جريمة القتل العمد

جريمة القتل العمد السداسي الرابع دروس مادة القانون الجنائي الخاص

جريمة القتل العمد

المبحث الأول: جرائم القتل العمد

جرم المشرع المغربي القتل في الفصل 392 من ق.ج، بحيث يعتبر قاتلا حسب الفصل “كل من تسبب عمدا في قتل غیره…” فالمتسبب في القتل يعد قاتلا.

يلاحظ أن المشرع عرف القاتل ولم يعرف القتل، بالتالي عرفه بعض الفقه بأنه إزهاق روح شخص بدون مبرر شرعي. وعرفه آخر بأنه إنهاء لحياة إنسان بفعل إنسان آخر.

وبالتالي فالقتل العمد يستلزم توفر ركن مادي ويتجلى في تسبب شخص في قتل غيره، حيث يشترط هذا الفعل في كافة صور القتل عمد أو الذي كان نتيجة خطأ. ثم ركن معنوي أي أن يقوم الفاعل بالقتل بناء على اتجاه إرادته لارتكاب هذا الفعل. ويعتبر عنصر “تجاه النية” شرطا وعنصرا أساسيا للتمييز بين الجرائم العمدية وغير العمدية

المطلب الأول: أركان جرائم القتل العمد الفقرة الأولى:

الفقرة الأولى:الركن المادي لجرائم القتل العمد

للقول بتحقق هذا الركن يشترط ما يلي:

* إتيان الفعل من قبل الجاني.

*تحقق النتيجة الإجرامية.

أولا: نشاط صادر عن الجاني:

عملا بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، لا يعاقب المشرع المغربي على النوايا المضمرة مهما كانت طبيعتها، لأنها لا تشكل خطورة على الحياة العامة مادامت في ضمير صاحبها، غاية المشرع من ذلك، إفساح المجال لتراجع الجاني عن نيته الإجرامية وتشجيعه على عدم تنفيذ جريمته.

يتضح مما سبق، أن مجرد العزم على إزهاق روح إنسان، لا يخضع للعقوبة إلا إذا ظهرت هذه النية في العالم الخارجي في صورة فعل إيجابي أو سلبي، فإذا فكر شخص في إزهاق روح شخص آخر دون أن ينتقل إلى التنفيذ الفعلي، لا يعاقب على فعله هذا لأنه لم يتخذ مظهرا خارجا بحيث ظل مجرد نية داخلية ولم تتحول إلى فعل مادي ملموس.

لكن إذا اتخذت النية مظهرا خارجيا في شكل فعل ايجابي أو سلبي ترتب عنه إزهاق روح المجني عليه، هنا تحققت جريمة القتل العمد، لكن إذا قام الجاني بالفعل ولم تتحقق النتيجة المحددة في إزهاق روح الضحية، هنا يتغير الوصف القانوني للفعل المرتكب من فعل محقق إلى مجرد محاولة القتل العمد خاصة إذا تحققت عناصرها المحددة في ف114ق. ج. لم يحدد المشرع طبيعة النشاط المؤدي لأنه اقتصر على “كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا”، واعتبر أن كل فعل صدر عن الجاني عن قصد وتكون غايته إزهاق روح الضحية إلا واعتبر مكونا للركن المادي للجريمة محل البحث، لا يؤخذ بعين الاعتبار الوسائل المستعملة للوصول للنتيجة المتوخاة أي سواء كانت الوسائل قاتلة بطبيعتها، كاستعمال السلاح الأبيض أو سلاح ناري أو إلقاء الضحية من مكان عال، هذه كلها أفعال تشكل الركن المادي في القتل العمد هي إزهاق روح الضحية، أو كانت الوسيلة المستعملة هي فقط عصا أو حجر ونتج عن استعمالها إزهاق روح الضحية، لأن الشرط الأساسي هي أن تؤدي الوسائل المستعملة إلى إزهاق روح الضحية. ولو استعملت فيه وسائل لا تؤدي بالعادة لإزهاق الروح.

الغاية من التمييز بين الوسائل المستعملة في إتيان الفعل هو معرفة مدى قوتها في إثبات القصد الجنائي عند الفاعل،لأن الاعتماد على الوسائل القاتلة بطبيعتها، للاعتداء على المجني عليه، يشكل قرينة قاطعة على اتجاه نية الجاني لتحقيق النتيجة، لكن إذا كانت الوسائل المستعملة لا يترتب عليها بطبيعتها إزهاق الروح كاللطم على الوجه أو ما شابهه، فلا تسمح بتكوين هذه القرينة، ويكون من السهل على الجاني إثبات عدم اتجاه نيته لقتل الضحية.

استعمل المشرع مصطلح “تسبب” في القتل، لكن لم يقصد به أن يقوم الجاني شخصيا بتنفيذ النشاط المادي الذي يتحقق معه القتل، وإنما يمكن أن ينفذ هذا الأمر بواسطة المجني عليه بنفسه، كأن يقنع شخص بأن يلمس جهازا كهربائيا على أساس أن اللمس لا خطر فيه فيمسكه فيصعقه التيار الكهربائي ويموت في الحين، أو كأن يحرض الجاني شخصا مجنونا على أن يقوم بإطلاق الرصاص على شخص آخر فيرديه قتيلا.

يسري نفس الأمر على الحالة التي يهيئ فيها الجاني بعض الوسائل ثم يترك أمر إتمام الجريمة للظروف، إذ يشكل هذا النشاط ركنا ماديا في جريمة القتل العمد، يعاقب مؤتيها باعتباره قاتلا عمدا عند تحقق النتيجة كمن يحفر حفرة في طريق المجني عليه ثم يغطيها بشكل يبعث على الطمأنينة بأن الطريق سوي فيسقط فيها المجني عليه أو من يضع مادة متفجرة في مكان يعلم أن الضحية ستكون فيه أو سيدخل إليه،يلاحظ من الأمثلة السابقة أنها تشكل نشاطا مكونا للركن المادي، يعاقب القائم بها باعتباره قاتلا عمدا عند تحقق النتيجة.

يلاحظ أن الأفعال السابقة شكلت أفعالا مادية إيجابية، استهدفت جسم الضحية، لكن يطرح التساؤل في الحالة التي يستهدف فيه نشاط الجاني نفسية المجني عليه وأعصابه، فهل يشكل فعله ركنا ماديا يترتب عنه القتل وبالتالي وجب معاقبته، مثالــــــــه: أن يسيء زوج معاملة زوجته بقصد قتلها، لدرجة أنها تجرعت السم وماتت منتحرة، أو أن يفزع شخص مريضا بمرض القلب بخبر سيء وهو يريد قتله، فمات على إثر الصدمة التي سببها له..

اختلف الفقه في الإجابة على هذا الإشكال من خلال ما يلي:

ذهب البعض إلى عدم اعتبار هذا النشاط أنه يشكل ركنا ماديا في جريمة القتل ولو أنه إيجابي، نظرا لصعوبة إثبات العلاقة بين الفعل المعنوي الذي لم يترك أثرا على الجسم وموت الضحية، في حين ذهب رأي آخر وهو الغالب إلى مساءلة الجاني حتى عن الأفعال المعنوية التي يترتب عنها القتل إذا كان الجاني قد تعمد بالفعل إزهاق روح المجني عليه، ويعتبر الرأي الأخير هو الأسلم لسببين:

السبب الأول: لأن الرأي القائل بعدم إمكانية المساءلة عن الأفعال المعنوية المؤدية للقتل والذي يستند على صعوبة إثبات العلاقة السببية بين الأفعال والوفاة، رأي لا يقوم على أساس لأن المطلوب من القضاء معرفة مدى صلاحية الأفعال المعنوية المؤدية للقتل كعنصر من عناصر الركن المادي في جريمة القتل العمد دون الوقوف عند صعوبة إثبات وجود العلاقة السببية، مادام أن الدور الأساسي للقضاء هو البحث في كل قضية على حدة وفق ظروفها وملابساتها.

السبب الثاني: أن المشرع في الفصل 392 ق.ج استعمل فعل “تسبيب” في قتل غيره، حيث جاء استعماله لهذا المصطلح بشكل مطلق دون التمييز بين طبيعة الأفعال “المتسببة” في القتل هل هي أفعال مادية أو معنوية.

وبالتالي، لا يلزم القضاء قانونا إلا بالبحث في توفر العلاقة السببية بين النشاط الإجرامي مهما كانت طبيعته وبين الوفاة التي تشكل النتيجة، للحكم بالإدانة أو البراءة دون إلزامه بضرورة التأكد من أن النشاط الذي تحققت به النتيجة ماديا وليس معنويا أو العكس. لكن هل يمكن أن يشكل الامتناع ركنا ماديا؟

يعرف المشرع الجريمة في الفصل 110 ق.ج بكونها “فعل أو امتناع…”، بالتالي يلاحظ أن الجريمة فعل أو امتناع، بالتالي يعتبر الامتناع كذلك سبب في ارتكاب جريمة، ويمكن أن يشكل الركن المادي في جريمة القتل العمد، على اعتبار أن المشرع في الفصل أعلاه سوى بين الفعل الإيجابي والسلبي من حيث ترتيب المسؤولية الجنائية المتبوعة حتما بعقوبة زجرية.

في حين يرى البعض أن الامتناع لا يمكن أن يعتبر نشاطا يشكل ركنا ماديا في جريمة القتل العمد، إلا إذا كان نتيجة التزام مصدره القانون يقضي بعدم الامتناع عن القيام بفعل معين سواء تحقق الالتزام نتيجة نص قانوني كالفصل 463: “إذا نتج التعريض للخطر أو الترك موت الطفل. .” أو كان مصدره التزام تعاقدي كإبرام عقد مع ممرضة لتحقن المريض بدواء معين في وقت معين ثم تقاعست عن ذلك مما ترتب عنه جريمة القتل، فكل من تقاعس عن أداء التزامه القانوني (ف463) أو تعاقدي يعتبر مرتكبا لجريمة القتل العمد.

أما إذا لم يكن على عاتق الممتنع التزام بعدم الامتناع، فلا يسأل كقاتل عمدا ولكن يخضع لمقتضيات الفصل 430 و 431 ق.ج حسب الأحوال.

يعارض البعض هذا الرأي، ويرى أن العبرة بمدى مشاركة النشاط السلبي أو الايجابي في إزهاق روح الضحية عمدا دون اشتراط أن يكون مصدر الالتزام قانوني أو تعاقدي، ووجوب معاقبة الجاني بالعقوبة المقررة لجريمة القتل العمد في الفصل 392 ق ج وليس الفصلين 430 و 431 ق. ج اللتان تطبقان عند غياب القصد الجنائي لدى الجاني.

ثانيا: تحقـــــــــــــــــــــق النتيجة.

يعتبر القتل العمد من جرائم النتيجة التي تتجلى في إزهاق روح الضحية، وبالتالي ينبغي أن يقع هذا الفعل على إنسان، لأنه إذا وجه الفعل المجرم الذي ترتب عنه القتل إلى حيوان فلا يمكن أن تقوم هذه الجريمة حتى ولو ظن الجاني أنه يقتل إنسانا وليس حيوانا.

يجب أن يستهدف فعل القتل إنسانا على قيد الحياة، لأنه إذا وجه الاعتداء إلى من كانت حياته مفقودة قبل الاعتداء عليه، فلا تتحقق جريمة القتل العمد التامة، ويعاقب على المحاولة في الجريمة المستحيلة طبقا للفصل 117 ق.ج، التي أخذ فيها المشرع بشخصية وخطورة الجاني الإجرامية التي رأى ضرورة معاقبته عليها.

واشتراط توجه فعل القتل لشخص على قيد الحياة، يدفعنا إلى التساؤل عن الوقت الذي تبدأ فيه الحياة عند الكائن البشري. بحيث لا يعتبر الجنين في بطن أمه إنسانا حيا بالمعنی المقصود هنا، ومن ثم فإذا تم الاعتداء عليه، نكون بصدد جريمة أخرى هي جريمة الإجهاض التي تخضع لمقتضيات ف449 ق.ج،  وليس جريمة القتل العمد لتطبيق مقتضيات ف 392.

لكن إذا ابتدأت ولادته التي يحددها غالبية الفقه بين المخاض واستعداد الوليد لمغادرة بطن أمه، حتى ولو لم تتم عملية الولادة بأن كان الطبيب أو المولدة لم يقطع الحبل السري، فإزهاق روحه حينئذ يعتبر قتلا عمدا وليس إجهاضا وتسري أحكام جريمة القتل العمد إذا كان الفعل وقع على إنسان حي ولا يهم مثلا إذا كان المولود أثناء ولادته مشوها أو فاقدا لأحد أعضائه أو أن الضحية مريض بمرض خطير لا ترجي معه الحياة إلا لأوقات قصيرة ومعدودة، وقد يجتمع الضحية والفاعل في شخص واحد، بأن يقدم شخص على قتل نفسه، يتعلق الأمر هنا بانتحار وليس قتلا، بحيث لا توقع العقوبة على المنتحر، وهنا يمكن التساؤل حول محاولة الانتحار أو الاشتراك فيه، فإذا اعتبر المشرع أن الانتحار جريمة، فسيعاقب على المحاولة فيها والاشتراك فيه، في حين لم يعتبره جريمة بالتالي لا يعاقب على المحاولة ولا المشاركة،

لكن في الفصل 407 ق ج عاقب من ساعد على الانتحار كمن يعط وسيلة لآخر ليضع حدا لحياته (سلاح)، يعتبر مساعدا على الانتحار، لكن إذا أخذ السلاح وأطلق النار هنا يعتبر قاتلا، وإذا كان المنتحر غير مسؤول أو حسن النية فمن حرضه أو ساعده على الانتحار يسأل باعتباره فاعلا معنويا لجريمة القتل بمقتضى ف 131 ق ج.

ثالثا: العلاقة السببية بين نشاط الجاني والنتيجة

يلزم لقيام الركن المادي في جريمة القتل العمد ضرورة توفر علاقة سببية بين الفعل المادي الذي أتاه الجاني والنتيجة التي تحققت، في كثير من الأحيان، لا تثير رابطة السببية بين الفعل المؤدی و النتيجة المتجسدة في القتل أي إشكال، كمن يطعن شخصا ناحية القلب بسكين فيرديه قتيلا في الحين أو أثناء نقله للمستشفى من أجل الإسعافات الضرورية.

لكن، في بعض الأحيان، لا تكون علاقة السببية واضحة بسبب تداخل عوامل أجنبية أخرى إلى جانب نشاط الجاني في إحداث الوفاة، كمرض المجني عليه وهو سبب سابق اللاعتداء، أو اشتراك عدة جناة في إطلاق النار على المجني عليه أو ضربه وهو سبب معاصر لفعل الاعتداء، أو خطأ الطبيب في علاج المعتدى عليه وهو سبب لاحق للاعتداء.

وإما لكون نشاط الجاني الذي أدى إلى إزهاق روح الضحية لا يؤدي حسب المألوف من الأحوال إلى القتل، كمن يضرب آخر بعصا على ظهره أو يرشقه بكأس ماء على وجهه فيغمى عليه ويموت.

أو كان النشاط الايجابي الذي أتاه الجاني معنوي وليس مادي ملموس، اقتصر فيه الفاعل على التأثير على أعصاب المجني عليه أو نفسيته فانتهى به الأمر إلى الموت.

أو كان نشاط الجاني سلبيا تمثل في الامتناع عن إتيان ما من شأنه أن يمنع حدوث الوفاة للمجني عليه. يلاحظ في كافة هذه الأمثلة أن العلاقة السببية بين نشاط الفاعل والنتيجة الموت أو الانتحار غير واضحة بما فيه الكفاية، هذا ما دفع الفقهاء إلى دراسة موضوع السببية عموما كما سبق توضيحه في القسم العام من القانون الجنائي.

في مثل هذه الحالات، يظل لقاضي الموضوع وحده مسألة استخلاص توافر علاقة السببية بين الفعل والنتيجة من عدمه حسب كل قضية على حدة في ضوء ملابساتها دون إلزامه بأي معيار من معايير قياس السببية الذي قال عنه الفقه شريطة تعليل موقفه،ومن تم استقر القضاء على أن كل حكم يغفل بیان علاقة السبية ولا يقيم الدليل على توافرها يعتبر حكما ناقصا يتعرض للنقض، ولمحكمة الموضوع أثناء تثبتها من الوقائع المكونة لعلاقة السببية أن تستعين بكافة الوسائل القانونية كالخبرة الطبية من أجل إثبات علاقة السببية أو نفيها.

الفقرة الثانية:الركن المعنوي لجرائم القتل العمد

إن اتجاه إرادة الفاعل إلى إتيان الفعل الصادر عنه وتحقق النتيجة التي هي إزهاق روح الضحية هو الذي يشكل الركن المعنوي، واشتراط ضرورة توفر هذا الركن، أي اتجاه الإرادة لتحقيق النتيجة هو الذي يساعد على التمييز بين حالات القتل العمد والقتل الخطأ والإيذاء المفضي إلى الموت، إذ يتأثر الفعل المفضي إلى إزهاق الروح بمدى اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث النتيجة على الشكل التالي:

– قد يزهق الفاعل روح المجني عليه دون إدراك منه ولا توجيه الإرادته لا للفعل ولا للنتيجة، كأن تنطلق رصاصة من مسدس حالة مس زناده صدفة من صاحبه فتصيب إنسانا على مقربة منه فترديه قتيلا.

– كأن يأتي الفاعل النشاط الذي أدى إلى إزهاق روح الضحية بإرادته وعن قصد، لكن عن غلط في الواقعة التي استهدفها بنشاطه، كصياد يطلق الرصاص على شبح ظنا منه أنه طريدة في حين أنه إنسان وليس حيوانا فيقتله.

– أن تتجه إرادة الفاعل إلى الاعتداء على إنسان بالفعل وعن قصد، لكن دون نية إزهاق روحه، كمن يضرب آخر ضربا مبرحا على مناطق حساسة وخطيرة من الجسم كالكليتين أو جانب القلب أو الرأس فيفضي الضرب إلى إزهاق روحه، وبالتالي يظل لقاضي الموضوع وحده في مثل هذه الحالات مسألة استخلاص توافر علاقة السببية.

– أن يقترن نشاط الجاني العدواني الموجه إلى شخص بنية إزهاق روح هذا الأخير.

من خلال الفرضيات السابقة، تتحدد النتيجة بنسبة اتجاه نية الجاني لتحقيق النتيجة.

يتضح في الفرضية الأخيرة، اتجاه إرادة الجاني مباشرة لتحقيق النتيجة أي إزهاق روح الضحية، هنا نتحدث عن جريمة القتل العمد.

في الفرضية الأولى لم يرد الفاعل الفعل ولم يرد النتيجة الإجرامية، تتم مساءلته عن القتل الخطأ كأن تسقط شجرة على سيارة فيدهس السائق أحد المارة فيرديه قتيلا، وفي الفرضية الثانية إن كان أراد إتيان الفعل فهو لم يرد النتيجة، حيت يعاقب هنا إذن عن القتل الخطأ إذا توفرت شروط تطبيق الفصل 432 ق.ج.

أما في الفرضية الثالثة، أراد الجاني الفعل ووجه إليه إرادته، لكن لم يرد النتيجة التي كانت محتملة فهي أقرب إلى التوقع، لذا لن يسأل عن جريمة القتل العمد وإنما عن جريمة الضرب المفضي للموت (ف 403 ق.ج).

يتضح من خلال ما سبق، أن اتجاه نية الجاني إلى إزهاق روح المجني عليه بشكل مباشر هي التي تتحقق معها العمد أو القصد في جريمة القتل العمد.

لكن إذا لم تتجه الإرادة مباشرة إلى تحقيق النتيجة، فلا يمكن الحديث عن جريمة القتل العمد أصلا لغياب القصد الجنائي الذي يشكل ركنا معنويا في هذه الجريمة و يسأل الجاني عن جرائم أخرى كالضرب أو الجرح المفضي إلى الموت أو القتل الخطأ.

وتجدر الإشارة، إلى أن تواجد القصد الجنائي من أجل تحقيق النتيجة وهي إزهاق روح المجني عليه، لا يتأثر بالوقائع التي قد ترافق هذا القصد، من تم لا ينتفي الركن المعنوي في الحالات التالية:

-إذا كان الباعث عن القتل بريئا ونظيفا كالقتل بدافع الشفقة أو الرحمة؛

– إذا لم يستهدف الجاني بعدوانه ضحية معينة، مثلا الشخص الذي يلقي بقنبلة على تجمع لخصومه من أجل قتل أي منهم، يتحقق القصد في فعله وبالتالي يعد قاتلا عمدا؛

– إذا أخطأ الجاني في إصابة الضحية التي يقصدها بفعله نتيجة غلط في شخصيته، كما لو قتل شخصا اعتقده عدوه في حين لم يكن سوى شبيها له، الغلط هنا غير جوهري بالتالي لا يغير من قصد الجاني.

– إذا افترض القانون قيام الركن المعنوي بنص من المنصوص، كأن يصدر القتل من شخص تناول باختياره موادا أفقدته الإدراك والتمييز كالخمر والمخدرات (ف137 ق. ج).

القصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد:

إذا أقدم الجاني على فعل معين يريد به إزهاق روح المجني عليه، وتحققت النتيجة بالفعل يكون القصد الجنائي المتطلب في جريمة القتل العمد قد توافر لديه، وبالتالي تكون مسؤوليته ثابتة، القصد هنا إذن مباشر.

لكن إذا قام الجاني بالفعل المجرم دون نية إزهاق روح الضحية ومع ذلك أدى فعله لهذه النتيجة، لا يسأل الجاني هنا باعتباره قاتلا عمدا ولكن يمكن متابعته بجريمة أخرى كالضرب أو الجرح المفضي للموت (ق403ق. ج) القصد هنا غير مباشر.

لكن توجد حدود فاصلة بين وجود القصد الجنائي وعدم وجوده في ثلاث حالات يكون فيها احتمال توقع النتيجة المتمثلة في إزهاق روح المجني عليه أمرا واردا، فهل يسأل الجاني عن جريمة القتل العمد لتوافر القصد الجنائي أم لا؟

الجواب عن هذا التساؤل سيتم عبر وجهة نظر فقهية تنقسم إلى ثلاث آراء:

الأول: أجمع فيه الفقه على أنه إذا توقع الفاعل أن الموت أمر محقق ولازم لفعله، فإنه يسأل مسؤولية القاتل العمد ولا يسأل عن جريمة القتل الخطأ أو الإيذاء المفضي للموت، نظرا لقيام الركن المعنوي واتجاه إرادته للقيام بالفعل في هذه الصورة رغم أنه لم تكن لديه رغبة في تحقيق النتيجة ، على اعتبار أن من كان متأكد مسبقا من النتيجة المتحصلة من الفعل الذي أقدم عليه ومع ذلك قام بالفعل لا يعامل وجوبا مثله مثل من أراد تحقيق النتيجة منذ البداية بالفعل الذي قام به ، مثاله أن يقوم الجاني بإغراق سفينة أو تفجير طائرة لأي هدف كان وترتب عن ذلك موت عدة أشخاص، قد لا يكون هدف الجاني قتل أحد الركاب، لكن النتيجة لازمة لفعل كهذا حسب المجرى العادي للأمور.

الثاني: يرى أنه إذا توقع الجاني حدوث الموت إلا أنه لم يبال بما قد يحدث، مثاله أن يضرب الجاني شخص آخر بآلة حادة أو بعصا غليظة فيموت المجني عليه في الحال.

الجاني في هذه الحالة أراد الضرب فقط. لكن الضرب أفضى إلى الموت والموت أمر لاشك فيه بالنظر للوسائل المستعملة في الضرب، فالجاني باستعماله لهذه الوسائل تتساوى أمامه حدوث النتيجة من عدمها.

اختلف الفقهاء حول هذه النازلة، بحيث رأى البعض أن الجاني يعتبر قاتل عمدي مادام أنه أتى الفعل رغم أنه كان يتوقع النتيجة، ومع ذلك لم يبال بالعواقب.

يتساوى الجاني هنا من حيث الخطورة الإجرامية مع من يستهدف حدوث النتيجة مباشرة.

في حين اتجه فريق آخر، أن القصد الاحتمالي لا يمكن مساواته بالقصد الخاص أو المباشر الذي ينبغي أن يتوافر في جريمة القتل العمد، بالتالي لا يسأل الجاني هنا إلا عن جريمة ضرب أو جرح أو إيذاء أفضى إلى الموت.

الثالث: يرى أنه إذا توقع الفاعل النتيجة كاحتمال يمكن وقوعه، لكنه اعتمد على مهارته لتفاديها أو منع حدوثها، فالقصد الجنائي منتف أصلا. مثاله أن يضع لاعب السيرك كأسا به شمعة مشتعلة على رأسه كهدف أو مرمي ويقوم زميله برمي الهدف بسهم أو رصاص أو حجر، ويحصل أثناء رشق الهدف أن يخطئ الراشق الهدف فيقتل زميله. فاللاعب هنا كان يتوقع ولاشك أن يخطئ الهدف ويصيب زميله لكنه خاطر في إتيان الفعل اعتمادا على ما لديه من مهارة وتجربة.

لأن المؤكد أنه لو كان يعتقد أنه سيصيب زميله لما قام بالفعل أصلا.

اتفق الفقه في هذه الحالة على أن لا يسأل الفاعل إلا عن جريمة القتل الخطأ لانعدام القصد الجنائي لديه.

المطلب الثاني: الظروف المؤثرة في عقوبة جرائم القتل العمد

تتأثر العقوبة بالظروف والملابسات التي رافقت ارتكاب الفعل المجرم مما يترتب عنه تشيد أو تخفيف العقوبة حسب ما يلي:

الفقرة الأولى: ظروف تشديد عقوبة جريمة القتل العمد

تتكون عوامل تشديد العقوبة من الظروف والملابسات التي رافقت اتيان الفعل، فوجب مبدئيا رفع عقوبة الجريمة التي ارتكبت في ظروف غير عادية  فهي مجرد وقائع غير عادية وتبعية تؤثر في الجريمة.

تضم الظروف المشددة للعقوبة، حسب الفصل 152 من ق ج، نوعين:

النوع الأول يسمى بالظروف المشددة العينية أو المادية للجريمة، ويتعلق الأمر بكيفية وبمكان وزمان ارتكابها، يسري أثرها على الفاعل الأصلي والمساهم والمشارك ولو لم يكن على علم بها طبقا لمقتضيات الفصل 2/130.

النوع الثاني، يسمى الظروف المشددة الشخصية في الجريمة ويتعلق بالملابسات التي تعود للجانب الشخصي للمجرمة، ينحصر أثرها على الجاني فقط دون غيره كقتل الأصول.

حدد المشرع هذه الظروف على سبيل الحصر طبقا للفصل 153 ق.ج بالنسبة لجرائم معينة.

حيث تنتقل العقوبة من السجن المؤبد إلى الإعدام في الحالات التالية:

– إذا سبقته أو صاحبته أو أعقبته جناية أخرى(ف 2/392)؛

– إذا كان الغرض منه إعداد جناية أو جنحة أو تسهیل ارتكابها (ف 3/392)؛

– إذا تم القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد (فصول 393 و394 و395 ق.ج)؛

– إذا استهدف أحد الأصول(ف396 ق.ج)؛ – قتل الطفل الوليد (ف397 ق.ج)؛

– إذا اقترن القتل بالتعذيب أو أعمال وحشية (ف 399 ق.ج)؛

– إذا استهدف القتل أطفالا لا يقل سنهم عن 12 سنة بالضرب أو الجرح أو العنف…(ف410 ق.ج). 

سنكتفي بدراسة بعض هذه الظروف:

أولا: سبق الإصرار

يعتبر سبق الإصرار من الحالات المشددة للعقوبة، توفرها يدل على خطورة الجاني من خلال تركيزه على التتبع والملاحقة.

عرفه المشرع من خلال الفصل 394 ق.ج على أنه: “هو العزم المصمم عليه قبل وقوع الجريمة على الاعتداء على شخص معين، أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف حتى ولو كان هذا العزم معلقا على ظرف أو شرط” نستخلص من من هذا الفصل عناصر سبق الإصرار وهي كالتالي:

  1. العنصر النفسي:

يتجلى في تفكير الجاني في مشروعه الإجرامي بهدوء وروية وتقديره للعواقب التي يمكن أن تنجم عن فعله، فيرضى بتحمل كل هذه النتائج ثم ينتقل لتنفيذ مشروعه الإجرامي المتمثل في إزهاق روح الضحية. لا يشترط في الجاني، حسب ف 394 ق. ج، أن يكون قد عزم وصمم على قتل شخص معين بذاته، بل يتحقق الإصرار حتى ولو اتجه العزم إلى ارتكاب القتل العمد دون تحديد للشخص المقتول، كمن يعزم على سرقة مكان معين وقتل كل من يوجد به.

كما يتحقق الإصرار حتى ولو كان معلقا على شرط كأن يعزم الجاني على قتل رئيسه لأنه أحاله على المجلس التأديبي بسبب ارتكابه لخطأ فادح في عمله.

توفر هذا العنصر يعود إثباته لمحكمة الموضوع.

  1. العنصر الزمني:

يجب أن تمر فترة زمنية بين مرحلة العزم والتصميم وبين اقتراف الجريمة لكي تكون قرينة قوية على سيطرة العزم على نفسية الجاني.

لم يحدد المشرع المغربي في النص المدة الزمنية اللازمة ليتحقق ظرف سبق الإصرار، فقد تتكون من ساعات كما قد تطول لتصل الشهر أو أكثر.

عمليا، يتولى قاضي الموضوع تحديد وجود هذا الظرف من عدمه بحسب وقائع كل قضية على حدة وفي ضوء ملابساتها، و يتحقق إذا اتخذ الجاني قرارا بإزهاق روح الضحية بهدوء أعصاب وتفكير وأنه مرت فترة زمنية بين اتخاذه للقرار وتنفيذه له، ويبين في قراره الأفعال التي تثبت ذلك ليكون حكمه معللا وإلا تعرض للنقض.

يعتبر ظرف الإصرار ظرفا شخصيا في الجريمة، يسري على من توفر لديه من الجناة دون غيره من المساهمين أو المشاركين عملا بمقتضيات الفصل 2/130 ق.ج، يطبق نفس الحكم على المساهم أو المشارك إذا توفر لديه دون من نفذوا معه الجريمة. 

ثانيا: الترصد

عرف المشرع الترصد في الفصل 395 ق.ج بأنه “… التربص فترة طويلة أو قصيرة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة بشخص قصد قتله أو ارتكابه العنف ضده”.

فهو يدل على خطورة الجاني، بحيث يعتبر وسيلة في تنفيذ جريمته غدرا وفي غفلة من المجني عليه. يتكون من عنصرين:

  1. العنصر الزمني:

يقصد به مرور فترة من الزمن والجاني ينتظر الفرصة الملائمة لتنفيذ جريمته ضد المجني عليه كمروره من مكان معين أو خروجه من مكان معين… لم يحدد المشرع هذه الفترة بزمن أتوقيت معين ابتداء.

ويظل لمحكمة الموضوع وحدها السلطة التقديرية في تحديدها مع التزامها بتحديد الوقائع التي أقامت عليها حكمها.

  1. العنصر المكاني:

يتحقق قانونا بتربص الجاني في مكان واحد أو عدة أمكنة لتنفيذ الجريمة لكيلا يفلت المجني عليه مما ينتظره.

لا فرق بين أن يكون المكان ظاهرا كالطريق العام أو غير ظاهر كالاختباء وراء شجرة أو حائط لأن العبرة بالنية الإجرامية لدى الجاني الذي أصر على تنفيذ نيته الإجرامية على حين غرة على المجني عليه دون أن يترك له فرصة للمواجهة والدفاع عن النفس.

يمكن إثبات ظرف الترصد بكافة وسائل الإثبات (م286 ق.م. ج)، ومحاكم الموضوع ملزمة بتبيان الوقائع التي استخلصت منها هذا الظرف أو العكس وإلا تعرض قرارها للنقض (م365 ق.م. ج).

يرتبط الترصد بكيفية تنفيذ الجريمة، فان يسري الفاعل الأصلي كما ينصرف أثره إلى كافة المساهمين والمشاركين في الجريمة علموه أم لم يعلموا به عملا بمقتضيات الفصل 3/130 ق. ج. 

ونظرا لارتباط الترصد بالركن المادي للجريمة، الأمر الذي يجعل اثباته مسألة يسيرة بالنسبة للمحكمة عكس الإصرار، بحيث يمكن للمحكمة الاستدلال عليه بأي وسيلة، متى ثبت أن الجاني تربص فعلا للمجني عليه في مكان معين لتطبيق مقتضيات الفصل 393 ق ج.

ثالثا: اقتران القتل العمد بجناية

من خلال ف 392 ق ج، يتضح أن هناك ثلاث شروط لتشديد العقاب على الجاني وهي: اقتران القتل العمد بجناية أخرى، تحقق الرابطة الزمنية، ووحدة الجاني.

1- اقتران القتل العمد بجناية أخرى:

شدد المشرع عقوبة القتل العمد في هذه الحالة، نظرا لاقترانه بجناية ارتكبت قبل أو بعد أو أثناء ارتكاب جريمة القتل العمد ، أي أنها تسبقه أو تصاحبه أو تعقبه جناية أخرى حسب الفصل 392 ق ج. لكي يتحقق الاقتران لابد من توفر ما يلي:

أ- أن يقع الاقتران / الارتباط الزمني بين القتل العمد و جناية، أما إذا كان الفعل المرتكب يشكل جنحة أو مخالفة، فلا يتوفر عنصر التشديد بل عنصر التعدد، الذي تطبق بشأنه مقتضيات الفصل 120 ق ج المتعلقة بتعدد الجرائم.

شدد المشرع العقوبة بالنظر الخطورة الجاني الذي ارتكب في وقت واحد جريمة القتل العمد، ثم جناية أخرى مثاله القيام بجريمة قتل والإحراق العمدي، أو السرقة المقترنة بسلاح في وقت متقارب.

ب – يجب أن تكون الجناية المرتكبة والمقترنة بالقتل العمد غير مستقلة بأركانها عن هاته الأخيرة.

كمن أطلق الرصاص على غريمه قصد قتله، فيصيبه فقط في يده ، لكنه يصيب شخصا آخر فيرديه قتيلا. تحققت هنا جنایتان بفعل واحد شروع في القتل (المصاب) وقتل عمد.

يعاقب بالعقوبة الأشد إعمالا للفصل 120 ق ج وليس الفصل 392.

في حين لو ذهب الجاني لقتل الضحيتين معا، هنا نتحدث عن جريمتين مستقلتين كل منهما تشكل جريمة قتل، متى أطلق النار على كل واحد منهما فأرداه قتيلا.

يسري نفس الحكم لو قتل أحدهما وأخطأ الثاني، حيث يكون الاقتران متحقق رغم عدم حصول الوفاة، بحكم أن محاولة القتل قائمة.

ومعلوم أن المحاولة في الجناية تعد كالجناية التامة وفقا للفصل 114ق ج.

يدفعنا اشتراط استقلال الجناية عن القتل العمد من أجل تشديد العقوبة لطرح السؤال التالي:

ج. لو تحول وصف الجريمة من جنحة إلى جناية بحكم أن القتل أصبح أحد عناصرها، كالجناة الذين يقومون بالسرقة بإكراه، لا يتوفر لديهم الظرف المشدد المنصوص عليه في ف392 ق ج، لأنه لو قتلوا المجني عليه خنقا وسرقوا المبالغ المالية، لا يسري عليهم هذا الفصل. بالتالي يجب أن تكون الجريمة المرتكبة في أصلها جناية، أن تتحول الجناية لتوفر ظرف مشدد كما في المثال السابق.

د. يجب أن تكون الجناية المصاحبة للقتل العمد معاقب عليها جنائيا،

أما إذا كانت الجناية قد تقادمت، أو صدر بشأنها عفو، أو تمتع فيها الجاني بعذر معف من العقوبة كسرقة الأصل لمال فروعه أو زوجه، أي غياب أسباب التبرير والإباحة وموانع المسؤولية.

لكن إذا تم تخفيف عقوبة الجناية المقترنة بالقتل العمد إلى عقوبة جنحية بسبب ظرف قضائي مخفف أو عذر قانوني مخفف لا يتغير الوصف القانوني للجنايتين المرتكبتين وفقا للفصل 112 ق ج “لا يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم السبب تخفيف أو الحالة العود” كأن يقتل الزوج زوجته في حالة التلبس بالزنا ويصيب شريكها بعاهة مستديمة.

يقصد بالاقتران الارتباط الزمني بين ارتكاب الجاني لجريمة القتل العمد وارتكابه الجناية أخرى سواء قبل القيام بالقتل أو أثناءه أو بعده. واقتران بمعنى آخر وبوضوح أكبر هو تعدد الجرائم أي أن الجاني قام بجناية القتل العمد إلى جانب جناية أخرى كالإحراق العمدي أو السرقة المقترنة بسلاح أو محاولة الجنائية. فالأصل حسب مقتضيات الفصل 120 ق.ج أن تطبيق العقوبة الأشد، لكن المشرع راعي في هذه الحالة مدى خطورة الجاني الذي ارتكب جناية القتل العمد ثم قرنها بجناية أخرى، فارتأى تشديد العقوبة بإعدامه.

1-العنصر الزمني:

يتجلى هذا العنصر في ضرورة ارتباط وتقارب ارتكاب الجنايتين معا من حيث الزمن، لما يمثله هذا التقارب في الزمن من خطورة تستلزم تشديد العقوبة ، وهو ما عبر عنه المشرع ب”إذا سبقته أو صحبته أو أعقبته جناية أخرى، فالجناية المرتكبة إلى جانب جريمة القتل العمد قد تكون سابقة وقد تكون لاحقة وقد تكون متزامنة معها ارتكابه للجناية الموالية.

حيث أن ارتكاب الجاني لجنايتين في وقت زمني قصير يبين مدى خطورة الجاني. أما إذا ارتكبت الجنايتين في تاريخين متباعدين، فقد يكون الدافع لارتكاب الجناية الأولى مغايرا لأسباب ارتكابه للجناية الموالية، حيث يعتبر الجاني هنا في حالة التعدد المادي الحقيقي.

لأنه ارتكب أكثر من جناية دون أن يفصل بينها حكم حائز لقوة الشيء المقضي به. لكن إذا صدر الحكم الفاصل بينهما، تطبق مقتضيات الفصلين 155 و 156 ق ج المتعلقتين بحالة العود.

لم يحدد المشرع المقدار الزمني، واشترط التقارب من خلال المصطلحات المستعملة”سابق، مصاحب، لاحق” لحدوث هذا الاقتران والترابط مما ترك أمر تقديره للمحكمة التي تبث في القضية حسب كل حالة على حدة.

وعلى قاضي الموضوع أن يبين الوقائع التي اعتمدها لاستخلاص الاقتران الزمني.

حيث كلما قصرت المدة الفاصلة بين الجريمتين كلما كان قرينة قاطعة على خطورة الجاني وكلما طالت المدة إلا وكانت قرينة بسيطة على عدم خطورته.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يستلزم وحدة السبب في ارتكابهما ووحدة الغرض، فقد يحدث أن يقتل أحد الجناة الضحية بغية سرقة ماله وفي آن واحد يقتل صديقه لكونه سبق أن أدلى بشهادته ضده أمام المحكمة.

2-وحدة الجاني:

يجب أن يكون المسؤول عن الجريمتين شخص واحد، كيفما كانت وضعيته سواء أكان الفاعل أصلي أو مساهم أو مشارك.

فإذا اتفق مجموعة من الجناة المسلحين على ارتكاب جريمة السرقة، إذا توجهوا للمنزل المراد سرقته تكيف الجريمة بأنها جناية بسبب تعدد الجناة إعمالا لظروف التشديد في السرقة (السلاح)، فإذا فاجأهم صاحب الدار فقتله أحدهم.

يعد القتل هنا نتيجة محتملة للسرقة، ويسري ظرف التشديد على الجميع على أساس القصد الاحتمالي بما فيهم الذي لم يشارك في القتل لأن جناية السرقة أعقبتها جناية القتل.

 لكن إذا اتفق شخصان على قتل شخص معين واتجها إلى المنزل بعد أن قتلاه، قام أحدهما بالاعتداء على زوجة المجني عليه بالقوة. يسأل مرتكب هذا الفعل عن قتل عمد مقترن بجناية، في حين تتوقف مسؤولية الثاني عند القتل العمد لأن الاعتداء الذي قام به ليس نتيجة حتمية لفعل القتل.

يعتبر ظرف اقتران القتل العمد بجناية من الظروف العينية لارتباطه بالظروف المادية الارتكاب الجريمة، بالتالي يسري على الفاعل الأصلي والمساهم والمشارك عملا بالفصل 130 ق. ج، بمعنى أن تشديد العقوبة سوف يسري على من ساهم أو شارك في الجنايتين معا. ومن ساهم في إحداهما وشارك في الأخرى ثم ساهم أو شارك في القتل العمد وحده.

أما إذا ساهم في الجناية الأخرى وحدهن يخضع لعقوبة هذه الجريمة ولا تسري عليه عقوبة الإعدام لأنه لم يساهم ولم يشارك فيها.

لكن يطرح السؤال بالنسبة لوضعية أشخاص ساهموا أو شاركوا في القتل العمد، ثم ساهموا أو شاركوا مع شخص آخر في جناية أخرى يتحقق الاقتران لأن العبرة باقتران جريمتان وليس بالشخص.

إذا تبث الاقتران بين جريمة القتل العمد وجناية أخرى تكون العقوبة هي الإعدام، وتشملهما معا. لأن المشرع أدمجهما في وحدة قانونية غير قابلة للتجزئة، لكن إذا انعدمت جناية القتل العمد لعدم ثبوتها تسترد الجناية المقترنة بالقتل العمد استقلاليتها.

رابعا: ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة

  1. مفهوم ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة

  شدد المشرع المغربي عقوبة القتل العمد وفقا للفقرة الأخيرة من الفصل 392ق. ج ورفعها إلى الإعدام

– إذا كانت الغاية من القتل تسهیل ارتكاب جناية أو جنحة، كقتل الشخص القائمبالحراسة لتسهيل الدخول إلى المصنع أو المتجر، فعملية التسهيل سابقة على ارتكاب الجباية أو الجنحة؟

– إذا كانت الغاية منه إتمام تنفيذ الجناية أو الجنحة، كما لو أن الجاني شرع في إتمام تنفيذ الجناية أو الجنحة إلا أنه لسبب من الأسباب لم يجد بدا من القتل العمد لكي تتم الجريمة، كأن يبدأ في الاستيلاء على بعض المنقولات فيفاجئه صاحبها فيقتله ليستولي على الباقي وينقلها بعد ذلك للمكان الذي يريد؛

– إذا كانت الغاية منه فرار الفاعلين أو شركائهم، في هذه الحالة يكون الجناة انتهوا من تنفيذ الجناية أو الجنحة وأرادوا الفرار، فاعترضهم مثلا صاحب المصنع أو المتجر الذي تمت سرقته فيقومون بقتله لتسهيل فرار الجناة تشدد العقوبة على القاتل عمدا لتوفر عنصر الارتباط؛

– إذا كانت الغاية منه تخليص الجناة من العقاب، في هذه الحالة تكون الجريمة نفذت ماديا وأراد الجناة الإفلات من العقاب فيتم ترتكب جريمة القتل كأن يقتل الجناة الشاهد الوحيد الذي عاين الجريمة أو الذي له حق تقديم الشكاية لتمكين النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية.

يلاحظ من خلال ما سبق أن المشرع عاقب على القتل العمد الذي يشكل العمل الممهد لارتكاب الجناية أو الجنحة، وشدد عقوبته لأنه أخذ بعين الاعتبار خطورة الجاني لا الفعل المرتكب. لذا نجده لم يفرق بين الأفعال التمهيدية (إعداد، تسهيل) والأفعال النهائية (إتمام تنفيذ، تسهیل فرار الفاعلين أو تخليصهم من العقوبة)، من أجل اتقاء خطورة الجاني.

    1. طبيعة الجناية أو الجنحة التي يتحقق بها الارتباط

لم يحدد المشرع طبيعة الجناية أو الجنحة التي يتحقق بها الارتباط، واكتفى باشتراط ارتکاب جناية أو جنحة أيا كانت لتشديد عقوبة القاتل عمدا دون اشتراط إتمامها بالفعل أو محاولة القيام بها.

و لم يشترط أن تكون معاقب عليها أم لا إن هي ارتكبت كأن تتقادم عقوبتها أو أن يشترط لتحريك المتابعة فيها وجود شكاية من المتضرر.

فلو ارتكب الجاني جريمة قتل عمد من أجل إتمام السرقة، ولم تكتشف السرقة إلا بعد تقادمها بمرور أربع سنوات على اقترافها، فالجاني تشدد عقوبته رغم سقوط الجنحة بالتقادم لأن السبب في معاقبة الجاني في هذه الحالة يعود لخطوته على أمن وسلامة المجتمع.كما أنه لم يأخذ بعين الاعتبار الفترة الزمنية التي تفصل بين الجريمتين، لا كون مرتكب القتل العمد قد يكون في نفس الوقت مشارك أو مساهم في الجنحة أو الجناية. كما انه لم يكترث بطبيعة الجريمتين المرتبطتين بالقتل العمد أو مكان ارتكابهما.

فقد يرتكب الجاني السرقة باستعمال العنف، ثم يترصد للشاهد الذي راه يتردد عليه فيقتله للتخلص منه کشاهد.

  1. طبيعة ظرف الارتباط

ترتبط هذه الصورة من صور التشديد بشخص الجاني الذي قام بجريمة القتل العمد، بناء على دوافع معينة، وبحالته الذهنية وبالتالي فإنه يسري على من توافر لديه كالمساهم أو المشارك ويسري على من يعلم بهدف الجاني من القتل. أما إذا كانوا يجهلونه فيعتبرون مساهمين أو مشاركين أو هما معا في جريمة القتل العمد بالتالي تكون العقوبة هي المؤبد وليس الإعدام.

الفقرة الثانية: الأعذار المخففة لعقوبة جريمة القتل العمد

تنقسم الأسباب التي تؤدي إلى تخفيف العقاب إلى نوعين:

النوع الأول ويسمى بالأعذار القانونية لأن مصدرها القانون

والنوع الثاني ويسمى بالظروف القضائية المخففة أو ظروف التخفيف القضائية لأن مصدرها القضاء.

وسنقتصر على دراسة النوع الأول.

الأعذار القانونية المخففة

وتسمى بالأعذار القانونية المخففة، لأنه يترتب عنها مع ثبوت الجريمة وقيام المسؤولية الجنائية على عاتق الجاني أن يتمتع بالإعفاء الجزئي من العقاب. وهذا الإعفاء الجزئي مفروض قانونا ولا يملك القاضي إزاءه أية سلطة تقديرية.

وردت هذه الأسباب المخففة على سبيل الحصر، تخفف بموجبها عقوبة القاتل عمدا إذا توافرت فيه أحد الأعذار التالية:

-حالة ارتكاب الصغير لجناية أو جنحة (ف139ق.ج)؛

– حالة الأم لوليدها (ف2/397ق.ج)،

-ارتكاب الصغير لجناية أو جنحة(ف139 ق ج)،

– حالة القتل أو الضرب أو الجرح المرتكب نهارا بقصد دفع تسلق أو كسر سور أو حائط أو مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد ملحقاتها (ف417 ق.ج)؛

– حالة القتل أو الضرب أو الجرح الذي يرتكبه الزوج ضد الزوج الأخر أو شريكه أو هما معا حين مفاجئتهما متلبسين بجريمة الزنا (ف418 ق ج)؛

– حالة القتل أو الجرح أو الضرب المرتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما (ف 416 ق ج).

سنقتصر على دراسة البعض من هذه الحالات كأعذار مخففة للعقوبة.

أولا: القتل العمد الناتج عن الاستفزاز

قرر المشرع عذر مخفف للعقوبة إذا نتج القتل أو الضرب عن استفزاز نشأ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسدي على شخص ما طبقا لمقتضيات الفصل 416 ق.ج، وحدد العقوبة عملا بالفقرة الأولى من المادة 423 من سنة إلى خمس سنوات.

للقول بوجود عذر مخفف في هذه الحالة، لابد من توافر الشروط التالية:

أ- يجب أن يكون الاعتداء الذي تحقق به الاستفزاز متجسد في الضرب أو الجرح أي العنف أو الاعتداء الجسدي، بمعنى يجب أن يكون هناك مساس بسلامة الجسد بأية وسيلة باليد أو الرجل أو عصا… حيث يدخل في نطاق العنف الجسدي كافة الأفعال التي تمس بالسلامة الجسدية كتقييد أرجل الشخص أو يديه أو سجنه في مكان مهجور أو معزول عن الناس.

لكن لا يعتبر اعتداءا أو عنفا حسب الفقهاء سب الشخص أو شتمه أو إهانته بالقول أو الإشارة

الملاحظ أن المشرع اشترط جسامة الاعتداء، لأن هذا الوصف هو الذي من شأنه أن يفقد المعتدى عليه التحكم في أعصابه، وبالتالي لا يعتد بالاعتداء التافه والعادي.

لم يضع المشرع معيارا لتحديد جسامة الاعتداء، وترك للمحكمة مسألة استخلاصه من الظروف الموضوعية للحادث والظروف الذاتية العائدة لحالة الجاني أثناء ارتكابه الجريمة القتل العمد.

ولم يشترط، من خلال مقتضيات النص، أن يقع الاعتداء على الشخص القاتل مباشرة، وإنما قد يكون غيره، إذ أن المشرع لم يأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقة التي تربطه به

ب – يجب أن يكون الاعتداء المفضي إلى القتل العمد اعتداءا غير مشروع،

أما إذا كان العنف صادر من الأب على ابنه حيث يصعب اعتبار العنف الأبوي عذرا مخففا للاستفزاز لأن المشرع يشدد عقوبة قتل الأصول، وهذا واضح من خلال الفصل 422 ق.ج الذي نص على مايلي “لا يوجد مطلقا عذر مخفض للعقوبة في جناية قتل الأصول”.

ج – يجب أن يوجه رد الفعل إلى المستفز الذي قام بالضرب أو مرتكب العنف الجسدي،

وبالتالي لا يتوفر عذر تخفيف العقوبة في القتل العمد للاستفزاز في حالة قتل أحد أقارب المستفز، لأن هذا الفعل يعتبر منن قبيل الثأر.

د. يجب أن يتم الفعل المتمثل في قتل الجاني للشخص الذي استفزه، عقب انتهاء الاعتداء مباشرة كأن يقتل الزوج أحد الأشخاص الذين مارسوا ضربا أو عنفا جسيما على زوجته أو أحد أبنائه أثناء فراره من منزله مثلا.

أما إذا تم قتل المستفز أثناء ممارسته للضرب أو العنف الجسيم على المستفز، فالأمر يتعلق بممارسة حق الدفاع الشرعي شريطة توافر شروطه وليس أمام عذر مخفف.

هنا تكمن أهمية عذر التخفيف للاستفزاز التي لا تظهر إلا في حالة عدم إمكانية استفادة القاتل من ممارسة حق الدفاع الشرعي، في الحالة التي يرتكب فيها مثلا القتل بعد انتهاء الضرب أو العنف الجسيم من طرف المقتول.

مع العلم، أن عذر الاستفزاز المخفف لعقاب القتل العمد، لا يتوافر ولا يتحقق إذا مرت فترة طويلة من الزمن بين ارتكاب الضرب أو العنف الجسدي على المستفز أو غيره وقتل المستفز.

لأن المشرع أوجد العذر مراعاة منه للحالة النفسية التي يكون عليها الجاني بعد توجيهه الاعتداء إليه أو إلى غيره بعد مرور مدة غالبا ما تكون وجيزة.

لكن إذا مر وقت ليس بالقصير على فعل الاعتداء، هدأت على إثره الأعصاب واستقرت ورجعت إلى حالتها الطبيعية بأن تمكن الجاني من التحكم في تصرفاته، فكل فعل يقوم به المستفز بعد مرور المدة من الزمن طويلة نسبيا ويترتب عليه القتل، سيعاقب بعقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار.

ويبقى للمحكمة صلاحية تقدير ملائمة الوقت الفاصل بين الأعمال المشكلة للاستفزاز وبين ارتكاب المستفز للقتل للقول بتوفر عذر التخفيف الوارد بالفصل 416 ق.ج من عدمه.

ونظرا لارتباط عذر التخفيف بشخص المستفز للضرب أو العنف الجسدي، أي إرادته فيجعلها أقرب إلى النقصان منها إلى الكمال، فلا يستفيد منه إلا من توافر فيه دون غيره من المساهمين أو المشاركين معه في تنفيذ القتل.

ثانيا: القتل المرتكب نهارا من أجل دفع تسلق أو كسر سور أو حائط مدخل منزل أو بيت مسكون أو ملحقاتهما

1- تحديد مفهوم العذر

 نص المشرع على هذا العذر في الفصل 417 ق.ج “يتوفر عذر مخفض للعقوبة من جرائم القتل أو الجرح أو الضرب إذا ارتكبت نهارا لدفع تسلف أو كسر سور أو حائط مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد مكوناتهما.

أما إذا حدث ذلك ليلا فتطبق أحكام الفصل 125 فقرة أولى”.

قرر المشرع المغربي، من خلال هذا النص، عذر تخفيف العقوبة بالنظر للجرائم التي تنجم عن دخول المنازل من غير أبوابها، لأن دخول المنزل من غير بابه غالبا ما يكون الغرض منه ارتكاب فعل غير مشروع كالسرقة مثلا. لذا ألزم المشرع بتخفيف العقوبة على القاتل العمد في هذه الحالة طبقا للفصل 423 ق. ج، حيث تلزم المحكمة باستبدال العقوبة من السجن المؤبد أو الإعدام إلى عقوبة الحبس بين سنة وخمس سنوات.

ويتعلق الأمر بحالة القتل التي ترتكب نهارا أي من طلوع الشمس إلى غروبها  لدفع تسلق  أو كسر سور  أو حائط أو مدخل أو بيت مسكون  أو أحد ملحقاتهما حيث يتمتع القاتل في هذه الحالة بعذر مخفف للعقوبة ليظل مسؤولا من الناحيتين المدنية والجنائية على السواء.

ولا يتحقق عذر الإعفاء الجزئي من العقاب إلا إذا كان المقتول قد أتي فعلا التسلق أو الكسر لسور أو حائط، أو مدخل منزل أو الدار المسكونة أو ملحقاتها نهارا أو يكون قد ابتدأ فيه على الأقل.

فإذا كان المقتول لم يبدأ بعد في أي من هذه الأعمال وكان مثلا يلقي نظرة من الخارج أو واقفا بالجوار يتأمل أو يقوم بجولات متكررة حول المسكن، ففعل القتل سيعاقب عليه بالعقوبة الأصلية ولن يستفيد القاتل من عذر التخفيف ولو أثبت بأنه قد تناهى إلى علمه بأن هذا الشخص المقتول يرسم خطة بالفعل للدخول للمنزل أو البيت المسكون عن طريق التسلق. وهذا الأمر يساير اتجاه المشرع الجنائي الذي لا يعاقب على مجرد النية مادامت لم تتحول لفعل ملموس.

كما يستفاد من الفصل 417 ق.ج أن لا يستلزم للاستفادة من العذر الوارد فيه بأن يقوم بفعل القتل صاحب المسكن أو المنزل الذي وقع تسلقه بل يستفيد منه كذلك حارس الدار أو الجار الذي يهب لدفع أي عدوان على محارم جاره. كما يشترط الفصل أن يكون البيت أو المنزل مأهولا أي مسكونا، أما إذا كان غير مسكون فإن كان مهجورا أو متروکا فلا يقوم هذا العذر لمصلحة القاتل أيا كان.

إذا توفرت الأعذار المخففة، يجب على القاضي تخفيف العقوبة (ف 423 ق ج)، مع بیان العذر الذي ترتب عنه تخفيف العقوبة، حتى يتسنى للقاضي المدني أن يأخذه بعين الاعتبار عند نظره في نفس القضية من حيث التعويض بالتالي لا يمكنه الحكم بالتعويض الكامل، لأن الضحية باستفزازها للجاني تعتبر مرتكبة لخطأ تتحمل فيه المسؤولية المدنية.

المصدر الدكتورة نجاة الحافضي
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق