محاضرات في مادة علم الإجرام(المحاضرة الثانية)

عالـم القانون3 ديسمبر 2021
محاضرات في مادة علم الإجرام(المحاضرة الثانية)

ثالثا: مفهوم ونطاق علم الإجرام.
يكتنف علم الإجرام غموض شديد حول تحديد ماهيته، وقد يرجع ذلك إلى حداثة هذا العلم واتساع نطاقه وكذا تعدد موضوعاته، وإلى اتصاله بعلوم أخرى متنوعة يكون محل اهتمامها السلوك الإجرامي أيضا. كل هذا خلق شكلا من أشكال الاضطراب في مجال تعريف هذا العلم وتحديد نطاقه بين اتجاهين:
الاتجاه الموسع لنطاق علم الإجرام.
بعض علماء الاجرام اتجه إلى القول بأن تفسير الظاهرة الاجرامية لا يتحقق إلا بالاهتمام بفكرة الانحراف والسلوك الاجتماعي أو المضاد للمجتمع سواء شكل هذا السلوك جريمة وفقا للمفهوم القانوني لهذه الأخيرة أم لا. بمعنى توسعة مجال البحث في علم الإجرام لا ليشمل الجريمة بالمعنى القانوني الضيق فحسب ولكن ليشمل السلوك المنحرف في المجتمع ككل.
وعلى هذا عرف هذا الاتجاه علم الإجرام بكونه: العلم الذي يهتم بدراسته السلوك اللاجتماعي للإنسان بغية الوقوف على أسبابه وسبل علاجه.
ويلاحظ على هذا التعريف على أنه غامض وغير محدد ينطوي على تعريف واسع لمضمون علم الإجرام ويخلط بينه وبين علوم أخرى. وفي رأينا أن هذا التوسع في تعريف علم الإجرام أمر لا مبرر له حيث أن ذلك يؤدي إلى إدخال علوم أخرى تحت طيات هذا النوع من العلوم. مما يجعل من الظاهرة الإجرامية فكرة متشعبة لا تمكن باحثيها من التوصل إلى نتائج محددة.
الاتجاه المضيق لنطاق علم الإجرام.
يربط هذا الاتجاه علم الإجرام بالسلوك الإجرامي دون الانحراف بالمعنى الشامل أو السلوك اللاجتماعي المناهض لقيم وعادات المجتمع. وداخل هذا الاتجاه الضيق اختلف العلماء حول تحديد نطاق مهمة علم الإجرام بين فريقين:
الفريق الأول: الفريق الموسع لنطاق الإجرام
علم الإجرام ينطوي على شقين كبيرين يوصل أحدهما إلى الآخر:
الأول: شق سببي، يعني أن علم الإجرام هو علم من العلوم السببية الذي ينصرف إلى تحديد أسباب وعوامل الجريمة والظاهرة الإجرامية بحسبانها ظاهرة اجتماعية حتمية في حياة المجتمع وظاهرة احتمالية في حياة الفرد.
أما الشق الثاني: فهو الشق الوقائي والعلاجي أي دراسة الوسائل العلمية بهدف تحديد طرق وسبل الوقاية والمكافحة للجريمة من أجل الحد من الظاهرة الإجرامية، الأمر الذي قد يمد هذا العلم نحو ضرورة الإلمام ببعض المشكلات الاجتماعية المتصلة بالجريمة كإدمان العقاقير وأثر وسائل التكنولوجيا الحديثة على المجتمع والبطالة وعيوب النظام التعليمي. من أجل طرح السبل الكفيلة للحد من تلك المشكلات ومن ثم الحد من الظاهرة الإجرامية.
إذن علم الإجرام حسب هذا الاتجاه يهتم بشق تفسير الظاهرة الإجرامية، وبشق الوقاية والعلاج والمكافحة.
الفريق الثاني: المضيق لنطاق علم الإجرام.
أغلب علماء الجريمة –خاصة ممن يتبنون المفهوم القانوني في تعريف الجريمة، يقف بهذا العلم عند الشق الأول المتصل بتفسير الظاهرة الإجرامية، بمعنى قصر نطاق هذا العلم وهدفه على تحديد أسباب الظاهرة الإجرامية ودراسة بعض أنماطها دون أن يمتد الأمر إلى دراسته سبل مواجهتها، على اعتبار أن هذه رسالة يضطلع بها أفرع قانونية واجتماعية أخرى، كعلم السياسة الجنائية وعلم العقاب وعلم الوقاية العامة من الجريمة.
وهكذا يمكن أن نستخلص تعريفا مختصرا لهذا العلم: فرع من العلوم الذي يبحث في الجريمة باعتبارها ظاهرة في حياة المجتمع وحياة الفرد من أجل الكشف عن أسبابها وتحديد العوامل المهيأة والدافعة لها.
وإذا كان علم الإجرام يظهر بالتالي كعلم أسباب الظاهرة الإجرامية فإن هذا العلم يقسم إلى قسمين أو شقين:
علم الإجرام العام:يختص بدراسة علاقات السببية العامة التي تربط بين وقائع وظروف معينة وحجم وشكل الظاهرة الإجرامية. كدراسة الرابط بين عامل الفقر والمرض أو البطالة أو المهنة وبين السلوك الإجرامي لدى من توافر لديهم هذا العامل. ومن تم تحديد نسبة الاحتمال الذي يتوافر لعامل معين في الدفع إلى سلوك سبيل الجريمة أو الميل إلى نمط إجرامي معين.
علم الإجرام التطبيقي أو الكلينيكي: ينظر إلى الجريمة بحسبانها ظاهرة فردية تتنوع أسبابها وعواملها حسب كل حالة تحت الملاحظة.
ولعل مرجع قصور الدراسات الإجرامية هو تركيزها على فكرة العوامل في علم الإجرام العام، في حين أن الأوفق علميا هو البحث في العوامل الإجرامية التي تقف وراء كل نمط إجرامي معين (العلم الإجرامي التطبيقي)، فالتقدم في علم الطب لم يحدث إلا حينما انصرف العلماء عن دراسة أسباب المرض كظاهرة والتعمق في دراسة أسباب الأمراض على تنوعها. ويتوجب إذن للنهوض بالدراسات الإجرامية التعمق في دراسات علم الإجرام الفردي والأنماط الإجرامية. وحتى تلك اللحظة تسير الدراسة في إطار علم الإجرام العام الذي لا يتصل بجريمة بعينها أو بمجرم بعينه مما قد لا يمكن –وهو بالفعل لا يمكن- من استخلاص نظرية إجرامية واحدة تصلح لتفسير الظاهرة الإجرامية أو تحديد أهمية بعض العوامل الإجرامية.
لذا فمن الضروري أن تأخذ دراسات علم الإجرام منحى خاص يتركز على بعض أنماط السلوك الإجرامي وبعض أنماط المجرمين من أجل تحديد الملامح التي تستقل بها طائفة جرائم ونوعية مجرمين معينين. وهذا المنحى الخاص بالدراسات الإجرامية يمكننا من جعل تلك الأخيرة تخدم البيئة الوطنية وذلك من خلال تسليط الأضواء على ما يلمسه المجتمع ويستشري من أنماط إجرامية خاصة كالقتل والسرقة والجرائم الجنسية والإجرام المذهبي، أو طوائف خاصة من المجرمين كالمجرمين العائدين والمجرمين المحترفين والمجرمين بالمصادفة.
غير أن السؤال الذي يثور في هذا المجال ذو شقين:
الشق الأول: هل نحصر البحث في أسباب الظاهرة الإجرامية في مجال الجرائم الخلقية دون الجرائم المصطنعة أم أن البحث يجب أن يشمل المجالين معا؟.
الجرائم من حيث صلتها بالأخلاق قسمها “جارو فالو” إلى:
جرائم تتنافى مع القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع وهي ما يقال عنها بالجرائم الطبيعية، كالسرقة والقتل والنصب والتزوير والرشوة… وهي جرائم تعارفت جميع المجتمعات المتمدينة على تجريمها مهما تبدل الزمان والمكان، تتميز بالاستقرار والثبات.
وإما أنها لا تتعارض مع القيم الأخلاقية وهي ما يصطلح عليها بالجرائم المصطنعة كبعض الجرائم الجمركية أو الضريبية أو التموينية… وهي جرائم خلقها المشرع ذاته استجابة لاعتبارات تتعلق بتنظيم المجتمع وتطوره، وهي متنوعة من بلد لآخر وفي البلد الواحد من زمن لآخر.
ويذهب كثير من العلماء إلى إخراج هذه الجرائم الأخيرة من نطاق دراسات علم الإجرام مستندين إلى أن الباحث في هذا الميدان يهتم بالجرائم الخطيرة التي تتعارض مع القيم الاجتماعية والأخلاقية، فالمجرم في هذه الحالة فقط هو محور أبحاث علم الإجرام، التي تهدف إلى دراسة شخصيته وظروفه المختلفة لبيان الأسباب التي دفعته إلى الجريمة، أما في نطاق الجرائم المصطنعة حيث لا يقصد المشرع من ورائها سوى تحقيق أغراض تنظيمية، فهي تخرج عن نطاق الدراسات الإجرامية حيث أنها لا تفصح عن خطورة إجرامية لدى الجاني، ولا يسبب ارتكابها الاستنكار الاجتماعي الذي هو لصيق بالجرائم الطبيعية، ثم أنها أيضا جرائم غير ثابتة وإنما تخضع للتغيير المستمر من جانب الشارع.
بينما يذهب جانب آخر من الفقه إلى أن مجال الدراسات الإجرامية يجب أن يشمل النوعية معا –الجرائم الطبيعية والمصطنعة- ذلك أن مهمة الدراسات الإجرامية تنحصر في تحليل وتفسير السلوك الإجرامي في حد ذاته أيا كانت النتيجة التي تترتب عليه، فقد تتمثل تلك النتيجة في إلحاق الضرر ببعض المصالح، وقد يكون الضرر بسيطا أو جسيما، وقد لا يوجد ضرر على الإطلاق وإنما يكون التجريم نوعا من التجريم الوقائي حماية لمصلحة معينة من الخطر الذي يهددها، ولكن مخالفة هذه القواعد التشريعية عموما يدل على عدم تكيف الفرد مع المجتمع، ويفصح عن عدم الاكتراث بمصالح الآخرين أو المصلحة العامة، وهذا يقتضي دراسة ظروف الجاني المختلفة لبيان عوامل التكيف التي دفعته إلى الإقدام على ارتكاب المخالفات.
والواقع أن كلا الرأيين لا يخلو من صواب، ولكننا إلى الرأي الأول نميل، حيث أن ارتكاب الجرائم الطبيعية هو الذي يدل على خطورة إجرامية معينة، ويكشف عن خلل في شخصية الجاني أو في ظروفه يستوجب بحثه لمعرفة الأسباب الكامنة وراء سلوكه، ومثل هذه الجرائم هي التي تدعو إلى نوع من الاستنكار الاجتماعي لها، والانتقاص الاجتماعي من شخصية الفاعل، بعكس النوع الثاني من الجرائم، ورد الفعل الاجتماعي هذا يعتبر دليلا في حد ذاته يدل على شذوذ الطائفة الأولى من المجرمين دون الطائفة الثانية، وهو ما يرجع إلى حصر الدراسات الإجرامية في مرتكب الجرائم الطبيعية، دون الجرائم المصطنعة.
الشق الثاني: هل نحصر الدراسات الإجرامية في نطاق الجرائم كما يحددها المشرع أم أن هذه الدراسات يجب أن تمتد لتشمل الأفعال النافية للقيم الاجتماعية عموما حتى ولو لم يجرمها المشرع؟.
ذهب اتجاه بين العلماء إلى التوسع في مجال الدراسات الإجرامية ليشمل كل التصرفات التي تتعارض مع القيم السائدة في المجتمع حتى ولو لم يجرمها المشرع، على اعتبار أن مثل هذه التصرفات تسبب اختلالا في الحياة الاجتماعية، إما لخطورتها أو لكثرة انتشارها فلا يجوز تحديد مجال علم الإجرام بالجرائم كما ينص عليها المشرع وإلا وقف ذلك حائلا دون تقدم هذا العلم، فالطب العقلي ما كان يصل إلى ما وصل إليه لو قصر أبحاثه على الحالات العقلية التي تؤثر في المسؤولية الجنائية كما حددها القانون الجنائي.
وذهب رأي آخر إلى قصر نطاق الدراسات الإجرامية على مجال السلوك الإجرامي كما حدده المشرع في القانون الجنائي، واستبعاد السلوك الاجتماعي الآخر من نطاق هذه الدراسة، ذلك أن إدخال كافة أنماط السلوك الاجتماعي في نطاق الدراسات الإجرامية يتنافى مع الطبيعة العلمية لعلم الإجرام، والتي تتطلب أن يكون موضوع دراسة العلم محددا.
ونحن إلى الرأي الأول نميل، ذلك أن لعلم الإجرام هدفان محددان: الأول، المساعدة على تطوير التشريع الجنائي القائم وتطبيقه قضائيا وتنفيذيا. والثاني اكتشاف العوامل الإجرامية الكامنة في المجتمع وفي الأفراد تمهيدا لمحاربتها والوقاية من وقوع الجرائم.
رابعا: الأهمية العملية لعلم الإجرام.
في نظر البعض علم الإجرام مادة غير قانونية تعتمد في دراستها على أبحاث يقوم بها أخصائيون من فنون أخرى غير فن القانون، كالطب أو علم النفس أو علم الاجتماع: فإذا أتينا بطبيب نفسي أو رجل اجتماع فإنه يستطيع أن يتحدث عن الدوافع النفسية أو العوامل الاجتماعية لارتكاب الجريمة خير مما يتحدث رجل القانون.
وهذا القول به بعض الصحة ولكنه لا يصح أن يقف حائلا دون رجل القانون وتأمل أسباب الظاهرة الإجرامية حتى وإن بدا أن دوره فيها هو دور الرجل الثاني أو الثالث. فالقانون الجنائي على خلاف غيره من القوانين مادته هو الإنسان ذاته، لأنه يصيب الإنسان في حياته أو في حريته أو في اعتباره. على خلاف القانون المدني مثلا الذي ينصب أساسا على الذمة المالية للإنسان.
وهذا السبب بذاته هو الذي يدفع رجل القانون الجنائي إلى دراسة علم الإجرام باعتباره يبحث في أسباب نشوء الظاهرة الإجرامية، لأنه إذا كانت فروع القانون الجنائي تعالج النصوص الجنائية فإن علم الإجرام يعالج الدوافع الفردية والاجتماعية لارتكاب الجريمة. ومثل هذه الدوافع لا يجب أن يغفل رجل القانون عن الإحاطة بها، بل وعن تأملها، لأنها تشكل بعدا ثالثا له، لن يستطيع أن يطبق النص الجنائي تطبيقا سليما إذا أغفله.
ذلك أن المشرع عندما يضع النصوص الجنائية، فإنه يضع في اعتباره التطبيق المرن لها، أي يجعل الجزاء فيها ذو حدين أدنى وأقصى، وعلى القاضي أن يطبق الجزاء الملائم لخطورة الفعل وخطورة الفاعل بين هذين الحدين، فمعرفة القاضي بالفاعل نفسيا واجتماعيا شرط لازم لسلامة النص الجنائي.
وعلم الإجرام هو الذي يقدم هذا البعد الثالث لرجل القانون الجنائي، فرجل القانون قد لا يستطيع أن يلم بالتكوين العضوي للإنسان كما يلم الطبيب، ولا أن يتحدث عن الخصائص النفسية كما يتحدث عالم النفس، ولا أن يتقصى الظروف الاجتماعية كما يفعل رجل الاجتماع، ولكنه بلا شك يستطيع أن يتأمل ما يدلي به كل هؤلاء ويطابقه على الواقع ثم يكون له رأيه في النهاية.
وتبدو أهمية علم الإجرام العملية في أكثر من ناحية، فهو أولا يسهم في علاج الجريمة بعد وقوعها، و من ناحية أخرى فهو الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه في تفريد العقوبة تشريعا وقضاء وتنفيذا فدراسة الأسباب الفردية للجريمة، تؤدي إلى معرفة الأسباب التي أدت إلى اتجاه الجاني إلى سلوكه الإجرامي إلى حد ما، وذلك يدعو إلى محاولة المواءمة بين الجريمة وبين العقوبة، سواء عند وضع النص التشريعي، أو عند الحكم به من القضاء، أو عند تنفيذه من جهة التنفيذ.
فالمشرع عند وضع النص الجنائي لا يسوي بين الأسوياء وبين ناقصي الإرادة، وبين من قتل مع سبق الإصرار، ومن اندفع إلى القتل تحت ظروف عادية، وحتى هذا الأخير لا يسوي بين من تعرض لظروف استفزته فدفعته لارتكاب الجريمة وبين من اندفع إليها من تلقاء نفسه، ولا شك أن أبحاث علم الإجرام ساعدت على مثل هذه المغايرة التشريعية عند وضع النصوص.
والقاضي من ناحية أخرى يختار العقوبة الملائمة لشخص المجرم وظروفه، بين حدين أدنى وأقصى، وهو قد ينزل أحيانا عن الحكم الأدنى للعقوبة، وقد يحكم بالعقوبة ثم يوقف تنفيذها، وقد يحكم بالعقوبة ويحكم بجوارها بتدبير وقائي، فهذا التفريد القضائي لاشك أن أبحاث علم الإجرام تعين القاضي في تحديده.
والقاضي لا يتوافر لديه الإلمام الكافي بالدراسات النفسية والاجتماعية التي تعينه على تحديد العقوبة الملائمة، لذلك لجأت دول كثيرة إلى توفير الإحصائيين ليستعين بهم القاضي في هذا المجال خاصة في قضايا الجرائم الخطيرة، وتوجد في انجلترا مؤسسة مكونة من فنيين مختصين بعلم الإجرام تندبهم المحاكم لأعمال الخبرة في مختلف القضايا الجنائية ويطلق عليها “مؤسسة العلاج العلمي للإجرام” ونشأت على غرارها مؤسسة مماثلة في ألمانيا يطلق عليها “إدارة فحص تكوين المجرم”.
والجهة المكلفة بتنفيذ العقوبة أيضا يمكنها أن تلجأ إلى التفريد التنفيذي مراعاة لشخص المحكوم عليه وظروفه، عند تصنيف المحكوم عليهم أو تحديد الأعمال التي يمكن أن يقوموا بها أو الحرف التي يمكنهم مزاولتها، أو من يصدر له قرار بالعفو ومن لا يصدر، ومن يتمتع بالإفراج الشرطي ومن لا يتمتع، وماهية الرعاية اللاحقة للشخص المفرج عنه، ومراعاة شخص المجرم وظروفه شرط أساسي لنجاح الإجراء الذي تتخذه جهة التنفيذ.
وهو من ناحية ثانية يساهم في وقاية المجتمع من الجريمة قبل وقوعها ذلك أن دراسة أسباب الظاهرة الإجرامية، تساعد على اكتشاف أحوال الخطورة الإجرامية الكامنة في بعض الأشخاص، مما يسهل مهمة رجل البوليس في اتخاذ الإجراء المناسب للحيلولة دون وقوع الجريمة، كما أن دراسة الظروف الاجتماعية المساعدة على الاتجاه نحو الجريمة قد يكون منبها لاتخاذ العديد من الإجراءات العامة للتغيير من هذه الظروف أو الحد من قسوتها، يضاف إلى ذلك أن علم الإجرام يفيد المواطنين عموما إذ أنه يجعل الإنسان أكثر قدرة على تفهم نفسه وغيره، وبالتالي على تفادي أن يصيبه الغير بضرر أو أن يلحق هو بالغير ضررا.
خامسا: فروع علم الإجرام.
ويشمل علم الإجرام الحديث مجموعة من العلوم التي يمكن أن تمثل فروعا له وهي علم طبائع المجرم –علم النفس الجنائي- علم الاجتماع الجنائي. ونتناولها فيما يلي:
علم طبائع المجرم:
ويطلق عليه علم البيولوجيا الجنائية ويرجع الفضل في نشأته للإيطالي “لمبروزو” مؤسس المدرسة الوضعية الإيطالية. ويهتم هذا العلم بدراسة الخصائص والصفات العضوية للمجرم من ناحية التكوين البدني أو الخارجي أو من حيث أجهزة الجسم الداخلية.
علم النفس الجنائي:
يهتم بدراسة الجوانب النفسية للمجرم والتي تدفعه لارتكاب الجريمة وتسمى بعوامل التكوين النفسي للمجرم. ويقوم على دراسة القدرات الذهنية للمجرم ومدى استعداده أو ميله الذهني لارتكاب الجريمة. ويستعين الباحث فيه بأساليب التحليل النفسي التي قال بها “فرويد” والتي تلقي الضوء على عناصر هذا الاستعداد الذهني لارتكاب الجريمة.
يرى بعض الفقهاء أن علم النفس الجنائي هو جزء من علم البيولوجيا الجنائية أو علم طبائع المجرم باعتبار الأخير يتناول أيضا التكوين النفسي للمجرم وأنه من الصعب الفصل بين التكوين العضوي والتكوين النفسي للمجرم كما أن الصفات الجسمانية للشخص تؤثر على نفسيته وميله للإجرام.
علم الإجتماع الجنائي:
يدرس هذا العلم العوامل الإجرامية ذات الطابع الاجتماعي حيث يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية ناتجة عن تأثير البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد.

المصدر الأستاذ:هشام بوحوص
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق