القرار عدد 21
الصادر بتاريخ 21 يناير 2014
في الملف المدني عدد 2013/8/1/1879
محافظ على الأملاك العقارية – تقييد حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به – الطعن في قرار التقييد.
لما كان المحافظ جهة إدارية لتنفيذ الأحكام القضائية بالرسوم العقارية فإن تقييده لعقد البيع بناء على ما تضمنه منطوق حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، يكون معه قراره بالتقييد قد تم في إطار سلطته المخولة له قانونا ما دامت المحكمة قد تأكدت من عدم تغييره لما تضمنه الحكم موضوع التقييد أو تعديله أو الزيادة فيه.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
رفض الطلب
حيث يستفاد من مستندات الملف، أن ورثة الحسين (اد) المدعو حوسة قدموا مقالا أمام المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 2005/01/24 اتجاه ورثة إدريس (ب) وورثة الحاج محمد (اغ) والمحافظ على الأملاك العقارية بمراكش سيدي يوسف بن علي، عرضوا فيه أن موروثهم كان يملك حقوقاً مشاعة في الصك العقاري عدد 04/14621 نسبتها 90612648 من أصل 154828800، وأن هذه الحقوق تجمعت لموروثهم في البعض بالإرث من والده القايد عمر (س)، وفي البعض إرثا من أخيه الشقيق القايد محمد (س)، وفي البعض الآخر بالاقتناء المباشر، غير أنهم فوجئوا بالتشطيب على حقوقهم من الصك العقاري المذكور. وبعد اطلاعهم على وثائق ملف الصك العقاري، تبين لهم أن التشطيب كان على أساس القرار الاستئنافي رقم 2160 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 1991/11/11 في الملف المدني عدد 91/1323 القاضي بالتشطيب على إراثة الحاج محمد (س) شقيق موروث المدعين وتقييد شراء موروث المدعى عليهم، وأن التشطيب بناء على القرار المذكور تم بشكل مخالف للقانون لسببين، أولهما أن التقييد تجاوز حدود ما هو محدد في عقد الشراء الذي يستثني صراحة الدور السكنية التي كان يملكها البائع والتي لا تدخل ضمن المبيع، والثاني كون التقييد سلب من المدعين حقوقا أخرى غير متأصلة من إراثة الحاج محمد (س)، طالبين لذلك الحكم بإبطال إجراءات التقييد التي أنجزها المحافظ على الأملاك العقارية في الصك العقاري عدد 04/14621 حين شطب على أسماء المدعين وتجاوز ما قضى به القرار الاستئنافي موضوع التقييد، وتجاوز حدود الشراء المحكوم بتقييده والذي يستثني الدور السكنية.
وأدلت المدعى عليها للا السعدية (ب) بجوابها مع مقالين معارضين الأول بتاريخ 2005/03/01 والثاني بتاريخ 2005/03/30، حيث أكدت أن التشطيب على التقييد الذي قام به السيد المحافظ على الأملاك العقارية استند فيه على الأحكام النهائية التي صدرت في النزاع، وأن الهدف من الطلب هو إعادة طرح النزاع أمام القضاء، الأمر الذي يشكل مسا بقوة الشيء المقضي به للقرارات السابقة، وطلبت في مقالها الأول التشطيب على التقييد الاحتياطي المقيد على الرسم العقاري بتاريخ 2005/01/27 كناش 29 عدد 326، وفي الثاني بأمر المحافظ على الأملاك العقارية بإصلاح الخطأ الذي وقع فيه أثناء تقييده لحقوق موروثهم بإضافة مساحة أربعة هكتارات و 84 آرا التي تنقص حصته. وبعد جواب باقي المدعى عليهم بأن التقييد بالرسم العقاري تم على أساس ما قضى به الحكم، وجواب المحافظ بأن تقييد البيع الصادر لفائدة مولاي إدريس (ب) والحاج محمد (اغ) والحاج عبد الله (اغ) لم يتم على أساس العقد العرفي وإنما على أساس الأحكام والقرارات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، وأن المدعين لم يثيروا أثناء مرحلة التقاضي بأن الدور السكنية مستثناة من البيع، وأن العقد المحتج به من قبل المدعين غير مقروء، وبالتالي فهو غير قابل للتقييد على حالته، وأن التسجيل تم على أساس الأحكام التي قضت بأحقية المدعى عليهم في جميع ما تبقى من الصك العقاري. وبعد كل ما ذكر، أصدرت المحكمة حكمها بتاريخ 2005/12/06 في الملف رقم 2005/9/49 بعدم قبول المقال المضاد الأول شكلا، وبرفض الطلبين الأصلي والمضاد الثاني، فاستأنفه المدعون أصليا وبعد إجراء محكمة الاستئناف خبرتين الأولى بواسطة الخبير عبد الرحيم الخليفة، والثانية بواسطة الخبيرة لطيفة الدقاقي قضت بتأييد الحكم المستأنف وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه منالمستأنفين بثلاث وسائل.
فيما يخص الوسيلة الأولى:
حيث يعيب الطاعنون القرار فيها بخرق مقتضيات الفصل 26 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه: ” تختص كل محكمة مع مراعاة مقتضيات الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل أحكامها أو قراراتها “، وقد أشار الطاعنون إلى أن الأحكام التي تقضي بإتمام البيع لا يمكنها أن تقضي بأكثر مما قصده الطرفان البائع والمشتري في عقد البيع، وعند الغموض فإن المحكمة تتدخل لتفسير أحكامها لضمان الإنصاف ودرء المظالم، وأن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لم ترد على ما تمسك به الطاعنون بهذا الشأن.
لكن، ردا على الوسيلة فإن تدخل المحاكم من أجل تأويل وتفسير الأحكام الصادرة عنها لا يتم من طرفها تلقائيا، وإنما بطلب ممن له المصلحة في ذلك، وأن مقال الطاعنين لم يكن يهدف إلى تفسير وتأويل القرار الاستئنافي عدد 2160 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 1991/11/11 في الملف المدني عدد 91/1323، لبيان حدود ما قضى به، وتكون بذلك الوسيلة على غير أساس.
وفيما يخص الوسيلة الثانية
حيث يعيب الطاعنون القرار فيها بعدم مناقشة الخبرتين المنجزتين في النازلة، ذلك أن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أصدرت قرارا تمهيديا بتاريخ 2006/10/30 بإجراء خبرة بواسطة الخبير عبد الرحيم الخليفة وحددت مهمته في تحديد الأسهم الراجعة للهالك محمد (س) في الرسم العقاري عدد 14621/م قبل إقدامه على بيع أسهمه بمقتضى رسم الشراء المؤرخ في 1968/02/07، وتحديد أنصبة الطاعنين المتبقية لهم في العقار بعد إزالة أنصبتهم التي ورثوها عن عمهم الهالك، ليتضح للمحكمة ما تبقى للطاعنين في العقار خارج رسم الشراء وتحديدها أسهما. كما أصدرت بتاريخ 2007/10/29 قرارا آخر بإجراء خبرة بواسطة الخبيرة لطيفة الدقاقي التي أسندت لها نفس المهمة المسندة للخبير الأول، وأن كلا الخبيرين انتهيا في تقريرهما إلى كون الطاعنين لا زالوا يملكون نسبة الأسهم في الرسم العقاري محددة في 130 سهما من أصل 18432 أي ما يقابله 2 هكتار و 44 آرا و 56 سنتيارا، مؤكدين أن المحافظ ارتكب خطأ ماديا بحيث لم يأخذ بعين الاعتبار كون موروثهم الحسين (اد) المدعو حوسة لا يزال مالكا لهذه الأسهم، وأن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لم تناقش الخبرتين ولم ترد عليهما بما يقتضيه القانون.
لكن، ردا على الوسيلة فإنه بمقتضى الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية، يجب أن تكون طلبات نقض الأحكام مبنية على أحد الأسباب الآتية: خرق القانون الداخلي خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف. عدم الاختصاص. الشطط في استعمال السلطة. عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل. وأن وسيلة النقض أعلاه لم تبن على أي سبب من الأسباب المشار إليها، الأمر الذي تكون معه مخالفة لمقتضيات الفصل 359 المذكور، وبالتالي غير مقبولة.
وفيما يخص الوسيلة الثالثة:
حيث يعيب الطاعنون القرار فيها بعدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل، ذلك أن المحكمة مصدرته لم تستحضر كون الحكم القاضي بإتمام إجراءات البيع، وهو القرار الاستئنافي عدد 2160 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 1991/11/11 في الملف المدني عدد 91/1323 المطعون في تقييده بالصك العقاري قد أجهز على حقوق الطاعنين بتجاوزه ما جاء في عقد البيع، وأن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه تخوفت من المساس بما قضى به القرار الاستئنافي، واعتبرت أن المحافظ اقتصر دوره على تقييد الحكم ولم يتجاوزه، غير أن المحافظ ملزم بالرجوع إلى عقد البيع الذي أمرته المحكمة بتسجيله ولما تبين له وجود تناقض بين الحكم وعقد البيع كان عليه أن يطلب من المحكمة تفسيره، وأن المحافظ نفسه يعترف بكونه أخطأ عند تقييد الحكم، وأن الطاعنين يدلون بشهادة مستخرجة من الصك العقاري عدد 14621م بتاريخ 2013/01/18 تشير إلى أن ما قدره 2.032.128.000 سهما أي ما يعادل هكتارين وآرين و 12 سنتيارا تقريبا انتقلت عن طريق الخطأ إلى ورثة مولاي إدريس (ب) وورثة محمد (اغ) وورثة عبد الله (اغ)، وأن الخطأ المذكور كان بمناسبة تقييد القرار الاستئنافي رقم 2160 القاضي بتسجيل عقد شراء موروثي المطلوبين في النقض،
والتشطيب على إراثة الحاج محمد (س) الأخ الشقيق لموروث الطاعنين، وأن هذا الخطأ سلبهم حقوقا أخرى غير متأصلة من إراثة الحاج محمد (س)، وأنه لا يمكن لشخص أن ينقل لغيره أكثر مما كان يملك، كما أن الدور السكنية مستثناة من البيع وأن المحكمة المصدرة للقرار لم تبحث في ذلك.
لكن ردا على الوسيلة، فإنه ثبت للمحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أن القرار الاستئنافي الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 1991/11/11 في الملف عدد 1991/1323، إنما قضى بتقييد عقد شراء موروثي المطلوبين وإراثتهما بالصك العقاري، وبأحقيتهما في جميع ما تبقى منه ولم يستثن منه أي جزء، وأعتبر عن صواب أن طلب إبطال إجراءات التقييد، فيه مساس بحجية الأمر المقضي به، خاصة أنه لا يستفاد من مستندات الملف أن الطاعنين سبق لهم أن راجعوا المحكمة المصدرة للقرار المقيد بالصك العقاري من أجل تأويله لمعرفة نطاق ما قضى به، ولذلك فإن القرار حين علل بأن: ” المحافظ على الأملاك العقارية بسيدي يوسف بن علي اقتصر دوره على تقييد مقتضيات حكم قضائي نهائي لا تعقيب فيه بالصك العقاري عدد 04/14621 الصادر عن استئنافية مراكش بتاريخ 1991/11/11 في الملف عدد 91/1323 الذي قضى في منطوقه بتسجيل عقدي شراء موروثي المستأنفين وإراثتهما في الصك العقاري المذكور، وبأحقيتهما في جميع ما تبقى في الصك العقاري، وأن منطوق القرار المذكور جاء واضحا وصريحا وأن المحافظ المكلف بالتقييد لم يتجاوز منطوقه ولم يجهز على ما يملكه موروث الطاعنين في ارث موروثهم الهالك الحسين (اد)، وأن تقييد البيع المنجز لفائدة موروث المستأنفين لم يتم بناء على عقد البيع العرفي، وإنما تم بناء على حكم قضائي نهائي، وأن منطوق القرار موضوع التقييد لم يرد به أي استثناء للدور السكنية حسب ما هو مضمن بمنطوقه، وبالتالي فإن المحافظ لا يملك أن يغير ما تضمنه القرار موضوع التقييد أو تعديله أو الزيادة فيه”، فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار معللا والوسيلة على غير أساس.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب.
الرئيس : السيد العربي العلوي اليوسفي – المقرر : السيد أحمد دحمان – المحامي العام : السيد رشید صدوق