المحاضرة السادسة مادة التنظيم الإداري سلطات الإدارة المركزية

عالـم القانون20 ديسمبر 2021
عالم القانون

يقضي هذا النظام حصر الوظيفة الإدارية للدولة وسلطة التقرير والبت في جميع الاختصاصات في يد سلطة واحدة عن طريق الهيئات والإدارات الموجودة في العاصمة والأقاليم، والتي ترتبط بالدولة برابطة التبعية الإدارية وتخضع لسلطتها الرئاسية.
في المغرب نجد أن ممارسة وظيفة الإدارة المركزية تتولاها السلطات الأساسية في الدولة، أبرزها جلالة الملك والسلطة التنفيذية، وممثلي المصالح اللاممركزة للوزارات، ورجال السلطة.
المبحث الأول: جلالة الملك
يحتل الملك مكانة خاصة في الدستور المغربي يختلف كثيرا عن المألوف في الدساتير الأوربية وعن نظم الحكم في البلاد الأخرى الآخذة عن النظم الأوربية، فهو يوجد في مرتبة أعلى من البرلمان والسلطة التنفيذية، ويشاركهما في ممارسة اختصاصاتهما، فالملك له دور هام في تسيير السياسة العامة للبلاد طبقا لنص الفصل 41 من الدستور الصادر سنة 2011 الذي جاء فيه أن : ” الملك أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.”
كما أكد الفصل 42 من نفس الدستور على أن: ” الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق وحريات المواطنين والجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية.
الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.
يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.
وتجدر الإشارة أن الملك يمارس مجموعة من الاختصاصات في المجال الإداري وهي سلطة التعيين وسلطة القيادة الإدارية.
أولا : سلطة التعيين
استنادا إلى مقتضيات الدستور فالتعيينات التي يقوم بها صاحب الجلالة هي كالآتي:
– تعيين عشر شخصيات بمحض اختياره في مجلس الوصاية (الفصل44).
– تعيين رئيس الحكومة وباقي أعضاء الحكومة (الفصل 47).
– تعيين ستة أعضاء في المحكمة الدستورية من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى. ويعين الملك كذلك رئيس المحكمة الدستورية من بين الأعضاء الذين تتألف منهم.(الفصل130).
– تعيين خمس شخصيات في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مشهود لها بالكفاءة والتجرد والنزاهة والعطاء المتميز في سبيل استقلال القضاء وسيادة القانون من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى(الفصل 115).
ثانيا : سلطة القيادة الإدارية
تتمثل سلطة الملك القيادية في المجال الإداري في رئاسة جلالته لمجموعة من المجالس بنص الدستور، وهكذا طبقا لمقتضيات الفصل 48 من الدستور، ” فالملك يرأس المجلس الوزاري”.
– وحسب الفصل 56 من الدستور فالملك يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية. هذا المجلس يسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة. ولا سيما فيما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم (ف 113) وهذه كلها أمور إدارية.
بالإضافة إلى ذلك يعتبر الملك طبقا لمقتضيات الفصل 53 من الدستور القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. وله حق التعيين في الوظائف العسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.
ونستخلص من هذا الفصل أن صاحب الجلالة يتخذ عدة تدابير لتدبير مختلف شؤون أفراد القوات المسلحة الملكية غير أن هذا الاختصاص إما يقوم به الملك شخصيا أو إنابة (بالتفويض). وتكون القرارات المتخذة من قبل جلالته في هذا الخصوص وكذا القرارات المتخذة بناء على تفويض منه ذات طبيعة إدارية.
إلى جانب يرأس الملك، أمير المؤمنين المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه ( الفصل 41 من الدستور).
وطبقا للفصل 54 من الدستور فالملك يرأس المجلس الأعلى للأمن ، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس على أساس جدول أعمال محدد.
وأخيرا نشير أن في الظروف الاستثنائية يخول الفصل 59 من الدستور للملك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية ، ويقتضيها الرجوع في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية.

المبحث الثاني : السلطة التنفيذية
يقصد بالسلطة التنفيذية، الهيئة المكونة من رئيس الحكومة والوزراء ويمكن أن تضم كتابا للدولة. والحكومة تتولى ممارسة النشاط التنفيذي، ويشار إليها في القانون الدستوري بالسلطة التنفيذية، لكونها تتولى تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، كما توكل إليها اختصاصات سياسية وإدارية جد مهمة.
أما بخصوص تعيينها فيمكن الرجوع إلى الفصل 47 من الدستور الذي ينص على:”يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.
للملك بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، ان يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.
وبعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، و يعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.
وطبقا لمقتضيات الفصل 89 من الدستور: ” تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة ،تحت سلطة رئيسها ، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين . والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية”.
كما أن الحكومة تعمل على التنسيق والتعاون فيما بين أعضائها عن طريق مجلسها الذي يسمى مجلس الحكومة والذي يضم أعضاء الحكومة برئاسة رئيس الحكومة والذي يعقد اجتماعات مرة في الأسبوع.
وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فالحكومة تتألف من رئيس الحكومة والوزراء لكن دون الإشارة في الدستور إلى أنواعهم داخل التشكيلة الحكومية سواء فيما يتعلق بترتيبهم البرتوكولي أو من خلال الأهمية التي تمنح لوزارة مقابل أخرى، في حين أن مسألة التسلسل بين أعضاء الحكومة لا تظهر إلا من خلال الظهائر والمراسيم المتعلقة بتأليف الحكومة إذ تنص على فئات مختلفة من الوزراء عند حضورهم بالحكومة، وتكون غالبا على الشكل التالي: رئيس الحكومة- وزراء الدولة- الوزراء- الأمين العام للحكومة- الوزراء المنتدبون، كتاب الدولة.
ويتضح من هذا كله، أن العمل الحكومي ينجز بواسطة أجهزة مختلفة تكون التشكيلات الحكومية.
المطلب الأول : رئيس الحكومة
رئيس الحكومة كان يطلق عليه في السابق الوزير الأول. ولما جاء الدستور الصادر بتاريخ 29 يوليو 2011 أصبح يطلق على الوزير الأول لقب رئيس الحكومة.
يعد رئيس الحكومة- بعد الملك- حجر الزاوية والمحرك الأول للجهاز الحكومي، حيث يقوم بتحديد بعد تعيين أعضاء الحكومة من قبل الملك، مهام كل عضو من أعضائها واختصاصاته، والهياكل الإدارية التي يتولى السلطة عليها بموجب مراسيم تنشر في الجريدة الرسمية إلى جانب هذا فرئيس الحكومة يضطلع بمهمة خصوصية تتجلى في ممارسة السلطة التنظيمية وتحمله مسؤولية تنسيق النشاطات الوزارية .
أولا : ممارسة السلطة التنظيمية
يقصد بالسلطة التنظيمية، الاختصاص الممنوح لرئيس الحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة لسير المرافق العمومية والمحافظة على النظام العام. هذا وتتجلى مظاهر السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة تتجلى في الميادين التنظيمية التي منحها له الدستور المغربي صراحة أو ضمنيا وجعلها من اختصاصه، وهي تحمله مسؤولية تنفيذ القوانين، وإصدار المراسيم التنظيمية، قيادة النشاط الإداري- ممارسة الشرطة الإدارية على المستوى الوطني، الدفاع الوطني ثم التعيين في المناصب المدنية.
– مسؤولية تنفيذ القوانين:
تنتج السلطة التنظيمية لتنفيذ القوانين عن صيغة الفصل 89 من الدستور الجديد المؤرخ في 29 يوليو 2011 الذي ينص على ما يلي : ” تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها،على تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها”.
وتنفيذ القوانين طبقا لمقتضيات هذا الفصل تجعل رئيس الحكومة بأن يقوم باتخاذ تدابير عامة بموجب مراسيم، وتجري مداولة بشأنها في مجلس وزاري ويوقعها بالعطف الوزراء المكلفون بتنفيذها.
– إصدار المراسيم التنظيمية:
لقد حدد الدستور لرئيس الحكومة بعض المواد بصفة صريحة ودقيقة نظرا لطابعها الدستوري الحساس، وهي مواد يمارسها رئيس الحكومة بواسطة مراسيم وسنعمل على توضيحها كالتالي:
– مرسوم يختم جلسات البرلمان إذا استمرت أربعة أشهر على الأقل في كل دورة (الفصل 65) من الدستور.
– مرسوم بجمع أعضاء البرلمان في دورة استثنائية (الفصل 66) من الدستور.
– مراسيم تدابير وهي تلك التي نص عليها الفصل 70 من الدستور الفقرة الثانية.
“وللقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها. غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما.
– مرسوم فتح الإعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية، تنص الفقرة الثالثة من الفصل 75 من الدستور على: “إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أولم يصدر الأمر بتنفيذه، بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية تطبيقا للفصل 132 من الدستور، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الإعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها، على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة”.
– مراسيم بقوانين- ينص الفصل 81 من الدستور على: “يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته الموالية.
– قيادة النشاط الإداري:
في هذا الإطار يترأس رئيس الحكومة المجالس الإدارية للمؤسسات العمومية الوطنية والجهوية باستثناء الجامعات والمؤسسات العامة الجماعية ووفق ما نصت عليه المادة 515 من قانون المسطرة المدنية، فرئيس الحكومة هو الذي يمثل الدولة أمام القضاء وله أن يكلف بتمثيلها الوزير المختص عند الاقتضاء.
– ممارسة الشرطة الإدارية:
الشرطة الإدارية أو الضبط الإداري تعبير عن السلطة المعترف بها للإدارة، لتمكينها من حماية النظام العام في المجتمع بمدلولاته الثلاثة (الأمن العام- الصحة العامة والسكينة العامة) من هنا تظهر ضرورة الشرطة الإدارية وأهميتها، وذلك لما تهدف إليه من تفادي تصادم حريات الأفراد والجماعات وتداخل أنشطتهم.
وإذا كانت الشرطة الإدارية هي سلطة تمارسها الإدارة، فمن الأجدر أن يمارسها رئيس الحكومة باعتباره من جهة، سلطة إدارية وأيضا باعتباره المكلف بالإدارة العامة للدولة مما يسمح له باتخاذ تدابير الشرطة ذات البعد الوطني باعتبار أن عمومية مجال وموضوع الإجراء تقتضي أن يتخذ طابعا تنظيميا وأن صاحب الاختصاص دستوريا بالسلطة التنظيمية هو رئيس الحكومة، حيث ينص الفصل 90 من الدستور على “يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء.
تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها”.
وبناء على هذا يجوز لرئيس الحكومة أن يتخذ بمرسوم يطبق على مجموعة أنحاء البلاد التدابير اللازمة للعمل على احترام النظام العام كما يمكن لرئيس الحكومة أن يمارس سلطة الضبط الإداري الخاص بواسطة قرارات.
وهكذا فرئيس الحكومة يمارس سلطات الشرطة الإدارية على المستوى الوطني بواسطة مراسيم وقرارات لتحقيق استتباب الأمن في أرجاء المملكة، وذلك خلال الظروف العادية، أما في الظروف الاستثنائية فإن الاختصاص في هذا المجال يعود إلى الملك حسب الفصل 59 من الدستور المغربي.
– التعيين في الوظائف الإدارية .
إن الدستور المغربي منح لرئيس الحكومة صراحة حق التعيين في الوظائف المدنية في الإدارات العمومية، وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية.
وخلاصة القول بأن رئيس الحكومة يمارس السلطة التنظيمية بمقتضى مراسيم يتداول بشأنها في اجتماع المجلس الوزاري وتوقع بالعطف من طرف الوزراء الذين لهم مسؤولية في تنفيذها.
ثانيا : الاختصاصات المتعلقة بتنسيق النشاطات الوزارية
يترأس رئيس الحكومة مجلس الحكومة، وهذه الرئاسة الحقيقة وسيلة تمكنه من تنسيق نشاط مختلف الوزارات، وهذا ما ينص عليه الفصل 92 من الدستور المؤرخ في 29 يوليوز 2011.
وفضلا عن ما سبق فرئيس الحكومة يقوم بتدبير الخلافات الوزارية إذ يعمل على تقريب وجهات نظر الأطراف الوزارية بواسطة مجموعة من الآليات أبرزها:
– المجلس الحكومي والمجالس المصغرة التي يعقدها رئيس الحكومة مع واحد أو أكثر من الوزراء لمناقشة قضية معينة وتقريب وجهات النظر حولها بين الوزراء كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
– إصدار تعليمات في شكل مناشير ودوريات تحث الوزراء على نهج سلوك معين.

وخلاصة القول فإن الوظائف الإدارية لرئيس الحكومة متعددة بحيث يصعب عليه بأن يقوم بها بمفرده. لذا فإن الدستور الحالي أباح له أن يفوض بعضها للوزراء طبقا لمقتضيات الفصل 90 الذي ينص على ” لرئيس الحكومة الحق في تفويض بعض سلطه للوزراء”.
وبهذا يعتبر رئيس الحكومة المحرك الديناميكي للجهاز الحكومي ذلك، لأنه هو المنسق لنشاطات أعضائه والساهر على تنفيذ القوانين والمؤهل الذي يمكن أن يلعب دور الحكم في حالة قيام نزاع بين المصالح الوزارية.
المطلب الثاني: أعضاء الحكومة
أعضاء الحكومة أو الوزراء هم الرؤساء الفعليين للجهاز الإداري، كل في حدود اختصاصاته، فالجهاز الإداري وهو يقوم بنشاطات متباينة، يقسم إلى وحدات كل منها تزاول نشاطا معينا، وهذه الوحدات هي التي اصطلح على تسميتها بالوزارات.
والوزراء مسؤولون طبقا لأحكام الفصل 93 من الدستور، عن تنفيذ السياسة الحكومية في القطاعات المكلفين بها في إطار التضامن الحكومي ، ويقومون باطلاع مجلس الحكومة على أداء المهام المسندة إليهم من قبل رئيس الحكومة.
ولتوضيح سلطات الوزراء سنتعرض في النقط التالية: لأصناف الوزراء من خلال الحكومات المغربية ثم لاختصاصات الوزير.
أولا : أصناف الوزراء.
طبقا لأحكام الفصل 87 من الدستور الصادر في 29 يوليو 2011 والمادة الثانية من القانون التنظيمي فالحكومة تتألف من رئيس ومن وزراء، نساء ورجالا، تكون لهم صفة وزراء دولة أو وزراء أو وزراء منتدبين لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء، ومن الأمين العام للحكومة بصفته وزيرا. ويمكن أن تضم كتابا للدولة معينين لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء.
وهكذا فرغم هذه التسميات المختلفة فإن قاسمها المشترك هو التوحد في صفة الوزير والاختلاف في الدور والمهام.
1: وزير الدولة.
يحتل وزير الدولة مرتبة أسمى من الوزير العادي من حيث الأسبقية في “البروتوكول” ومن الناحية السياسية والأدبية. وغالبا ما يسند هذا المنصب إلى شخصية تتمتع إما بمكانة سياسية مميزة في الدولة وأسدوا خدمات جليلة أو بخبرة واسعة في مجال تدبير الشأن العام.
ويمكن أن تسند لوزير الدولة وزارة معينة، فيتوفر على نفس المصالح والمساعدين الذين يتوفر عليهم الوزير، ويمكن أيضا أن يستعين بكاتب الدولة، وقد لا تسند إليه أية وزارة فيكون وزير دولة بدون وزارة.
وبالعودة إلى بعض النصوص المحددة لاختصاصات وزير الدولة نجده يضطلع باختصاصات منها:
– يمارس سلطات بموجب تفويض السلطات والاختصاصات المخولة لرئيس الحكومة.
– يكلف بمهام محددة تعود لوزراء آخرين.
– يمارس اختصاصات رئيس الحكومة وهو ما يخولهم إمكانية النيابة عن هذا الأخير.
2: الوزير.
يعتبر الوزير شخصية سياسية تخضع بحكم موقعها إلى أحكام القانون الدستوري، إلا أن الوزير هو كذلك قمة الهرم الرئاسي الإداري داخل وزارته ومن تم فهو يخضع كذلك إلى القانون الإداري، وبهذا يعتبر المسؤول المباشر عن تنفيذ السياسة الحكومية بالنسبة للقطاع الذي عين على رأسه.
3: الوزير المنتدب.
يعتبر الوزير المنتدب عضوا في الحكومة ويعتبر وزيرا لأن منصبه يقترب كثيرا من منصب الوزير العادي وتتسم مهمته بطابع التخصيص حيث غالبا ما يتم تكليفه بمهمة معينه، وهذا الصنف من الوزراء يكون على صنفين.
– وزير منتدب لدى : أي أنه ملحق برئيس الحكومة أو بأحد الوزراء.
– وزير منتدب في: أي غير ملحق بأي وزير آخر ويطلق عليهم الوزراء المنتدبون المستقلون.
والوزير المنتدب عندما يتم تكليفه بقطاع وزاري معين يكون مؤهلا لرسم سياسة عامة لإدارته واتخاذ التدابير اللازمة لتدبير شؤون هذا القطاع. إضافة إلى أنه يعتبر رئيسا تسلسليا للمصالح الإدارية التي وضعت تحت إمرته، حيث تكون له صلاحية اتخاذ التدابير اللازمة لتنظيم هذه المصالح من غير الرجوع إلى الوزير المعني.
4: كتاب الدولة
إن منصب كاتب الدولة هو مرحلة مؤهلة من أجل تولي مناصب عليا في الحكومة حيث يتمرس على العمل الحكومي في مثل هذه المناصب، ويتواجد خلف وزير آخر سواء تعلق الأمر بالوزير الأول أو بوزراء آخرين، وبهذا يمكن القول أن دور كاتب الدولة يتمثل في المساعدة والمؤازرة للوزير المعني في ممارسة مهامه، وذلك بناء على التفويض.
ونظرا لضرورة تبعية كاتب الدولة للوزير، فيجب أن يكون كاتب الدولة منسجما مع الوزير وإلا يصعب عليه القيام بمهامه، وفي جميع الحالات لا يمكن لكاتب الدولة أن يعمل باستقلال عن الوزير التابع له.
ثانيا: اختصاصات الوزير.
يضطلع الوزير بالوظيفة الحكومية باعتباره عضوا في الحكومة، ويكون مسؤولا لهذه الجهة مسؤولية سياسية تضامنية مع سائر الوزراء أمام الملك، كما يتولى الوزير الوظيفة الإدارية اللازمة ضمن حدود وزارته والإدارات التي تتضمنها الوزارة وهي ممثلة بسلطات تنظيمية وتقريرية ورئاسية، ويعتبر الوزير الرئيس الأعلى للجهاز الإداري في الوزارة، حيث يتولى سلطات واسعة لإدارتها، وسنعمل على توضيح هذه الاختصاصات في النقط التالية:
السلطة التنظيمية
يمارس الوزير السلطة التنظيمية في حالتين: تحت مسؤولية رئيس الحكومة، وبصفة مستقلة.
أ : ممارسة السلطة التنظيمية تحت مسؤولية رئيس الحكومة.
تتجلى هذه الممارسة في تنفيذ القوانين (الفصل 89) وفي التوقيع بالعطف على المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة، وتفويض رئيس الحكومة لبعض سلطاته للوزراء (الفصل 90).
ب : ممارسة السلطة التنظيمية بصفة مستقلة.
تظهر أهمية السلطة التنظيمية المستقلة للوزراء والمستمدة من النصوص التشريعية والتنظيمية في اتخاذ التدابير العامة لتنظيم مصالح وزارتهم. وسنحاول أن نتطرق إلى بعض مجالات هذه السلطة في النقط التالية:
– سلطة التعيين:

 الوزير هو الرئيس الأعلى لجميع موظفي وزارته الذي يخول له إصدار القرارات المتعلقة بتعيين الموظفين وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم.
وسلطة التعيين التي يمارسها الوزير تتجلى في التعيين المباشر كتعيين مدير الديوان والمستشارين القانونيين بالوزارة، وكذا الأمرين المساعدين بالصرف ونواب عنهم، وكذا التعيين غير المباشر عن طريق إجراء مباراة أو امتحان الكفاءة المهنية لولوج بعض المناصب، وتحديد عدد المناصب الشاغرة ولائحة الشهادات التي يتأتى بها التوظيف المباشر أو غير المباشر .
– سلطة التسيير والتنظيم والتقرير:
تسند للوزير صلاحية تنظيم مصالح الوزارة على مستوى المكاتب وكذا مصالحها الخارجية.
كما يتمتع الوزير بصلاحية إصدار القرارات والتوجيهات والتي من شأنها أن تساهم في حسن تدبير المرفق الذي يوجد على رأسه، واحترام هذه التوجيهات مضمون عبر السلطة التأديبية، كما يمكن له تفويض هذه الصلاحية إلى مرؤوسيه وممثليه المحليين، كما له لوحده سلطة التقرير فيما يخص المصالح الخارجية وتحديد اختصاصاتها وتنظيمها.
كما يعتبر الوزير الآمر بالصرف في حدود اختصاص وزارته، فهذه الصفة تعطي له الحق في الالتزام بالنفقات والحصول على الإيرادات، وبإمكانه تفويض هذا الاختصاص إلى أمرين بالصرف ثانويين ويمكنه التوقيع والتصديق على الصفقات الحكومية وتسيير الأملاك التابعة للوزارة التي يشرف عليها، سواء كانت أملاكا خاصة للوزارة أو أملاكا عامة.
كما يعتبر الوزير المسؤول المباشر عن تمثيل الوزارة سواء أمام الغير أو أمام القضاء في حالة نزاع.
السلطة الرئاسية والرقابية
يمارس الوزير داخل وزارته السلطة الرئاسية على جميع موظفيه اعتمادا على أن تنظيم الإدارة المغربية ينبني على قاعدة هرمية بحيث أن السلطة الأدنى مطالبة بالخضوع إلى تعاليم السلطة العليا.
ومعلوم أن السلطة الرئاسية تتجلى في تلك الطاعة التي ينبغي أن يتمسك بها كل موظف كيف ما كانت وضعيته الإدارية إزاء رئيسه، وهذه الطاعة تعتبر متسلسلة.
فعلى الوزير أن يحترم القوانين في إدارة نشاط وزارته وذلك حتى تكون قراراته شرعية.
وعلى مساعدي الوزير من كاتب عام ومديرين ورؤساء أقسام ورؤساء مصالح أن يتخذوا قراراتهم طبقا لتعاليم وتوجيهات وزيرهم في نطاق روح القانون.
وتمتد سلطة الوزير على الموظفين لتشمل كذلك سلطة الرقابة عليهم، فيقوم بترقيتهم أو يتخذ ضدهم عقوبات إدارية، أو يكلفهم بمهام دون أخرى. ويحاسبهم على أعمالهم، وذلك طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل .
كما تشمل سلطة المراقبة التي يمارسها الوزير، سلطة الوصاية على جميع الهيئات والمؤسسات والمرافق التابعة له.
وللوزير أن يعقب على أي قرار يصدر عن مرؤوسيه سواء بإلغائه أو بسحبه أو بتعديله أو استبدال غيره به أو وقف تنفيذه وذلك لأسباب يقدرها الوزير قد تتعلق بالمشروعية أو الملاءمة.
المطلب الثالث: قواعد تنظيم وتسيير أشغال الحكومة
الحكومة هي الجهاز الرئيسي الذي توكل إليه اختصاصات سياسية وإدارية جد مهمة، ولهذا الغرض تعتمد الحكومة في تنفيذ مخططاتها الاقتصادية والاجتماعية على الإدارة المركزية وممثليها في الوحدات الإداري اللامركزية .
أولا : اجتماعات مجلس الحكومة
يعقد مجلس الحكومة اجتماعاته مرة في الأسبوع على الأقل، إلا إذا حال مانع من ذلك.
وتقدم الحكومة بيانا عن أشغال المجلس إلى وسائل الإعلام. وأعضاء الحكومة ملزمون بواجب التحفظ بشأن مداولات مجلس الحكومة. هذا وبعد انتهاء أشغال مجلس الحكومة يرفع رئيس الحكومة تقريرا إلى علم الملك يتضمن خلاصات مداولات مجلس الحكومة.
ثانيا : مشاريع النصوص القانونية المعروضة على المصادقة
تنص المادة 78 من الدستور المغربي على : لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين .
تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب ، غير أن مشاريع القوانين المتعلقة على وجه الخصوص بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية وبالقضايا الاجتماعية ، تودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين.
كما تعمل الحكومة على إصدار النصوص اللازمة من أجل التطبيق الكامل للقوانين بعد نشرها في الجريدة الرسمية، كما تعمل على ضمان تنفيذ هذه القوانين ، وتتخذ من أجل ذلك جميع التدابير الضرورية.
إلى جانب هذا فالحكومة تخصص كل شهر على الأقل اجتماعا لدراسة مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان من الأغلبية والمعارضة وتحديد موقف الحكومة في شأنها.
ثالثا: مشاركة أعضاء الحكومة في أشغال البرلمان
يشارك أعضاء الحكومة في أشغال مجلس النواب ومجلس المستشارين كلما تعلق الأمر بتقديم ومناقشة مشاريع القوانين ومقترحات القوانين المسجلة في جدول أعمال أحد المجلسين طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 82 من الدستور. كما يشاركون في اجتماعات وجلسات تقديم التعديلات في شأنها والتصويت عليها، وكذا عند تقديم أجوبة الحكومة عن أسئلة النواب والمستشارين، أو بمناسبة حضور اجتماعات اللجان البرلمانية المعنية لدراسة قضايا معينة.
ويجب أن تعبر مشاركة أعضاء الحكومة في هذه الأشغال عن موقف الحكومة، وأن تكون مطابقة للقرارات التي تتخذ من قبلها.
المطلب الرابع : الوضع القانوني لأعضاء الحكومة
ينص الفصل 94 من الدستور على : أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة، عما يرتكبون من جنايات وجنح، أثناء ممارستهم لمهامهم.
يحدد القانون المسطرة المتعلقة بهذه المسؤولية.
وينص الفصل 158 من الدستور على : يجب على كل شخص منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية أن يقدم طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها وعند انتهائها.
أولا : حالات التنافي لأعضاء الحكومة
تتنافى مع الوظيفة الحكومية :
– العضوية في أحد مجلسي البرلمان
– منصب مسؤول عن مؤسسة عمومية أو مقاولة عمومية
وتتنافى كذلك مع:
– رئاسة مجلس جهة
– أكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية أو لمجلس جماعة أو مجلس عمالة أو إقليم أو مجلس مقاطعة جماعية أو مجموعة تؤسسها جماعات ترابية.
– مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية في مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية أو الأشخاص الاعتباريين الآخرين من أشخاص القانون العام أو الشركات التي تملك الدولة أكثر من 30% من رأسمالها.
وحسب مقتضيات المادة 34 من القانون التنظيمي فإنه يتنافى مع الوظيفة الحكومية تولي مهام مدير نشر جريدة ورقية أو الكترونية أو مطبوع دوري، أو إدارة محطة إذاعية أو تلفزية.
أما المادة 35 فقد ختمت حالات التنافي بما يلي: يتعين على عضو الحكومة، الذي يوجد في إحدى حالات التنافي السالف ذكرها ، تسوية وضعيته داخل أجل لا يتعدى ستين يوما من تاريخ تنصيب مجلس النواب للحكومة أو من تاريخ تعيين عضو الحكومة المعني حسب الحالة.
ثانيا: القواعد الخاصة بتصريف أمور الحكومة المنتهية مهامها.
طبقا لأحكام الفصلين 47 و87 من الدستور،تستمر الحكومة المنتهية مهامها ، لأي سبب من الأسباب في تصريف الأمور الجارية أي اتخاذ المراسيم والقرارات والمقررات الإدارية الضرورية والتدابير المستعجلة اللازمة لضمان استمرارية عمل مصالح الدولة ومؤسساتها ، وضمان انتظام سير المرافق العمومية.
ولا تندرج ضمن تصريف الأمور الجارية التدابير التي من شأنها أن تلزم الحكومة المقبلة بصفة دائمة ومستمرة، وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية وكذا التعيين في المناصب العليا.
تكلف الحكومة الجديدة التي عينها الملك باقتراح من رئيس الحكومة طبقا لأحكام الفصل 47 من الدستور والتي لم تنصب بعد من قبل مجلس النواب بممارسة المهام التالية:
– إعداد البرنامج الحكومي الذي يعتزم لرئيس الحكومة عرضه أمام البرلمان.
– إصدار قرارات تفويض الاختصاص أو الإمضاء اللازمة لضمان استمرارية المرافق العامة .
– ممارسة الصلاحيات المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 37 أعلاه إلى حين تنصيبها من قبل مجلس النواب.

المصدر الدكتور:الحاج شكرة
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق