الحكامة الجيدة في تدبير القطاعات الترابية على ضوء مقتضيات دستور 2011.

عالـم القانون17 أغسطس 2020
الحكامة الجيدة في تدبير القطاعات الترابية على ضوء مقتضيات دستور 2011.
المنصوري محمد

أولى المغرب بمختلف مكوناته و مستوياته أهمية قصوى لمبادئ و قيم الحكامة، نظرا لأهميتها القصوى في تدبير الشأن العام، و نظرا لتكلفة غيابها المرتفعة على المالية العمومية و الإقتصاد الوطني، و تتجلى هذه الأهمية في التوجيهات الملكية التي تدعوا إلى ضرورة إرساء أسس الحكامة الجيدة، و تحسين جودة الخدمات كضرورة لتحقيق التنمية المستدامة ببلادنا، و تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، هذا إلى جانب المقتضيات الجديدة المنصوص عليها في دستور 2011، و التي تعتبر الحكامة ركيزة أساسية لإحقاق الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية للمواطنين، و بناء دولة الحق و القانون، و تحقيق التنمية الإقتصادية و الإجتماعية لبلادنا، حيث نص صراحة على تعزيز أليات الحكامة الجيدة، و تخليق الحياة العامة و محاربة الفساد، و ترسيخ مبادئ الشفافية و المسؤولية و المحاسبة و عدم الإفلات من العقاب، و ذلك من خلال دسترة مؤسسات و هيئات حقوق الإنسان و الحكامة الجيدة و التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية، و هيئات حماية حقوق الإنسان.[1]

إنطلاقا مما سبق و تزامنا مع أوراش الإصلاح الكبرى على الصعيد الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي و البيئي التي تجرى ببلادنا، يستلزم الأمر تكريس قواعد الحكامة الجيدة في تدبير القطاعات الترابية و ذلك أثناء صياغة و تنفيذ السياسات العمومية الترابية من خلال خلق تكامل بين مختلف المؤسسات المتدخلة وهذا المنحى الجديد، فرض على الدولة اعتماد آلية جديدة للتدخل العمومي، تقتضي إرساء تنسيق حقيقي بين الوزارات، وتدبير مندمج للبرامج، وحوار قوي بين الدولة وشركائها الجهويين والمحليين. وكذلك تفعيل مقاربة حديثة للتدبير، تتحرى بالأساس النتائج وتربط المسؤولية بالمحاسبة، و عليه يتضح أن دستور 2011 جاء بمجموعة من الأليات المتقدمة للحكامة، و للوقوف على مدى تنزيل هذه المقتضيات الدستورية المتعلقة بالحكامة، سنحاول التطرق إليها بالإستناد إلى البرنامج الحكومي، و ذلك في الجانب المتعلق بتدبير القطاعات الترابية، و مدى إستجابته للمقتضيات الدستورية المتعلقة بالحكامة (المطلب الأول)، ثم سنحاول الوقوف على حدود العمل وفق مبدأ الإلتقائية، بإعتبارها ألية للمحافظة على تطور مفهوم الحكامة الجيدة، عن طريق مدى ضمانها للإنسجام و التنسيق بين مختلف مستويات التخطيط الترابية من جهة و الإستراتجيات و المخططات الحكومية من جهة ثانية ( المطلب الثاني).

 

المطلب الأول: أبعاد الحكامة الجيدة وفق مقتضيات دستور 2011 بين نص البرنامج الحكومي 2012-2016 وحدود التنزيل .

إن اختيارنا للبرنامج الحكومي الأخير من أجل الوقوف على أبعاد العمل بالحكامة الجيدة التي جاء به الدستور، خاصة على مستوى القطاعات الترابية نابع من اقتناعنا أولا أن السلطة التنفيذية، هي الربان و القائد الأول و الفعلي للعمل بأي نص تشريعي أو تنظيمي، و المجسدة لحدود تطبيق هذه المقتضيات القانونية، من عدمه، و بالتالي فدراسة البرنامج الحكومي ستمكننا لا محالة من رصد حدود العمل بالمقتضيات الدستورية، في مجال الحكامة على مستوى تدبير القطاعات الترابية، سواء من خلال معاينة مضمون البرنامج، (الفرع الأول) أو من خلال تنزيله على أرض الواقع، (الفرع الثاني) إعتبارا لكون الولاية الحكومية مشرفة على نهايتها، و بالتالي فالخطوط العريضة للتنزيل السليم للبرنامج الحكومي يجب أن تكون اتضحت و ظهرت معالمها بشكل جلي.

الفرع الأول: أبعاد الحكامة الجيدة من خلال نص البرنامج الحكومي على ضوء مقتضيات دستور 2011.

ينبني البرنامج الحكومي بقوة على مفهوم الحكامة الجيدة, حيث لا تكاد تخلو فيه سياسة قطاعية أو إجراء معين دون استدعاء هذا المفهوم المحوري والأساسي في الأدبيات المعاصرة لإدارة وتدبير المنظمات, سواء العمومية كالدولة, أو الخاصة كالشركات. وبالفعل, فقد أعطت حكومة بنكيران لهذا المفهوم بشكل غير مسبوق في بلادنا مكانة مركزية في برنامجها, كركن من أركان سياستها في جميع مجالات عمل الحكومة, بما فيها التشغيل والصحة والتعليم والإدارة… ومفتاحا للقضاء على الفساد والريع والزبونية, وإنشاء مجتمع العدل والمسؤولية والفاعلية[2].

في هذا الإطار سأحاول مقاربة أبعاد الحكامة الجيدة في القطاعات الترابية من خلال مضمون البرنامج الحكومي (الفقرة الأولى)،على أن أعالج في (فقرة ثانية) مظاهر ملائمة و مواكبة البرنامج الحكومي لمقتضيات دستور 2011.

الفقرة الأولى: أبعاد الحكامة الجيدة من خلال مضمون البرنامج الحكومي 2012-2016.

يمكن إجمال أبعاد الحكامة في نص البرنامج الحكومي من خلال مجموعة من القطاعات :

أولا: التشغيل:

من أولويات البرنامج الحكومي هو قطاع التشغيل، إذ قررت الحكومة في سنواتها الخمس المقبلة تخفيض نسبة البطالة ب8 في المائة وتطبيق برنامج “مبادرة” الهادف إلى تشجيع التشغيل في الجمعيات العاملة في مختلف مجالات القرب وبرنامج “تأطير” الهادف إلى تأطير 50 ألف معطل من حاملي الشهادات سنويا بمنحة خاصة وبرنامج “استيعاب” الموجه لإدماج الاقتصاد غير المهيكل وإحداث مرصد وطني للشغل وإصلاح الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل وإحداث المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للتشغيل وإحداث صندوق خاص للتعويض عن فقدان الشغل وإنشاء صندوق للتضامن خاص بالمعوزين وتعميم التأمين الصحي الإجباري وإصلاح نظام المقاصة بالتحكم في كلفته وتقديم دعم نقدي مباشر للأسر مشروط بالتعليم والصحة والانخراط في برامج محو الأمية والأنشطة المدرة للدخل بإحداث صندوق التضامن وإحداث صندوق الزكاة على أساس تطوعي.[3] 
ثانيا: الصحة :

يؤكد البرنامج الحكومي على تحسين الخدمات الصحية عبر تجويد قطاع الصحة وتحسين الاستقبال وتوفير الخدمات الصحية للعموم بشكل عادل وضمان تكافؤ الفرص في الاستفادة من الخدمات الصحية وجعل الأدوية الأساسية في متناول الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود واعتماد الوحدات الصحية المتنقلة في العالم القوي والالتزام بتقليص نسبة وفيات الأطفال دون الخامسة إلى 20 وفاة لكل ألف ولادة حية وتخفيض وفيات الأمهات عند الولادة إلى 50 وفاة في كل مائة ألف ولادة حية والتعاقد مع أطباء القطاع الخاص لسد الخصاص الصحي في بعض المناطق والإسراع بإصدار قانون يوضح الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.[4]
ثالثا: بعد السياسات العمومية والقطاعية:

وذلك بتنزيل ما جاء في الدستور من حقوق وحريات ومقتضيات المواطنة الفعالة، وما نص عليه من واجبات ومسؤوليات،وإرساء سلوك جديد قائم على الشفافية وتحديد المسؤوليات وسيادة القانون وتثمين الموارد البشرية والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، باعتبارها اساسا لنجاعة وفعالية مختلف السياسات العمومية والقطاعية.
يرتكز البرنامج الحكومي المعروض على أنظار البرلمانيين والبرلمانيات على ثلاثة مرتكزات, سواء في وضع السياسات أو تنفيذها, وتتعلق بالعمل المندمج والمتكامل, المقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويستند البرنامج الحكومي على البرامج الانتخابية لأحزاب التحالف الحكومي، ويسعى الى تجسيد الالتزام بتنزيل الدستور ومتطلباته التشريعية و المؤسساتية و الاستجابة حسب البرنامج الحكومي للانتظارات الشعبية الملحة، داخل الوطن وخارجه.
كما يستند البرنامج الحكومي على اعتماد مقاربة تشاركية وتدبيرا تشاركيا في صياغة وبلورة استحقاقاته، يجمع بين الاغلبية والمعارضة وعموم مكونات المجتمع في اطار تفاعلي في مدة خمس سنوات القادمة.[5]
رابعا: بعد الجهوية المتقدمة.[6]

ذكر البرنامج الحكومي إرساء جهوية متقدمة من خلال اصدار قانون تنظيمي للجهات والجماعات الترابية الاخرى يضمن افراز مؤسسات جهوية منتخبة ذات اختصاصات فعلية واعتماد تقطيع جهوي يوفر مؤهلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لكل جهة، مع تمكين الجهات من جهاز تنفيذي قوي قادر بالقيام بمهامه ويتمتع بالاختصاصات اللازمة.
هنا يمكن القول عن أي جهاز تنفيذي نتحدث؟ هل المقصود هو تنصيب الحكومات التنفيذية المحلية أم المجالس الجماعية والجهوية اكثر نجاعة؟
وعندما ذكر البرنامج الحكومي إرساء بعض الصناديق الذين جاء ذكرهم في تقرير اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية، ومنها صندوق التضامن بين الجهات وصندوق التأهيل الاجتماعي، لم يذكر برنامج الحكومة كسلطة تنفيذية ولو على سبيل المثال كيفية تمويل هذين الصندوقين، رغم أن اللجنة الجهوية الاستشارية قد ذكرت ذلك.
خامسا: البعد الإداري [7]

وذلك بإعادة الثقة بين المواطنين والإدارة من خلال مواصلة تبسيط المساطر وتيسير الولوج إلى خدمات الإدارية العمومية، والتطبيق الفعلي للقانون الخاص بتعليل القرارات الادارية، والتعجيل باصدار القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة بحسب الفصل 27 من الدستور، والعمل على توفير وحدات إدارية بالإدارات العمومية للسهر على حسن استقبال المرتفقين، ومواصلة العمل على خدمات الكترونية موجهة للمواطن والمقاولة والادارة.
ومن اجل حكامة جيدة للتدبير العمومي سيتم إصدار ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى كما يشير إلى ذلك الفصل 157 من الدستور.
وفيما يخص الموارد البشرية وتأهيلها سيتم وفق البرنامج الحكومي لإقرار منظومة جديدة للأجور ترتكز على الاستحقاق والمردودية والفعالية و الانجاز الفعلي للعمل مع إقرار نظام جديد ليشجع على إعادة انتشار الموظفين لتحفيزهم على العمل بالمناطق الصعبة والنائية.
وفيما يتعلق بالمسؤولين الإداريين ذكر البرنامج الحكومي العمل على حركية المسؤولين في الإدارات العمومية وإرساء ممرات وقواعد واضحة وتحفيزية لإعادة الانتشار داخلها وفيما بينها وكذا بين المصالح المركزية والمصالح الخارجية.مع إصدار القانون التنظيمي المنصوص عليه في المادتين 49 و92 من الدستور والمتعلق بتحديد مبادئ ومعايير التعيين في الوظائف العليا، لاسيما منها مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية.
وبالنسبة للتكوين الإداري، وفي أفق إعادة النظر في التكوين الموجه للإدارة العليا عبر الإصلاح الشامل للمدرسة الوطنية للإدارة والمعهد العالي للإدارة، بدمجهما في مؤسسة واحدة تستجيب للحاجيات الفعلية للتكوين وللتأهيل.[8]
اقترح على الحكومة في هذا الصدد ، إحداث المجلس الوطني للإدارة العمومية، يعمل على تدارس المشاكل الإدارية القطاعية القائمة ويقترح حلولا يرفعها إلى الحكومة كل وزارة على حدة بحسب الاختصاص.
سادسا:البعد القضائي.[9]

ذكر البرنامج الحكومي أن الحكومة ستقوم بإصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالنظام الأساسي للقضاة وبتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة ومسطرة التأديب.بالإضافة إلى مراجعة المنظومة التشريعية بما يحقق تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة باستقلال القاضي وبحقوق المتقاضين، وكذا الارتقاء بمستوى أداء الإدارة القضائية عن طريق استعمال التكنولوجيا الحديثة في أفق التحديث والمكننة الشاملة لمحاكم المملكة خلال الأمد القريب لتسريع إجراءات البث في القضايا. ولإعطاء النموذج في احترام القضاء والامتثال لأحكامه ستعمل الحكومة على تسريع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة وإقرار تدابير ملزمة وفعالة لهذا المجال.
سابعا:البعد الاقتصادي.

تسعى الحكومة حسب البرنامج الحكومي إلى الارتقاء بنسبة النمو إلى 5.5% خلال الفترة 2012-2016 ونسبة نمو الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي بمعدل 6%، كما ستعمل الحكومة على ضبط التضخم في حدود 2% وتخفيض البطالة إلى 8% في أفق 2016، وتقوية صلاحيات مجلس المنافسة ومحاربة اقتصاد الريع، وتطوير وتوحيد النظام الإحصائي العمومي وجعل المعلومة الإحصائية ” خدمة عمومية” تحظى بثقة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وعموم المواطنين في الداخل والخارج.
ثامنا: البعد التعليمي.

ذكر البرنامج الحكومي تنزيل مضامين الدستور من خلال تفعيل مهام المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتنسيق مع القطاعات الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين والبحث العلمي.
ولنجاعة أفضل في النظام التربوي ذكر البرنامج الحكومي أنه سيتم توسيع صلاحيات مختلف الوحدات الإدارية الخارجية المكلفة بالتربية والتكوين، وتطوير قدراتها التدبيرية من خلال التعاقد معها،وسيتم إحداث شبكات مدرسية تضم،حول كل ثانوية تأهيلية روافدها من ثانويات إعدادية ومؤسسات ابتدائية تتيح استعمالا مشتركا شاملا للوسائل المادية والبشرية.
وبالنسبة للتعليم العالي ذكر البرنامج الحكومي أنه سيتم تحيين ومراجعة الخريطة الجامعية باعتماد معايير تستجيب للتزايد المستمر لعدد حاملي شواهد الباكالوريا الذي يتوقع أن يصل إلى 673000 طالب في افق السنة الجامعية 2015-2016 أي بزيادة 60% مقارنة مع عدد الطلبة المسجلين في السنة الدراسية 2011-2012.
وهنا، أود القول بانه ينبغي على الحكومة أن تستأنس باقتراحات مؤسسات المجتمع المدني، ومقترحات ومشاريع مراكز الدراسات والأبحاث وخاصة منها المتخصصة في الدراسات الإستراتيجية عملا بالفصلين 12 و13 من الدستور “بمساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها”.
وبالنسبة للطلبة سيتم تعميم المطاعم الجامعية على الجامعات والرفع من عدد المستفيدين منها،وكذا تعميم التغطية الصحية للطلبة، وتعميم التكنولوجيات الحديثة بتمكين طلبة التعليم العالي من اقتناء حواسيب موصولة بالانترنت بأثمنة مدعمة.
   ختاما، يبدو أن البرنامج الحكومي طموحا في بعض الجوانب وناقصا في بعض الجوانب الأخرى، وبتظافر الجهود من الحكومة ومختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وعموم المواطنين يمكن ان ننتقل ببلدنا إلى مراتب أرقى بين الأمم.[10]

الفقرة الثانية: مظاهر ملائمة و مواكبة نص البرنامج الحكومي لمقتضيات دستور 2011.

مما لا جدال فيه أن دستور 2011, جاء مدعما بمجموعة من أليات الحكامة الجيدة، فالملاحظ أن هذا المفهوم هم جميع أبواب الدستور بصيغة أو بأخرى, ومن تجلياتها ربط المسؤولية بالمحاسبة، و فصل السلط و استقلالها و توازنها، و لأول مرة تم التنصيص دستوريا على باب خاص بالحكامة الجيدة، ومن أبرز ماجاء في هذا الباب التنصيص على مؤسسات و هيئات حماية الحقوق و الحريات و الحكامة الجيدة و التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية، في هذا الصدد فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مهمته الدفاع عن حقوق الإنسان و الحريات و حمايتها، و بضمان ممارستها الكاملة، و النهوض بها و بصيانه كرامة و حقوق و حريات المواطنات و المواطنين،أفرادا و جماعات، و ذلك في نطاق الحرص التام على إحترام المرجعيات الوطنية و الكونية في هذا المجال،[11] ثم مؤسسة الوسيط، و التي تعتبر حسب الدستور مؤسسة مستقلة و متخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة و المرتفقين، و الإسهام في ترسيخ سيادة القانون، و إشاعة مبادئ العدل و الإنصاف، وقيم التخليق و الشفافية في تدبير الإدارات و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية و الهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية.[12] في هذا الإطار نص الدستور كذلك على مجلس الجالية المغربية بالخارج، و الهيأة المكلفة بالتكافؤ و محاربة جميع أشكال التمييز، ثم الهيأة العليا للإتصال السمعي البصري و مجلس المنافسة و الهيأة المركزية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها، أما فيما يخص هيئات النهوض بالتنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية، فقد نص دستور 2011، على المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي و حسب مقتضى الدستور فهي هيأة إستشارية، مهمتها إبداء الأراء حول كل السياسات العمومية، و القضايا التي تهم التربية و التكوين و البحث العلمي، و كذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين و تسييرها، كما يساهم في تقييم البرامج و السياسات العمومية في هذا المجال.[13] ثم المجلس الإستشاري للأسرة و الطفولة و المجلس الإستشاري للشباب و العمل الجمعوي، و الملاحظ من خلال جميع هذه المجالس و الهيئات أنها تتمحور حول تنمية العنصر البشري بجميع أطيافه، أطفالا و نساء و شبابا و مقيمين بالخارج، و حيث أن التنمية و تحقيق مبادئ الحكامة الجيدة لايمكن الوصول إليها إلا من خلال التوفر على عنصر بشري فعال و كفؤ و قادر على مواكبة المستجدات الدستورية، و بهدف التنزيل السليم لهذه المقتضيات الدستورية المتقدمة الهادفة أساسا إلى بلورة ثلاث مرتكزات أساسية سواء في وضع السياسات أو تنفيذها و هي :

العمل المندمج و المتكامل

المقاربة التشاركية

وربط المسؤولية بالمحاسبة

و هذا ما يتضح من خلال الدور المهم الذي نص عليه الدستور بالنسبة لهذه المجالس و الهيئات و المتمثل في إبداء الأراء حول السياسات العمومية، و تقييم السياسات و البرامج العمومية، حسب مجال كل مجلس أو هيأة، و هذا ما من شأنه الرقي بمستوى السياسات العمومية.

و في خضم هذه التغيرات الدستورية المهمة و الهادفة بالأساس إلى النهوض بالتنمية و توفير أسباب العيش الكريم للمواطنين، وجعله فاعلا أساسيا في صياغة السياسات العمومية في جميع المجالات،

جاء البرنامج الحكومي ساعيا إلى تجسيد الإلتزام بتنزيل الدستور و متطلباته التشريعية و المؤسساتية، و الإستجابة للإنتظارات الجوهرية و الملحة للشعب المغربي بفئاته و شرائحه داخل الوطن و في الخارج و لعموم الفاعلين الإقتصاديين و الإجتماعيين و مؤسسات المجتمع المدني.[14]

إن الولاية التشريعية الحالية ولاية استنائية بامتياز بالنظر لما نص عليه الدستور من ضرورة تنزيل مقتضياته أثناءها، و هو مسلسل إصلاح عميق للدولة و تجديد لوظائفها و تطوير بنيتها و تأهيل أدوارها و إرساء قواعد التلازم و التكامل و التعاون بين مؤسساتها، لكسب تحديات الحكامة الجيدة و التنمية الإقتصادية و العدالة الإجتماعية، مما يعزز إشعاع النموذج المغربي و جاذبيته.

و يكتسب تنزيل مقتضيات الدستور تبعا لذلك أبعادا متعددة  تقتضي تدبيرا تشاركيا في صياغة و بلورة استحقاقاته، بجمع الأغلبية و المعارضة و عموم مكونات المجتمع في إطار تفاعلي مشترك و الإرتكاز على تأويل ديمقراطي، و اعتماد توقع زمني وفق أولويات واضحة على مدى الخمس سنوات المقبلة.

يبدوا أن أهمها :

  • ترسيخ دولة القانون و الجهوية المتقدمة و الحكامة الرشيدة، الضامنة للكرامة و الحقوق و الحريات و الأمن و القائمة على المواطنة الحقة و ربط المسؤولية بالمحاسبة و الحقوق بالواجبات.
  • مواصلة بناء إقتصاد وطني قوي متنوع الروافد القطاعية و الجهوية و تنافسي و منتج للثروة و للشغل اللائق و لسياسة إقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو.
  • تطوير و تفعيل البرامج الإجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية خصوصا التعليم و الصحة و السكن ، و يكرس التضامن و تكافؤ الفرص بين الأفراد و الفئات و الأجيال و الجهات.
  • تعزيز التفاعل الإيجابي مع المحيط الجهوي و العالمي و تقوية الأداء العمومي لخدمة المغاربة المقيمين بالخارج.[15]

و بناءا على هذه التوجهات الكبرى لنص البرنامج الحكومي، تتضح الأولوية المعطاة، لتنوع الروافد القطاعية و الجهوية، و الإندماج و الإنسجام و التشاركية في رسم السياسات العمومية، حيث أن مايميز السياسات العامة هو شمولية نتائجها على شرائح واسعة من المجتمع إن لم يكن المجتمع كله، مما يحتم الإهتمام بصياغتها أو رسمها بشكل يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها و تحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها و تقليل إحتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة، فالسياسات العامة التي تصاغ بشكل دقيق بالإعتماد على معلومات و معطيات صادقة، تجنب المجتمع الكثير من التضحيات ة الآلام و الإحباط الذي يصاحب تنفيذ السياسات العامة الفاشلة و المرسومة بشكل غير صحيح، لأن الوصول إلى الهدف من السياسات العامة يجب ان يصاحب إسترتجية تعمل على هندسة القرار بإحاطته بمجموعة من التساؤلات، التي حول رؤية إسترتجية للمستقبل تتضمن تشخيص للحالة الأنية ( في زمن الحاضر)، من خلال معرفة نقط القوة و الضعف، و تشخيص للحالة المستقبلية عن البعد الإستشرافي، رصد الفرص و تجنب المخاطر و التهديدات (في زمن المستقبل) و ذلك من أجل تقديم برنامج حيوي للتنمية، يكون بمثابة القلب النابض لحياة الجميع، خاصة و أن قضية التنمية أصبحت تعتبر أحد قضايا القرن الحالي، التي تسعى الدول النامية إلى تحقيقها من جراء ما يعرف عالمنا المعاصر من نشاط و تنافس واضح في ظل ثقافة العولمة، التي فرضت تحرير القطاعات الإستراتيجية، و عليه فالسياسات العامة عملية شاقة تحتاج إلى جهد كبير و تفكير إسترتيجي مع القدرة و الرغبة في مواكبة عولمة الفكر الإداري سواء وطنيا أو محليا،[16] من هنا تبدوا الحاجة ملحة في مغرب اليوم إلى عنصر بشري كفؤ، قادر على التخطيط و التفكير الإستراتجي، و هذا مايتضح من خلال التوجهات الكبرى التي سار عليها البرنامج و التي تهدف بالدرجة الأولى إلى جعل المواطن قادر المشاركة من خلال الإهتمام الملحوظ، حسب هذا البرنامج بتأهيل القطاعات الحيوية و الحساسة على جميع نطاق تراب المملكة، حيث جاء في البرنامج وكما سبق الذكرضرورة تطوير و تفعيل البرامج الإجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية خصوصا التعليم و الصحة و السكن،  و يكرس التضامن و تكافؤ الفرص بين الأفراد و الفئات و الأجيال و الجهات.

و ختاما يمكن القول أن البرنامج الحكومي يهدف في المقام الأول إلى تنمية القطاعات العمومية و التي تعتبر محور الإقلاع الإقتصادي، وحيث أن تنمية هذه القطاعات من شأنها إفراز نخب قادرة العمل وفق مرتكزات الحكامة الجيدة و بالتالي صياغة سياسات عمومية ناجحة من شأنها تحقيق التنمية و توفير أسباب العيش الكريم للمواطنين، و من خلال ماسبق يتبين أن نص البرنامج متطور و متقدم و مواكب لمستجدات الدستور، غير عن الإشكالات الكبرى تتعلق دائما بمدى القدرة على التفعيل، و هذا ماسنحاول مناقشته من خلال الفرع القادم.

الفرع الثاني: تفعيل مقتضيات الحكامة الدستورية في مجال تدبير القطاعات الترابية من خلال الحصيلة المرحلية للبرنامج الحكومي2012-2016.

إلتأم البرلمان بمجلسيه في اجتماع مشترك قصد الاستماع إلى العرض الذي قدمه رئيس الحكومة حول الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة بمبادرة منه تفعيلا لأحكام الفقرة الأولى الفصل 101 من الدستوروبالرجوع إلى هذا الفصل نجده يقر بأن يعرض رئيس الحكومة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام البرلمان إما بمبادرة منه أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو بطلب من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين.[17]

وبغية الحيادية و التجرد في إعطاء تقييم موضوعي للحصيلة المرحلية للبرنامج الحكومي الأخير، سنعالجها من خلال استقراء موضوعي منفتح، أولا عن طريق عرضنا لأهم القراءات  و التحاليل حول الحصيلة المرحلية (الفقرة الأولى)، ثم وضعنا لتقييم موضوعي، خاصة على مستوى وضعية القطاعات الترابية ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: قراءة موضوعية في الحصيلة المرحلية للبرنامج الحكومي.

    سأعالج هذه الفقرة من خلال التطرق إلى بعض القراءات حول الحصيلة المرحلية للحكومة الحالية، و ذلك من خلال زاويتين: حيث سأحاول التطرق إلى بعض القراءات الإيجابية للحصيلة الحكومية(1)، على أن أقارب في الشق الثاني من هذه الفقرة بعض القراءات السلبية كذلك.

أولا:- المنظور الإيجابي لحصيلة البرنامج الحكومي

دافع أغلب وزراء الحكومة عن الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، و اعتبروها “إيجابية ومشرفة ومطمئنة”، بالنظر لدقة وصعوبة الظرفية الدولية والإقليمية والوطنية التي تقلدت فيها الحكومة مسؤولية تدبير الشأن العام، مع ما يعني ذلك من محدودية الإمكانيات وضيق هامش التصرف.

و أكدت الإغلبية أن الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة خلال جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور، أن الحصيلة الحكومية مشرفة بالنظر إلى طبيعة هذه المرحلة الانتقالية المتسمة أساسا بتنزيل الدستور الجديد، مع ما يعني ذلك من عمل جاد وعميق.

وأكدت أن هذه الحصيلة مطمئنة و”ترسخ صدقية التزام الحكومة بتنفيذ ما تعهدت به، وتساهم في استعادة ثقة المواطنات والمواطنين في العمل السياسي واهتمامهم بالشأن العام وفي إرساء علاقة قائمة على الوضوح والصراحة مع الفاعلين الاقتصاديين بهدف تشجيع المقاولة الوطنية وتحسين مناخ الأعمال”.

وأشارت إلى أن هذه الحصيلة مطمئنة أيضا لكونها “رسخت ثقة شركائنا ومختلف المؤسسات الدولية في استقرار المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي صلابة مقوماته وأسسه الاقتصادية والمالية وفي مصداقية مساره الإصلاحي”.[18]

ونوهت الأغلبية بروح “المسؤولية العالية التي أبان عنها الفريق الحكومي والأغلبية البرلمانية وكذا بالتعاون والانسجام الذين طبعا عملهما.

كما تم التأكيد على ضرورة العمل على تقوية الجبهة الداخلية والتقدم في تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجهوية المتقدمة وتطبيق النموذج الاقتصادي التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، وتكثيف التواصل والإشعاع وتقوية الحضور المغربي سواء الحكومي أو البرلماني أو المدني في مختلف المنابر والمحافل الجهوية والقارية والدولية، واستثمار التراكمات الإيجابية التي تحققت هذه السنة.

وأبرز رئيس الحكومة أن هذه المرحلة من عمل الحكومة تميزت بتعزيز موقف المغرب من خلال مصادقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرارات نوه فيها بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى تسوية النزاع حول الصحراء المغربية.

وعلى المستوى التحكم في الميزانية العامة فتم التأكيد بأن الحكومة حريصة على ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية، والشروع في تنزيل الاصلاحات الهيكلية الكبرى ومباشرة الإصلاحات الضرورية على المستوى التشريعي والمؤسساتي والإجرائي بهدف تحسين مناخ الأعمال.

وأوضحت الحكومة في هذا الصدد أن المغرب نجح في توقيف المنحدر السلبي على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى التوازنات الخارجية، حيث استطاع في ظرف سنة واحدة أن يقلص عجز الميزانية بما يقارب نقطتين من الناتج الداخلي الخام، من 7.3 في المائة سنة 2012 إلى 5.5 في المائة سنة 2013.

كما تمكن المغرب ، من تقليص عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9.7 في المائة سنة 2012 إلى 7.6 في المائة سنة 2013.
وعلى مستوى النشاط الاقتصادي، أبرزت الحكومة أن سنة 2013 تميزت بتسارع النمو الاقتصادي حيث بلغ نسبة 4,4 في المائة مقابل 2,7 في المائة خلال سنة 2012.

وأشارت إلى أن قطاع السياحة قد سجل مع نهاية سنة 2013 نموا بنسبة 8 في المائة في عدد السياح الوافدين مقارنة مع سنة 2010 حيث بلغت مداخيل السياحة بالعملة الصعبة ما يناهز 58 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 2  في المائة مقارنة مع سنة 2010، وذلك بالرغم من الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة والسياق الإقليمي غير المستقر.

وفي إطار حرص الحكومة على تحفيز النمو ودعم الاستثمار والمقاولة، ووعيا منها بضرورة إعطاء الأولوية للصناعة، قال السيد ابن كيران إن الحكومة قامت بإطلاق المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية للفترة 2014- 2020، الذي يهدف إلى إحداث نصف مليون منصب شغل في أفق سنة 2020، وزيادة حصة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام ب 9 نقاط، لينتقل من 14 إلى 23 في المائة في أفق 2020.[19]

ومن أجل ذلك، ستعمل الحكومة، على تعبئة 1000 هكتار من الوعاء العقاري العمومي لإحداث مناطق صناعية مخصصة للكراء، كما ستقوم بإحداث صندوق عمومي لمواكبة التطوير الصناعي، والذي سيخصص له غلاف مالي قدره 20 مليار درهم، وسيشكل دعامة للمقاولات والقطاعات التي تنتج قيمة مضافة عالية أو تطور العرض التصديري أو توفر فرصا للشغل أكثر.

وأضاف أن السياسة الإرادية للاستثمار العمومي تواصلت حيث المجهود الاستثماري الإجمالي في القطاع العام بمختلف مكوناته ما يناهز 186 مليار درهم سنة 2014 و 165 مليار درهم سنة 2013 و188 سنة 2012 مقابل ما يناهز 167 مليار درهم سنة 2011 و 163 مليار درهم برسم سنة 2010.

كما حرصت الحكومة على تطبيق الأفضلية الوطنية من أجل تمكين المقاولات الوطنية من الصفقات العمومية وبالتالي الاستفادة من الإمكانيات المالية الكبيرة المتاحة في إطار الاستثمار العمومي.

وعلى صعيد آخر،  فالحكومة، أولت عناية خاصة لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الخاص، خاصة من خلال تعزيز الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالتوقيع في 9 مارس 2012 على مذكرة تفاهم بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل التأسيس لحوار وتشاور دائمين مع الفاعلين الاقتصاديين، وتطوير عمل اللجنة الوطنية المكلفة بتحسين مناخ الأعمال وتسريع وتيرة اشتغالها.

وأبرز رئيس الحكومة أن المقاولات وخاصة الصغيرة والمتوسطة حظيت برعاية خاصة من طرف الحكومة، حيث تمت معالجة إشكاليات مزمنة ومطالب قديمة، وذلك من خلال عدة إجراءات تجلت أساسا في تقليص نسبة الضريبة على الشركات ذات الأرباح أقل من 300 ألف درهم إلى 10 في المائة وتسريع وتيرة استرجاع الضريبة على القيمة المضافة.

ومن جهة أخرى، تطرق الحكومة إلى الإصلاح الفعلي لنظام المقاصة الذي قامت به الحكومة بهدف ترشيد الدعم في أفق توجيهه إلى الفئة المحتاجة والمستهدفة حيث تم في مرحلة أولية اعتماد نظام المقايسة الجزئية بالنسبة لأسعار البنزين والغازوال والفيول الصناعي قبل أن يتقرر، في مرحلة ثانية، رفع الدعم الموجه للبنزين والفيول الصناعي ومراجعة الدعم الموجه للغازول.[20]

وبالنظر للوضعية المالية المتدهورة منذ سنوات للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، فقد أعدت الحكومة، خطة إنقاذ ضمن عقد برنامج بغلاف مالي يبلغ 45 مليار درهم في إطار تدخل والتزام قوي للدولة والمكتب بالإضافة إلى المشتركين ضمن مجهود جماعي متوازن يؤدي في نفس الوقت إلى استعادة العافية المالية للمكتب دون المساس بتسعيرة الشطر الاجتماعي.

كما أن الحكومة قامت بإصلاح شمولي للمالية العمومية، حيث شرعت في إطار مقاربة تشاركية وتدريجية، في تنزيل توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات المنظمة في 2013، والتي سطرت معالم إصلاح شامل وتدريجي للمنظومة الضريبية بهدف توسيع الوعاء الضريبي وعقلنة الإعفاءات الجبائية وإصلاح الضريبة على القيمة المضافة وتوطيد آليات الشراكة والصلح ما بين المواطن والإدارة الجبائية.

وعلى المستوى الاجتماعي، أكد رئيس الحكومة أن مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين وضمان استفادتهم من الخدمات والتغطية الاجتماعية والنهوض بالتشغيل شكل إحدى أولويات البرنامج الحكومي.

وأوضح في هذا الصدد أن الحكومة عملت على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال مجموعة من الإجراءات همت بالأساس مواصلة دعم بعض المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة وذلك بالتكفل بغلاف مالي يناهز 130 مليار درهم برسم الفترة 2012-2014، والرفع بنسبة 10 بالمائة من الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات وفي الفلاحة على مرحلتين (5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2014 و5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2015)، وتخفيض أسعار 320 دواء سنة  2012 بمعدل تخفيض قدره 50 في المائة، وأزيد من 1.250 دواء إضافيا سنة 2014، تراوحت نسبة تخفيض عدد منها ما بين 20 و 80 في المائة.

وسعيا إلى ضمان استفادة المواطنين من الخدمات والتغطية الاجتماعية، أبرزت الأغلبية الحكومية عن إحداث الحكومة في سنة 2012 صندوق دعم التماسك الاجتماعي بغلاف مالي يناهز 2,5 مليار درهم، و 3,5 مليار درهم في سنة 2013. ويهدف هذا الصندوق إلى تمويل العمليات الاجتماعية المتعلقة بنظام المساعدة الطبية وبرنامج تيسير واستهداف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الدعم المباشر للأرامل في وضعية هشاشة في غضون السنة الحالية.

كما شرعت الحكومة، يقول السيد لحسن الوردي، في تعميم نظام المساعدة الطبية “راميد”، إذ بلغ عدد المؤهلين للاستفادة من نظام المساعدة الطبية حوالي7 ملايين مستفيد، أي ما يفوق 82 في المائة من الفئة المستهدفة والتي تقدر ب8,5 مليون نسمة.[21]

وأشار إلى أن الحكومة عملت على مضاعفة ميزانية اقتناء الأدوية الموجهة للمستشفيات والتي انتقلت من 675 مليون درهم سنة 2011 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2012، ثم إلى 2,4 مليار درهم سنة 2013، وإحداث صندوق التعويض عن فقدان الشغل، وذلك بمضاعفة المساهمة المالية المحددة لانطلاق هذا المشروع والتي التزمت بها في إطار الحوار الاجتماعي، من 250 مليون درهم إلى 500 مليون درهم.

وسعيا إلى النهوض بالتشغيل وتعزيز برامج محاربة البطالة، أكد السيد ابن كيران أن الحكومة قامت بمجهود استثنائي في التشغيل العمومي من خلال إحداث ما يزيد على 68.000  منصب شغل برسم السنوات المالية 2012 و2013 و2014.

كما واصلت الحكومة، يضيف رئيس الحكومة، دعم برامج التشغيل القائمة حيث من المتوقع سنة 2014 في إطار برامج إنعاش التشغيل الثلاث، إدماج 55.000 مستفيد من برنامج “إدماج” و18.000 مستفيد من برنامج “تأهيل” ومواكبة 1.500 حامل لمشروع في إطار التشغيل الذاتي.

وأشار إلى إحداث نظام ضريبي تحفيزي لدعم التشغيل الذاتي، كما تم إطلاق برنامج “تأطير” لفائدة 10.000 مجاز، بغلاف مالي ناهز 160 مليون درهم، قصد الحصول على إجازة مهنية جديدة في مهن التدريس الذي سيتيح للمستفيدين منه الفرصة للعمل في القطاع الخاص أو اجتياز مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

وأشار وزير الإتصال مصطفى الخلفي إلى إن المغرب دخل مرحلة تتسم بصيانة قدرة المملكة كنموذج حضاري متميز بمقدوره أن يؤثر ايجابيا في محيطه وهذا النموذج الذي يقدمه المغرب كان على محك الاختبار، بالنظر للعديد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مبرزا بأن المحصلة اليوم هي بروز “هذا النموذج الأكثر تميزا وإشعاعا بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي اضطلع بدور مفصلي في صيانة هذا النموذج وقيادة مسلسل الإصلاحات وحماية الوحدة والاستقرار”.

وشدد على أن هذا النموذج يتميز بالثقة المتجددة في المؤسسات المنتخبة وفي التجربة الحكومية المستندة على شرعية ديمقراطية وتعددية سياسية، وعلى رصيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحقوقية والثقافية والاجتماعية التي عرفتها المملكة على مدار العقود الأخيرة، مما انعكس إيجابا على جاذبية المملكة وفتح آفاق الارتقاء الاجتماعي، وفق معادلة تجعل الإدارة في خدمة الوطن والمواطن. [22]

وأكد أن عناصر النجاح والقوة “التي مكنت المغرب من تجاوز تحديات الربيع الديموقراطي، وازدادت قوة برصيد التجربة الحكومية، ساهمت كذلك في تجاوز ما سمي بالخريف العربي، والهزات التي عرفتها بعض البلدان، مما كان له بالغ الأثر الإيجابي على مصداقية مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرفع من جاذبية وإشعاع النموذج المغربي”.

وقد تأتى ذلك، بفعل أمرين، الأول تمثل في سلسلة من القرارات والتدابير والإجراءات الصعبة والمسؤولة، سواء تعلق الأمر باستعادة مصداقية الحياة السياسية أو بتقوية تنافسية وفعالية النشاط الاقتصادي أو بتصحيح الاختلالات الاجتماعية.

و الأمر الثاني و”الذي لا يقل أهمية عن الأول إن لم يكن يفوقه يتمثل في النجاح التدريجي في إرساء ثقافة سياسية جديدة رافضة التحكم والإقصاء وتقوم على التعاون بين المؤسسات عوض التنازع بينها، والعمل على تحمل المسؤولية في اتخاذ القرارات اللازمة عوض الارتهان أو الاستكانة إلى الانتظارية وللحسابات الضيقة والانتخابية، وكذا الوفاء بالالتزامات والعقود بديلا عن التسويف والإرجاء، واعتماد الحوار والمقاربات التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات”.

وذكربنكيران في هذا السياق بأن أي تقييم موضوعي للحصيلة المرحلية للعمل الحكومي يقتضي استحضار السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي جاءت في إطاره هذه الحكومة سواء على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، و”ما رافقها خلال هذه المرحلة من عملها، وما بذلته من جهود ومكابدة استثنائية من أجل الحد من الآثار السلبية لهذا السياق المتقلب والصعب وإرساء دينامية جديدة من التعاون والتضامن بين مكونات الأغلبية الحكومية للتقدم في تطبيق مقتضيات الدستور ولتنزيل استحقاقات البرنامج الحكومي واسترجاع الطمأنينة وتعزيز الآمال في تسريع مسار الإصلاح وترسيخ الاستقرار السياسي و توطيد السلم الاجتماعي”.[23]

كما ابرز عبد الاله ابن كيران حرص الحكومة “على ترسيخ خيار الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة التي هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي”. مضيفا بان الحكومة حريصة “على ترسيخ المقاربة التشاركية في إعداد القانون التنظيمي للجهة والقوانين المتعلقة باللوائح الانتخابية والتقطيع الترابي وترسيخ خيار الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة التي هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي”.

واعتبر أن من شأن هذا التوجه أن “يضمن انبثاق مجالس ديمقراطية وفعالة وذات مصداقية ويقطع نهائيا مع كل ما من شأنه التشكيك في شفافية ونزاهة الانتخابات”.

وذكر، في هذا الإطار، بعمل الحكومة على بلورة تصور متكامل لتنزيل مشروع الجهوية وتدعيم مسلسل اللامركزية “انطلق من الإعلان المبكر عن البرنامج الزمني للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بما يمكن الفاعلين السياسيين من الاستعداد اللازم لهذا الاستحقاق الهام”.

من ناحية أخرى، اكد بنكيران على إن الحكومة عملت على تسريع وتيرة الإنتاج التشريعي، مبرزا بأنه من أصل 16 قانونا تنظيميا مقررة في إطار المخطط التشريعي، تمت المصادقة على ستة مشاريع قوانين تنظيمية و إعداد أربعة مشاريع أخرى في طور المصادقة .

كما قامت الحكومة باعتماد قانونين إطار و204 مشاريع قوانين عادية منها ثمانية قوانين تقضي بتنفيذ أحكام الدستور و99 مشروع قانون تهم مختلف السياسات القطاعية، إضافة إلى 97 تقضي بالموافقة على اتفاقيات دولية وثنائية.

وفي ما يتعلق بإصلاح منظومة العدالة، ذكر عبد الاله ابن كيران بعمل الحكومة على إنجاز ميثاق لإصلاح منظومة العدالة يروم توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات.

وذكر بأن هذا الميثاق أنجز بعد استكمال مسلسل تشاوري واسع أشرفت عليه الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة وتوج بإعلان الموافقة الملكية السامية على مضامينه في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك يوم 30 يوليوز 2013 بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لعيد العرش المجيد.

وبخصوص تعزيز منظومة حقوق الإنسان، فالحكومة عملت على استكمال إجراءات المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وعرض مشاريع القوانين الخاصة بالموافقة على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والخاصة بتقديم الشكايات، والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والخاص بزيارة أماكن الاعتقال[24].

فيما يتصل بالمجهودات المبذولة للنهوض بحرية الصحافة، توقف رئيس الحكومة عند إعداد مشروع مدونة حديثة للصحافة والنشر، خالية من العقوبات السالبة للحرية، ومشروع إحداث مجلس وطني مستقل للصحافة، وتحقيق الاعتراف القانوني لقطاع الصحافة الإلكترونية.

من جانب آخر، أبرزت الأغلبية الخطوات التي اتخذتها الحكومة بغرض إعادة الاعتبار للمرفق العمومي وضمان استمرار الخدمة العمومية وإرساء تكافؤ الفرص والشفافية في التعيينات في المناصب العليا.

و تم في هذا الإطار، إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الدستور، مشيرا إلى أن عدد التعيينات في المناصب السامية بلغ إلى غاية شهر يونيو الماضي، 404 مناصب سامية، بعد التداول بشأنها في المجلس الحكومي، حوالي 13 في المائة خصصت للنساء.

كما تم الإشارة بإرساء مبدإ التوظيف عبر المباراة وإنهاء التوظيف المباشر في الولوج للوظيفة العمومية “حيث تم إلى متم شهر يونيو الماضي، تنظيم 1.925 مباراة بالإدارات العمومية والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، همت أزيد من 54 ألف منصب”.

وذكر بنكران ارتباطا بنفس الموضوع، إلى ضمان استمرارية الخدمات العمومية مع احترام الحق الدستوري في ممارسة الإضراب من خلال تكريس مبدأ الأجر مقابل العمل، والحد من الجمع بين العمل في المدرسة العمومية والقطاع الخاص وبين العمل في القطاع العام والقطاع الخاص في قطاع الصحة، مع إخضاع الاستثناءات في هذا الإطار إلى شروط صارمة.

وتوقف، من ناحية أخرى، عند السياسة العمومية المندمجة للاهتمام بقضايا المرأة، موضحا أنه تم اعتماد خطة لتنسيق جهود القطاعات الحكومية للنهوض بحقوق المرأة في عدة مجالات[25].

وأوضح أن هذه المجالات تهم أساسا تعميم ولوج الفتيات إلى جميع مستويات النظام التربوي ومحاربة الأمية لدى النساء، و تحسين الولوج المنصف والمتساوي للخدمات الصحية، والتمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء، والولوج المتساوي لمناصب اتخاذ القرار الإداري والسياسي والاقتصادي.
وفيما يتصل بالنهوض بأدوار المجتمع المدني، قال إن الحكومة سهرت على تنظيم الحوار الوطني الأول حول “المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة”، الذي تمخض عن مخرجات وتوصيات نوعية، تفاعل معها جلالة الملك محمد السادس الذي تفضل بإقرار 13 مارس من كل سنة يوما وطنيا للمجتمع المدني.[26]

وذكر بما أسفر عنه هذا الحوار من مقترحات تهم مشروع قانون تنظيمي حول الملتمسات التشريعية، ومشروع قانون تنظيمي حول العرائض، ومشروع قانون حول التشاور، ومشروع مدونة شاملة حول الحياة الجمعوية وميثاقا وطنيا للديمقراطية التشاركية.

وتشتمل الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة التي استعرضها السيد ابن كيران على ما تحقق من منجزات في ما يتصل بأوراش مختلفة منها منظومة العدالة والمالية العمومية والنظام المالي والمقاصة والتقاعد والجهوية والخدمات الصحية والتعليمية والسكن، والإصلاحات المتعلقة بالعدالة والإعلام والمجتمع المدني والمرأة وحقوق الإنسان.

وأكد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران أن سنة 2014 تمثل محطة مفصلية في عمل الحكومة على مختلف المستويات مما توجب معه ضبط أولويات العمل الحكومي للمرحلة القادمة، وتعبئة الإمكانات المتاحة لضمان حسن تنفيذها.

وشدد ابن كيران خلال تقديمه أمام مجلسي البرلمان للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أن الحكومة تعتزم التركيز على أوراش وإصلاحات ذات أولوية من خلال أربعة محاور أساسية.

ويتمثل المحور الأول في الأوراش السياسية الهادفة إلى صيانة السيادة والوحدة الوطنية والترابية وإلى تعزيز البناء الديمقراطي ومواصلة تنزيل مقتضيات الدستور وترسيخ القانون والحريات والحكامة الجيدة.

وفي هذا الإطار، أكد ابن كيران أن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية والترابية سيظل من أهم أولويات عمل الحكومة، بالإضافة إلى الرفع من وتيرة تنزيل مقتضيات الدستور.

كما ستواصل الحكومة، تنزيل ميثاق إصلاح منظومة العدالة ودعم وترسيخ الحقوق والحريات وتوفير آليات السعي نحو تحقيق المناصفة ومشاركة المجتمع المدني في الشأن العام، والسعي لترسيخ الحكامة الجيدة من خلال إرساء قواعد الشفافية وسيادة القانون والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإرساء الجهوية المتقدمة وتعزيز اللامركزية واللاتمركز، والعناية بالمغاربة المقيمين بالخارج، وتفعيل التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بسياسة الهجرة.

ويتعلق المحور الثاني بالأوراش الاقتصادية الرامية إلى النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة وخلق ظروف الإقلاع الاقتصادي، حيث شدد السيد ابن كيران على أن الحكومة ستواصل جهودها في تقوية الاقتصاد الوطني لتعزيز دور المغرب كقطب جهوي للاستثمار والإنتاج والمبادلات، باستثمار شبكة اتفاقيات التبادل الحر التي يتوفر عليها والعلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والمالية التي تربط المملكة بمحيطها العربي وبالدول الإفريقية وخاصة إبراز البعد الإفريقي للمغرب واستثمار العلاقات التاريخية المتجذرة والمتجددة مع إفريقيا جنوب الصحراء ودول غرب إفريقيا لتطوير شراكات تنموية فاعلة.

أما بخصوص المحور الثالث والمتعلق بالأوراش الاجتماعية والثقافية الهادفة إلى دعم التماسك الاجتماعي وتحقيق تنمية اجتماعية متوازنة وتدعيم التنوع الثقافي، فقد أكد السيد ابن كيران عزم الحكومة بلورة سياسة اجتماعية متكاملة ومندمجة ومتناسقة وفاعلة، وفق مقاربة تشاورية واسعة، من خلال حوار وطني حول واقع وآفاق السياسات الاجتماعية بما يمكن من استفادة أوسع للفئات الاجتماعية من ثمار التنمية ويساهم في القضاء على الفقر والهشاشة والتهميش.

وبالإضافة إلى الأوراش الكبرى الواردة في المحاور السابقة، شدد ابن كيران على التزام الحكومة بمواصلة تنزيل الأوراش الإصلاحية المتعلقة برفع الوتيرة في تنزيل مقتضيات الدستور، وإصلاح النظام الجبائي، وتنزيل إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، ومواصلة إصلاح نظام المقاصة في إطار مقاربة تدريجية توازي بين تحقيق التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية والحفاظ على التوازنات الاجتماعية واستهداف الفئات الهشة، وإصلاح منظومة التقاعد بما يحفظ توازنها المالي واستدامتها وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنظمة التقاعد وتحسين حكامة تدبيرها.[27]

ثانيا : مؤشرات سلبية تبرز تواضع الحكومة

تظهر الحصيلة المرحلية للحكومة على المستوى الاقتصادي والمالي، على الرغم من استماتها القوية في الدفاع عن تجربتها وتفاؤلها المفرط فيما يتعلق بنجاحها، وتظهر أن الإنجازات دون مستوى التطلعات بل والأكثر من ذلك هناك العديد من التراجعات في مجالات شتى.

فخلال النصف الأول من الولاية، لم يصل متوسط معدل النمو الذي يعتبر أهم مؤشر إلى 4% من الناتج الداخلي الإجمالي في حين بلغ هذا المتوسط ما يفوق 5% خلال الولايات الثلاث السابقة وفي الوقت الذي كانت تتحدث فيه الحكومة عن بلوغ 7% كمتوسط لولايتها وهو أمر بات صعب المنال إن لم يكن شبه مستحيل.

نظرا لتواضع معدلات النمو، فإنه من الطبيعي جدا أن تكون حصيلة التشغيل هزيلة حيث ما يزال معدل البطالة يفوق 9% بينما كان المفروض أن لا يتعدى 8% عند نهاية سنة 2012، ويصل عدد المعطلين الذين لم يجدوا لهم مكانا في سوق الشغل ما يفوق مليون عاطل، ويتوافد على هذه السوق حوالي 180 ألف باحث جديد عن العمل. ولامتصاص هذه الأعداد الهائلة يتوجب حسب الأرقام الرسمية إيجاد 300 ألف فرصة عمل جديدة سنويا وهذا يتطلب حسب الخبراء معدل نمو يفوق 6% من الناتج الداخلي الإجمالي السنوي. غير أن السياسات الاقتصادية المتبعة لا تتضمن إجراءات كافية لبلوغ ذلك علما أن الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لم تباشر بعد بشكل جدي واقتصرت في مجملها على التدابير التي تخدم مصالح استعادة التوازنات الماكرواقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية وعلى حساب دعم وتشجيع المقاولات على خلق فرص إضافية للشغل.[28]

ومن أهم المؤشرات المعتمدة أيضا في تقييم الأداء الحكومي، هناك عجز الخزينة الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي حيث بلغ 7.2% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2012 ليتراجع بعد ذلك إلى 5.4% سنة 2013 على أن تصل هذه النسبة المتوقعة في قانون المالية الحالي إلى حوالي 4.2% عند نهاية 2014. وقد أدى تفاقم عجز الميزانية بدوره إلى ارتفاع حجم المديونية الذي استعمل جزء منه، ليس بالقليل، في الحفاظ على استقرار احتياطي العملات المتراجع بشكل مستمر، حيث لم يعد قادرا على تغطية سوى حوالي أربعة أشهر من واردات المغرب بينما كان في وقت سابق يغطي 11 شهرا.

وعلاوة على ذلك، فإن اللجوء إلى المديونية بشكل مكثف يؤثر سلبا على ثقة المؤسسات المالية الدولية وكذلك المستثمرين الأجانب في بلادنا، ويساهم بالتالي في الحد من الاستثمار وخلق فرص الشغل.

من المؤكد أن الظرفية الدولية التي طبعتها الأزمة الاقتصادية والمالية، خاصة في منطقة الأورو الشريك الرئيسي للمغرب، ستكون حاضرة بقوة في الجزء المتعلق بتفسير وتبرير تواضع الأداء الحكومي في هذا المجال، إلا أن الالتزامات المتضمنة في البرنامج الحكومي جاءت في خضم هذه الأزمة التي لم تحمل أي عنصر مفاجئ بالنسبة للحكومة، التي اختارت أسلوب الإفراط في التفاؤل بدلا من اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من تأثيرات الأزمة السلبية على أداء الاقتصاد الوطني، ولذلك فإن سوء التقدير هذا بالإضافة إلى غياب حلول مبتكرة قادرة على تنشيط الاقتصاد الوطني وتمكينه من خلق الثروات هما الدليلين القاطعين على أن النصيب الأكبر من المسؤولية في تواضع النتائج تتحمله الحكومة بمفردها.

ما ينتظر من الحكومة إذا في ظل هذه الأرقام المستقاة من مصادر رسمية هو اتخاذها موقفا شجاعا واعترافها بمسؤوليتها الجزئية في الحصيلة الاقتصادية والمالية الخجولة. وأي تأويلات أو قراءات مغايرة لهذه الأرقام سوف تجعل أول حصيلة مرحلية ينص عليها الدستور بعيدة عن الأهداف المسطرة لها والمتمثلة أساسا في تعزيز الدور الرقابي للبرلمان من جهة والوقوف عند مواطن ضعف الأداء الحكومي للتمكن من تجاوزها سواء بالنسبة للحكومة الحالية في ما تبقى من ولايتها أو بالنسبة للحكومة التي ستعقبها من جهة أخرى.

الفقرة الثانية: تقييم الحصيلة المرحلية للبرنامج الحكومي في تدبير القطاعات الترابية.

مع حلول سنة 2014 سيبدأ الحديث عن تقييم التجربة الحكومية والحصيلة المرحلية، ما لها وما عليها. وإذا كان الحكم عن الأداء الحكومي وتقييم الحصيلة، لا يمكن أن يكون علميا وموضوعيا إلا بعد نهاية الولاية، فإن تقييم الحصيلة المرحلية يساعد على استجلاء مواضع القوة ومكامن الضعف لمعالجتها فيما تبقى من الولاية.

إن المقدمة لموضوع ما، تكون في بعض الأحيان هي لب الموضوع، أو قد تفسر كل ما يأتي بعدها من تفاصيل، فلا التفاصيل تكفي بدون مقدمة ولا المقدمة تغني عن تقديم المعطيات و التفاصيل.

نكتفي في هذه المقدمة ونحن نناقش الحصيلة الحكومية، أن نتناول الموضوع من ثلاث  زوايا:

أولا: الإصلاح في ظل الاضطراب

نجح المغرب في معادلة الإصلاح في ظل الاستقرار، وهو الشعار الذي أبدعه حزب العدالة والتنمية وتبناه الجميع فيما بعد. لكن الاستقرار ليس مرادفا للاضطراب والذي قد حصل فعلا. منذ تشكيل الحكومة في صيغتها الأولى، والتشويش عليها لم يتوقف، ولا نقصد هنا المعارضة التي تقوم بواجبها الدستوري، بل لوبيات وجهات غير مرئية تخطط في الظلام لمعاكسة المشاريع الحكومية، وهي الجهات التي سماها السيد رئيس الحكومة “التماسيح والعفاريت” وهو المصطلح الذي سيدخل التاريخ السياسي لبلادنا، كما دخل مصطلح الحزب السري أو غيره من المصطلحات.

لا يمكن أن نتحدث عن تقييم الحصيلة الحكومية دون ربط ذلك بموضوع “الاضطراب” الذي أحدثه الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال. إذ لا يمكن أن ننسى “الخطوط الحمراء” التي كان يتحدث عنها السيد شباط وهو في الأغلبية بمناسبة الحديث عن إصلاح صندوق المقاصة، أو عن الانتخابات الجماعية السابقة لأوانها. عشرة أشهر يمكن اعتبارها زمن سياسي ضائع و الذي يتحمل فيه السيد شباط مسؤولية معتبرة[29] .

لقد صدق السيد رئيس الحكومة عندما شبه الوضعية لتي تعيشها الحكومة بعامل في الصباغة يريد صباغة حائط، وفي نفس الوقت يقوم أشخاص بزعزعة مستمرة للسرير الذي يقف عليه، ويطلب من هذا الصباغ أن تكون صباغته جيدة وجميلة.

كلنا يذكر إصلاح ورش الإعلام الذي فتحه الوزير الشاب مصطفى الخلفي، والحرب التي شنت عليه من قبل إداريين لا يزالون يستمرون في مهامهم إلى يومنا هذا.

وكلنا يتذكر الانتقادات التي وجهت لوزير التجهيز والنقل عندما نشر لائحة المستفيدين من المأذونيات، للشروع في محاربة اقتصاد الريع ، وهل ننسى المقاطعة “المفاجئة” لجمعيات فاعلة في المجتمع المدني للحوار الوطني حول المجتمع المدني، رغم أن الحوار لم يكن قد بدأ بعد، وهل ننسى المعركة التي خاضها وزير العدل مع مجموعة من الهيآت المنتمية لقطاع العدل رغم المقاربة التشاركية الكبيرة التي قام بها الوزير. وكلنا يتذكر اتهام الوزير اعمارة عند بداية مهامه من قبل صحفي بأن وزير التجارة والصناعة يبدد أموالا عمومية بدولة إفريقية، مما اضطر الوزير لمتابعة الصحفي قضائيا، حيث أنصف القضاء الوزير في الأخير. لسنا إذا أمام معارضة مشروعة للبرامج للحكومية، بل كنا أمام تشويش وخلق حالة من الاضطراب لعرقلة العمل الحكومي، ثم نأتي عند الحكومة في الأخير ونسألها عن الحصيلة.

ثانيا: الحصيلة في ظل الخريف العربي

المغرب يتأثر سلبا وإيجابا حول ما يدور حوله. لا يمكن إنكار أن فضل حركة   20  فبراير على بلادنا كبير. ورغم ما يمكن أن نقوله عن هذه الحركة في إطار التقييم، فيجب الاعتراف أن الدينامية التي أحدثتها الحركة في تناغم مع الربيع العربي هي التي أدت إلى حل الحكومة والبرلمان والتصويت على دستور جديد وانتخابات سابقة لأوانها. لقد شكل خطاب 9 مارس لجلالة الملك تحولا نوعيا في المسار السياسي ببلادنا أكد ما يصطلح عليه بالاستثناء المغربي. إلا أن العالم العربي لم يفرح طويلا بثوراته، ففي تونس، رغم البراغماتية الكبيرة لحزب النهضة واستقالة حمادي اجبالي، فقد اضطرت حكومة علي لعريض إلى الاستقالة وتعيين وزير أول تقنوقراطي، ولم يتنفس التونسيون الصعداء إلا بعد المصادقة على الدستور.[30]

أما في مصر فقد أقدم الجيش على الانقلاب على الرئيس المنتخب وحل حزب الحرية والعدالة واعتبر جماعة الإخوان المسلمين إرهابية مع اعتقال رموز حركة 25 يناير، وعودة الفلول إلى مواقعها.

أما في سوريا، فلم يتمكن الشعب السوري من نيل حقوقه رغم تضحياته الكبيرة، إذ كان في مواجهة آلة عسكرية وبوليسية جهنمية مدعومة إقليميا مع تخاذل للقوى الغربية.. باختصار إنه الخريف العربي.

في تلك الظروف وتلك السياقات، نفهم تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال بأن العدالة والتنمية يسيرها المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين !! وحديثه عن مصرنة المغرب وعن “الخوانجية” مما يعني تهييء النفوس لتقبل ما قد يأتي من انقلاب على الشرعية هنا كذلك، ومحاولة يائسة لتوتير العلاقة مع المؤسسة الملكية.

في تلك الظروف لم يكن سؤال الحصيلة هو المطروح و لكن سؤال الاستمرار في الحكومة و استمرار الإصلاحات، خصوصا بعد انسحاب حزب الاستقلال حيث أصبحنا أمام حكومة أقلية. يجب أن نعي ما معنى ضياع عشرة أشهر في محاولة للحفاظ على الأغلبية، و الرد على” الضربات” العدوة والصديقة. وبالتالي ليس من العدل محاسبة الحكومة دون أخذ بعين الاعتبار السياقات التي ذكرنا.

ثالثا: الحصيلة في مجال تغيير العقليات والمسلمات

ليست الحصيلة أرقاما جافة فقط، ولكنها كذلك نظرة استتشرافية للمستقبل بمعنى هل نسير في الطريق الصحيح أم لا. انطلاقا من ذلك، نعتقد أن أول ما يمكن أن يسجل لصالح الحكومة خلال هذه المرحلة القصيرة هو القضاء على العادات السلبية والتقاليد السيئة التي استقرت ببلادنا منذ عقود تحت رعاية وعناية حكومات متعاقبة. لقد تم أولا القطع مع الريع بكل أشكاله : الريع الإعلامي (دفاتر التحملات) ، ريع المأذونيات ( النقل، المقالع…)، ريع الجمعيات (نشر لوائح الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي و تنظيم المجال عبر الحوار الوطني حول المجتمع المدني) التوظيف المباشر ( لا توظيف بدون مبارة)، الحق في الإضراب لا يعني الإضرار بمصالح المواطنين، وتم ثبيت مبدأ الأجر مقابل العمل، محاربة ظاهرة احتلال المؤسسات العمومية، إلا أن الأهم من ذلك هو امتلاك السيد رئيس الحكومة الشجاعة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لإنقاذ البلاد من المجهول الذي كنا نسير إليه.[31]

وإذا كانت مهمة حكومة التناوب التوافقي هي إنقاذ البلاد من “السكتة القلبية” حسب تعبير الملك الراحل، فإن حكومة العدالة والتنمية التي ورثت إرثا ثقيلا، تقوم اليوم بإنقاذ البلاد من السكتة الدماغية وهي أخطر من السكتة القلبية.

لقد وصلت وضعية صندوق المقاصة إلى وضعية كارثية، ولو “تفضلت” الحكومات السابقة بإصلاح هذا الصندوق لما وصلنا إلى الكارثة الحالية، فكانت للحكومة الحالية الشجاعة لفتح هذا الورش رغم حساسيته الاجتماعية المعروفة، ونفس الأمر يتعلق بأنظمة صناديق التقاعد حيث ظلت الحكومات السابقة “تتأمل” في نتائج الدراسات الاكتوارية حول الموضوع ثم تؤجل الموضوع حتى يحافظ كل حزب على شعبيته وعدم إدراك أن سفينة البلاد كلها كانت مهددة بالغرق.

إن امتلاك الشجاعة لفتح الأوراش الحقيقية ومقاومة اللوبيات النافذة هو المدخل الحقيقي للإصلاح، هكذا سجلنا شجاعة وزير الصحة في تخفيض أسعار الأدوية رغم مقاومة لوبيات الأدوية القوية، وإصلاح المنظومة القانونية لهذا القطاع، ورأينا شجاعة الوزير الوفا بنشر لوائح المحتلين للسكن للوظيفي التابع لوزارة التربية الوطنية، لا بأس بعد ذلك أن يتم تهديد الوردي بالاعتداء عليه داخل البرلمان أو أن يرمى وزير السكنى بالحجر أو أن يهدد بالقتل النائب أبوزيد المنافح عن اللغة العربية ومقاومة التطبيع.

نعم لدينا ملاحظات في الجانب السلبي، فلسنا من الذين يعتبرون أن الحصيلة كلها إيجابية، فلدينا ملاحظات في مجال التنزيل الديموقراطي للدستور وطبيعة خطاب الحكومة وتواصلها مع الفاعل النقابي والاجتماعي، وكيفية التعاطي مع بعض المطالب الاجتماعية والاحتجاجات الفئوية، ويمكن تسجيل ملاحظات حول وتيرة الإنجاز خصوصا في المجال التشريعي وغير ذلك من الملاحظات، لكن ليس من العدل أن نحاكم الحكومة دون أخذ بعين الاعتبار السياقات التي ذكرنا.

الحصيلة الحقيقية للحكومة هي الشجاعة في اقتحام مواطن الفساد و فتح الأوراش الكبرى في ظل وضع داخلي صعب وإقليمي متغير وأزمة اقتصادية عالمية وخصوصا عند شريكنا الأوروبي. بعد ذلك، وبعد هذه المقدمات، يمكن أن نتحدث بلغة الأرقام وعن الحصيلة التقنية، لكن ليس قبل استيعاب هذه المقدمات…[32]

المطلب الثاني: دستور 2011 و تمظهرات تعزيز الإلتقائية.

بالنظر إلى الأهمية التي أصبحت تحتلها الإلتقائية في النقاشات الرسمية و العمومية وكذلك من خلال  المناظرة الأولى للحكامة حول موضوع إلتقائية الإستراتيجيات و البرامج العمومية، و حيث أن الإلتقائية هي تقنية تتوخى ربط علاقة بين عدة مراكز لإتخاذ القرار(مصالح خارجية، جماعات محلية، مجتمع مدني..) و التي تدخل في مجال متقارب أو متطابق في أفق تطوير جودة العمل التنموي المشترك من خلال المشاريع و البرامج المنجزة و المرتقب إنجازها على المستويين المحلي و الوطني بغية الخروج ببرنامج و مشروع واحد، متكامل و مندمج و ذو نتائج إيجابية، فالهدف كما يتضح من خلال هذا التعريف هو توحيد الأفكار و الرؤى بين جميع مراكز إتخاذ القرار للوصول لمشاريع و برامج تنموية فاعلة، و لتعزيز هذا المفهوم جاء دستور 2011 بمجموعة من المقتضيات المدعمة و المواكبة لبلورة هذا المفهوم ،حيث نص في بابه التاسع ( تساهم الجهات و الجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثيلها في مجلس المستشارين،[33] فالباب التاسع من الدستور جاء مدعما بشكل كبير للجهات و الجماعات الترابية من خلال توسيع إختصاصاتها، و هذا ما سيدفعها للانفتاح على القطاعات الحكومية و المؤسسات العمومية و المجتمع المدني و بالتالي هذا ما سيؤدي إلى تدعيم التنسيق و الإنسجام بين جميع هذه المستويات ( الفرع الأول)، و من أجل ضمان مواكبة المخططات و البرامج من طرف جميع المتدخلين بالشكل اللائق و المتفق عليه قبليا، جاء الدستور بألية تقييم السياسات العمومية من طرف البرلمان[34] (الفرع الثاني) و التي من شأنها تعزيز جهود جميع الفاعلين لبلورة المخططات و الإستراتجيات المحددة سلفا.

الفرع الأول: الجهوية المتقدمة كإطار ملائم لبلورة الإلتقائية

إن خيار المملكة السير على نهج اللامركزية الإدارية و اللاتمركز أنتج أكثر من مستوى للتخطيط و التدبير، فأضحى معه شرط التنسيق حتميا حتى لاتهدر الجهود في الزمان و المكان، خاصة إذا ما استحضرنا الإختصاصات التي ستمنح للجهات في أفق التقسيم الجهوي المنتظرو الإصلاحات الدستورية الأخيرة و إقرار الجهوية المتقدمة.[35

الفقرة الأولى: الجهوية المتقدمة كإطار ملائم لتدعيم مستويات التنسيق و الإندماج بين البنيات الإدارية.

