مسار النهوض بحقوق المرأة و حمايتها

عالـم القانون
دراسات قانونية
عالـم القانون17 أغسطس 2020
مسار النهوض بحقوق المرأة و حمايتها
عزيز الفاهم

إن الاهتمام بمقاربة النوع الاجتماعي، يجد أساسه في إهتمام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان، وذلك لاقتناعه بأن الإنسان أساس تقدم كل مجتمع فمقاربة النوع هي منهجية للتحليل والتخطيط من أجل الإنصاف والمساواة وبعبارة أخرى هي أداة لقراءة أكثر موضوعية لأدوار الجنسين ولعلاقات الهيئة الناتجة عنها في مختلف الميادين( ).
فقد أسست هيئة الإنصاف والمصالحة مقاربتها للنوع انطلاقا من مرتكزاتها وفلسفتها وتفكيرها بخصوص سياسة حقوق الإنسان ومن المستخلصات الكبرى لتجارب العدالة الانتقالية عبر العالم ومن التطورات المجتمعية والسياسية في مجالات تمكين المرأة ومن التقدم الذي تحرزه يوميا نساء المغرب بفضل عملهن وصمودهن في مختلف نواحي الحياة اليومية( ). لهذا أوصت باستكمال مسار النهوض بحقوق المرأة وحمايتها.
وتفعيلا لهذه التوصية تم التحسيس بمعاناة النساء خلال سنوات الرصاص عن طريق استخدام مجموعة من الوسائل التواصلية المكتوبة والسمعية البصرية، حيث صدرت دراسة «النساء والعنف السياسي خلال فترة سنوات الرصاص( ).» كما نشرت شهادة لنساء حكين معانتهن أثناء سنوات الرصاص في منشور «نساء كسرن جدار الصمت» بشراكة بين CCDH و MNIFEM( ).
كما أنشأ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان “لجنة النوع” بهدف السهر على تفعيل مقاربة النوع أثناء تنفيذ توصيات هيئة إنصاف والمصالحة( ). أما على مستوى جبر الضرر الجماعي فقد إستفاد 3 أقاليم من بين 11 المستفيدة بمشاريع على أساس النوع الاجتماعي بحيث إستفاد كل من إقليم زاكورة والراشيدية وفكيك من مشاريع تنموية بهدف التنمية السياسية والاجتماعية للنساء ورد الاعتبار للواتي عانين خلال سنوات الرصاص( ).
والجدير بالذكر أن مدونة الأسرة جسدت المساواة بين الرجل والمرأة من خلال المساواة في سن الزواج 18 سنة بالنسبة للرجل والمرأة على حد السواء، وجعل مسؤولية الأسرة على عاتق الزوجين إضافة إلى منح أهلية الزواج للمرأة، ووضع شرط موافقة الزوجة في حالة الرغبة في التعدد( ). فحسب التقرير الجامع للتقريرين الدورين الثالث والرابع للمغرب المقدم للجنة المعنية بالقضاء على التميز ضد المرأة لعام 2008, وقد عمل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وقانون الشغل, لإزالة التدابير التي تسبب تمييزا ضد المرأة ولتوفير ضمانات أفضل لحماية حقوق الإنسان ومعاقبة التحرش الجنسي وتوفير فرص عمل متكافئة للرجال والنساء. وبموجب قانون الجنسية لعام 2007 أصبح بإمكان المرأة أن تمنح جنسيتها الأصلية على أطفالها المولودين لأب أجنبي (المادة6) ( ).
هذا إضافة إلى أن المغرب أبرز خلال تقديمه للاستعراض الدوري الشامل لعام 2012، أن وزارة الاتصال أقامت منذ عام 2008 خدمة مكرسة ل “التدريب على تعزيز النهج الجنساني”. وفي مارس 2011 اعتمدت الحكومة جدول أعمال للمساواة للفترة 2011_ 2015 أعد حسب النهج تشاركي وتشاوري بين 25 إدارة وزارية من أجل تحقيق تقارب السياسات الحكومية في هذا المجال، كذلك في مجال مكافحة العنف ضد المرأة وضع في عام 2008، برنامج متعدد القطاعات إسمه تمكين لمكافحة العنف القائم على نوع الجنس( ).
فتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للإنصاف والمساواة يتوقف على غرار تطبيق كل المعاهدات وخطط التنمية وسياستها في جزء كبير منها على قدرة وزارة المالية لتوفير الدعم المادي لتنفيذ التدابير المتخذة لفائدة النساء. ومند سنة 2002 شرع المغرب في اتخاذ تدابير تهدف إلى دمج منظور النوع الاجتماعي في ميزانية الدولة حيث عملت وزارة المالية منذ سنة 2005 على إرفاق كل قانون للمالية بتقرير عن النوع الاجتماعي( ).
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في إطار ردها على التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع لعام 2008 هنئت المغرب على الإصلاحات التي قام بها بهدف تعزيز المساواة بين الجنسين, إلا أنها شعرت بالقلق لعدم تكريس مبدأ المساواة بين الرجال والنساء( ).الشئ الذي تم تجاوزه في دستور 2011, حيث يحتوي هذا الأخير على ما يقارب 18 حكما خاصا بحقوق المرأة, كما نص في الفصل 19 على مبدأ المساواة في تمتع الرجل والمرأة بالحقوق والحريات وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز (الفصل 164). إلا انه لم يتم تنزيل مقتضيات الدستور بخصوص مبدأ المناصفة وخير دليل على ذلك وجود إمرأة واحدة في تشكلة الحكومة التي جاءت بعد اعتماد الدستور مباشرة( ). أما الجمعية المغرية لحقوق الإنسان في سياق تنزيل مقتضيات الدستور سجلت غياب مؤشرات دالة على إرادة الدولة في بلورة قوانين تنظيمية لتنزيلها وتفعيلها على أرض الواقع ومنها مثلا هيأة المناصفة ومكافحة كل أشكال التميز, أو في مراجعة عدد من القوانين التميزية ضد المرأة سواء في ما يتعلق بمدونة الأسرة أو القانون الجنائي أو مدونة الشغل التي لا زالت تعج بالتمييز ضد المرأة( ).

المراجع المعتمدة :

( )- أسماء القوارطي: مقاربة النوع الاجتماعي من خلال القانون المغربي. المطبعة دار القلم- الرباط الطبعة الأولى 2010، ص، 3-7.
( )- أحمد شوقي بنيوب: الأسس النظرية لمذهب جبر الضرر. مرجع سابق، ص.171.
ICTJ :Maroc :La perspective de genre dans le processus de justice transitionnelle septembre 2011 p 31 – ( )
( )- ccdh و UNIFEM نساء كسرن جدار الصمت مرويات نساء سنوات الرصاص منشورات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان, لعام 2008.
ICTJ : OP ;CIT ; P :33-34 .- ( )
OP ; CIT. P :33-34 .- ( )
Mohamed Saadi : Op. cit. p 50.- ( )
( )- للإطلاع على هذا التقرير أنظر الرابط التالي:
www.daccess- dds ug. Un. Org/doc/ undoc/ GEN/NO8/ 297/91/pdf/ N0829791 pdf ? openelement.
( )- المفوضية السامية لحقوق الانسان: الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 5من مرفق قرار مجلس حقوق الإنسان 16/21 المغرب 2012 ص 15، منشور على الموقع التالي:
www.UPr- info. Org/ IMG/ pdf/ a.hr-wg. 6-13-mar-1-a-pdf
( )- تقرير حول تحليل الوضع الوطني ,الحقوق الانسانية للمرأة والمساواة على أساس النوع الاجتماعي, المغرب برنامج ممول من قبل الاتحادج الأوربي, يوليوز 2010 ,EUROMED, ص48.
( )- Observation finale du comité pour l’élimination de ladiscrimination à l’égard des femmes : Maroc 8avril2008.p 2-
( )-Nation unuies : plan cadre des nations UNies d’appui ou devloppement 2012- 2016, Rapport 2012 Maroc . p8-9-10 publie sur le site suivant:
www.un.org.ma/img/pdf/rapport-revue-2012-1.pdf
( )- AMDHالتقرير السنوي لعام 2012 ,مرجع سابق, ص 127.

عالـم القانون

عالم القانون World of law هو موقع (www.alamalkanoun.com) ينشر مقالات قانونية مواكبة لأخر المستجدات القانونية في شتى تخصصاتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق