القرار عدد: 128
الصادر بتاريخ:28 فبراير 2018
في الشرعي عدد:433/1/2017
نفقة – الحكم باقتطاعها من المنبع دون قيد أو شرط.
إن المحكمة لما ألغت الحكم الابتدائي القاضي باقتطاع المبالغ المحكوم بها من المنبع باعتبار أن هذا الإجراء لا يكون إلا عند تقاعس المحكوم عليه عن الأداء، والحال أن المادة المذكورة خولت المستفيد من الحكم اقتطاع النفقة من المنبع دون قيد أو شرط لما للنفقة من طابع معيشي واجتماعي، فإنها أساءت تطبيق المادة المذكورة وعللت قرارها تعليلا فاسدا.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
نقض وإحالة
حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه رقم 2016/1220 الصادر بتاريخ 2016/12/06، عن : محكمة الاستئناف بفاس، في الملف عدد 2016/1622/810، أن المدعي (م.ك) تقدم بتاريخ 2015/05/15، أمام المحكمة الابتدائية بصفرو، بمقال عرض فيه بأن المدعى عليها (أ.أ) زوجته بمقتضى عقد، وأنجب معها الابن عبد العزيز المزداد بتاريخ 2004/03/14، وبما أن العلاقة الزوجية قد ساءت بينهما، فإنه يلتمس الحكم بتطليقها منه للشقاق، وبعد إجراء محاولة صلح ستحكم به المحكمة من نفقة وأجرة سكن لفائدة ابنها من أجر المدعى عليــــه كما التمست الحكم لابنها بتوسعة الأعياد بحسب 3000 درهم تقتطع من أجر المدعي مباشرة على رأس كل سنة مع تحويل المبالغ المقتطعة إلى حساب المدعية فرعيا. وبعد انتهاء الإجراءات، قضت المحكمة بتاريخ 2016/03/16 بتطليق المدعى عليها من المدعي طلقة ثانية بائنة للشقاق، وبتمكينها من سحب مستحقاتها المودعة بصندوق المحكمة والمفصلة كالتالي: عن المتعة مبلغ 22.000 درهم، وعن سكنى المطلقة خلال العدة 3000 درهم، وعن نفقة الابن 1800 در هم وبإسناد حضانة الابن عبد العزيز لوالدته مع إلزام المدعي بأدائه لها مستحقات الابن كالتالي: عن النفقة مبلغ 600 درهم، وعن أجرة السكني 700 درهم، وعن أجرة الحضانة مبلغ 200 درهم والكل شهريا ابتداء من تاريخ انتهاء العدة وعلى المدعى عليها بتمكين المدعي من صلة الرحم بابنه. وفي الطلب العارض، بأداء المدعي للمدعية فرعيا توسعة الأعياد الخاصة بالابن بحسب 1000 درهم سنويا ابتداء من 2015/10/07، وبأمر الخازن العام للمملكة باقتطاع مستحقاته البالغة في مجموعها 1500 درهم شهريا، إضافة إلى مبلغ 1000 درهم سنويا من أجر المدعي مع تحويلها للحساب البنكي المفتوح لدى البنك الشعبي وكالة البهاليل في اسم المدعية فاستأنفه المدعي استئنافا أصليا، كما استأنفته المدعى عليها استئنافا فرعيا وبعد انتهاء الردود، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من اقتطاع مستحقات الابن عبد العزيز من أجر المدعى عليه والحكم برفض الطلب المذكور، وبتأييد الحكم المستأنف في باقي مقتضياته مع تعديله فيما قضى بــه مــن أجــرة الحضانة، وتخفيضها إلى 100 درهم وفيما قضى به بخصوص واجب سكنه وتخفيضه إلى 500 درهم بقرارها المطعون فيه بالنقض بمقال لم يجب عنه المطلوب رغــم تسجيل نيابة الأستاذين (ع.ا) و(ع.س).
وحيث تعيب الطالبة القرار في الوسيلة الأولى بانعدام التعليل، ذلك أنها أثارت في المرحلة الاستئنافية يكون المستأنف لم يدخل الخازن العام في مقاله الاستئنافي رغم كونه طرفا في التزاع بمقتضى المقال المعارض وإدخال الغير في الدعوى إلا أن المحكمة لم تجب على الدفع المذكور رغم حديته، مما يعرض القرار للنقض.
لكن، حيث إن الدفع المذكور يخض الخازن العام ولا يمكن للطاعنــــة التمسك به، مما يبقى معه ما بالوسيلة غير جدير بالاعتبار.
وحيث تعيب الطالبة القرار في الوسيلة الثانية بعدم الارتكاز على أساس قانوني والخرق الجوهري للقانون، ذلك أن القرار المطعون فيه لم يحترم المادة 189 من مدونة الأسرة، لما خفض من مستحقات الطفل دون أن تبين المعايير المعتمدة، ورغم أن المطلوب ميسور الحال بالنظر إلى دخله الشهري وما له مـــــن عقارات، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تجب على ما أثير من دفـــوع بهذا الخصوص مكتفية بالقول بأن المبالغ المحكوم بها مبالغ فيها، ولو أجرت بحثا بخصوص المدلى به، لقضت بالرفع من المستحقات المحكوم بها بدل التخفيض منها، مما يجعل القرار ناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا للنقض.
لكن، حيث إنه خلافا لما ورد بالنعي أعلاه، فإن المحكمة في إطار سلطتها التقديرية في تحديد مستحقات الأطفال المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية لما ثبت لها أن دخل المطلوب الشهري محدد في مبلغ 8303,23 دراهم حسب شهادة الأجر المرفقة وله تحمل عائلي باعتباره المتكفل بأخته حسب الموجــب العــــدلي المدلى به ومراعاة التوسط وحال مستحق النفقة ومستوى الأسعار، فإنهــا من مستحقات الطفل إلى القدر الوارد منطوق قرارها، مما يجعل القرار مرتكزا على أساس وما بالوسيلة غير مؤسس.
وحيث تعيب الطالبة القرار في الوسيلة الثالثة بسوء تطبيق المادة 191 من مدونة الأسرة، ذلك أن المحكمة مصدرته رفضت الطلب الخاص بالاقتطاع من منبع الريع دون تعليل، مع أن المادة 191 المذكورة نصت على أنه يمكن للمحكمة تحديد وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه أو اقتطاعها من منبع الربع أو الأجر الذي يتقاضاه، وأن هذه المادة ترمي إلى حماية الطابع المعيشي للنفقة وما تتطلبه من استعجال ولتوفير الضمانات الكفيلة بأدائها، وأن المادة المذكورة لا تستوجب الإدلاء بأي وثيقة تثبت عدم
أداء النفقة مما يجعل القرار المطعون فيه قد طبق المادة 191 المشار إليها تطبيقا خاطئا، مما يعرضه للنقض.
حيث صح ما عابته الوسيلة على القرار، ذلك أنه ينص المادة 191 مـــن مدونة الأسرة، “فإن المحكمة تحدد وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه أو اقتطاع النفقة من منبع الريـــع أو الأجـــر الـــذي يتقاضاه..”. والمحكمة لما ألغت الحكم الابتدائي القاضي باقتطاع المبالغ المحكوم بما من المنبع باعتبار أن هذا الإجراء لا يكون إلا عند تقاعس المحكوم عليه عـــــن الأداء، والحال أن المادة المذكورة خولت المستفيد من الحكم اقتطاع النفقة المنبع دون قيد أو شرط لما للنفقة من طابع معيشي واجتماعي، فإنها أساءت تطبيق المادة المذكورة، وعللت قرارها تعليلا فاسدا، مما يعرضه للنقض.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد بنزهة رئيسا والسادة المستشارين محمد عصبة مقررا وعمر لمين والمصطفى بوسلامة وعبد الغني العيدر أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد محمد الفلاحي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة.