القرار عدد 23
الصادر بتاريخ 04 يناير 2017
في الملف الجنحي عدد 2016/1/6/16350
تحقيق – أمر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص – إلغاؤه من طرف الغرفة الجنحية – نقصان التعليل الموازي لانعدامه.
إن أمر قاضي التحقيق بعدم الاختصاص اعتمادا على أن الأفعال موضوع المطالبة بإجراء تحقيق تكيف بصفة الجناية، لوجود تزوير في وثائق رسمية عن طريق تغيير الحقيقة فيها بسوء نية والغرفة الجنحية لما ألفت الأمر المذكور بعلة أن قاضي التحقيق أضاف أفعال جديدة للمتهمين رغم خلو الملف من مطالبة إضافية بإجراء تحقيق بعد سلوك مقتضيات المادة 84 من قانون المسطرة الجنائية، فإنها لم تبرز كون الأفعال التي وصفها هذا الأخير بأنها تكون جناية غير مشمولة بملتمسات النيابة العامة بإجراء التحقيق، أو أن المحقق أخل في بحثه بما تفرضه عليه مقتضيات المادة 1/85 من نفس القانون، أو أن في اتخاذ الأمر المذكور ما يعوق الكشف عن الحقيقة، مما يكون قرارها مشوبا بنقصان التحليل الموازي لانعدامه.
نقض وإحالة
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على طلب النقض المرفوع من السيد نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان، بمقتضى تصريح أفضى به بتاريخ 2016/06/23، أمام كاتبة الضبط بها والرامي إلى نقض القرار الصادر بتاريخ 2016/06/22 عن الغرفة الجنحية بها، في القضيتين المضمومتين ذاتي العددين 2016/172 و 2016/173، والقاضي – أي القرار – بإلغاء أمر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتطوان الصادر بتاريخ 2016/05/11 والقاضي بعدم الاختصاص في القضية، والتصريح من جديد بإرجاع الملف إلى السيد قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية المذكورة لاستكمال إجراءات التحقيق التي يراها مناسبة طبقا للقانون.
إن محكمة النقض بعد أن تلا السيد المستشار بوشعيب بوطربوش التقرير المكلف به في وبعد الإنصات إلى السيد عبد الكافي ورياشي المحامي العام في مستنتجاته. وبعد المداولة طبقا للقانون نظرا لمذكرة بيان أسباب الطعن بالنقض المدلى بها من لدن الطاعن بإمضائه.
في شأن وسيلة النقض الفريدة المتخذة من أن القرار المطعون فيه
استبعد ضمنيا قاعدة أن التحقيق عيني، وأن قاضي التحقيق يجري التحقيق في الأفعال المعروضة عليه ويعطيها التكييف القانوني المناسب، ويحدد المتابعات في حق الأشخاص، ويقيد فقط بعدم اتهام شخص إلا استنادا لمطالبة النيابة العامة. ولما كانت الوقائع موضوع المطالبة بإجراء تحقيق اعتمدت على وثائق كان يظهر أنها سليمة، إلا أنه بعد إجراء التحقيق تبين أنها مزورة. ولا يشكل ذلك وقائع جديدة لأن الوثائق المعنية متصلة اتصالا وثيقا بما سبق أن طالب به وكيل الملك في مطالبته بإجراء تحقيق بشأن جنح النصب والمساهمة والمشاركة فيه والتصرف في عقار إضرارا بمن سبق معه التعاقد بشأنه، لدرجة لا يتصور معها وجودها إلا مع تلك الوثائق التي تبين أنها مزورة والقرار المطعون فيه عندما جعل ملتمس النيابة العامة إلزاميا بالنسبة لما ذكر فقد أعطى إجراءات التحقيق مدلولا جديدا قلص فيه من سلطة قاضي التحقيق الذي لم تعرض عليه وقائع جديدة، ولم تقدم له شكايات أو محاضر أو أفعال تشكل جرائم غريبة عن الوقائع المعروضة عليه سلفا. وإنما أصدر أمرا بعدم الاختصاص عندما اكتشف أن نفس الوقائع المطالبة بإجراء التحقيق تكتسي وصف حناية الشيء الذي يعرض موضوع القرار المذكور للنقض والإبطال.
بناء على المواد 365 و 370 و 1/85 و 5/217 و 4/48 من قانون المسطرة حيث إنه بمقتضى المادة 365 في بندها رقم 8 والمادة 370 في بندها رقم 3 من القانون المذكور، يجب أن يكون كل حكم أو قرار أو أمر معللا من الناحيتين الواقعية والقانونية وإلا كان باطلا وإن نقصان التعليل يوازي انعدامه. وحيث إن المواد 1/85 و 5/217 و 4.1/84 من القانون المذكور تنص على التوالي على ما يلي: يقوم قاضي التحقيق، وفقا للقانون بجميع إجراءات البحث التي يراها صالحة للكشف عن الحقيقة».
إذا تعلق الأمر بجناية صرح قاضي التحقيق – لدى المحكمة الابتدائية) بعدم اختصاصه، وأحال الملف على النيابة العامة».
يجري التحقيق بناء على ملتمس من النيابة العامة…
إذا علم قاضي التحقيق بوقائع لم يشر إليها ملتمس إجراء التحقيق، تعين عليه أن يرفع حالا إلى النيابة العامة الشكايات والمحاضر المتعلقة بها ».
وحيث إن القرار المطعون فيه علل ما قضى به من إلغاء أمر قاضي التحقيق بعدم الاختصاص ما يلي:
وحيث إن الغرفة الجنحية…. تبين لها صحة ما عابته الجهات المستأنفة على الأمر المستأنف، ذلك أن ما علل به قاضي التحقيق قراره من قيام حناية التزوير في محررات رسمية لم تكن موضوع مطالبة بالتحقيق من طرف النيابة العامة
وحيث… إن قاضي التحقيق لا يمكن أن يضيف أفعالا جديدة – جنحا أو جنايات للمتهمين إلا مقتضى مطالبة إضافية بإجراء تحقيق بعد سلوك مقتضيات الماد 84 من قانون المسطرة الجنائية…».
وحيث إنه لما كانت المسطرة المذكورة لم يتم سلوكها، وكان الملف حاليا مما يفيد أن الأفعال التي ارتكز عليها السيد قاضي التحقيق للقول بعدم الاختصاص كانت موضوع مطالبة بإجراء تحقيق من طرف النيابة العامة حتى تخرج ملف النازلة عن اختصاصه، فإن الأفعال المسطرة من طرف النيابة العامة في ملتمساتها المقدمة على التوالي في 2016/02/09 و 2016/02/17 و 2016/03/01 تبقى من اختصاص قضاء التحقيق بالمحكمة الابتدائية إلى أن يستجد بالملف ما يرفع هذا الاختصاص بمقتضى القانون… .
وحيث إنه يبين من هذا التحليل أن الغرفة الجنحية – وهي تلغي أمر قاضي التحقيق – لم تبرز كون الأفعال التي وصفها هذا الأخير بأنها تكون جناية غير مشمولة بملتمسات النيابة العامة بإجراء التحقيق، أو أن المحقق أحل في بحثه بما تفرضه عليه مقتضيات المادة 1/85 المنقولة أعلاه، أو أن في اتخاذ الأمر المذكور ما يعوق الكشف عن الحقيقة.
كما أن ما عابه تعليل القرار المذكور على الأمر القضائي من تصريحه بعدم الاختصاص في أفعال لم تلتمس النيابة العامة إجراء التحقيق فيها، لا يستقيم حصوله في ظل الاختصاص النوعي لكل من وكيل الملك وقاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية، إذ إن تفعيل المادة 4/84 المذكورة رهين يكون تلك الأفعال من اختصاص المحكمة التي يجري فيها التحقيق.
وحيث إن تعليل قاضي التحقيق أوضح بشأن ما ذكر أنه: «… يتضح وجود تزوير في وثائق رسمية عن طريق تغيير الحقيقة فيها بسوء نية من طرف موظفين عموميين وموثقين وعدول أثناء مزاولتهم لوظائفهم…. ويتعين التصريح بعدم الاختصاص لكون الأفعال موضوع المطالبة بإجراء تحقيق تكيف بصفة الجناية ….
مما يفيد أن نفس الأفعال التي فتح التحقيق فيها بوصفها جنحا مع أحد عشر متهما هي التي أسفر بحث قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية عن وجود أفعال ضمنها توصف بالجناية، ولا تشكل وقائع جديدة أضافها المحقق، خلافا لما أورده تعليل القرار، مما يشكل نقصانا في تعليل القرار يوازي انعدامه ويعرضه للنقض والإبطال.
من أجله
قضت بنقض القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 2016/06/22 عن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بتطوان في القضيتين المضمومتين ذاتي العددين.2016/173, 2016/172 وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض الكائنة بشارع النخيل بحي الرياض بالرباط.
وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: الطيب أنجار رئيسا، والمستشارين بوشعيب بوطربوش مقررا ومحمد لحفيا والمصطفى هميد وجمال سرحان، أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي الذي كان يمثل النيابة العامة، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة اليماني.