لقد شكل مسلسل الإصلاح الجهوي بالمغرب هاجسا للسلطات العمومية، انجلى هذا الهاجس بالإعتراف بالجهة في دستور 1992 كجماعة ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية (الإستقلال المالي والإداري)، وتدعم هذا الهاجس من خلال دستور 1996 الذي أكد على هذه المكانة، وفي ظله صدر القانون 47.96 المنظم للجهات سنة  1997.

لقد عرفت هذه المرحلة بداية لتنامي التفكير في تبني الجهوية بالمغرب القائمة على التدرج في منح الإختصاصات، حيث أكد جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في كلمة ألقاها أمام البرلمان بتاريخ 5 نونبر 1996 على أنه”: إذا وافقنا على كل شيء منذ البداية سيكون من الصعب التراجع عن القرارات المتخذة وإسترجاع ما تم منحه…، فإذا تبين بعد سنة أنه من المستحب توسيع إختصاصات الجهة، ستواكب النصوص هذه الإختصاصات كلما كانت الحاجة ماسة لذلك. ”

وفي بداية عهد العاهل المغربي محمد السادس نصره الله عرفت البلاد سلسلة من الإصلاحات القانونية والمؤسساتية دشنت بتبني المفهوم الجديد للسلطة في الخطاب الملكي ل12  أكتوبر 1999، والذي إنتقل من المفهوم التقليدي للسلطة القائم على القوة والترهيب إلى مفهوم الإقناع والحوار والقرب و”…فضيلة التشاور وإتاحة فرصة المساهمة والاندماج للمواطنين كافة بدون أي إعتبار أو تمييز وبما توفر لهم ظروف الحياة السعيدة”، مؤكدا جلالته في مجال تدعيم مكانة الجهة على أن “: الجهة التي كرسها دستور مملكتنا تعتبر حلقة أساسية في دعم الديمقراطية المحلية ، ومجالا خصبا للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، وفضاءا فسيحا للتفكير والتخطيط في إطار واسع لمستقبل أفضل في تعاون وإنسجام مع الوحدات الترابية الأخرى، بإعتبارها أداة توحيد وعنصر إلتحام…”.[36]

إن هذا المفهوم الجديد للسلطة جاء لكي تحقق الجهة وباقي الوحدات الترابية المركزية الاهداف المتوخاة منها،و التي لابد أن يواكبها تدعيم مسلسل عدم التركيز الإداري، وهو الصورة الإيجابية للمركزية القائمة على تفويض هذه الأخيرة لبعض الإختصاصات للمصالح الخارجية التابعة لها، لكن هذا التدعيم لا ينبغي أن يقتصر على هذا التفويض، بل يقضي بنقل إختصاصات الإدارة المركزية إلى مندوبيها المحليين (المصالح الخارجية للوزارات على المستوى المحلي).

كما شكلت الجهوية الموسعة في خطب جلالة الملك محمد السادس مرجعية شبه دائمة، لعل أبرز خطاب في هذا المجال هو خطاب 6 نونبر 2008 ،[37] والذي يعد مرجعية أساسية لتبني مشروع الجهوية المتقدمة بالمغرب، فقد حدد تصورا عاما حول هذا المشروع، إذ يؤكد صاحب الجلالة في هذا الخطاب على ما يلي “: لذلك قررنا بعون الله فتح صفحة جديدة في نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة التي نقودها بإطلاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة، تشمل كل مناطق المملكة، وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية. “، وقد حدد هذا الخطاب أيضا مجموعة من المبادئ التوجيهية للجهوية، وهي مبادئ الوحدة والتضامن والتوازن، و التي تستهدف بشكل خاص القرب من حاجيات المواطن وهمومه.

وتعد الجهوية نوعا متطورا من اللامركزية الإدارية وأبرز آليات تجسيد الحكم المحلي وتفعيل مبدأ المشاركة المباشرة للمواطنين في تدبير شؤون إقليمهم الترابي، وقد تدعم توجه المغرب في تبني هذا الإصلاح الإداري بتعيين جلالة الملك للهيئة الإستشارية للجهوية في خطاب 3 يناير 2010، وذلك من أجل قيامها بوضع تصور عام ينتقل من اللامركزية التقليدية إلى لامركزية عصرية تتبوأ فيها الجهة مكانة الصدارة، وجعلت اللجنة من الخطابات الملكية على العموم التي تطرقت للجهوية وخطاب 3 يناير 2010 على وجه أخص- لأنه الخطاب الذي منح التصور الدقيق إلى حد ما للجهوية بالمغرب- منطلقا للبحث والمشاورات التي أجرتها مع مختلف أطياف المجتمع ليعبروا عن طموحاتهم وآمالهم في الجهوية بالمغرب وأوجه القصور التي تعانيها الجهة، فقدمت تقاريرها الموضوعاتية لجلالة الملك، وقامت بنشرها أيضا ليطلع عليها العموم، ومن أبرز مقترحاتها في مجال التقسيم الجهوي هو تبني مقترح 12 جهة بدل 16 جهة حاليا، ومنح السلطة التنفيذية لرؤساء المجالس الجهوية، وأيضا اقتراح إحداث صندوق التأهيل الإجتماعي للجهات والرفع من الموارد المرصودة من طرف الدولة للجهة…

وإعتبارا لتوجيهات جلالة الملك للحكومة في خطاب 20 غشت 2010 بشأن وضع ميثاق للاتمركز الإداري، فقد قدمت اللجنة في تقريرها مقترحات في هذا المجال، وذلك على إعتبار أن اللاتركيز الإداري يعد الدعامة الضرورية لكل سياسة تستهدف إنجاح تجربة اللامركزية، كما يشكل إصلاح عدم التركيز الإداري أو المصالح الخارجية للوزارات، وكلها مفاهيم تطلق على ممثلي الادارة المركزية على المستوى الترابي وعلى رأسهم رجال السلطة (الوالي-العامل-الباشا…) نجاحا لمفهوم الإلتقائية بين اللامركزية واللاتركيز ومختلف الفاعلين الغير الحكوميين على المستوى الترابي .

إن هذا الإهتمام المتدرج للجهوية بالمغرب تأكد مع تبني دستور جديد للبلاد، والذي تضمن مجموعة من الدعامات القانونية والمؤسساتية المدعمة لدولة الحق والقانون، والتي جاءت كصيرورة للاصلاحات والمشاريع الضخمة التي تبناها المغرب منذ تولي جلالة الملك الحكم، بالرغم من وجود إتجاه يربط تبني هذا الدستور بأحداث “الربيع العربي” أو “الربيع الديمقراطي” وضغط الشعوب على حكامها لتقديم إصلاحات ومحاربة للفساد بمختلف مظاهره وتجلياته، لكنهم لن يستطيعوا ربط مستجدات اللامركزية الجهوية التي تبناها المشرع الدستوري في دستور 2011 بتلك الأحداث التي ساهمت في الإنتقال الديمقراطي للعديد من الأنظمة العربية، وذلك بالنظر إلى المسار الذي قطعته تلك الإصلاحات منذ عهد جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه إلى الآن، وهو المسار الذي رسمنا معالمه بإختصار دقيق يركز على أهم المحطات التي مر منها الإصلاح الجهوي منذ الإعتراف بالجهة كجماعة ترابية.

إن من أهم المستجدات والإصلاحات التي تضمنها الدستور الحالي هو تدعيم مكانة اللامركزية الجهوية، ويتضح ذلك من خلال الفصل الأول منه في فقرته الرابعة،  والتي تنص على أن: ” التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة”،[38] وهي دلالة قوية على مستوى البناء الدستوري من خلال النص على الجهوية المتقدمة من أول فصل، وهذا يبرهن على جدية تبني السلطات العمومية للجهوية المتقدمة من حيث الإختصاصات الممنوحة للجهة، وبمقومات وبمبادئ تراعي الخصوصية المحلية وتنفتح على التجارب المقارنة، كما تتدعم هذه الرغبة من خلال عنونة الباب التاسع بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، والذي من خلاله أصبح مجلس الجهة ينتخب بالإقتراع العام المباشر (الفصل 135 الفقرة الثانية)، وهو ما سيخلق جوا من الديمقراطية  التداولية من خلال الإستشعار بأهمية المواطنين، وبالتالي السعي لتحسين سبل إستفادتهم من الخدمة العمومية وإلى البحث عن كيفية إدماجهم في تنمية ترابهم المحلي.

وقد إستفاد الدستور الحالي من العمل الذي قامت به اللجنة الإستشارية للجهوية، فتضمن أغلب مقترحاتها في مجال ترقية الجهة، مثل صندوق التأهيل الإجتماعي للجهة وصندوق التضامن بين الجهات المنصوص عليهما في الفصل 142، كما رقى تدبيرها، وهو ما نص عليه الفصل”136 يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم…”، وغيرها من المقترحات المهمة المضمنة في هذا الباب، والتي يبقى تفعيلها رهين بصدور القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الفصل 146 من هذا الدستور.[39]

الفقرة الثانية: مستويات الإلتقائية و الإنسجام على ضوء دستور 2011.

إن نجاح الإلتقائية رهين بتفعيلها  بين اللامركزية واللاتركيز ومختلف الفاعلين الغير الحكوميين، على المستوى الترابي، خاصة على مستوى الإستراتجيات و المخططات القطاعية، بالنظر لأهميتها في تحقيق التنمية الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية، من هنا سنخص بالذكر بعض مستويات الإلتقائية التي من شأنها الرقي بمستوى المخططات و البرامج :

أولا: الإلتقائية بين القطاعات الوزارية و المؤسسات و المقاولات العامة

تلعب المؤسسات و المقاولات العمومية دورا مهما في الدينامية الإقتصادية، و تفعيل الإستراتجيات القطاعية و الترابية مما يتطلب تثمين نجاعتها، و تعزيز حكامتها و الرفع من أدائها، علما أن بلادنا تتوفر على 239 مؤسسة عمومية و 42 شركة ذات مساهمة مباشرة للخزينة منها 33 مساهمة ذات أغلبية و 190 شركة مساهمة ذات أغلبية و 244 شركات ذات مساهمة أقلية، إذن و أمام هذا الغنى الكمي و الكيفي فبإمكان إلتقائية تدخلات المؤسسات و المقاولات العمومية و القطاعات الوزارية، أن تساهم في تثمين نجاعة برمجة المشاريع و تسريع و تيرة إنجازها و مردوديتها، و عليه فاستثمارات المؤسسات و المقاولات العمومية ترمي إلى المساهمة في تفعيل الإستراتيجيات القطاعية و إنجاز الأوراش المهيكلة، مما يتطلب تفعيل جيل جديد من الإصلاحات إنسجاما مع متطلبات الدستور الجديد، خاصة تحسين الحكامة مع ترشيد النفقات و ربطها بالنتائج، و تقييم الإنجازات، و السهر على نجاعة المؤسسات و المقاولات العمومية عبر الحرص على توازناتها و التحكم في المخاطر المحتملة و ذلك عبر:

  • تعزيز العلاقات بين المؤسسات و المقاولات العمومية و الوزارة الوصية ( الحوار الإستراتيجي-رسالة المهام- تتبع الإنجازات).
  • تقوية دور المجالس التداولية في تحديد الأولويات و برامج العمل و المراقبة و تتبع الإنجازات و التأكد من نجاعتها.
  • تأهيل تسيير المنشأة و تطوير أنظمتها للمراقبة الداخلية.

إضافة لذلك و من أجل تطوير الأليات الضرورية لتفعيل الإلتقائية وجب:

  • تحيين النصوص القانونية و التنظيمية لبعض المؤسسات و المقاولات العمومية: إعادة تحديد مجالات التدخل و تكريس الإنفتاح و الحد من التدخلات.
  • تحديث الأليات و المساطر مع الحرص على التوازن بين المسؤولية و المراقبة : تعميم مدونة الصفقات العمومية.[40]

ثانيا: الإلتقائية بين القطاعات الوزارية و الجماعات الترابية على مستوى تدبير الإستراتجيات و المخططات.

من المفترض أن تشكل توصيات المخطط الوطني لإعداد التراب مرجعية و قاعدة أساسية تنبثق منها باقي وثائق إعداد التراب الأدنى، و تدخلات مختلف المدبرين العموميين الساهرين على إعداد السياسات العمومية، حتى تنسجم السياسات التنموية بمختلف مستوياتها على تحقيق هدف واحد و هو التنمية المستدامة و تقوية تنافسية الإقتصاد الوطني و قدرته التنافسية جهويا و محليا.

  • المخططات الجهوية لإعداد التراب

يمثل إختيار الجهوية خيارا مستقبليا للبلاد، سواء لإعتبارات ديمقراطية أو إقتصادية، فبلادنا التي إنخرطت في هذا النهج، مدعوة لأن توفر لنفسها الوسائل الكفيلة بأن تجعل الجهة تتحول فعليا إلى فضاء للتعبير و التمثيلية السياسيين، فكما هو الشأن بالنسبة للجماعات المحلية فأنه ينبغي أن تتمتع المؤسسة الجهوية وفق للمقتضيات الدستورية الجديدة بتفويت واسع للإختصاصات و الموارد، خاصة في مجال إعداد التراب و التنمية الإقتصادية، لذلك فالمخططات الجهوية لإعداد التراب يجب أن تكون كإطار مرجعي حسب خصوصيات كل جهة لكل الأطراف المعنية بالتدخل في أحد القطاعات أو المجالات التي تشملها، لتضمن التنسيق و التكامل في تدخلاتها، لكن يجب أن يتم إعداد هذه المخططات وفق شروط رئيسية تتمثل في شرط الواقعية و الإجرائية، و يراعى في تحضيرها و صياغتها التوجهات العامة للمخطط الوطني لإعداد التراب، بالمقابل يجب على المغرب أن يحاول جاهدا تقنين التوجهات العامة لسياسة إعداد التراب الموجودة في الميثاق الوطني لإعداد التراب، ببلادنا قطاعيا، و جهويا، و محليا، و بذلك تكون الجهوية المتقدمة محيط مؤهل لقيادة سياسات عمومية منسقة و مندمجة.

  • المخططات الجماعية للتنمية.

عند إستقرائنا للمقتضيات التنظيمية للجماعات الحضرية و القروية إنطلاقا من أول ميثاق جماعي لسنة 1960 ووصولا إلى اخر تعديل بموجب الميثاق 17-08 الصادر سنة 2008، نلاحظ أن المشرع المغربي تدرج في توسيع إختصاصات المجالس التداولية، ففي البداية كانت تمارس الجماعات إختصاصات ذات طبيعة تسييرية عادية، إلى أن وصلت إلى التدخل الإقتصادي و إعتبار الجماعة بمثابة مقاولة منتجة، لابد أن تتوفر على المقومات التدبيرية الناجعة، و ذلك كان تمهيدا للوصول بالجماعة إلى القدرة على التخطيط و التدبير الإستراتيجي، كشريك حقيقي في مسلسل التنمية، له القدرة على تصور المستقبل، كما عبر على ذلك الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية بأكادير، يوم 12 دجنير 2006 بقوله” ….و إن طموحنا لكبير في جعل المدن و الجماعات المحلية، تشكل إلى جانب الدولة و القطاع الخاص و المجتمع المدني، شريكا حقيقيا في مسلسل التنمية الشاملة ببلادنا، وقوة إفتراحية، في تفعيل مختلف الإستراتجيات الوطنية….” و هكذا و حسب المادة 36 من اخر ميثاق جماعي لابد من إنجاز مخطط جماعي للتنمية يحدد الأعمال التنموية المقرر إنجازها بتراب الجماعة لمدة 6 سنوات، في أفق تنمية مستدامة ووفق منهج تشاركي يأخذ بعين الإعتبار على الخصوص مقاربة النوع الإجتماعي، ووضع هذا المخطط لابد أن يكون وفق حدود الإختصاصات المنصوص عليها قانونا و يراعي الإستراتيجيات القطاعية و تدخلات الدولة بل أكثر من ذلك فمجموعة من التجهيزات التي تتكلف بإنجازها الجماعات تحقق التكامل مع المخططات القطاعية كالتجهيزات ذات الطبيعة الصناعية و التجارية.[41]

الفرع الثاني: تقييم السياسات العمومية على ضوء دستور 2011 و إنعكاسها على تعزيز مفهوم الإلتقائية.

أن دستور 2011 للمملكة يكاد يكون دستورا للسياسات العمومية بشكل عام في مختلف المجالات والقطاعات، و عليه سنحاول التطرق إلى الجانب المتعلق بتقييم السياسات العمومية من طرف البرلمان، و التي نص عليها الفصل 70 من الدستور( الفقرة الأولى) بالنظر إلى أهميتها في تحديث تدبير القطاعات الترابية، مع تبيان إنعكاسها على تعزيز دور الإلتقائية  في تطوير مستوى تدبير القطاعات الترابية( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تقييم السياسات العمومية على ضوء دستور 2011.

بما أن الدور الرقابي للبرلمان عرف قصور و مكامن ضعف من خلال ما كان مكرسا في دستور 1996، بحيث أن الرقابة على السياسات العمومية لوحدها غير كافية، فقد تم تدارك ذلك من خلال التعديل الدستوري الذي عرفه المغرب سنة2011، حيث وسعت الوثيقة الدستورية من مجال القانون، بحيث أصبح البرلمان مكلفا بالتشريع في مجالات أكبر من السابق، و هو ما يعني  تعزيز إمكانية تأثير القانون على دائرة السياسات العمومية، كما عملت على تقوية مهمته الرقابية عبر تتمين وظيفة  المعارضة و تيسير إمكانيات اللجوء إلى الآليات الرقابية الأكثر قوة.
فالفصل 70 من دستور 2011، نص في فقرته الثانية على أن البرلمان ،”يصوت على القوانين و يراقب عمل الحكومة، و يقيم السياسات العمومية، فلم تعد مسؤوليته من أجل التوقيع البرلماني على النصوص ، و لا مسؤولية مناقشة السياسات العمومية لما يتم  تحضيره من مشاريع و مخططات من قبل الحكومة، بل أضحت وفق مقتضيات دستور 2011 مسؤولية أساسية  .
فعلى مستوى العلاقة  بين المؤسسة التشريعية و السياسات العمومية ، فالبرلمان فضلا عن مهمتي التشريع و المراقبة أصبح مكلفا بمهمة تقييم السياسات العمومي]، بحيث  أصبح يستأثر بآليات مختلفة تتجه نحو حصوله على معلومات تسلط الضوء على العمل الحكومي، و مراقبته و تقييمه، و بهذا الصدد نص الفصل 101 من دستور 2011 على أنه : “يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين ، كما  تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية و تقييمها ، و الفصل 100 ينص في فقرته الثالثة على أنه: ” تقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة  وتخصص لهذه  الأسئلة  جلسة واحدة كل شهر، و تقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة.” [42]
إذا كان الدستور قد دعا البرلمان لتخصيص جلسة سنوية لتقييم السياسات العمومية، فإن القانون الداخلي لمجلس النواب كما تم إقراره يوم 12 يناير2012 قد وسع من تأويل هذا الاختصاص المتعلق بالتقييم، حيث جعل من صلاحية  اللجان الدائمة لمجلس النواب أن تخصص اجتماعات لتقييم السياسات العمومية للقطاعات التي تدخل ضمن اختصاصاته (الفصل 48 من القانون الداخلي )، لكن المجلس الدستوري في قراره رقم 829-1 ، اعتبر أن هذه الصلاحية الممنوحة للجان مخالفة للدستور، على اعتبار أن   قراءة الفصل (101) يستفاد منه  أن مناقشة و تقييم السياسات العمومية يتم من قبل مجلسي البرلمان في جلسات عمومية تعقد في نفس الفترة و ليس في نطاق اللجان البرلمانية الدائمة.
من أجل متابعة الأداء الحكومي و تقييمه، على أعضاء مجلسي البرلمان من نواب ومستشارين أن يدلوا بأسئلتهم الشفوية ، فإذا تعلق السؤال بالسياسة العمومية للحكومة فإن رئيس الحكومة هو الذي يجيب  ، و تخصص  بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان و أجوبة الحكومة، أما إذا كان السؤال قطاعيا فإن الوزير المسؤول عن القطاع هو الذي يجيب .
بالإضافة  إلى ما سبق فقد تم تقوية المهمة  الرقابية للبرلمان عبر تيسير إمكانيات اللجوء إلى الآليات الرقابية الأكثر قوة،  و هي ( اللجان النيابية لتقصي الحقائق )  ، حيث تنص المادة 67 من الدستور في  الفقرة الثانية على أنه :”يجوز أن  تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب ، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين  ، لجان نيابية لتقصي الحقائق ، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة ، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات و المقاولات العمومية ، و إطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها”.
فهذه اللجان يستعين بها البرلمانيون من أجل تجميع المعلومات اللازمة عن مختلف القطاعات الوزارية ، أو الوصول إلى وقائع معينة، أو بالوقوف على طرق تسيير المرافق العمومية، وعلى أساليب استعمالها للمال العام، لذلك فتجميع المعطيات حول السياسات العمومية، يشكل المرحلة الأولى في تقييم السياسات العمومية ،فحق البرلمان في تقصي الحقائق ينبع من فكره مفادها، أن على الحكومة تنوير البرلمان حول كل الوقائع التي ادعت اتخاذ التدابير من طرفها.
بعدما يحصل البرلمانيون على المعلومات النهائية من جراء إفراز قانون مالية السنة بعد تنفيذه عن طريق المساءلة على نتائج التنفيذ، وحسب المادة 47 من القانون التنظيمي لقانون المالية، فقد حددت توقيت تقديم قانون التصفية للبرلمان، حيث جاء في الفقرة الثانية من نفس المادة بأنه يجب أن يودع مشروع قانون التصفية بمكتب أحد مجلسي البرلمان في نهاية السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ قانون المالية على أبعد تقدير.[43]

كما أصبح البرلمان بإمكانه اللجوء إلى مساعدة المجلس الأعلى للحسابات في مجالات مراقبة المالية العامة ولتقديم الأجوبة والاستشارات المرتبطة بوظائف التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية، حيث نص دستور 2011 في الفقرة الأولى من الفصل 148 : ” يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة، ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية]، وعليه يكون المشرع قد كرس إلزامية المجلس الأعلى للحسابات بالتفاعل مع البرلمان في جميع المجالات المتعلقة بمراقبة المال العام، والرد على أسئلة واستشارات البرلمان، من خلال الوظيفة القضائية للمجلس الأعلى، أصبح ملزما بنشر أحكامه القضائية ، كذلك يقوم بحسب الفقرة الأخيرة من المادة 148 من الدستور التي تنص  على أنه: “يقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، ويكون متبوعا بالمناقشة”.
فالمجلس الأعلى للحسابات كانت تعهد إليه المراقبة فقط في ثلاث مجالات :
– مراقبة تسيير مرافق الدولة والجماعات الترابية وتجمعاتها والهيئات العمومية.
– مراقبة توظيف الأموال العامة المسيرة من قبل الهيئات المدعمة.
– مراقبة استخدام الأموال التي تم جمعها عن طريق الإحسان العمومي.
حيث كان يحظى المجلس الأعلى بالمراقبة فقط على المالية العامة، لكن ومع التعديل الدستوري لسنة 2011 ، فقد أصبح يضطلع بكل الأدوار الموكولة إليه، كدوره في تقييم السياسات العمومية ، كما عليه أن يرتقي من مجرد مؤسسة تقوم عمليا بالتفتيش وجزئيا بالتدقيق، إلى مؤسسة تضطلع بعملية تقييم البرامج والسياسات العمومية، وهنا يجب دعم عملية التدقيق في المشاريع بالتقييم، وذلك بالتنسيق والتعاون مع البرلمان ، كما يجب الانتقال من تدقيق مطابقة التدبير للقوانين إلى تدقيق عمل الأجهزة ومدى مطابقتها لحسن التدبير وتقييم فعالية النتائج وتقدير آثارها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها.
دائما في إطار مسلسل تدعيم دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية هناك آلية أخرى مساعدة  تقوم بدور استشاري، يتمثل في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث ينص الفصل 152 من الدستور على أنه: ” للحكومة ولمجلس النواب والمستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في جميع القضايا، التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي”، وبالتالي يمكن لهذه الاستشارات أن تنير الطريق أمام البرلمان لتتبع وتقييم السياسات العمومية التي تنجزها الحكومة.
لكن  بالرغم من التكريس الدستوري لهذا التقييم ، فإنه تعترضه مجموعة من التحديات ، والتي تستدعي مجموعة من الحلول والإقتراحات لجعل عملية التقييم أكثر فعالي

الفقرة الثانية : تقييم السياسات العمومية و إنعكاسها على تطوير مفهوم الإلتقائية.

إن الإلتقائية من المفاهيم التي يمكن الإعتماد عليها اليوم للإرتقاء بمستوى السياسات العمومية، و جعلها متناغمة و منسجمة، سواء في إعداد أو تنفيد أو تقييم السياسات العمومية، مابين الدولة و الجماعات الترابية و المصالح اللاممركزة و المجتمع المدني و القطاع الخاص، و بالتالي فتجقيق الإلتقائية بين السياسات العمومية من أجل تدبير أفضل للشأن العام،[44] أصبح مطلبا ملحا يجب التعامل معه بجدية، و ذلك عن طريق تنسيق نشاطات المصالح الخارجية و الحكومة و المجالس المنتخبة(اللامركزية)، وذلك بتحديد إختصاصات جميع هذه الاجهزة، إعتبارا لكون مسألة تنازع الإختصاصات مازالت من المعيقات التي تقف في وجه الوصول إلى تكريس سياسات عمومية ناجعة قائمة على الإلتقائية بين جميع مستويات إتخاذ القرار، و يمكن إبراز المعيق الثاني في تعارض مصالح الوزارات فيما بينها أمام تعنت و احتكار السلطة بالعاصمة، بالإضافة إلى غياب التمثيل الكافي و الشامل لكل الإدارات و المصالح المركزية ببعض الأقاليم البعيدة عن محور المغرب النافع.

فأهمية سياسة عدم التركيز الإداري تتمثل أولا و قبل كل شئ في بلادنا، في تحقيق عقلنة تدخل الدولة و ترشيد الإمكانيات المادية و البشرية للنهوض بمختلف المجالات و القطاعات الحيوية بمجموع التراب الوطني، تحقيقا للتنمية الإقليمية و الجهوية.[45]

و الوزير الاول (رئيس الحكومة) باعتباره رئيس الجهاز الحكومي له إختصاصات إدارية و تنظيمية واسعة إذ يقوم بتنسيق الأنشطة الوزارية، و هو المسؤول عن تنفيذ و احترام السياسة العامة التي تتبعها الحكومة.[46]

و الهيئات المنتخبة( اللامركزية)، هذه الأخير و التي عزز دستور 2011 من مكانتها، خاصة على مستوى إعداد و تنفيذ السياسات العمومية و ذلك من خلال الفصل 137 من الدستور.[47]

وحيث أن التحولات التي عرفها مفهوم الدولة في النظام السياسي المغربي، ساهمت بشكل كبير في إعادة صياغة دورها الذي لم يعد ينحصر في إشباع الحاجات الأساسية للمجموعات الإجتماعية فقط، بقدر ما أصبح نشاطها الرئيسي يتجه نحو تحقيق تنمية شاملة و مستديمة لهذه المجموعات، و في هذا السياق إحتلت السياسات العامة- كأداة لتدخل الدولة في مختلف القطاعات- مكانة متقدمة في إستراتجيتها التنموية، و بالتالي لم يعد من المقبول اليوم أن تقوم الدولة المركزية بإدارة كل شيء بنفسها، بما في ذلك تدبير السياسات العمومية، بل لقد بات خيار اللامركزية الترابية و تحرير قدرة المبادرة الإدارية لدى مجالس الجهات و الجماعات الترابية المنتخبة مدخلا لاغنى عنه لتحقيق أهداف التنمية، و ذلك من خلال إعادة تحديد دور السلطات المركزية في اتجاه انتقال مزيد من الصلاحيات و الإختصاصات لفائدة الجماعات الترابية و الهيئات اللامركزية.

و في نفس السياق لم يكن البعد التشاركي حاضرا في سيرورة إعداد و تنفيذ السياسات العمومية بالمغرب، ذلك أن عدم إشراك السكان و استشارتهم في المشاريع التنموية التي تعنيهم بالدرجة الأولى جعل كثير من المشاريع إنجازات غير مكتملة، أو اتضح فيما بعد أنها لاتناسب الحاجيات الحقيقية للمعنيين بها، لأن التدبير الجيد للسياسات العمومية ينبغي أن يرتكز أساسا على الدعم الذي يمكن ان تحظى به من طرف الفئات الإجتماعية المعنية بها و مدى قابليتها للمساهمة في تنفيذها، الأمر الذي حدا بالمشرع الدستوري الدفع بالجهات و الجماعات الترابية الأخرى للمساهمة في تفعيل السياسة العامة للدولة، و في إعداد السياسات الترابية من خلال ممثيلها في مجلس المستشارين.

إن الدستور المغربي الجديد جعل من الجهات و الجماعات الترابية الأخرى شريكا أساسيا في تفعيل السياسة العامة للدولة، و عنصر مهما في إعداد السياسات الترابية، من خلال دعم تمثيلها داخل مجلس المستشارين، الذي ينتخب لمدة ست سنوات و هي نفس انتداب مجالس الجهات و مجالس العمالات و الأقاليم و الجماعات و المقاطعات، بتقوية عدد الأعضاء الممثيلين لها داخله، حيث أصبح عدد أعضاء مجلس المستشارين محددا في 120 عضوا و هو الحد الأقصى المنصوص في الفصل 63 من الدستور ، منهم 108 ينتخبون على صعيد الجهات من طرف هيئة ناخبة جهوية تمثل فيها الجماعات الترابية ب 72 عضو، و الغرف المهنية ب 24 عضو و المنظمات المهنية للمشغيلين الأكثر تمثيلية ب 12 عضو، بالإضافة إلى 12 عضو من ممثلي هيئة المأجورين ينتخبون على الصعيد الوطني.[48]

كذلك و من أجل الوصول إلى إنجاح السياسات العمومية دعم الدستور دور البرلمان، إنطلاقا من مهام النيابة التمثيلية، بنشاط من طبيعة متميزة يشمل الأعمال التشريعية و الرقابية، هذه الأعمال التي تدعمت و سائلها باهتمام الوثيقة الدستورية لسنة 2011، و التي تشكل حافزا و مبررا لتطوير أساليب عملها و تحسين نشاطها التشريعي من حيث تعدد أبعاده و مستوياته، و هكذا يمارس البرلمان السلطة التشريعية من خلال:

  • التصويت على القوانين
  • يراقب عمل الحكومة
  • يقيم السياسات العمومية

و عليه يعبر القانون عن القواعد القانونية الصادرة عن البرلمان بمقتضى الدستور، كما أنه يمارس سلطة تشريعية تفوق بكثير السلطة التي كان يمارسها في هذا المجال في الدساتير السابقة، حيث يمارس البرلمان حق اقتراح القوانين و مناقشتها و التصويت عليها بالرفض أو بالقبول، و كذا إصدارها، ثم يراقب عمل الحكومة و يقيم السياسات العمومية استنادا إلى العديد من الأليات التي خولها له المشرع الدستوري للإضطلاع بهذه المهام.

و هكذا إذا كان المشرع الدستوري قد جعل من البرلمان هو السلطة التشريعية الأصلية فإنه سمح للحكومة بالتدخل في ممارسة السلطة التشريعية بواسطة التشريع بالإذن أو بالتفويض، و هو الذي يصدر في وجود البرلمان ، و بتفويض صريح منه إلى السلطة التنفيذية بإصدار مثل هذا التشريع، حيث سمح الدستور المغربي للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف زمني معين محدود و لغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، و يجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان يقصد المصادقة ، عند إنتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، و يبطل قانون الإذن إذا ماوقع حل مجلسي البرلمان أو إحداهما.[49]

من خلال كل ماسبق يتضح أن الترسانة القانونية تدعمت بشكل ملحوظ بخصوص تدخل الجماعات الترابية في في إعداد و تنفيذ السياسات العمومية و التي كانت إلى وقت قريب حكرا على الحكومة، و كلها مقتضيات دستورية تساعد على تحقيق إلتقائية السياسات العمومية بين جميع الفاعلين، و هذا ما من شأنه بلورة سياسات عمومية ناجعة من شأنها تحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها.

[1] – رسالة ماستر تحت عنوان تأهيل إقليم العرائش من خلال السياسات العمومية القطاعية و الترابية من إنجاز الطالب بنخالي عبد العزيز موجود بمكتبة كلية عبد المالك السعدي للعلوم القانونية و الإجتماعية و الإقتصادية-طنجة- أنجز سنة 2013.

[2] – البرنامج الحكومي و مفهوم الحكامة الجيدة من إنجاز أبو العرب عبد النبي أستاذ باحث، مأخوذ من الجريدة الإلكترونية هسبريس يوم 2012-02-01

[3] –  مقال تحت عنوان حكومة بنكيران ووعودها الكاملة للخمس سنوات القادمة.مأخوذ من الرابط التالي http://marocpost.net/?p=742

[4] – نفس المرجع السابق، حكومة بنكيران ووعودها الكاملة للخمس سنوات القادمة.

[5] – قراءة في أبعاد و توجهات البرنامج الحكومي بالمغرب بقلم محسن الندوي ماخوذ من الحوار المتمدن-العدد: 3619 – 2012 / 1 / 26 – 08:54، الموقع الإلكتروني http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=292857.

 

[6] – راجع الباب التاسع من دستور المملكة المغربية لسنه 2011، من الفصل 135 إلى الفصل 145.

 [7]  -الحكامة الإدارية من القضايا الجوهرية التي تستدعي الاهتمام في الوقت الراهن فالحكامة الجيدة هي الإدارة الجيدة ، كما ان المؤسسات الدولية كثيرا ما تستعمل مبدأ الحكامة الجيدة من أجل تحديد مميزات “الإدارة العمومية الجيدة “التي يمكن للدول النامية أوالسائرة في طريق النمو تبني سماتها الايجابية للقيام بإصلاحات هيكلية وبنيوية مرتبطة بالسياسات العمومية الاجتماعية.محمد بوعزاوي العربي الحكامة الإدارية بالمغرب.

[8] مرجع سابق : قراءة في أبعاد و توجهات البرنامج الحكومي بالمغرب بقلم محسن الندوي.

[9] – في هذا الصدد يمكن تعريف الحكامة القضائية ‘تحمل للشأن القضائي بكل مسؤولية من طرف مسيرين مؤهلين في إطار تنظيم هيكلي محكم و شفاف، يمكن من إستعمال أمثل للموارد بهدف تقديم خدمة عمومية للمواطن و يقترن بالمساءلة و المحاسبة’.

 

[10] – مرجع سابق : قراءة في أبعاد و توجهات البرنامج الحكومي بالمغرب بقلم محسن الندوي.

[11] – الفصل 161 من دستور 2011.

[12] – الفصل 162 من دستور 2011.

[13] – الفصل 168 من دستور 2011.

[14] – من نص البرنامج الحكومي يناير2012 ص 6 و 7.

[15]من نص البرنامج الحكومي يناير2012 ص 9 و 10.

[16] – رسالة لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان السياسة العمومية المحلية، و الإتجاه نحو إستراتيجية التنمية ( الإستثمارات المحلية نموذجا) من إنجاز الطالبة كريمة بنصار-سنة 2013- بكلية العلوم الفانونية و الإجتماعية و الإقتصادية- طنجة- ص 1 و 2.

[17] -عبد الصمد حيكر يكتب : مناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة في اجتماع مشترك لمجلسي البرلمان مخالف للدستور.

[18] – حصيلة الحكومة إيجابية و مشرفة و مطمئنة، كتب بواسطة الموقع الإلكتروني حدث كوم مجموعة الحصاد الجهوي، بتاريخ 09 يوليوز 2014 و الرابط التالي http://www.hadatcom.com/index.php/regions-recap/5983-2014-07-09-14-50-14

[19] – نفس المرجع السابق و المنقول من حدث كوم.

[20] – المؤشرات الإيجابية للوضعية الإقتصادية بالمغرب- من إجتماع لوزراء الحكومة يوم الخميس 17 يوليوز 2013 عرض مقدم من طرف وزير الإقتصاد و المالية حول الوضعية الإقتصادية المغربية، منقول من موقع حزب العدالة و التنمية: WWW.PJD.MA

[21] – حصيلة الحكومة حصيلة الصمود و الثقة و الامل-عبد العزيز عماري- عضو فريق العدالة و التنمية بمجلس النواب- تقرير له بموقع العدالة و التنمية www.pjd.ma

[22] – وزير الإعلام المغربي : حصيلة الحكومة إيجابية لكن التحديات كبيرة، كلمة للوزير منشورة بالرابط الإلكتروني التالي: http://classic.aawsat.com/details.asp?section=4&article=765311&issueno=12895#.U-2q96Nd61s

[23] — مرجع سابق حصيلة الحكومة إيجابية و مشرفة و مطمئنة، كتب بواسطة الموقع الإلكتروني حدث كوم مجموعة الحصاد الجهوي، بتاريخ 09 يوليوز 2014 و الرابط التالي http://www.hadatcom.com/index.php/regions-recap/5983-2014-07-09-14-50-14

[24] – مقال تحت عنوان :حصيلة بنكيران حصيلة مرحلية متأرجحة مأخوذة من الرابط التالي http://www.allpress.pro/politique/235230

[25] – مقال تحت عنوان : إخراج البلاد من مرحلة حرجة أهم إنجازاتنا، و المأخوذ من الرابط : http://t.arabi21.com/Story/760968

[26] – فرق الأغلبية تثمن الحصيلة المرحلية للحكومة و المعارضة تعتبرها دون مستوى إنتظاراتها من إنجاز عابد الشعر و المأخوذ من االرابط: http://www.maghress.com/telexpresse/28943

[27] – مقال تحت عنوان: بنكيران يشعل ثريات في البرلمان من إنجاز إسماعيل حلواتي و المأخوذ من الموقع الإلكتروني هيبريس و رابط المقال : http://www.hibapress.com/details-24346.html

[28] – مقال تحت عنوان مؤشرات رسمية تبرز تواضع الحصيلة الحكومية الإقتصادية و المالية من إنجاز إبراهيم الحيمر، بالموقع الإكتروني www .alwadif.press.ma  

[29] – مقال حول موضوع الحصيلة الحكومية… مقدمات في التقييم، من إنجاز محمد رضى بنجلون،

[30] –  نفس المرجع السابق: مقال حول موضوع الحصيلة الحكومية… مقدمات في التقييم، من إنجاز محمد رضى بنجلون، بجريدة هسبريس الإلكترونية مأخوذ من الرابط التالي:  http://www.hespress.com/writers/140071.html

[31] – نفس المرجع السابق: محمد رضى بنخلدون.

[32] – نفس المرجع السابق: محمد رضى بنخلدون.

[33] – الفصل 137 من دستور 2011.

[34]*الفصل 70 من الدستور يصوت البرلمان على القوانين، و يراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية.

[35] – رسالة لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان تأهيل إقليم العرائش من خلال السياسات القطاعية و العمومية من إنجاز الطالب بنخالي عبد العزيز، برحاب كلية العلوم القانونية و الإجتماعية و الإقتصادية-طنجة-

[36] – مقال تحت عنوان الجهوية الموسعة بالمغرب خيار ام إكراه (الجزء الأول)من إنجاز الطالب عبد الغفور أقشيشوا و المنشورة بالموقع الإلكتروني http://moltaka.ma

[37] مرجع سابق مقال تحت عنوان الجهوية الموسعة بالمغرب خيار ام إكراه (الجزء الأول)من إنجاز الطالب عبد الغفور أقشيشوا و المنشورة بالموقع الإلكتروني  http://moltaka.ma

[38] – الفصل الاول من دستور 2011.

[39] – عبد الغفور أقشيشوا مرجع سابق.

[40] – مرجع سابق: رسالة لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان تأهيل إقليم العرائش من خلال السياسات القطاعية و العمومية من إنجاز الطالب بنخالي عبد العزيز، برحاب كلية العلوم القانونية و الإجتماعية و الإقتصادية-طنجة- ص 83 و 85.

[41] – مرجع سابق بنخالي عبد العزيز ص 86 و 87.

[42]  – رسالة لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان السياسة العمومية المحلية، و الإتجاه نحو إستراتيجية التنمية ( الإستثمارات المحلية نموذجا) من إنجاز الطالبة كريمة بنصار-سنة 2013- بكلية العلوم الفانونية و الإجتماعية و الإقتصادية- طنجة- ص 65.

[43] – مقال تحت عنوان دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية من إنجاز حسن طارق، المنشور بالموقع الإلكتروني التالي: http://benimakada.com/news714.html

[44] –  مقال تحت عنوان :سياسة الحكومة الموجهة لفائدة مغاربة العالم تروم تعزيز و تحصين الهوية الثقافية، مأخوذ من الرابط التالي: http://www.akhbarona.com/politic/80589.html

[45] – التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري و اللامركزية-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام من إعداد الدكتورعبد الواحد مبعوث سنة 1999-2000 ص 92 .

[46] – المغرب الإداري: الدكتور محمد يحيا عميد كلية الحقوق بطنجة ص 102.

[47] – الفصل 137 من دستور 2011 : تساهم الجهات و الجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، و في إعداد السياسة الترابية، من خلال ممثيلها في مجلس المستشارين.

[48] – الدستور الجديد للمملكة المغربية (شرح و تحليل) للدكتور كريم لحرش من سلسلة العمل التشريعي و الإجتهاد القضائي ص 169 و 170.

[49] – كريم لحرش-مرجع سابق- ص 91 و 92.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق