الباب الأول: عقد الشركة.
لعل الحديث عن تأسيس الشركة التجارية يجعلنا نتساءل عن طبيعة هذا النوع من التشارك أو هذا النوع من المؤسسة القانونية ، هل يقتضي ضرورة وجود عقد تأسيس الشركة، و إذا كان عقدا فهل هو عقد كسائر العقود الرضائية و هل يخضع لشكليات معينة؟ و إذا كانت الشركة تعتبر عقدا، فإن هذا العقد لا يخلو من الشروط الموضوعية التي يخضع لها أي شكل من أشكال العقود الرضائية بالرغم من الطابع الخاص لعقد الشركة.
و في هذا الإطار، يخضع عقد الشركة للشروط أو الأركان الموضوعية العامة الواردة في ق ل ع، ثم للأركان الموضوعية الخاصة بعقد الشركة كما هي محددة في قانون الشركات بمختلف أنواعها، و هو ما يميز هذا العقد عن بقية العقود المشابهة. و لما كان عقد الشركة هو عقد شكلي كذلك، فإنه يتطلب مجموعة من الشروط الشكلية أو الإجرائية لقيام الشركة سواء عند تأسيسها أو حتى خلال حياة الشركة و باعتبار كذلك و نظرا للطابع النظامي الذي يحكم قانون الشركات، فقد ترتبت مجموعة من الجزاءات الناتجة عن تخلف إجراء من إجراءات تأسيس الشركة، و التي تختلف مدى حدة هذه الجزاءات بحسب نوع الشركات من جهة أولى، كما تختلف نوعا ما عن ما هو متعارف عليه طبقا لقانون الالتزامات و العقود. و من ثم ستكون دراستنا لهذا الباب مقسمة على الشكل التالي:
الفصل الأول: الشركة بين العقد و النظام
الفصل الثاني : الأركان الموضوعية لعقد الشركة
الفصل الثالث : الأركان الشكلية الخاصة بالشركة
الفصل الرابع : جزاء مخالفة شروط التأسيس
الفصل الأول: الشركة بين العقد و النظام
إذا كانت الشركة من حيث المبدأ تعتبر عقدا و إن كان هذا العقد قد ثاره جدلا فقهيا كبيرا نظرا الخصوصيته، الشيء الذي يتعين منه التعريج أولا لتحديد مدلول و طبيعة هذا العقد و خصوصيته . و أمام تطور مجال المال و الأعمال، فإلى أي حد تأثر عقد الشركة بالعوامل و التحولات الكبرى التي عرفتها هذه المؤسسة القانونية ؟ هذا ما يفرض علينا تحديد مفهوم الشركة بين الطبيعة العقدية و النظامية (المبحث الأول)، ثم تمييز الشركة عن باقي النظم المشابهة لها (المبحث الثاني) ، أنواع الشركات التجارية (المبحث الثالث)، و في الأخير ضرورة الوقوف عند التمييز بين الشركة المدنية و الشركة التجارية خاصة بعد التعديلات التي طالت الباب الثاني من القسم السابع من الكتاب الثاني و المتعلق بالشركة العقدية (المبحث الرابع). المبحث الأول: مفهوم الشركة بين الطبيعة العقدية و النظامية لم يعرف قانون الشركات المقصود بالشركة التجارية، غير أنه وبالرجوع إلى الفصل 982 من قلع المغربي نجده يعرف الشركة بأنها: “عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا، لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها”. فمن خلال هذا النص، فإن الشركة تعتبر “عقدا يجمع بين ش خصين أو أكثر من أجل جني أرباح مشروعهم أو تحمل الخسائر الناجمة عن هذا الاستغلال، يسبق ذلك المساهمة في تكوين رأسمالها”2.
وكذلك الشأن بالنسبة للقانون المدني الفرنسي، حيث عرفت المادة 1832 منه الشركة بأنها تتأسس ” بين شخصين فأكثر، يتفقان بمقتضى عقد، على وضع أموالهم أو أعمالهم في مقاولة مشتركة قصد اقتسام الأرباح أو الاستفادة مما قد توفره من نفع اقتصادي، ويسوغ أن تتأسس في الحالات التي ينص عليها القانون، بإرادة شخص واحد، ويلتزم الشركاء بالمساهمة في الخسائر.”3. وبالرجوع إلى المادة الأولى من القانون رقم 17.95 والمادة 2 من القانون رقم 5.95، نجدها قد وصفت هيكل الشركة بالنظام الأساسي، وتارة أخرى وصفته بالعقد التأسيسية، وتارة أخرى بالاتفاقه. و من هذا المنطلق نتساءل، هل الشركة عقد تنشأ بإرادة مشتركة بين الأطراف أو تصرف بإرادة منفردة كما هو متعارف عليه طبقا للقواعد العامة في قانون الالتزامات و العقود، أم أنها نظام ؟
للحصول على المحاضرة كاملة على شكل pdf يمكنم ذلك من خلال الضغط على الرابط أسفــــــــــــــــــله:
إضغط هنا:مادة الشركات- السداسي 4 (ربيع 2022)-المحاضرة رقم 2- الدكتورة نهال اللواح