الولاية على أموال القاصر: صلاحيات الأب وحدود الإذن القضائي

القرار عدد 290
المؤرخ في: 25 يناير 2006
الملف المدني عدد: 2003/1/1/230

الولاية – تصرف الأب في أموال القاصر – الإذن (لا)

لا مجال للاستدلال بمقتضيات الفصل 11 من قانون الالتزامات والعقود، ما دامت الولاية والأهلية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية، والقانون الذي يحكم النيابة الشرعية للمغاربة المسلمين هو قانون مدونة الأحوال الشخصية الصادر في ظلها القرار المطعون فيه، والذي نص في فصليه 149 و158 على أن “للأب الولاية على شخص القاصر وعلى أمواله معا حتى تكمل أهليته وهو ملزم بالقيام بها”، في حين لا يجوز للوصي أو المقدم مباشرة التصرفات الواردة فيه إلا بإذن من القاضي.
كما أن البائع لعقار محفظ ملزم بالإدلاء بما يفيد التجزئة ورفع الرهن، وبالقيام بجميع الإجراءات لتمكين المشتري من تسجيل عقد شرائه بالرسم العقاري.

باسم جلالة الملك

وبعد المداولة طبقا للقانون:
حيث يستفاد من مستندات الملف أن عبد اللطيف ومحمد حسبو تقدما بمقال لدى المحكمة الابتدائية بالحي المحمدي عين السبع – الدار البيضاء بتاريخ 14 أبريل 2000، عرضا فيه أنهما بتاريخ 30 يوليو 1993 أبرما عقد شراء قطعة أرضية مع المدعى عليهما الحبيب وبنداود بليوني مساحتها 380م² بتجزئة كرم رقم 6 – عين السبع، مستخرجة من الرسم العقاري عدد 32/7239 من الملك المسمى “غيثة”.
وأن البائعين رفضا إتمام البيع رغم أن العقد نص على أن الأرض المبيعة خالية من أي تحمل أو دين أو رهن أو إجراء تحفظي أو تنفيذي، وأن المشتري يصبح مالكا لها ابتداء من تاريخ العقد والتسليم.
وعند التوجه للمحافظ لتسجيل شرائهما، تبين أن الرسم 32/7239 لم تتم تجزئته، مما استحال معه التسجيل، فالتما الحكم على المدعى عليهما بإتمام البيع والقيام بإجراءات رفع الرهن والتجزئة لتمكينهما من التسجيل، مع التعويض بـ 50.000 درهم.
وبعد تخلف المدعى عليهما عن الحضور رغم التوصل، أصدرت المحكمة بتاريخ 12 يونيو 2000 حكمها رقم 191 في الملف 2000/1280 بإلزام المدعى عليهما بالإجراءات اللازمة لتمكين المدعيين من التسجيل، مع تعويض قدره 1.000 درهم.
استأنف المدعى عليهما الحكم كل على حدة، ففتح لاستئناف بنداود بليوني الملف الاستئنافي 2000/7671، ولاستئناف الحبيب بليوني الملف 2001/9318، وبعد ضم الملفين، قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من طرف بنداود بليوني بوسيلتين:
الوسيلة الأولى: انعدام الأساس القانوني، إذ دفع الطاعن بمقتضى الفصل 11 من قانون الالتزامات والعقود، الذي يوجب إذن القاضي في تصرفات الأب أو الوصي أو المقدم في أموال القاصر، وأنه لم يوقع على عقد البيع، والمحكمة ردت بأن العقد وقع من طرف الأب باعتباره الولي القانوني، دون مراعاة أن هذا التصرف أضر بالقاصر.
الوسيلة الثانية: نقصان التعليل الموازي لانعدامه، إذ لم تبين المحكمة أسباب تأييدها، واكتفت بالقول بأن الرسم العقاري مثقل برهن ولم تتم تجزئته، دون الاعتماد على وثائق تثبت ذلك.
لكن ردا على الوسيلتين، فإن مقتضيات الفصل 11 من قانون الالتزامات والعقود لا تنطبق، لأن الولاية والأهلية تخضع لقانون الأحوال الشخصية (الفصل 3 من نفس القانون)، ومدونة الأحوال الشخصية نصت في الفصل 149 على أن للأب الولاية على شخص القاصر وأمواله حتى تكتمل أهليته، وفي الفصل 158 على أن الوصي أو المقدم فقط هو من يحتاج لإذن القاضي في بعض التصرفات.
وبالتالي، فإن البيع المبرم من الحبيب بليوني أصالة عن نفسه ونيابة عن ابنه القاصر بنداود يعتبر صحيحا، والطاعن باعتباره بائعا ملزم بالإدلاء بما يفيد التجزئة ورفع الرهن.
كما أن تعليل المحكمة بأن العقار مثقل برهن ولم تتم تجزئته، رغم الإشارة في العقد إلى رقم البقعة، ورغم مرور سنوات على البيع، هو تعليل كاف ومؤسس قانونا.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب، وتحميل صاحبه الصائر.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط، برئاسة محمد العلامي – رئيس الغرفة، وعضوية المستشارين زهرة المشرفي (مقررة)، العربي العلوي اليوسفي، محمد بلعياشي، وعلي الهلالي، وبمحضر المحامي العام ولينا الشيخ ماء العينين، وبمساعدة كاتبة الضبط مليكة بنشقرون