قرار إداري:قاعدة عدم جواز الحجز على الأموال العمومية – شروطها

قرار إداري:إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى - شروطه طبقا للفصل 514 من ق. م. م.

عالـم القانون
اجتهادات قضائيةالمادة الإدارية
عالـم القانون5 يونيو 2022
قرار إداري:قاعدة عدم جواز الحجز على الأموال العمومية – شروطها

القرار عدد 41 الصادر بتاريخ 18 يناير 2018 في الملف الإداري عدد: 2016/1/4/1376

إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى – شروطه طبقا للفصل 514 من ق. م. م.

حجز لدى الغير – مفهوم التصريح السلبي للشخص المعنوي.

قاعدة عدم جواز الحجز على الأموال العمومية – شروطها.

لما كان موضوع النزاع لا يتعلق بدعوى مبتدأة تستهدف التصريح بمديونية الإدارة المستأنف عليها، وإنما بطلب تفعيل أحد إجراءات التنفيذ الجبري نتيجة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي مکتسب لقوة الشيء المقضي به، فإنه لا موجب لإدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى.
إن التصريح السلبي الصادر عن شخص معنوي عام ليس هو التصريح السلبي الذي قصده المشرع في الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية نظرا لأن الحسابات الخصوصية للإدارات العمومية التابعة للدولة الممسوكة من طرف مصالح الخزينة العامة ليست حسابات نقدية بالمعنى المتعارف عليه في الحسابات البنكية، وإنما عبارة عن اعتمادات مالية مرصودة للجهة الإدارية المعنية بها والتي تستوعبها عبارة “المبالغ والمستندات القابلة للحجز” طبقا للمادة 488 من نفس القانون.
إن المحكمة لما اعتبرت أن قاعدة عدم جواز الحجز على الأموال العمومية تطبق في الحالة التي يؤدي فيها الحجز إلى عرقلة السير العادي للمرفق العمومي على أساس أن المبالغ المحجوزة هي مرصودة لنفقات محددة وعليها تتوقف استمراريته في أداء خدماته، تكون قد عللت قرارها تعليلا صحيحا ولم تخرق المقتضيات المحتج بها.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

حيث يؤخذ من وثائق الملف، ومن ضمنها القرار المطعون فيه أنه بتاريخ 2014/09/27 استصدر السادة ورثة (م ي) عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء الحكم عدد 1868 في الملف رقم 13/2016 يقضي بأداء الدولة المغربية وزارة التربية الوطنية لفائدتهم مبلغ 6,704,100 درهم عن قيمة أرضهم و برفض باقي الطلبات وتحميل المدعى عليهم الصائر، تم تأییده من طرف محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط بموجب قرارها عدد:1282 الصادر بتاريخ:02/04/2013 في الملف رقم:612/ و فتح له بالمحكمة الإدارية بالرباط في إطار الإنابة القضائية ملف التنفيذرقم 2/21 آلت إجراءاته إلى تحرير محضر امتناع في مواجهة المحكوم عليها بتاريخ 2014/12/12 و في إطار مواصلة التنفيذ تم إجراء حجز ما للمدين لدى الغير على الاعتمادات المخصصة لوزارة التربية لدى خازها الوزاري في حدود مبلغ (682998900) درهم موضوع المحضر المحرر بتاريخ 26/01/2015، وبعد إحالة الملف على رئيس المحكمة في إطار الفصل 494 من قانون المسطرة المدنية،و تخلف المحجوز عليها عن الحضور والجواب وإدلاء الحجوز بين یديه بتصريح سلبي مما تعذر معه
إجراء الاتفاق الودي على توزيع المبالغ المحجوزة، وبعد تمام الإجراءات، صدر الأمر بالمصادقة على الحجز المشار إليه أعلاه في حدود مبلغ682998900 درهم و بتحويل المحجوز لديه خازنها الوزاري المبلغ المحجوز إلى صندوق المحكمة لتسليمه إلى المدعي كلا أو جزءا في حدود المبالغ التي مازالت بذمة الطرف المحجوز عليها في ملف التنفيذ عدد 2.2013.1023 و تحميل المحجوز عليها الصائر، استأنفه الوكيل القضائي نيابة عن وزير التربية الوطنية والخازن الوزاري لوزارة التربية الوطنية أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط التي قضت بتأييده بمقتضى قرارها المطلوب نقضه.

