مراعاة الأجل والشروط المنصوص عليها في المادة 26 …
عدم وجود شهادة الإيداع المنصوص عليها في المادة 28 …
حجز النقود أو السندات ، التي تم تسلمها على سبيل الكفالة ….”
التطــــور :
أي أن قواعده سريعة التطور ودائمة التجديد بحكم حيويتها وارتباطها بالواقع الاجتماعي المتطور، لذلك كان من الضروري مواكبة هذه القواعد للتطورات التي يشهدها المجتمع .
الطابع الحمائي:
أي أن قواعده تتميز كونها تسعى دائما إلى توفر الحماية للأجير كونه يمثل الطرف الضعيف في علاقة الشغل.
الطابع التوسعي:
أي أن قواعد قانون الشغل هي دائمة التوسع ، بحيث أنها اهتمت في البداية بالعمال في المجال الصناعي لتشمل اليوم العمال في شتى المجالات سواء في المجال التجاري أو الفلاحي أو المهن الحرة و حتى عمال المنازل وغيرهم …