بين إشكالية الهوية و إكراهات التنمية

عالـم القانون18 أغسطس 202010
عالم القانون
المنصوري محمد

لا يختلف اثنان على أن الإشكال ألهوياتي المطروح في المغرب، يعتبر من أكبر معيقات التنمية، و لعل التضارب و الاختلاف الذي حصل بشأن ح التقطيع الجهوي بالمغرب القاضي بتقسيمه إلى 12 جهة بدل من 16 جهة، إجابة واضحة على تجذر و عمق الخلاف و التضاربات، و يبدوا أن إشكال ضم الحسيمة إلى جهة طنجة تطوان من أكبر عناصر التقسيم التي عرفت تباينا حادا بين من يدافع عن ضرورة إبقاء الحسيمة مع الناظور معللا ذلك على أساس هوياتي تاريخي متجذر و بين من يقول بأن حاجيات التنمية و متطلبات التوازن الاقتصادي بين الجهات تستلزم إلحاق الحسيمة بطنجة-تطوان
و بين هذين الفريقين المتضاربين يتضح بجلاء إشكال الهوية كمعيق من معيقات التنمية.
فالحكمة تقتضي أن ندافع عن كل ما من شأنه النهوض بالمغرب اقتصاديا و تنمويا، بغض النظر عن اتخاذ الهوية كمشكل حقيقي و بالتالي تسييس الصراع على أساس هوياتي، يهدف إلى مصالح ضيقة شخصية على حساب الصالح العام.
إن التنمية تقتضي التحالف و الصراع من أجل المصلحة العامة و ضد الفقر و التهميش و الإقصاء الاجتماعي و الميز العنصري و ضد الوصولية و الانتهازية و كل أشكال التعصب و الاستغلال السياسي للهوية
الحقيقة أن التحول و التقدم أو التغيير المنشود نحو الأفضل من الصعب الوصول إليه دون تحقيق انسجام هوياتي بين جميع أطياف الوطن، هدفها الرقي بالمغرب الكبير إلى مصاف الدول المتقدمة، بعيدا عن كل الهزازات المتعلقة بالهوية، الأمر الذي يقتضي بطبيعة الحال التوفر على عناصر بشرية كفؤة و خلوقة و متعلمة، الأمر الذي يستلزم العمل على تغيير العقلية السائدة و التي لن تأتى سوى بإعمال تغيير مؤسساتي و هيكلي و بيداغوجي و قانوني على المنظومة التعليمية، إعتبارا لكون هذه الأخيرة محور التغيير و التقدم التنموي المنشود، و القادرة كذلك على مواجهة الإشكال ألهوياتي المتجذر، فالتقدم التقني الذي حصل في اقتصاديات الدول المتقدمة، ماهو إلا نتاج العملية التعليمية و الذي يوسع القدرات البشرية مما ينعكس على النمو الاقتصادي و التي أذابت إلى حد كبير مشكل الصراع ألهوياتي لديهم، و بالتالي فتح الباب أمام تقدم تنموي حقيقي، و عليه فإيجاد حل لمشكل الهوية بالمغرب يعد مدخلا أساسيا من مداخل تحقيق التنمية و التي يجب التجند لها بهدف إيجاد إجابة حقيقة و مندمجة و شاملة للمشكل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق