محكمة النقض تؤيد الدفع بالتقادم رغم ادعاء الأداء في دعوى تجارية بخصوص كمبيالات

سبق الأداء لا يهدم قرينة التقادم: قرار حاسم لمحكمة النقض في نزاع تجاري

قاعة محكمة مغربية تقليدية تضم منصة القاضي ومقاعد المحامين والشهود في جو رسمي.

القرار عدد 377
الصادر بتاريخ 18 يوليوز 2018
في الملف التجاري عدد 2017/3/3/1550

 

دفع بالتقادم – تمسك بسبق أداء الكمبيالات – أثره

إن تمسك المطلوب بسبق أدائه للكمبيالات موضوع الدعوى يُعَد تعضيدًا للدفع بالتقادم، وليس هدمًا له، لأن المقصود بهدم قرينة التقادم أن يتضمن جواب المدعى عليه ما يفيد عدم الأداء، كأن ينكر صدور سند الدين عنه أو ينفي المعاملة التي أُسس عليها الطلب. أما والحال أن المطلوب تمسك بسبق أداء الدين، فإن موقفه هذا يعزز الدفع بالتقادم طالما أن مؤداه هو انقضاء الدين، كما هو الشأن بالنسبة للوفاء.

 

رفض الطلب

باسم جلالة الملك وطبقًا للقانون

 

حيث يُستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه، أن شركة (…) تقدمت بمقال أمام المحكمة التجارية بالرباط، عرضت فيه أنها دائنة للمدعى عليه (ع. ب) بمبلغ 509.494,57 درهمًا، بموجب اثنتي عشرة كمبيالة مقبولة وموقعة من طرفه، أُرجعت جميعها بدون أداء لعدم وجود المؤونة، والتمست الحكم عليه بأدائه لها المبلغ المذكور.
وبعد استدعاء المدعى عليه، ورجوع طي التبليغ بكونه انتقل من العنوان، صدر الحكم عليه بأدائه للمدعية مبلغ 509.494,57 درهمًا، فاستأنفه المحكوم عليه، وبعد الجواب واستكمال الإجراءات، صدر القرار بإلغاء الحكم المستأنف، والحكم من جديد برفض الطلب، وهو القرار المطلوب نقضه.

في شأن وسيلة النقض الأولى بفرعيها:

 

تعيب الطالبة القرار بعدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل، بدعوى أنه طبقًا للمادة 228 من مدونة التجارة، تتقادم جميع الدعاوى الناتجة عن الكمبيالة ضد القابل بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق. وبالاطلاع على الكمبيالات سند الدين موضوع الدعوى، يتضح أن المستأنف عليها لم تتقدم بدعواها إلا بتاريخ 24 أبريل 2014، مما يُفيد أن الكمبيالات قد تقادمت بمرور أكثر من ثماني سنوات على تاريخ استحقاقها، مما يجعل دفع الطاعن في محله.
في حين أن الثابت قانونًا أن التقادم المقضي به هو تقادم مبني على قرينة الوفاء باعتباره تقادمًا قصيرًا، ويمكن تقويضه باليمين الموجهة إلى المدين (الفقرة الثانية من المادة 228 من مدونة التجارة) أو بأية وسيلة أخرى.
وبما أن المطلوب هدم قرينة الوفاء حينما نازع في المديونية وزعم الأداء كما هو مفصل في مقاله الاستئنافي، فإن المحكمة حين قضت بالتقادم يكون قرارها غير مرتكز على أساس. كما أن المحكمة عللت قرارها بأنه ثبت لها من خلال الوصولات المدلى بها من طرف المستأنف، والصادرة عن المستأنف عليها، والتي لم يكن محل أي طعن من طرف هذه الأخيرة، وأن الطاعن قد وفّى بجميع المبالغ المستحقة “للكمبيالات سند الدين موضوع النزاع”.
في حين أن الطالبة لم يسبق لها أن أقرت بتلك الوصولات، بل إن تلك التواصيل كانت موضوع دفوع جدية من طرفها، إذ أنها أثارت من خلال مذكرتها الجوابية المدلى بها أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بجلسة 16 يناير 2017، أن المستأنف لم ينازع في صحة الكمبيالات، مدليًا في هذا الإطار بنسخ تواصيل، وأن المستأنف لم يدل بأصول تلك التواصيل، وأنها تحتفظ بحق الطعن فيها بعد الإدلاء بأصولها، وأن الأداء المزعوم من طرف المستأنف لا علاقة له بمبالغ الكمبيالات.
وبدليل أنه في إطار مسطرة رفع الحجز التي تقدم بها المستأنف بخصوص نفس الكمبيالات، فإنه لم يسبق له قط أن ادعى الأداء، وأن الأداء المزعوم جاء خرقًا للمادتين 185 و198 من مدونة التجارة، وأن حيازة الطالبة للكمبيالات دليل على عدم أداء مبالغها.
ويتأكد خلافًا لما انتهت إليه المحكمة أن دفوع الطالبة تنصرف للطعن في التواصيل المدلى بها من طرف المطلوب، والتي ألحت الطالبة على الإدلاء بأصولها قصد الطعن فيها بالزور، والقرار المطعون فيه بعدم رده على الدفوع المذكورة بالرغم مما لها من تأثير في الدعوى، واعتباره أن الطالبة لم تطعن في التواصيل، يكون غير مرتكز على أساس ومنعدم التعليل، مما يستوجب نقضه.
لكن، حيث إن تمسك المطلوب بسبق أدائه للكمبيالات موضوع الدعوى يُعد تعضيدًا للدفع بالتقادم، وليس هدمًا له، خلافًا لما جاء في الوسيلة، إذ إن المقصود بهدم قرينة التقادم هو أن يكون في جواب المدعى عليه ما يفيد عدم الأداء، كأن ينكر صدور سند الدين عنه أو ينفي المعاملة التي أُسس عليها الطلب. أما والحال أن المطلوب تمسك بسبق أداء الدين، فإن موقفه هذا يعزز الدفع بالتقادم، طالما أن مؤداه هو انقضاء الدين، كما هو الشأن بالنسبة للوفاء.
وبذلك، فالمحكمة فيما انتهت إليه لم تخرق المادة 228 من مدونة التجارة، ومناقشتها للوصولات المدلى بها، وما جاء في تعليلها من أنها لم تكن محل أي طعن من طرف الطالبة، مجرد تزيد يستقيم القرار بدونه، وبذلك جاء القرار المطعون فيه معللًا بما يكفي ومبنيًا على أساس قانوني سليم، وما بالوسيلة بفرعيها على غير أساس، عدا ما تبين أنه من قبيل التزيد، فهو بدون أثر.

في شأن الوسيلة الثانية:

يعيب الطالب القرار بخرق الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أنه بالرجوع إلى المقال الاستئنافي للمطلوب، يتبين أنه خال من الوقائع، وأن القرار المطعون فيه الذي قضى بقبول الاستئناف، جاء رغم ذلك غير مرتكز على أساس قانوني، وخارقًا للفصل 142 من ق.م.م، مما يستوجب نقضه.
لكن، حيث إنه يتبين بالرجوع إلى المقال الاستئنافي كما كان معروضًا على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، أنه تضمن سردًا لعناصر القضية كافٍ لنفي الجهالة عن موضوعها، مما يجعل النعي المتخذ من كونه خاليًا من ذكر وقائعها خلاف الواقع، والوسيلة غير مقبولة.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب.
وبه صدر القرار وتُلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة:
• محمد المجدوبي الإدريسي رئيسًا
• محمد وزاني طيبي مقررًا
• السعيد شوكيب
• محمد رمزي
• محمد الصغير أعضاء
وبمحضر المحامي العام السيد عبد العزيز أوبايك، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة مونية زيدون

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...التفاصيل

موافق