فالقاضي الزجري و تطبيقا لهذا المبدأ يستمد إختصاصه للبت في الدعوى المدنية من شرط لابد منه و هو البت مسبقا في موضوع الدعوى العمومية و ذلك في معرض إدانته للمتهم من اجل كل أو بعض المنسوب إليه.
هذا المبدأ يجد تلطيفا في القانون المغربي، إذ أن المادة 12 من قانون المسطرة الجنائية أبقت إختصاص القاضي الزجري للبت في الدعوى المدنية بالرغم من سقوط الدعوى العمومية، و تنص في هذا الصدد بأنه:
فسر مضمون هذه المادة من طرف القضاء المغربي في اتجاه إستمرار إختصاص القاضي الزجري للبت في الدعوى المدنية فقط في حالة حدوث السبب المسقط للدعوى العمومية بعد تحريكها و ليس قبل ذلك. ففي القرار عدد 267 الصادر بتاريخ 2004/07/28 في الملف عدد 02/2101 اعتبرت محكمة النقض بأن :
وهو نفس المبدا الذي أكدته لاحقا في قرارها عدد 581 الصادر بتاریخ 2010/05/15 الملف عدد:09/7534.
من الواضح أن محكمة النقض حسمت الأمر بخصوص جميع الأسباب المسقطة للدعوى العمومية، باستثناء التقادم الذي وجد تطبيقا مغايرا للتفسير القضائي لمضمون المادة 12 من ق.م.ج. سيما و أنه كسبب مسقط لا يمكن أن يحدث بمنطق الأمور أثناء نظر المحكمة في الدعوى.
على اعتبار أن المتابعة يعد سببا قاطعا للتقادم (المادة 6 من ق.م.ج)، وهو أمر ينسجم مع الفقرة الثانية من المادة 14 من ق.ج التي تنص: إذا تقادمت الدعوى العمومية لا يمكن إقامة الدعوي المدنية إلا أمام المحكمة المدنية.
ففي قرارها عدد 188 الصادر بتاريخ 2010/10/20 ملف عدد 10/12351 أكدت محكمة النقض بانه
إلا انه هذا الموقف سيعرف تعريجا في القرار الصادر بتاريخ 2011/10/30 تحت عدد 1007 في الملف الجنائي د عدد 13/11/6/17706 والتي اعتبرت من خلاله محكمة النقض بأن :
اعتبر هذا القرار إلى حد ما اجتهادا فريدا، على هامش المادة 14 من ق م ج الذي توارى وراء التطبيق المجرد و التفسير الواسع للمادة 12 من نفس القانون و الذي لم يعد بميز في أمر تاريخ طروء السبب المسقط للدعوى العمومية.
إلا أن هذا القرار سيعرف تأكيدا في قرار حديث جدأ صادر عن محكمة النفض تحث عدد:2224 بتاريخ 2019/12/11 في الملفين المضمومين عدد: 7185-2018/7/6/7189 و الذي جاء فيه
و عليه فإن المحكمة لما قضت بعدم الإختصاص للبت في مطالب الطاعنين المدنية الكقدمة في مواجهة المتهم بعد التصريح ببراءة هذا الأخير مما نسب إليه بعلة تقادم الدعوى العمومية، و الحال أن المحكمة المطعون في قرارها كانت تنظر في الدعويين الجنائية و المدنية التابعة معا مما تبقى معه مختصة للبت في الدعوى المدنية التابعة مما يبقى معه القرار المطعون فيه عندما قضى بعدم الإختصاص للبت في الدعوى المدنية التابعة بعد التصريح بتقادم الدعوى العمومية فاسد التعليل الموازي لإنعدامه و عرضة للنقض و الإبطال.
ببقى من المتيسر تصنيف هذا الإجتهاد كإمتداد لتفرد الذي دشنه القرار عدد 1007، لكن من الواضح أنه تبنى تفسيرا يجنح إلى إقرار حق الضحية في التعويض أمام القضاء الزجري بغض النظر عن مال الدعوى العمومية متبنيا تفسيرا واسعا للمادة 12 من:ق م ج، و ذلك إختزالا للزمن القضائي و درءا للتكاليف الإضافية التي يتكبدها أمام القضاء المدني.
المشرع الفرنسي حل هذا الإشكال بإخضاع الدعوى المدنية التابعة لنفس تفادم الدعوى العمومية وهو حل يبقى جد عملي في نظرنا من الممكن الإقتداء به في قانون المسطرة الجنائية المغربي.