القرار عدد 579 الصادر بتاريخ 17 شتنبر 2019 في الملف الشرعي عدد:724/2/1/2018
لما كانت الزيارة بين غير الحاضن من الوالدين و المحضون حقا مقررا تحدده المحكمة، طبقا للمواد 180،182 و 186 من مدونة الأسرة عند عدم إتفاق الأبوين على تنظيمه، فإن المحكمة التي حددته و ضبطت فتراته وفق ما ورد بمنطوق قرارها، تكون قد راعت مصلحة المحضونة و ظروف الأطراف و ملابسات القضية، و جاء قرارها معللا تعليلا قانونيا سليما و غير خارق للمواد المشار إليها و لا لحقوق الدفاع.
بسم جلالة الملك و طبقا للقانون
حيث يستفاد من أوراق الملف، و القرار المطعون فيه أن المطلوب(إ.ق) رفع دعوى للمحكمة الإبتدائية الإجتماعية بالدار البيضاء بتاريخ 30/12/2016، عرض فيها أنه متزوج بالطالبة (ل.ح)بمقتضى عقد الزواج عدد(…) كناش(…) بتاريخ 08/08/2012 توثيق الدار البيضاء، و انه رزق منها يوم 10/02/2014 ببتنهما(د)، و أنه يستحيل إستمرار حياتهما الزوجية لأسباب و ظروف يستعصي معها مواصلة تحمل أعبائها، و إلتمس تطليقها منه للشقاق ، و استظهر بمستند الزوجية المشار إليه و صورة لبطاقته الوطنية و أخرى لصفحة رسم ولادة البنت بالدفتر العائلي، و بعد البحث و تعذر الصلح أدلى المدعي بمذكرة فيها أن السبب الذي دفعه إلى تقديم دعوى الشقاق يرجع لسوء معاملة زوجته له و معاناته الطويلة معها، و إلتمس من المحكمة أثناء تحديد مستحقاتها، مراعاة محدودية دخله المحصور في(4500) درهم شهريا و المثقل بما يتحمله من مصاريف علاج والدته و بسداد أقساط القرض الذي إستدانه من البنك، ثم الأخذ بعين الإعتبار كون المدعى عليها أستاذة بالتعليم براتب شهري مقدر ب (6000) درهم، و جعل صلة الرحم بإبنته في نهاية كل أسبوع و خلال الجزء الأول من كل عطلة مدرسية، و استدل بشهادة أجره و أوراق طبية و كشف حساب، و في مستنتجاتها على ضوء البحث، أوضحت أن السبب المعتمد من طرف المعي(ه)، لأنها مرتبطة به و بأسرتها و راغبة غن التطليق، و أنها لم تمتنع عن معاشرته إلا خلال الفترة التي أصيب فيها بمرض على مستوى جهازه التناسلي و نقل إليها العدوى أثناء الجماع، فنصحتهما الطبيبة بعدم المعاشرة إلى حين تعافيه، مما يكون معه بتمسكه بطلبه متعسفا في التطليق الذي يريد توقيعه،كما أن ما زعمه من محدودية دخله و غقتراضه و تحمله مصاريف تطبيب والدته غير صحيح، و الواقع ينطق بخلافه، إذ أنه و فضلا عن دخله المشار إليه أعلاه، يتوفر حسب شواهد الملكية التي أدلت بها على خمس عقارات محفظة بالمعاريف، منها ما يشتمل على محلات تجارية و منها ما يتألف من محلات سكنية،ومنها ما يجمع بين الإثنين، و الملك موضوع الرسم العقاري عدد(….)المشتمل على شقة بالطابق الثاني خاص به وحده، و التمست الحكم عليه لفائدتها و ابنتها بالمستحقات المفصلة بمكتوبها، ثم طالبت في مقالها المضاد بالحكم لها بنفقتها و نفقة و أجرة حضانة إبنتها وواجب سكن الأخيرة و توسعة الأعياد لهما معا حسب المبالغ المفصلة به، إبتداءا من تاريخ طردها من بيت الزوجية يوم 17/10/2016 إلى حين سقوط الفرض شرعا،وبعد التماس النيابة العامة تطبيق القانون، قضى الحكم الابتدائي عدد 3643 وتاريخ 10/10/2017 في ملف رقم 11513/ 1926 /2016 في الطلب الاصلي: بتطليق(ل ح) من عصمة زوجها طلقة بائنة للشقاق، وبأدائه لها مستحقاتها التالية عن المتعة مبلغ 25000 درهم وعن السكن خلال العدة مبلغ 2500 درهم وبإسناد حضانة الطفلة (ه) للمدعى عليها، وتحديدنا نفقتها في مبلغ 500 درهم شهريا، و أجرة حضانتها في مبلغ 150 درهم شهريا، وكلاهما ابتداء من تاريخ هذا الحكم، وتكاليف سكناها في مبلغ 400 درهم شهريا، ابتداءا من تاريخ انتهاء العدة والكل الى غايه سقوط الفرض شرعا، وبتمكين المدعي من صلة الرحم بابنته المذكورة كل يوم أحد من كل اسبوع من الساعه 19 صباحا الى السادسه مساء، وفي الطلب المضاد بأداء المدعى عليه عليه لفائدة المدعية نفقتها و نفقة إبنتها في مبلغ 500 درهم شهريا لكل واحدة منهما إبتداء من تاريخ 17/10/2016، إلى غاية صدور هذا الحكم وتوسعة الاعياد لإبنتها بحساب 1000 درهم سنويا ابتداءا من 13/ 6/ 2017 الى غاية سقوط الفرض شرعا، ومبلغ 1000 درهم عن عيدي الفطر و الأضحى لسنة 2017، وبخصم مبلغ 500 درهم من مجموع النفقة المحكوم بها، ورفض باقي الطلبات، فاستأنفته المدعى عليها أصليا والمدعي فرعيا، وبعد تمام الاجراءات، قضت محكمة الإستئناف بتأييده مع تعديله بإضافة اليوم الثاني من كل عيد ديني والنصف الأول من كل عطلة مدرسية بعد إلتحاق البنت بالتعليم، إلى صله الرحم الممنوحة للأب، وذلك بمقتضى قرارها ذي المراجع أعلاه المطعون فيه بالنقض بعريضة من ثلاث وسائل، أجاب عنها المطلوب بواسطة دفاعه بمذكرته المشار إليها أعلاه و التمس رفض الطلب.
حيث تنعى الطالبه على القرار في الوسيلتين الاولى والثالثة خرق المواد 84 و 85 و 88 من مدونة الاسرة وخرق حقوق الدفاع، ذلك أنه أيد الحكم الابتدائي الذي لم يتقيد بالمادتين 84 و 97 عند تحديد مبلغ المتعة على شهادة أجر المطلوب دون مداخل أملاكه العقارية، و دون مراعاة لفترة الزواج وأسباب التطليق ومسؤوليته في توقيعه، خصوصا وان الاسباب التي ساقها واهية تختزل في سبب وحيد مؤداه امتناعها عن مضاجعته، وهو ما نفته ولم تسلم به، اللهم إلا ما كان منه خلال فترة إصابة عضوه التناسلي بمرض نقله إليها اثناء الجماع، فنصحتهما الطبيبة بعدم المعاشرة إلى حين شفائه، وبمجرد ما تعافى عادت معاشرتهما الجنسية سيرتها الأولى، وظلت متمسكة بأسرتها حتى لا تنفك عرى زواجهما الذي عمر خمس سنوات، وازدان بانجاب بنتهما التي هي أحوج ما تكون لأبويها مجتمعين، في حين إتسم طلبه بالتعسف لتمسكه بالفرقة ورفضه الصلح الذي لم تعقد له إلا جلستان رغم وجود الطفلة، والمحكمه بعدم مراعاتها الوضع المادي والاجتماعي للطرفين ولا استعانتها بالخبراء لتحديد مداخيل عقارات المطعون ضده، رغم استظهار الطالبة بحجج تملكه لها، و بعدم تخصيصها سكناها خلال العدة ببيت الزوجية أو بعقار أخر من عقارات المطلوب، دون بيان سبب تعذر ذلك، ثم باستعاضتها ومن غير تعليل عن توفير سكن عيني لها إبان عدتها بتكلفته نقدا، و بعدم مراعاتها في تحديد النفقه وأجرة الحضانة وتكاليف السكن وتوسعه الاعياد، دخله و حال مستحقيها و التوسط، وصرفها النظر عن تحديد وسائل تنفيذ ما ذكر، وتنكبها الجواب على أسباب إستئنافها التي فصلت القول فيها بشان ما ذكر، تكون قد خرقت حقوق الدفاع ومقتضيات المواد المنوه إليها أعلاه فجاء قرارها غير مؤسس.
وتعيبه في الوسيلة الثانية بخرق القانون وانعدام التعليل، اذ قضى للمطعون ضده بصله الرحم مع إبنته خلال أيام الاعياد الدينية، رغم أن طلب تعديل الزياره بشملها أيام هذه الأعياد طلب جديد لم يتقدم به المطلوب إبتدائيا حتى يطالب به استئنافيا، والحكم له به يشكل مخالفة للفصل 143 من قانون المسطرة المدنية و كان الأولى بمحكمة الإستئناف أن تقضي بعدم قبوله، ثم إنها قضت له بصلة الرحم مع بنته ايام العطل المدرسي بعد إلتحاقها بالمدرسة، رغم أنها دفعت بكون هذا الطلب سابق لأوانه، لأن الطفلة صغيرة السن ولا مصلحة لها في تنظيم الزيارة على النحو المطالب به، على إعتبار أن المحكمه ملزمة بمراعاة مصلحة المحضونة وظروف الأطراف والملابسات الخاصة بكل قضية، طبقا للمادتين 182 و186 من المدونة،
و إذ هي لم تراع ما ذكر و عدلت نظام الزيارة على النحو المنتقد، فإن قرارها يكون قد خرق المادتين المذكورتين واتسم بانعدام التعليل، والتمست نقضه.
لكن، حيث إن تقدير مستحقات المطلقة والأبناء المترتبة عن التطليق موكول لقضاة الموضوع طالما اعتمدوا فيه عناصر القانون في اطار المواد 84 و 85 و 97 و 189و 190 مين مدونة الأسرة ولما كانت الطاعنة قد إكتفت بالإدلاء بشواهد ملكية، أربع منها تخص أملاكا للمطلوب مع إثني عشر شريكا وواحدة منها فقط تخص الملك موضوع الرسم العقاري عدد(…) المشتمل على شقة بالطابق الثاني الذي ينفرد بتملكه وحده، من دون أن تستدل على ما ادعته من أن تلك العقارات تدر مداخيل يستفيد منها اضافه الى أجرته المشار إليها اعلاه، فإن ما يبقى من ثابتا في النازلة بشأن داخله هو أجره الشهري من عمله كحارس عام بمجموعة مدارس(…..) الخصوصية المحدد في مبلغ 4,505 درهم، حسب شهادة العمل التي أدلى بها، ومحكمه الاستئناف لما قالت بذلك وأيدت الحكم الابتدائي في ما قضى لها به من متعة ومن مستحقات لبنتها، استنادا لوضعه المادي المذكور واعتبارا لكونها معلمة، مقدرة مسؤولية كل منهما عن الفراق اعتمادا على الاسباب المبسوطة بمحضر جلسة البحث و بالنظر لاعتدال فترة زواجهما التي توقفت عند بحر ربيعها السادس، فإنها قد طبقت المواد المذكورة تطبيقا سليما، أما فيما يتعلق بعدم تخصيص سكن عيني لها خلال العدة، فإنها هي التي طالبت بمقابله نقدا في مذكرة مستنتجاتها على ضوء البحث، فاستجابت لها المحكمة وحددته في المبلغ إليه أعلاه، بينما صرفت النظر عن وسائل تنفيذ مستحقات البنت المحكوم بها لعدم مطالبتها بذلك إبتدائيا، وبذلك تكون قد أجابت على دفوعها، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإنه لما كانت في الزيارة بين غير الحاضن من الوالدين والمحضون، حقا مقررا تحدده المحكمة، طبقا للمواد 180، 182 و 186 من مدونة الأسرة، عند عدم إتفاق الأبوين على تنظيمه، فإنها لما حددته وضبطت فتراته وفق ماورد بمنطوق قرارها، تكون قد راعت مصلحه المحضونه وظروف الأطراف وملابسات القضية، فجاء قرارها معللا تعليلا قانونيا سليما وغير خارق للمواد المشار اليها ولا لحقوق الدفاع، وبالتالي فما بالنعي على غير اذأساس.
لهذه الاسباب
قضت محكمه النقض برفض الطلب.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسه العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعه الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئه الحاكمة متركبة من السيد محمد بترهة رئيسا والسادة المستشارين عبد العزيز وحشي مقررا ومحمد عصبه وعمر لمين والمصطفى بوسلامه اعضاء،وبمحضر المحامي العام السيد محمد الفلاحي وبمساعدة كاتبه الضبط السيدة فاطمة أوبهوش.