القرار عدد 1558
الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2019
في الملف الاجتماعي عدد 2017/1/5/469
مسطرة الاستماع إلى الأجير – ضمان حقوق الدفاع.
لما كانت المطلوبة قد أوضحت بأنها لا تتوفر على مندوبي الأجراء، لعدم ترشح أي مستخدم لانتخابات مندوبي الأجراء، وأن اختيار الممثل النقابي هو من شأن النقابة الأكثر تمثيلا وأنها أخبرته بحقه في اختيار أحد المستخدمين لمؤازرته، إلا أنه لم يفعل فيعد في حكم المتنازل عن حقه في ذلك، لأن السكوت في معرض الحاجة ،بيان كما أنه ليس هناك أي مقتضى قانوني ضمن مدونة الشغل، يلزم المشغل بضرورة تمكين الأجير من أجل إعداد الدفاع عن نفسه قبل انعقاد جلسة الاستماع إليه، ما لم يطلب ذلك.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من أوراق القضية، ومن نسخة القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، المشار إلى مراجعة أعلاه، أن الطالب تقدم عقال، عرض من خلاله أنه كان يشتغل لفائدة المطلوبة منذ 1990/03/01، بصفته مسؤولا عن قطاع أكفاء بأجرة شهرية قدرها 34.221.00 درهم، وأنها عمدت إلى فصله تعسفيا من الشغل بتاريخ 2005/12/22، ملتمسا الحكم له بمجموعة من التعويضات المسطرة بمقاله الافتتاحي، فأجابت المطلوبة بالدفع بالتقادم طبقا للمادة 65 من مدونة الشغل، لأن الطالب توصل برسالة الفصل من الشغل بتاريخ 2005/12/22 ولم يتقدم بدعواه إلا بتاريخ 2006/06/30، فأصدرت المحكمة الابتدائية حكمها القاضي برفض الطلب، استأنفه الطالب مركزا أسباب استئنافه على حرق مقتضيات الفصل 277 من قانون المسطرة المدنية والمواد 62 و 63 و 64 من مدونة الشغل وسوء تطبيق مقتضيات المادة 65 من القانون نفسه، وبعد الجواب والتعقيب، أصدرت محكمة الاستثناف قرارها القاضي بتأييد الحكم المستأنف، فاستعمل حق الطعن بالنقض، فأصدرت محكمة النقض قرارها عدد 1804 بتاريخ 2011/12/15 في الملف عدد 2010/1/5/754، قضى بالنقض والإحالة، وبعد مناقشة القضية من جديد بهيئة أخرى من طرف محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قضت بالغاء الحكم المستأنف، وتصديا الحكم للطالب بالتعويضات المستحقة، بموجب القرار عدد 4140 وتاريخ 2012/11/14 ملف رقم 2012/1037، فاستعملت المطلوبة بدورها حق الطعن بالنقض، فأصدرت محكمة النقض قرارها عدد 1404 وتاريخ 2014/11/27 في الملف رقم 2013/1/5/1923، قضى بالنقض والإحالة مرة ثانية إلى المحكمة نفسها، وبعد إعادة مناقشة القضية، أصدرت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بتأييد الحكم المستأنف، وهو القرار محل الطعن بالنقض.
في شأن وسيلتي النقض مجتمعتين:
يعيب الطاعن على القرار المطعون فيه ضمن الوسيلة الأولى، حرق مقتضيات المواد 62 و 63 و 64 من مدونة الشغل، والتطبيق الخاطيء للمادة 65 من القانون نفسه، وضمن الوسيلة الثانية، فساد التعليل الموازي لانعدامه الناتج عن تحريف تصريحات الطاعن محضر الاستماع إليه، وإغفال بعضها، ذلك أنه أثار أمام محكمة الاستئناف حرق مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل، التي تشترط توافر ثلاثة شروط، أولها تمكين الأجير من حق الدفاع عن نفسه، لدحض ما تدعيه المشغلة من مخالفات، وفي نازلة الحال فإن الطالب لم تتح له أدنى فرصة للدفاع عن نفسه، لأن المطلوبة فاجأته بالاستدعاء يوم 2005/12/21، ليحضر جلسة الاستماع إليه في اليوم الموالي أي يوم 2005/12/22، فتمت مفاجأته بادعاءات لا أساس لها من الصحة، وكان ينبغي أن يتضمن الاستدعاء الأجل الكافي لإعداد الدفاع، وثانيها، أن يكون الاستماع إلى الأجير بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه، إلا أن المحضر المعتمد ليس فيه أي إشارة إلى حضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي للمقاولة، إلا أن محكمة الاستئناف عللت قرارها تعليلا غريبا، حيث استنتجت يكون حضور الطاعن جلسة الاستماع إليه، وإدلائه بأقواله وتوقيعه على المحضر، بمثابة تنازل عن حضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي، مع أنه ليس هناك أي تنازل عن هذا الحق، وثالثها أن المادة 62 اشترطت أن يتم تحرير محضر الاستماع إلى الأجير داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ التبين من الخطأ المنسوب إليه، لكن المطلوبة زعمت بأن الطاعن ارتكب عدة مخالفات جسيمة في سنة 2005، دون أن تحدد تاريخ ارتكابها، مع أنها خلال سنة 2005 رفعت من أجرته ومكنته من : مكافأة استثنائية، فتكون المطلوبة قد خرقت قواعد تطبيق المادة 62 الثلاثة، وبذلك يعد الاستدعاء الموجه إليه باطلا، ويؤدي إلى بطلان محضر الاستماع إليه ومقرر الفصل من الشغل الناتج عن ذلك البطلان، وأن حرق مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل لا يسمح بالتمسك بمقتضيات المادة 65 من القانون نفسه للارتباط القانوني الوثيق الموجود بين إجراءات الفصل من الشغل، وأن المطلوبة بدأت ممارسة الشغل منذ سنة 1960 إلا أنها لم تعمل على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بمندوبي الأجراء، وذلك ليس عذرا للتملص من المسؤولية، خصوصا وأن المشرع أوقع جزاءاً جنائيا على ذلك من خلال المادة 462 من مدونة الشغل كما أن المحكمة عمدت إلى تحريف الوثائق، وذلك بقولها بأن الطاعن تنازل عن حقه في حضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة لجلسة الاستماع إليه، في حين أن المحضر المذكور لا يتضمن الإشارة إلى أي تنازل كما عللت المحكمة قرارها يكون الطاعن توصل ووقع على توصله بالاستدعاء، وعلى محضر الاستماع إليه، وأدلى بأقواله دون أن يبدي أي تحفظ يذكر، في حين أن محضر الاستماع إلى الطاعن تضمن الإشارة إلى أنه طالب من شركة (…)، التحقيق في أقوال المساعدين في العمل في قطاع (…)، بشأن كيفية تنقل أو رواج السلع هذا القطاع، وفي ذلك تحريف لتصريحات الطاعن المضمنة بالمحضر، لأن تصريحه، هو إعلان واضح من طرفه للدفاع عن نفسه، وهو تحريف يستوجب النقض.
لكن خلافا لما نعاه الطاعن على القرار المطعون فيه، فمن جهة أولى، فإن المطلوبة أوضحت بأنها لا تتوفر على مندوبي الأحراء، لعدم ترشح أي مستخدم لانتخابات مندوبي الأجراء، كما أن اختيار الممثل النقابي هو من شأن النقابة الأكثر تمثيلا، وأنها أخبرته بحقه في اختيار أحد المستخدمين المؤازرته، إلا أنه لم يفعل، فيعد في حكم المتنازل عن حقه في ذلك، لأن السكوت في معرض الحاجة بيان، ومن جهة ثانية، فليس هناك أي مقتضى قانوني ضمن مدونة الشغل، يلزم المشغل بضرورة تمكن الأخير من أجل لإعداد الدفاع عن نفسه، قبل انعقاد جلسة الاستماع إليه، ما لم يطلب ذلك، ومن جهة ثالثة، فإن الدفع يكون المطلوبة لم تبين تاريخ ارتكاب الخطأ الجسيم المنسوب إلى الطاعن، حتى تتبين من مدى احترام أجل ثمانية أيام المنصوص عليه بالمادة 62 من مدونة الشغل، فإنه إن كان قد سبق له أن أثار خرق مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل، الا أنه لم يسبق له إثارة الدفع المتعلق بعدم بيان تاريخ ارتكاب الخطأ الجسيم، أثناء مناقشة القضية أمام محكمة الموضوع، قبل صدور قرار محكمة النقض الأخير، ولم يكن من ضمن وسائل النقض المثارة، وأن الدفع لا يقبل بعد صدور الحكم في الموضوع، ما لم يتعلق بنقطة تتعلق بالنظام العام من شأنها أن تؤدي إلى التصريح ببطلان الحكم، أو استند إلى أمر كان حفيا وقت سير الدعوى، وفي غير هاتين الحالتين لا يقبل الدفع بعد صدور الحكم الفاصل في الموضوع، ولا تقبل إثارته بعد ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، فتكون الوسيلتين على غير أساس.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المتعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه، بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الاجتماعية (القسم الأول الأستاذة مليكة بتزاهير رئيسة والسيدة لطيفة رضا رئيسة الغرفة التجارية (القسم الثاني) والمستشارين السادة: عمر تيزاوي مقررا، وأنس لوكيلي والعربي عجابي وأم كلثوم قربال وخديجة الباين وحسن سرار والسعيد شوكيب وحميد ارحو أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد علي شفقي، وبمساعدة كاتب الضبط السيد سعيد احماموش.