إن جميع الدول مهما كان نظامها السياسي والإداري فهي تسعى إلى التخفيف من نقل المهام الملقاة على الإدارة المركزية، وتعمل جاهدة على توزيعها بطريقة جيدة ومستهدفة باعتبار أن أسلوب المركزية المطلقة أصبح أسلوبا متجاوزا، وقد أثبتت الممارسة العملية في اتخاذ القرارات في العاصمة قد يؤدي إلى عدم فعاليتها في حل المشاكل الإدارية المطروحة على المستوى المحلي، لذلك التجأت بعض الدول إلى تبني أسلوب اللاتركيز الإداري، الذي يهدف إلى تخفيف العبء عن الإدارة المركزية عن طريق إسناد مجموعة من الاختصاصات لممثلي الإدارة على الصعيد المحلي. كل ذلك مع استمرار رقابة السلطة المركزية في العاصمة على هؤلاء الموظفين وعلى أعمالهم. هذه الأجهزة تتمثل في المصالح اللاممركزة (المصالح الخارجية) وفي رجال السلطة الذين لهم صلاحيات عامة لتلبية حاجات المرتفقين مع الإدارة.
المطلب الأول : المصالح اللاممركزة (المصالح الخارجية )
يعتبر اللاتركيز الإداري الدعامة الضرورية لكل سياسة تهدف إلى إنجاح تجربة اللامركزية، كما تشكل عملية اللاتركيز إحدى أهم الرهانات لتأهيل وإصلاح الإدارة في إطار سياسة إرادية لإعداد التراب قائمة على اللاتمركز الواسع واللامركزية والجهوية انطلاقا من حكامة ترابية ناجعة، باعتباره أداة فعالة تمكن من تسريع النشاط الإداري والرفع من مردوديته، كما يسمح للسلطة المحلية الممثلة للأجهزة المركزية باتخاذ القرارات المستعجلة التي تتطلبها الضرورات المحلية دون الرجوع إلى السلطة المركزية. حيث إن من واجب الإدارة المركزية أن تمتد وتصل خدماتها إلى أقصى نقطة من مجال التراب الوطني، ويدخل هذا في ما اصطلح عليه بتقريب الإدارة من المواطنين . ولتحقيق هذا كله، فإن الإدارة المركزية تستعين بالمصالح الخارجية لتنفيذ سياستها وإنجاز العلميات المادية التي يقتضيها ذلك. في إطار أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
ونشير أن انتشار المصالح اللاممركزة يحقق مبدأ المساواة ومبدأ مجانية الخدمات الإدارية ثم مواكبة التزايد السكاني الذي يفرض على الدولة توفير البنيات التحتية اللازمة حتى تتمكن من تغطية المتطلبات الأمنية والاجتماعية للسكان في مجال بقعة من بقاع التراب الوطني.
حسب منطوق المادة الثانية من المرسوم رقم 1369-05-2 الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 2005 بشأن تحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية واللاتمركز الإداري، فتحديد وتصنيف البنيات الإدارية المكونة للقطاعات الوزارية على مستوى اللاتمركز تتمثل في المديريات الجهوية والمديريات الإقليمية والمصالح.
وتطبيقا لسياسة تقريب الإدارة من المواطنين وتبسيطا في الإجراءات نصت المادة الخامسة من المرسوم المذكور أعلاه على ” يتعين على رؤساء القطاعات الوزارية تفويض الإمضاء ومسؤولية اتخاذ القرارات الإدارية الفردية إلى رؤساء المصالح اللاممركزة على صعيد الجهة أو العمالة أو الإقليم، باستثناء تلك التي لا يمكن تفويضها لهم بموجب مقتضيات تشريعية أو تنظيمية مخالفة”.
فالمصالح اللاممركزة تنظم نوعيا أو ترابيا إما بمقتضى قرارات وزارية أو بمقتضى مراسيم.
وحتى يتسنى التنسيق بين المصالح اللاممركزة في تنفيذ السياسة العامة للدولة، فإن المشرع بمقتضى المرسوم المذكور أعلاه قد مكن الحكومة من صلاحية تشكيل لجنة تسمى “لجنة تنظيم الهياكل الإدارية واللاتمركز الإداري” وتتكون من :
– ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العامة رئيسا – ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالمالية – ممثل عن السلطة الحكومية المعنية بالمشروع المعروض على أنظار اللجنة.
ويمكن لرئيس اللجنة المشار إليه أعلاه، دعوة ممثلين عن المرافق العامة الأخرى التي لاختصاصاتها علاقة بالمشروع المعروض على أنظارها.
ويضاف إلى هذه اللجنة الأعضاء الآتي ذكرهم عند دراستها لمشاريع التصاميم المديرية للاتمركز الإداري.
– ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.- ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بإعداد التراب الوطني والماء والبيئة.- ممثل عن الأمانة العامة للحكومة.- ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة.- وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالتخطيط.
هذه اللجنة تمارس عدة مهام منها:
– دراسة التصاميم المديرية للاتمركز الإداري والمصادقة عليها.- تنظيم الهياكل الإدارية واللاتمركز الإداري- البت في مشاريع المراسيم والقرارات المتعلقة بتحديد اختصاصات وتنظيم القطاعات الوزارية المعروضة عليها في أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ توصلها بهذه المشاريع.
وكخلاصة يمكن القول أن المصالح اللاممركزة (المصالح الخارجية) بالرغم من بعض الصعوبات التي تعترضها الناتجة في بعض الأحيان عن عدم التنسيق بين مختلف المصالح المتعددة، فإنها حققت مكاسب هامة في نطاق عدم التركيز الإداري بحيث أن مساهمتها بجانب العامل في النهوض بالتنمية المحلية لا يمكن إنكارها.
المطلب الثاني : رجال السلطة
إن مهمة السلطة المركزية لا تقتصر على عاصمة البلاد، بل تمتد لتغطي نشاط مختلف الوزارات و مصالحها الخارجية على الصعيد المحلي فوزارة الداخلية بصفة عامة تلعب دورا أساسيا على مستوى مختلف التقسيمات الإدارية بالمغرب عن طريق رجال السلطة الذين يزاولون اختصاصاتهم و صلاحياتهم باسمها و تحت إشرافها و رقابتها حفاظا على الأمن والنظام العامين، ويرى ميشال روسي أن رجال السلطة هم الممثلون ذووا الاختصاص العام للسلطة المركزية في إطار مختلف الوحدات الإدارية، وهكذا وحسب مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.08.67 صادر في 27 من رجب 1429 ( 31 يوليو 2008 ) أن هيئة رجال السلطة تضم أربعة أطر موزعة على الدرجات التالية :
1 – إطار العمال و يضم درجة عامل ممتاز و درجة عامل
2 – إطار الباشوات، و يضم درجة باشا ممتاز و درجة باشا
3 – إطار القواد و يضم درجة قائد ممتاز و درجة قائد
4 – إطار خلفاء القواد، و يضم درجة خليفة قائد ممتاز و درجة خليفة قائد من الدرجة الأولى و درجة خليفة قائد من الدرجة الثانية .
و حسب المادة الثانية من نفس الظهير أعلاه فإن إطار العمال و إطار الباشوات وإطار القواد يتولون مهام وال أو عامل أو كاتب عام لعمالة أو إقليم أو باشا أو رئيس دائرة أو رئيس منطقة حضرية أو قائد بالإدارة المركزية أو بالإدارة المحلية بوزارة الداخلية، ويباشر التعيين باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
أما إطار خلفاء القواد و الذي يضم درجة خليفة قائد ممتاز ودرجة خليفة قائد من الدرجة الأولى و درجة خليفة قائد من الدرجة الثانية فهم يتولون مهام خليفة قائد بالإدارة المركزية أو المحلية بوزارة الداخلية وتباشر التعيينات بهذه المهام بموجب قرار لوزير الداخلية.
المحاضرة السابعة مادة التنظيم الإداري الأجهزة المركزية العاملة بالإدارات المحلية
المصدر
الأستاذ: الحاج شكرة