في وسيلتي النقض مجتمعتين للارتباط:

حيث يعيب الطالب القرار الاستئنافي بفساد التعليل الموازي لانعدامه وخرق القانون، ذلك انه تمسك أمام محكمة الاستئناف بخرق مقتضيات الفصل 514 من ق. م. م الذي يستوجب إدخال الوكيل القضائي للمملكة في جميع الدعاوى التي تستهدف مديونية الدولة، إلا أن المحكمة ردت ذلك بالقول بأن الأمر يتعلق بطلب تفعيل لإجراءات التنفيذ الجبري وليس التصريح بمديونية الدولة، وأن هذا التعليل فاسد، ذلك أن طلب المصادقة على الحجز هو أيضا طلب يرمي إلى التصريح بمديونية الدولة ويتطلب الحكم على المحجوز بين يديه بتسليم المبلغ المحجوز، وأن استبعاد الوكيل القضائي للمملكة في مسطرة الحجز لدى الغير هو معارضة لنية المشرع وأن حضوره يحقق مصلحة الطرف المدعى عليه وخاصة المحجوز بين يديه، وأنه لا يتعارض مع أي نص قانوني، ولا يتضارب مع مصلحة أي طرف، وأنه تمسك بأحكام الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية الذي يستوجب ألا يبت القاضي إلا في حدود الطلبات، إلا أن المحكمة اعتبرت أن الحجز المصادق عليه يتعلق بسند تنفيذي ولا يحتاج إلى تقديم طلب، في حين أن الانتقال من الإجراء التحفظي في مسطرة الحجز لدى الغير إلى الإجراء التنفيذي يتطلب تقديم طلب صريح في هذا الشأن، وأن إيقاف الحجز بناء على سند تنفیذي لا يعني الحجوز لفائدته من ضرورة تقديم طلب إذا أراد تصحيح الحجز الواقع لفائدته، فالحجز جاء مخالفا للفصل 492 من قانون المسطرة المدنية، لأن تبليغ محضر الحجز إلى كل من المحجوز عليه و المحجوز بين يديه لم يكن مرفقا بنسخة الحجز، والمحكمة لم تجب على هذا الخرق،  وأن الفصل 473 من قانون المسطرة المدنية أو جب تقديم الاستئناف حتى يكون طلب التنفيذ مقبولا، وأن الحكم سند الحجز لم يكن من الممكن أن تستوفي مسطرة تنفيذه ما لم يتم الإدلاء بالشهادة المذكورة، إلا أن المحكمة اعتبرت أن الفصل المذكور ينطبق على الحالة التي يكون فيها القرار أو الحكم قد أضحیا نهائيين لعدم الطعن فيهما وليس عندما تكون نهائيتهما مردها إلى تأييدهما من طرف المحكمة الأعلى درجة على إثر الطعن فيهما، كما أن الحجز تم خلافا لمقتضيات الفصل 488 من قانون المسطرة المدنية الذي يستثني بعض الأموال من الحجز منها النفقات، ثم أن المحكمة ليس لها أن تقلب طبيعة تصریح المحجوز بين يديه من تلقاء نفسها وتنسب إليه تصريحا إيجابيا، وأن تقیید تصريح الخازن العام يكون بیان عكس ما تم التصريح به، وليس الاقتصار على اعتبار الحساب الخصوصي اعتمادات مالية ليس إلا، وأن الحساب الخصوصي جزء لا يتجزأ، وان التصريح الصادر عن المحجوز بين يديه لا يمكن أن يكون تصريحا بوجود مبالغ مالية أو عدم وجودها لأنه ليس هناك من ميزانية عامة أو حساب خصوصي لا يتضمن موجودات مالية أو مبالغ محددة، ثم إن الأموال الواقع الحجز عليها هي أموال عمومية وهي مرصودة لسير المرفق العام تتنافى وتتعارض مع مؤسسة المحجوز عليه، وأن الحجز على حساب من حسابات شخص من أشخاص القانون العام المخصص لأداء نفقات محددة مسبقا ومحصورة هو أمر يتعارض مع مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة ويشكل تعطيلا العمل المرفق العام، على اعتبار أن الاعتمادات الواردة في هذا الحساب إنما هي اعتمادات مخصصة الأداء نفقات معينة وأن توجيهها لأداء نفقة أخرى سيؤدي إلى تعذر أداء النفقة المبرمجة، ومن جهة أخرى فإن المصادقة على الحجز وأمر المحاسب المحجوز بين يديه بتسليم مبلغ مالي دون وجود أمر بالأداء ودون أن تكون النفقة الواجب أداؤها مقررة مسبقا في الميزانية هو افتات على عمل سلطة إدارية وعلى اختصاص من اختصاصها، وأنه يجب أن تكون علاقة الدائنية قائمة بين المحجوز عليه والمحجوز بين يديه علاقة مباشرة، وأنه لا يمكن أن يعتبر الخازن الوزاري في إطار علاقته مع وزارة التربية الوطنية بمثابة الغير الذي يجوز الحجز بين يديه على أموال لدائنه تتواجد في حيازته، وأن المحاسب لا يحوز أموال الإدارة بوصفه مدينا أو حارسا عليها بل يقوم بتدبير ميزانيتها وكذا حساباتها الخصوصية استخلاصا وأداء وفقا للقانون المالي والمحاسبي ولا يستطيع أن يغيرها أو يعدلها أو يعطي من تلقاء نفسه أو امر بالدفع لفائدة شخص أو يؤدي دينا دون سند تنفيذي صادر عن الأمر بالصرف، وأن المحكمة خرقت مقتضيات الفصل 488 من قانون المسطرة المدنية عندما صرحت بكون الحجز لدى الغير الذي يتم بناء على سند تنفيذي لا يحتاج إلى استصدار أمر قضائي وإنما يتم تلقائيا من قبل مأمور التنفيذ باعتباره من إجراءات التنفيذ، في حين أن الفصل المذكور جاء واضحا إذ علق ممارسة هذه المسطرة في جميع الأحوال ودون استثناء على وجود إذن للقاضي مهما كان سند الدين الثابت وأن قراءة مقتضيات الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية تحتاج إلى عرضها على النصوص الأخرى وأنه يتعين لذلك نقض القرار.

لكن، لئن كانت مقتضيات الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية توجب إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى، فإن ذلك مشروط بكون الدعوى تستهدف التصريح بمديونية الدولة، | والحال أن هذه المديونية ثبتت بحكم حائز لقوة الشيء المقضي به وهو ما أكدته المحكمة لما اعتبرت أن الأمر لا يتعلق بدعوى
مبتدأة تستهدف التصريح بمديونية الإدارة المستأنف عليها، وإنما بطلب تفعيل أحد إجراءات التنفيذ الجبري نتيجة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بمقتضى الفصل 491 من قانون المسطرة المدنية فإن حجز ما للمدين لدى الغير يتم بناء على نی أو بأمر يصدره رئيس المحكمة بناء على طلب، وهو ما أوضحته المحكمة عن صواب في ما عندما اعتبرت أن الحجز لدى الغير في نازلة الحال اجري بناء على سند تنفيذي هو القرار الاستئنافي (الجاري تنفيذه) والذي لا يحتاج إلى تقديم طلب صریح بالمصادقة عليه من طرف المحكوم له، كما أنها استبعدت عن صواب مقتضيات الفصل 437 من قانون المسطرة المدنية المتمسك بها التي تنص على ضرورة الإدلاء بشهادة من كتابة الضبط بعدم وقوع تعرض أو استئناف ضد الحكم المطلوب تنفيذه، عندما اعتبرت أن هذه المقتضيات متجاوزة في النازلة، مادام أن الحكم الجاري تنفيذه قد اكتسب قوة الشيء المقضي به أثر الطعن فيه بالاستئناف من طرف المحكوم عليها، وأن الشهادة المذكورة إنما تكون مشترطة في الحالة التي يكتسب فيها الحكم الصفة النهائية بعد فوات أجل ممارسة الطعنين المذكورين، كما أن المحكمة عندما أوضحت في قرارها بأنه اعتبارا لخصوصية التنفيذ في النازلة الجاري في مواجهة شخص معنوي فإن التصريح السلبي الصادر عن هذا الأخير ليس هو التصريح السلبي الذي قصده المشرع في الفصل 494 من قانون المسطرة المدنية نظرا لأن الحسابات الخصوصية للإدارات العمومية التابعة للدولة الممسوكة من طرف مصالح الخزينة العامة ليست حسابات نقدية بالمعنى المتعارف عليه في الحسابات البنكية، وإنما عبارة عن اعتمادات مالية مرصودة للجهة الإدارية المعنية بها والتي تستوعبها عبارة مبالغ والمستندات القابلة للحجز طبقا للمادة 488 من نفس القانون، وطالما أن المحجوز لديه لم ينكر وجود هذه الاعتمادات، وأن مبدأ ملاءة الذمة في أشخاص القانون العام يحجب كل نقاش بخصوص التصريح الايجابي، كما أن المحكمة عندما صرحت بان قواعد المحاسبة العمومية إنما سنت لضبط العلاقة بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي في إطار التدبير الإداري للميزانية، وأن مقتضیات قانون المسطرة المدنية المنظمة لإجراءات تنفيذ الأحكام القضائية ومنها الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام هي الواجبة التطبيق، وأن قاعدة عدم جواز الحجز على الأموال العمومية تطبق في الحالة التي يؤدي فيها الحجز إلى عرقلة السير العادي للمرفق العمومي على أساس أن المبالغ المحجوزة هي مرصودة لنفقات محددة وعليها تتوقف استمراريته في أداء خدماته، و أيضا من منطلق أن أشخاص القانون العام يفترض فيها ملاءة الذمة ولا بخشی عسرها، وليس باعتبار أن الأموال العامة غير قابلة للحجز في غياب نص قانوني صریح يمنع ذلك، تكون قد عللت قرارها تعليلا صحيحا ولم تخرق المقتضيات المحتج بها، والوسيلتين على غير أساس.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب.

و به صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية
محكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الأول) السيد عبد المجيد بابا اعلي والمستشارين السادة: فائزة بلعسري مقررة، أحمد دينية، عبد العتاق فكير، نادية للوسي، ومحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.

عالـم القانون

عالم القانون World of law هو موقع (www.alamalkanoun.com) ينشر مقالات قانونية مواكبة لأخر المستجدات القانونية في شتى تخصصاتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق