محكمة النقض تحسم في نزاع حضانة طفلين غير شرعيين بين أم مغربية وأب أجنبي وفقًا لاتفاقية لاهاي

تطبيق صارم لاتفاقية لاهاي: القضاء المغربي يأمر بإرجاع طفلين نُقلا من إيطاليا إلى المغرب دون موافقة الأب

عالـم القانون12 أبريل 2025
تجسيد بصري لقرار محكمة النقض المغربية بشأن حضانة طفلين في إطار تطبيق اتفاقية لاهاي للاختطاف الدولي للأطفال.

القرار عدد 196
الصادر بتاريخ 27 مارس 2018
في الملف الشرعي عدد 2016/1/2/660

 

 

اتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل – عدم اشتراط وجود رابطة شرعية بين الوالدين والطفل.

بمقتضى المواد 3 و12 و14 من اتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل المؤرخة في 25 أكتوبر 1980، والتي صادقت عليها المملكة المغربية بظهير 02 غشت 2011 ونشرت بالجريدة الرسمية عدد 6026 بتاريخ 01 مارس 2012، فإن قانون الدولة التي كان الطفل يقيم بها بصفة اعتيادية قبل نقله هو الأولى بالتطبيق، وأن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية يمكنها، حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ، أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها طبقًا للفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود. والمحكمة لما ثبت لها أن الولدين نقلا من مكان إقامتهما الأصلي بإيطاليا إلى المغرب، مما يعد مخالفة لمقتضيات الاتفاقية المذكورة، التي لا تشترط وجود رابطة شرعية بين الوالدين والطفل، وقضت بإرجاعهما للمطلوب، فإنها طبقت القانون وعللت قرارها تعليلًا سليمًا.

باسم جلالة الملك وطبقًا للقانون

 

رفض الطلب

 

حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه رقم 1298 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 28 مارس 2016 في الملف عدد 2015/1221/5278، أن المدعي (ر.ه) – إيطالي الجنسية – قدم مقالًا إلى رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 29 يونيو 2015، عرض فيه أن المدعى عليها (م.ع) أم لابنيه (ف.ي) المزداد بتاريخ 2011/11/16 و(ز.ه) المزداد بتاريخ 2008/08/04 بفيرونا بإيطاليا، وأنه اعتمادًا على خبرة قضائية اتضح أنها غير أهل لتربيتهما، فتقرر تركهما مع والدهما ومنح والدهما حق الزيارة، إلا أنها أخفتهما عن الأنظار ولم ترجعهما إليه، والتمس عملًا باتفاقية لاهاي لسنة 1980 الترخيص له بنقل الولدين المذكورين إلى مكان سكناهما الاعتيادي بإيطاليا.
وأجابت المدعى عليها بأن المدعي لا صفة له في الدعوى، وأن العلاقة الزوجية بينهما غير قائمة، وأن الطفلين نتجا عن علاقة غير شرعية، وأنهما قضيا طفولتهما بألمانيا ويحملان جواز سفر دولة ألمانيا، وأن المدعي يعتنق المسيحية ولا يمكنه حضانة أبناء أمهم مسلمة، والتمست رفض الدعوى.
وأجرت المحكمة بحثًا، ثم أصدرت حكمها بتاريخ 16 أكتوبر 2015 بعدم الاختصاص. فاستأنفه المدعي. وألغته محكمة الاستئناف وتصدت، وقضت على المستأنف عليها بإعادة الطفلين (ف.ي) و(ز.ه) إلى مكان سكناهما الاعتيادي بإيطاليا، وهو القرار المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن خمسة أسباب، لم يُجب عنها المطلوب، وقد وُجّه إليه التبليغ.
حيث تعيب الطاعنة القرار في السبب الأول بالبتّ أكثر مما طُلب، ذلك أن المحكمة مصدرته طُلب منها في المقال الافتتاحي الإذن بنقل الطفلين، بينما هي قضت بإعادة الطفلين إلى مكان سكناهما، وأن الحالة الأولى تعطي الإذن للمطلوب بعملية الإعادة، بينما الثانية تجعل الطاعنة ملزمة بإعادة الطفلين وليس الغير، وهذا لم يُطلب من المحكمة، والتمست نقض القرار.
لكن، حيث إنه خلافًا لما جاء في السبب، فالمقال الافتتاحي لا يتضمن كلمة الإذن بنقل الطفلين، وأن المحكمة عندما استعملت كلمة “إعادة الطفلين” بنت ذلك طبقًا لاتفاقية لاهاي 1980، وتبقى الوسيلة غير جديرة بالاعتبار.
وتعيب الطاعنة القرار في الأسباب الأربع مجتمعة للارتباط، بنقصان التعليل، ذلك أن المحكمة مصدرته اعتمدت صفة الأبوة في طلب استرجاع المطلوب لابنيه، وهذا يمس بموضوع النزاع ويوجب القضاء بعدم الاختصاص، كما أن المطلوب يدين بغير الإسلام وفي هذا مساس بالنظام العام المغربي، وأنه لا وجود لأي حكم أجنبي باستحقاق المطلوب للحضانة، وعليه إثبات تذييله بالصيغة التنفيذية، وأن بلد الإقامة للطاعنة قبل انتقالها للمغرب هو ألمانيا وليس إيطاليا، والولدان كانا يدرسان هناك بموافقة المطلوب، وتطبيق اتفاقية لاهاي يمس بالنظام العام المغربي، وأن المادة 14 منها أوجبت على المحكمة الأخذ بعين الاعتبار قانون الدولة التي يقيم بها الطفل، ومصلحة الطفلين لم تُراع عند اتخاذ القرار.
لكن، حيث إنه بمقتضى المواد 3 و12 و14 من اتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل المؤرخة في 25 أكتوبر 1980، والتي صادقت عليها المملكة المغربية بظهير 02 غشت 2011 ونشرت بالجريدة الرسمية عدد 6026 بتاريخ 01 مارس 2012، فإن قانون الدولة التي كان الطفل يقيم بها بصفة اعتيادية قبل نقله هو الأولى بالتطبيق، وأن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية يمكنها، حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ، أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها طبقًا للفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود.
والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ثبت لها من أوراق الملف وترجمة الحكم الصادر عن محكمة كولونيا بتاريخ 2015/04/09 بألمانيا، أن الولدين نقلا من مكان إقامتهما الأصلي بإيطاليا إلى المغرب، مما يعد مخالفة لمقتضيات الاتفاقية المذكورة التي لا تشترط وجود رابطة شرعية بين الوالدين والطفل، وقضت بإرجاعهما للمطلوب، فإنها طبقت القانون وعللت قرارها تعليلًا سليمًا، ويبقى ما أثير غير جدير بالاعتبار.

 

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب.
وبه صدر القرار وتُلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد بترهة رئيسًا، والسادة المستشارين: المصطفى بوسلامة مقررًا، ومحمد عصبة، وعمر لمين، وعبد الغني العيدر أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد محمد الفلاحي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة أو بموش.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق