قانون الشغل المحاضرة الثامنة السداسي الثالث

عالـم القانون15 نوفمبر 2021
قانون الشغل محاضرة الثامنة

الفقرة الرابعة: خصائص عقد الشغل
يتميز عقد الشغل بمجموعة من الخصائص، ومن بينها أنه:
عقد معاوضة ، فعقد الشغل يتضمن الالتزام بأداء عمل من طرف الأجير مقابل أجر يلتزم المشغل بدفعه له ، وعليه فكل طرف من أطراف العقد يعوض الآخر ، وعليه نستبعد كافة العقود التي تعقد بين الطرفين يكون موضوعها عمل مجاني
عقد تبادلي ، فهو ينشأ التزامات متبادلة بين أطراف العقد ، بحيث يتراضيا الطرفان على بعضها ، وينظم القانون بعضها الآخر ، ويعتبر أهم التزام في هذا العقد هو أداء الأجر مقابل أداء العمل ،وهذه الصبغة التبادلية تؤدي إلى ما يلي :
أنه لا يستحق الأجير الأجر إلا إذا قام بأداء العمل وفق الشروط المتفق عليها ، مالم يكن رب العمل هو المتسبب في عدم تنفيذ العمل .
أنه إذا لم ينفذ أحد المتعاقدين التزاماته سواء كان هذا المتعاقد أجيرا أو مؤاجرا حق للمتعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد أو يمتنع عن أداء التزامه المقابل طبقا لما نصت عليه مقتضيات الفصل 235 من ق.ل.ع ، فلو افترضنا مثلا أن الأجير امتنع عن أداء عمله رغم توفر المعدات ورغم توفر الظروف الملائمة للعمل ، فإنه يحق للمؤاجر أن يمتنع عن أداء الأجر له وأن يطلب فسخ العقد .
يجب احترام العمل المحدد والمتفق عليه ، لأن تكليف الأجير بعمل إضافي يعطيه الحق في الامتناع، إلا في حالات استثنائية، كأن يكون العمل المطلوب منه جزء لا يتجزأ من العمل المتعاقد عليه.
عقد زمني مستمر ، فعقد الشغل لا يعد عقد فوري بل هو عقد مستمر ، ذلك أن العقود الفورية تنتج آثارها فور انعقادها ، كعقد البيع مثلا ،أما العقود الزمنية فهي تلك العقود التي يتراخى في تنفيذها بمرور الزمن كعقد الشغل ، فتنفيذه يتطلب التدخل المستمر للطرفين للقيام بالتزاماتهما حتى يستمر العقد ، وعليه فالأجير يتدخل بنظام لأداء العمل والمشغل يتدخل باستمرار لأداء الأجر.
عقد ذو طابع شخصي ، بمعنى أنه يقوم على الاعتبار الشخصي ، فشخصية الأجير تكون محل اعتبار في إبرام العقد وأن المؤاجر يتعاقد معه بناءا على كفاءته و بناءا على قدراته الشخصية ،وعليه فالأجير يلتزم بأداء العمل شخصيا ، ويظل العقد مرتبطا به لا يتحول إلى ورثته ، أما بالنسبة للمؤاجر فإن تغير مركزه القانوني لا يؤثر على العقد لأن العقد لا يربط الأجير بشخص المؤاجر بل يربطه بالمؤسسة المشغلة .
عقد مدني مسمى ، فعقد الشغل كباقي العقود المسماة ينظمها ق .ل.ع ، لكن تطبيق القواعد المنظمة لعقد الشغل ، يجب أن يراعي القواعد الآمرة المنصوص عليها في القوانين الخاصة – مدونة الشغل – والأنظمة الداخلية والاتفاقيات الجماعية ، كما يجب أن يراعي مبدأ التفسير لفائدة الأجير ،و خصوصيات عقد الشغل كل ذلك من أجل حماية الأجير .
المطلب الثاني : أنواع عقد الشغل وتنفيذه
يمكن تقسيم العقود بالنظر إلى معايير مختلفة ،وكيفما كان نوعها فهي ترتب مجموعة من الإلتزامات تسري على طرفي العقد .
أولا : أنواع عقد الشغل
يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة أو لمدة محددة ، أو لإنجاز شغل معين ، وبما أن عقد الشغل من العقود الزمنية فإننا سنقسمها إلى عقود محددة المدة ، وعقود غير محددة المدة
أ – العقود المحددة المدة
عقد الشغل محدد المدة هو ذلك العقد الذي يبرم لمدة محددة حيث يتفق فيه الأجير والمؤاجر على الاشتغال لمدة محددة وأنه بمجرد ما تنتهي المدة المحددة في العقد ينتهي عقد الشغل ، من هنا نقول أن عقد الشغل المحدد مدة هو عقد تعرف بدايته ونهايته .
حالات إبرام عقد الشغل محدد المدة:
يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة في الحالات التي لا يمكن أن تكون فيها علاقة الشغل غير محددة المدة ، لذلك نجد المشرع قد حصر حالات إبرام عقد الشغل محدد المدة في المادة 16 من م.ش وهي كالتالي :
إحلال أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد شغل هذا الأخير ، مالم يكن التوقف ناتج عن الاضراب .
ازدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة ، كالعمل أثناء فترة الصيف في الفنادق والمطاعم والمقاهي وغيرها من الأماكن التي يزداد عليها الطلب خلال هذه الفترة .
إذا كان الشغل ذا طبيعة موسمية ، أي تبعا لموسم معين كموسم جني العنب والزيتون والفراولة …
و يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة في بعض القطاعات والحالات الاستثنائية التي تحدد بموجب نص تنظيمي .
كما يبرم أيضا عقد الشغل محدد المدة في القطاعات غير الفلاحية، عند فتح مقاولة لأول مرة أو مؤسسة جديدة داخل المقاولة أو انطلاق منتوج جديد لأول مرة إيجابيات وسلبيات عقد الشغل المحدد المدة
لعقد الشغل محدد المدة إيجابيات تتمثل في كونه :
يساعد على خلق فرص الشغل
يمنح للأجير بعض الحقوق كالاستفادة من بعض مقتضيات مدونة الشغل
حصول الأجير على نفس أجر الأجراء الدائمين .
إذا ما تم ترسيم الأجير المؤقت ليصبح أجيرا دائما ، فإنه يتم الاحتفاظ له بأقدميته المكتسبة خلال هذه الفترة .
سلبيات عقد الشغل محدد المدة :
أن هذه العقود لا توفر الحماية الكافية للشغيلة عند توقفها
أن الأجير المؤقت لا يحس بالاستقرار .
أن المؤاجر غالبا ما يستغل هذا النوع من العقود
تجديد مدة العقد
يجدد العقد المحدد المدة إما :
باتفاق الطرفان صراحة في العقد ،لا كن دون أن تتجاوز المدة المحددة في العقد الأصلي وفي كل الأحوال لا يمكن أن تتجاوز سنتين ، سواء تعلق الأمر بالقطاع الفلاحي أو غير الفلاحي .
ضمنيا ، وذلك إذا استمر طرفا العقد في تنفيذ التزامهما رغم انتهاء المدة المحددة في العقد ،هنا يتحول العقد إلى عقد غير محدد المدة .
إذن عندما نكون أمام عقد مكتوب محدد المدة وتكون هذه المدة صريحة وواضحة فلا إشكال، شريطة تطبيق نص المادة 17 من م.ش والتي تنص على أنه يبرم عقد الشغل المحدد المدة ، في القطاعات غير الفلاحية لمدة أقصاها سنة قابلة للتجديد مرة واحدة ، ويصبح العقد بعد ذلك في جميع الحالات غير محدد المدة.
وفي القطاع الفلاحي يبرم عقد الشغل المحدد المدة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد ، على أن لا تتجاوز مدة العقود المبرمة سنتين ،ويصبح العقد بعد ذلك غير محدد المدة
وعليه نقول أن جميع العقود المحدد المدة تصبح غير محدد المدة ضمنيا ودون اتفاق أطراف العقد في حالة ما إذا تم تجاوز مدة العمل سنتين ، وهنا تتحول طبيعة عقود الشغل من عقود محددة إلى عقود غير محددة .
أما العقود التي تبرم من أجل إنجاز عمل معين ، فيحدد في العقد الوقت الذي سيستغرق لإنهاء العمل ، ويبقى اتفاق الأطراف هو سيد الموقف .
فلو اتفق الطرفان على مدة معينة لإنجاز مشروع ،وانجز العمل بانتهاء المدة ، فإن العقد بطبيعة الحال ينتهي ،أما إذا تجاوز انجاز المشروع المدة الأصلية فإنه لا يمكن انهاء العقد إلا بعد إنجاز المشروع والانتهاء منه .
ب – العقود غير محددة المدة
عقد الشغل المحدد المدة هو العقد الذيلا يتفق فيه الطرفان على مدة محددة لسريانه، ويبرم دون تحديد تاريخ انتهائه، فهو عقد تعرف بدايته ولا تعرف نهايته، مما يمكنه من الاستمرار لمدة قد تطول أو تقصر، وقد تستنفذ في بعض الأحيان حياة الأجير، وبما أن هذا النوع من العقود هو الأصلح و الأكثر حمايةللأجير،حيث يصبح بمقتضاها أجير دائم يتمتع بجميع الحقوق والضمانات ، خاصة عند فسخ العقد ،لذافإنه غالبا ما نجد المشغل يتجنب إبرامه ويفضل التعاقدالمحددة المدة .
ج – طرق إثبات عقد الشغل
سواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة ، فإن المشرع المغربي ترك الحرية المطلقة للأجير لإثبات علاقة العمل ، وعليه يمكن أن يكون العقد كتابيا أو شفاهيا ، فإذا كان كتابيا فلا إشكال وإذا كان شفاهيا فيمكن إثبات عقد الشغل بشتى الطرق التي قد تثبت هذه العلاقة كبطاقة الشغل ، ورقة الأداء ،بطاقة الضمان الاجتماعي ، شهادة الشهود ….
خلاصة القول أن العقد غير محدد المدة هو الأصل والاستثناء هو العقد محدد المدة ،وهو الأكثر شيوعا ، كما أنه أكثر ضمانة للأجير وأكثر حماية له مادام يضمن له مجموعة من الحقوق التي خولها له المشرع في مدونة الشغل .
عكس العقد المحدد المدة يخدم بالدرجة الأولى المشغل وليس الأجير ، لكن مع ذلك فإن المشرع المغربي أبقى على هذا النوع من العقود لما له من إيجابيات وإن كانت محصورة ،إلا أنه ضيق من مجال استعمالها وحددلها إطارا خاصا لاينبغي الخروج عنه .
إذن موقف المشرع المغربي واضح من خلال نصوص مدونة الشغل وهو نفس موقف القضاء ، حيث نجد غالبية قرارات محكمة النقض تكيف عقود الشغل موضوع النزاع على أنها عقود غير محددة المدة ، وهي بهذا التوجه لا تشجع على إبرام العقود المحددة المدة ، لما لها من تأثير سلبي على حقوق الأجير وحياته الاجتماعية .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق