المحاضرة السادسة مادة الشركات التجارية السداسي الرابع(جزاء مخالفة شروط التأسيس)

المحاضرة السادسة مادة الشركات التجارية السداسي الرابع(جزاء مخالفة شروط التأسيس)

عالـم القانون
2022-05-19T22:58:16+01:00
الشركات التجاريةدروس القانون
المحاضرة السادسة مادة الشركات التجارية السداسي الرابع(جزاء مخالفة شروط التأسيس)

للحصول على المحاضرة السادسة في مادة الشركات التجارية كاملة و بصيغة pdf يمكنكم النزول إلى الأسفل و الضغط على الرابط المتعلق بها، كذلك يمكنك قراءة المحاضرة من هنا:

الفصل الرابع : جزاء مخالفة شروط التأسيس

يترتب على مخالفة شروط تأسيس الشركة البطلان مبدئيا (المبحث الأول) مع قيام المسؤولية المدنية والجنائية للمسؤولين عن ذلك (المطلب الثاني).

المبحث الأول: البطلان

لقد أرسى القانون الجديد للشركات نظاما خاصا للبطلان يختلف باختلاف أسبابه، كما أنه يختلف من حيث آثاره عن نظام البطلان الذي ترسيه القواعد العامة المتمثلة في قانون الالتزامات و العقود.

والهدف من هذا النظام الجديد تفادي سلبيات نظام البطلان القديم الذي كان ينعكس سلبا على مستوى استقرار المعاملات، بالإضافة إلى أنه يرتب أثرا خطيرا لا يتلاءم دائما والمقتضى الذي تمت مخالفته.

من هنا فإننا سنجد أن المشرع حصر أسباب البطلان في مخالفة المقتضيات ذات الأهمية مع فتح المجال لتصحيحها.

و لبيان ذلك يجب علينا أن نتوقف أولا عند أسباب البطلان (المطلب الأول على أن نتعرض ثانيا إلى آثاره (المطلب الثاني).

المطلب الأول: أسباب البطلان

بحسب المادتين 337 و338 من القانون المنظم لشركة المساهمة التي أحالت عليهما المادة 1 من قانون باقي الشركات، فإن بطلان الشركة لا يمكن أن يترتب “إلا عن نص صريح من هذا القانون أو عن أحد أسباب بطلان العقود بشكل عام”. فهذا يعني أنه يجب بالنسبة للأثار المترتبة على اختلال أحد أركان الشركة، التمييز بين الأركان الموضوعية العامة أو الخاصة من جهة (الفقرة الأولى)، وبين الشروط الشكلية الخاصة من جهة ثانية الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى : اختلال الأركان الموضوعية العامة أو الخاصة.هنا يجب التمييز:

*كما سبقت الإشارة إلى الأركان الموضوعية العامة لتأسيس الشركة، و التي لا تختلف عن الأركان العامة لقيام أي عقد رضائي آخر.

و تطبيقا لذلك، فإن تخلف ركن الرضا أو المحل (غرض الشركة أو السبب (الربح)، يؤدي إلى بطلان العقد(بقوة القانون)، أو إلى إبطاله متى تعلق الأمر بأي عارض من عوارض الأهلية أو عيب من عيوب الرضا حسب القواعد العامة للتعاقد، و ذلك بناء على طلب من عيبت إرادته.

*أما بالنسبة للأركان الموضوعية الخاصة، فيترتب على تخلفها بطلان العقد مبدئيا، إلا أنه يمكن أن يتحول إلى عقد آخر إذا توفرت شروطه، و ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 309 من ق ل ع، الذي يقضي بأنه:

” إذا بطل التزام باعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به التزام آخر، جرت عليه القواعد المقررة لهذا الالتزام الآخر “.

و مقتضى ذلك، فإذا تخلف ركن من الأركان الأساسية لقيام عقد الشركة فمصير هذا العقد البطلان، غير أنه مادام انتفاء ذلك الركن من ش أنه أن يكف هذا العقد تكييفا آخر، فإن هذا العقد الأخير يعتبر صحيحا متى توفرت أركان قيامه و شروطه، و بالتالي يمكن إعمال قواعد ذلك العقد الأخر.

مثال على ذلك: لو كان الركن المتخلف يتعلق بركن توزيع الأرباح (و هو من الأركان الموضوعية الخاصة القيام عقد الشركة) فيبطل هذا العقد كعقد الشركة لانتفاء عنصر توزيع الأرباح، لكن يمكن أن يتحول هذا العقد إلى جمعية أو تعاونية إذا توافرت شروطه الأخرى.

أو انتفاء مثلا نية المشاركة، حيث يمكن أن يتحول هذا العقد إلى عقد قرض على اعتبار أن العلاقة بين مقترض المال و المقرض لیست علاقة شراكة مادامت تفتقر إلى وجود نية المشاركة بين الأطراف، و إنما هي علاقة ائتمان مقابل دفع الثمن في تاريخ لاحق متفق عليه فيما بينهما.

أو قد يتحول كذلك لعقد شغل إذا كان أحد الأطراف أجيرا عند الآخر و ليس شريكا له لغياب نية المشاركة، و هكذا.

 كما نجد في التشريع المغربي تطبيقا لهذه القاعدة في الفصل 1035 من ق ل ع، الذي ينص على أنه ” إذا تضمن العقد منح أحد الشركاء كل الربح كانت الشركة باطلة واعتبر العقد متضمنا تبرعا ممن تنازل عن نصيبه في الربح .” لأنه بانتفاء عنصر الربح أصبح هذا العقد تبرعا و ليس مشاركة، مادامت المشاركة تفترض المشاركة في الأرباح و الخسائر.

الفقرة الثانية : اختلال الشروط الشكلية الخاصة

بالنسبة للشروط الشكلية الخاصة فهي التي تتعلق بها مقتضيات المادتين 337 و338 المشار إليهما سابقا، من حيث أنه لا يمكن أن يترتب بطلان الشركة إلا على نص صريح في قانون الشركات، وأنه بالنسبة للشروط المخالفة للقواعد الآمرة الواردة فيه، فإنها تعتبر كأن لم تكن (أي الشروط) دون أن يؤدي ذلك إلى بطلان الشركة، بحيث يبطل الشرط المخالف و ليس العقد بمجمله وإذا رجعنا إلى المقتضيات الخاصة بتأسيس الشركات، فإننا نجد أن حالات البطلان التي نص عليها القانون هي عدم تأريخ النظام الأساسي أو عدم تضمينه البيانات القانونية الأساسية بالنسبة لشركة التضامن والتوصية البسيطة وبالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة وعدم احترام إجراءات الإيداع والنشر بالنسبة لنفس الشركات.

وهذا يعني أنه يجب التمييز هنا بين حالتين:

* الحالة الأولى و المتعلقة بكافة الشركات المنظمة في إطار قانون رقم 5.96، فإنه يترتب على تخلف شرط الكتابة أو اختلال الشهر البطلان.

* الحالة الثانية و المتعلقة بشركة المساهمة، فكما سبقت الإشارة عند الحديث عن القواعد العامة الواردة في ق ل ع كمصدر من مصادر قانون الشركات أو باعتبارها من بين النظم المؤطرة التي تحكم قانون الشركات، إلى أن المشرع تعامل مع هذا النوع من الشركة بنوع من التحفظ، إذ لم يطبق نظام البطلان طبقا لق ل ع بالشكل الذي طبقه بالنسبة لباقي أنواع الشركات المنظمة بموجب القانون رقم 96-5.

و من ثم فإن القانون رقم 17.95، لم يرتب على تخلف الكتابة أو اختلالها أو على عدم احترام إجراءات الشهر بالنسبة لهذا النوع من الشركات البطلان، بل هو قد تعامل مع ذلك بشكل مخالف، من حيث أنه لم يرتب أي أثر على ذلك على مستوى تأسيس الشركة، و إنما نص على أنه ” إذا لم يتضمن النظام الأساسي كل البيانات المتطلبة قانونيا وتنظيميا، أو أغفل القيام بأحد الإجراءات التي تنص عليها فيما يخص تأسيس الشركة أو تمت بصورة غير قانونية يخول لكل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحت طائلة غرامة تهديدية كما يمكن للنيابة العامة التقدم بنفس الطلب.

و تتقادم الدعوى المشار إليها في الفقرة أعلاه بمرور ثلاث سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري، أو من تقييد التغيير في ذلك السجل وإلحاق العقود المغيرة للنظام الأساسي به”

وبالنسبة للشهر، فإنه يترتب على تخلفه عدم قيام الشركة كشخص اعتباري، وتبقى العلاقات بين المساهمين خاضعة لعقد الشركة وللمبادئ العامة الالتزامات والعقود 8، كشركة فعلية.

المطلب الثاني: آثار البطلان

يترتب عن البطلان أثارا مهمة على خلاف تلك المعروفة في إطار ق ل ع، فإذا كان نظام البطلان الإبطال طبقا للقواعد العامة حسب الحالة، يكون بالنسبة للماضي و محو أثره كذلك في المستقبل.

غير أن الوضع بالنسبة لعقد الشركة هو مختلف، ذلك أن عقد الشركة هو من نوع خاص يتولد عنه میلاد شخص اعتباري مستقل عن الشركاء، له حقوق و عليه التزامات، و يرتبط مع مصالح أطراف متعددة قد يؤدي إلى الإضرار بها، خاصة و أن المشرع سمح للشركة و هي مازالت في طور التأسيس و حتى قبل اكتساب الشخصية الاعتبارية بمباشرة أعمالها، لذلك من الصعب تطبيق قواعد البطلان كما هي متعارف عليها في ق ل ع. و أمام هذا الوضع، جاءت نظرية الشركة الواقعية كمهرب لتجاوز أثار البطلان المدني بأثار رجعية، حيث يمكن تطبيق أثار بطلان العقد على المستقبل فقط و لا يمتد إلى الماضي حفاظا على حقوق الأغيار من الضياع والاستقرار الأوضاع و المراكز القانونية التي نشأت في الماضية. و من ثم، فبموجب القانون المنظم للشركات بالمغرب، خول المشرع إمكانية تدارك سبب البطلان الفقرة الأولى)، فضلا عن أن الدعوى بطلان تأسيس الشركة خصوصيات معينة سواء فيما يتعلق برفعها الفقرة الثانية) أو فيما يتعلق بالأثار المترتبة عنها (الفقرة الثالثة). 

الفقرة الأولى: إمكانية تدارك سبب البطلان

كما سبق القول، فعلى خلاف البطلان الذي ترسية القواعد العامة و المقرر بموجب قانون الالتزامات والعقود10، والذي يقضي بإزالة كل أثر للعقد الباطل حتى في الماضي، لأن العقد الباطل علم ، والعدم لا يمكن أن ينتج أثرا، فإنه عندما تقوم إحدى حالات بطلان الشركة، فإن المشرع فتح المجال لتدارك أسبابه حيث نص على أن دعوى البطلان تسقط عندما يزول سببه.

كما أعطى للمحكمة المعروضة عليها الدعوى أن تحدد أجلا ولو بصفة تلقائية لتدارك أسبابه 12، إلا إذا كان البطلان يرجع لعدم مشروعية غرض الشركة أو الإنشاء شركة بين قاصر ووليه الشرعي فلا يمكن تدارکه.

ونص أخيرا على تقادم دعوى البطلان بمرور ثلاث سنوات من قيام سببه، حيث جاء في المادة 345 من قانون شركة المساهمة ما يلي: ” تتقادم دعاوي بطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها اللاحقة لتأسيسها بمرور ثلاثة سنوات ابتداء من يوم سريان البطلان، تحت طائلة سقوط الحق المنصوص عليه في المادة 342.

غير أن دعوى بطلان عملية من عمليات الإدماج أو الانفصال تتقدم بمرور ستة أشهر ابتداء من تاريخ آخر تقييد بالسجل التجاري استوجبته تلك العملية.

ويرجع السبب في تعامل المشرع مع بطلان الشركات التجارية على هذا النحو لأهميتها ضمن الاقتصاد، فمصلحة الشركة ذاتها ومصلحة الشركاء فيها ومصلحة الاقتصاد الوطني عامة اقتضت توفير كل الحظوظ لها للبقاء، لأن التشبث بالقاعدة الأصلية القاضية بالبطلان يعني الحكم على منشأة اقتصادية بالزوال، مما يترتب عنه تعطيل للاستثمار و فقدان مناصب شغل ومورد للضرائب، وخسارة مساهم في الإنتاج والدخل، لذلك فإن هذه القاعدة تعمل بالنسبة لكافة حالات البطلان أو الإبطال باستثناء تلك الراجعة لعدم مشروعية المحل ولمنع إنشاء شركة بين قاصر ووليه الشرعي لعدم إمكانية تدارك مثل هذه الأسباب لاعتبارها من النظام العام.

الفقرة الثانية : دعوى البطلان

مادام لم يتم إصلاح سبب البطلان ، ومادامت مدة التقادم لثلاث سنوات المشار إليها في المادة 345 من القانون رقم 95-17 لم تنقض، فإنه يمكن لكل ذي مصلحة أن يرفع دعوى البطلان أمام المحكمة التجارية لمقر الشركة من أجل الحكم ببطلان أو إبطال الشركة 15، ويجب أن تمارس دعوى البطلان أو الإبطال ممن له مصلحة في ذلك.

وهكذا فإن:

– دعوى البطلان لعدم مراعاة أحكام الشهر تمارس من قبل الغير في مواجهة الشركاء وتمارس من قبل هؤلاء في مواجهة بعضهم البعض، إلا أنه لا يمكن أن تمارس من قبل الشركة أو الشركاء في مواجهة الغير.

أما الدعوى الإبطال فتمارس من قبل الشريك الذي يقوم السبب في مواجهته وهو يمكنه أن يواجه به الكافة من شركاء وأغيار.

أما دعوى البطلان لعدم مراعاة الأركان العامة والخاصة في عقد الإنشاء، فتمارس مبدئيا من قبل كل ذي مصلحة، غير أنه لا يمكن للشركة أو للشركاء أن يحتجوا به تجاه الغير حسن النية.

الفقرة الثالثة : أثر الحكم المقرر للبطلان

رتب المشرع المغربي مجموعة من الأثار إثر بطلان عقد الشركة، و لعل أهمها يتمثل فيما يلي:

أولا: حل الشركة بالنسبة للمستقبل

إذا لم يتم تدارك سبب البطلان إلى حين البت ابتدائيا في الموضوع وأصدرت المحكمة بالفعل حكمها بالبطلان، فإن الشركة تحل بقوة القانون ولكن دون أثر رجعي ويتم تصفيتها، فالحكم القضائي إذا يصرح بالبطلان فإنه يزيل العقد، وبالتالي لا يصبح للشخص الاعتباري أي سند في وجوده بالنسبة المستقبل.

أما بالنسبة للماضي، فعقد الشركة كان قائما، وبالتالي فإن الشخص الاعتباري كان موجودا وقد يكون ارتبط بعلاقات قانونية مع الغير أصبح بموجبها دائنا أو مدينا ، فلا يمكن من ثم إهدار هذه العلاقات وتجاهلها، هذا فضلا من عدم إمكانية العودة بالوضع إلى ما كان عليه بالنسبة للأرباح أو الخسائر التي قد تكون نتجت عن ممارسة الشركة لنشاطها خلال فترة وجودها. من هنا فإن المشرع وقبله القضاء والفقه ، قد استقروا على حصر أثار البطلان في المستقبل وعدم مده إلى الماضي. فالشخص الاعتباري يعتبر أنه قد وجد واستمر إلى أن قضى ببطلان العقد، وذلك لأنه كان قائما فعلا و واقعا في الفترة السابقة، وتعامل مع الأغيار وثبتت له حقوق وتحمل بالتزامات، وهذا كله لا يمكن إهماله رعاية للوضع الظاهر الذي اطمأن إليه الغير ، وحماية للمراكز القانونية التي نشأت عنه، وهذا ما يسمى كما أشرنا بشركة الواقع أو ما سمي ب”نظرية الشركة الواقعية”  Société de fait،خلاصة القول، فمتى تم التصريح ببطلان الشركة، فإنها تنحل بالنسبة للمستقبل، و وجب تصفية الوضع الناشئ عن قيامها في الماضي.

ثانيا: تصفية الوضع الناشئ عن القيام الشركة في الماضي.

يترتب على التصريح ببطلان الشركة وجوب تصفية الأوضاع القانونية التي نتجت عن قيامها إلى حين التصريح ببطلانها، وذلك من ناحيتين :

من ناحية العلاقات بين الشركاء أنفسهم عن طريق تحديد نصيب كل منهم من الأرباح والخسائر ومن إيرادات التصفية.

وهنا يجب التمييز بين أسباب البطلان أو الإبطال :

  • بحيث إذا كان ذلك يرجع إلى انعدام أو نقصان أهلية أحد الشركاء أو تعيب إرادته بغلط أو تدليس أو إكراه، فإن مثل هذا الشريك يجب أن يسترد حصته كاملة.

أما إذا كان البطلان يرجع إلى تخلف أحد الأركان الموضوعية العامة (الرضا المحل، السبب)، فإنه يجب استبعاد العقد الباطل تماما لأنه عدم والعدم لا ينتج أي آثر.

ومن ثم فإن توزيع الأرباح والخسائر يجب أن يتم وفق النصوص القانونية الخاصة بتوزيع الأرباح والخسائر.

أما إذا كان سبب البطلان اختلال أحد الأركان الموضوعية أو الشكلية الخاصة، فإن التوزيع يتم وفق بنود العقد ، لأن اتفاق الشركاء في حد ذاته قائم وصحيح و تطبق قاعدة “العقد شريعة المتعاقدين” (بتوفر الأركان العامة)، إلا أن شروط قيام الشركة هي التي اختلت

من ناحية علاقة الشخص الاعتباري بالأغيار،

حيث يلاحظ أن المشرع نص على عدم إمكانية احتجاج الشركة أو المساهمين بالبطلان تجاه الأغيار حسني النية طبقا للمادة 347 من قانون شركة المساهمة إذ نرى أن يطبق هذا الحكم على تصفية علاقة الشركة بالغير من حيث جعل الشركة ملزمة بتنفيذ تعهداتها تجاه الغير كما لو كانت صحيحة، أما الغير حسن النية أي الذي لا علم له بالخلل الذي شاب تأسيس الشركة فله حق الخيار بين اعتبار الشركة موجودة في الفترة السابقة لإعلان البطلان ومطالبتها بتنفيذ التزاماتها اتجاهه، وبين اعتبارها باطلة حسب ما تقتضيه مصلحته.

المبحث الثاني : المسؤولية المدنية المترتبة عن خرق إجراءات التأسيس

انطلاقا مما سبق، فالملاحظ أن المشرع على خلاف القواعد العامة التي تحدد أثر البطلان قد أقر قواعد خاصة بالنسبة لمفهوم البطلان في قانون الشركات، بحيث أنه خف من نظام البطلان المترتب على عدم احترام شروط تأسيس الشركات التجارية.

غير أنه في مقابل ذلك رتب المسؤولية المدنية والجنائية للمسؤولين المسيرين الأوائل والشركاء المنسوب إليهم بطلان الشركة أو بطلان أحد مقراتها تجاه المساهمين أو الشركاء و حتى الأغيار، عند خرق قواعد و إجراءات تأسيس الشركة التي قد تلحق أضرارا بالشركة و بالمساهمين و بالأغيار، و ذلك سواء ترتب عن هذا الخرق الحكم ببطلان الشركة أو تمت تسوية البطلان قبل الحكم به (أي تصحيحه).

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي عندما نظم كلا من المسؤولية المدنية و الجنائية لمسيري الشركات المنظمة في قانون شركات المساهمة، قد تعمد الإحالة عليها في بعض هذه المقتضيات بحيث جعلها كقواعد عامة تطبق على باقي أنواع الشركات الأخرى كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

و من ثم يعتبر الشركاء مسؤولين على وجه التضامن تجاه الشركاء الآخرين والغير عن الضرر الناتج عن البطلان، و تتأرجح مسؤوليتهم و تضامنهم حسب نوع الشركة، بين مسؤولية مطلقة و تضامنية في شركات الأشخاص (کشركات التضامن و التوصية بالنسبة للشركاء المتضامنين فيها)، و بين مسؤولية محدودة في شركات الأموال (کشركات المساهمة و شركات ذات المسؤولية المحدودة و الموصين في شركات التوصية).

وفضلا عن ذلك، فإن المشرع نص على معاقبة المسيرين الذين لا يقومون داخل الآجال القانونية بإيداع الوثائق أو العقود لدى كتابة ضبط المحكمة أو لا يقومون بإجراءات الشهر بعقوبات مالية و حبس، أو أحدهما حسب درجة المخالفة.

غير أنه و في هذه الحالة فإن الأمر لا يعدو أحكاما عامة فقط و إنما نطاق و حدود هذه المسؤولية تتفاوت بحسب نوع الشركة لذلك نقتصر على بعض القواعد باعتبارها عامة فقط. و يترتب عن الإخلال بالقواعد و الإجراءات الشكلية لتأسيس الشركة كما هو معلوم بطلان هذه الشركة، غير أن هذا الإخلال قد يلحق بطبيعة الحال أضرار بالشركاء أو الأغيار المرتبطين بعقد الشركة، الشيء الذي رتب معه المشرع مسؤولية مدنية سواء كانت ناتجة عن بطلان الشركة أو حتى لو تمت تسوية هذا البطلان (تصحيح البطلان كما رأينا) (المطلب الأول)، أو مترتبة فقط عن الإخلال بأحد الشكليات المتطلبة في تأسيس الشركة طبقا لما هو منصوص عليه في قانون الشركات (المطلب الثاني).

و من ثم سنتناول دراسة المسؤولية المدنية و المترتبة عن خرق إجراءات التأسيس وفق ما يلي:

المطلب الأول: المسؤولية المدنية المترتبة عن بطلان الشركة أو عن تسويته.

تعرض المشرع المغربي للمسؤولية المدنية المترتبة عن بطلان الشركة أو عن تسويته في المادتين 350 و 351 من قانون ش ركات المساهمة و كذلك المادة 92 من قانون رقم 5.96 المنظم لباقي أنواع الشركات.  انطلاقا من هذه المقتضيات، فإنه يتعين على مقدم دعوى المسؤولية المدنية للمؤسسين أو الجهاز المسير الأول إثبات توفر عناصر المسؤولية المدنية و هي الخطأ و الضرر و العلاقة السببية بينهما.

على خلاف المسؤولية المترتبة عن عدم تضمين النظام الأساسي للشركة بيانا إلزاميا أو إغفال إجراء من الإجراءات التي ينص عليها القانون في باب تأسيس الشركة أو القيام بها بشكل غير صحيح التي جعلها المشرع بقوة القانون و تقتضي فقط إثبات الضرر من جانب رافع دعوى المسؤولية و يخضع مدى توافر أو عدم توافر كل عنصر من هذه العناصر لتقدير المحكمة المعروض عليها الدعوى بناء على وسائل الإثبات و النفي المقدمة من أطراف الدعوى و التحريات و الأبحاث المنجزة من طرفها.

و انطلاقا من هذه المقتضيات المشار إليها في المادة 350 و المادة 92، فإنه يعتبر المسؤولين المتسببين في البطلان و المتصرفين و أعضاء مجلس الإدارة و الرقابة حتى المساهمين في شركة المساهمة الذين لم تفحص حصصهم وامتيازاتهم ولم تتم المصادقة عليها أو الشركاء المساهمين (الموصون) في باقي الشركات الأخرى، مسؤولون مسؤولية تضامنية تجاه باقي الشركاء أو الأغيار. 

بل أن زوال سبب البطلان لا يحول دون ممارسة دعوى التعويض عن الضرر المترتب عن العيب الذي لحق الشركة طبقا للمادة 351 من شركات المساهمة، فالملاحظ أن المشرع المغربي في إطار المادة 351 المذكورة، كان صارما فيما يتعلق بتقرير المسؤولية المدنية بالنسبة لمؤسسي شركة المساهمة و شركة التوصية بالأسهم (المحال عليها بموجب المادة 40 من قانون5.96)، و ذلك عندما اعتبر أن على الرغم من زوال سبب البطلان فإنه لا يعفي هؤلاء المسيرين بالنسبة لشركات المساهمة و شركات التوصية بالأسهم من التعويض عن الضرر، في حين أنه لم يقرر التعويض في باقي أنواع الشركات الأخرى في حالة تسوية أو تصحيح سبب البطلان أي إعفاء مسؤولية المسيرين بالنسبة لشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركات التضامن و شركة التوصية البسيطة.

و للمحكمة في حالة قبول دعوى المسؤولية سلطة تقديرية واسعة في تقدير الأضرار اللاحقة بالمدعي مقدم الدعوى (أحد الشركاء أو الغير)، و بالتالي الحكم بالتعويضات المناسبة لحجم الضرر.

و تتقادم دعوى المسؤولية المدنية طبقا للمادة 351 بالنسبة لمسيري شركات المساهمة و شركات التوصية بالأسهم بمرور خمس سنوات ابتداء من يوم اكتساب مقرر البطلان الصيغة النهائية أي بعد استنفاد جميع طرق الطعن العادية فقط. كما تتقادم دعوى التعويض بالنسبة لتصحيح أو زوال سبب البطلان كذلك بنفس الأجل (خمس سنوات) و لكن تبتدئ من يوم تدارك سبب البطلان. كما تتقادم دعوى المسؤولية المدنية (التعويض ضد المسيرين الأوائل و الشركاء المنسوب إليهم بطلان الشركة بمرور خمس سنوات كذلك من اليوم الذي اكتسب فيه قرار البطلان قوة الشيء المقضي به، بالنسبة لشركات التضامن و الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة التوصية البسيطة، أي بعد استنفاذ طرق الطعن العادية و غير العادية.

فالملاحظ من مقتضيات المادة 92 من قانون رقم5.96 فيما يخص باقي الشركات الأخرى، أن المشرع استبعد دعوى المسؤولية المدنية لمسيري الشركة في شركة التضامن و التوصية البسيطة و الشركة ذات المسؤولية المحدودة فيما يتعلق بتدارك و تصحيح البطلان على خلاف الأمر في شركة المساهمة و التوصية بالأسهم طبقا للمادة 351 كما رأينا.

المطلب الثاني : المسؤولية المدنية المترتبة عن الإخلال بأحد شكليات التأسيس

جاء في المادة 349من قانون شركات المساهمة النص على ما يلي:

“يعتبر كل من مؤسسي الشركة وكذا المتصرفين الأولين وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية الأولين وأعضاء مجلس الرقابة الأولين مسؤولين متضامنين عن الضرر المتسبب فيه عدم تضمين النظام الأساسي للشركة بيانا إلزاميا ما أو إغفال إجراء ينص عليه هذا القانون في باب تأسيس الشركة أو القيام به بشكل غير صحيح.

و تسري أحكام الفقرة السابقة، في حالة إدخال تعديل على النظام الأساسي للشركة، على المتصرفين وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية وأعضاء مجلس الرقابة المزاولين مهامهم أثناء إجراء التعديل المذكور.

تتقادم الدعوى بمرور خمس سنوات، حسب الحالة، ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري أومن تاريخ تقييد التعديل” فبالوقوف عند الفقرة الأولى من هذه المادة، فالملاحظ أن المشرع المغربي رتب المسؤولية المدنية على مؤسسي الشركة و المتصرفين الأوليين و أعضاء مجلس الإدارة الجماعية الأولين و أعضاء مجلس الرقابة الأولين مسؤولية تضامنية عن الضرر الذي تسبب فيه علم تضمين النظام الأساسي لشركة المساهمة طبقا للنص بيانا إلزاميا أو إغفال إجراء نص عليه هذا القانون في باب تأسيس شركة المساهمة أو القيام به بشكل غير صحيح في حين أنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 92المنظمة لباقي أنواع الشركات نلاحظ غياب هذا المقتضی و بالتالي فإن إقرار المسؤولية المدنية لهؤلاء الأشخاص في هذه الحالة هو معمول به في شركة المساهمة فقط، على اعتبار أن جزاء البطلان المنصوص عليه في باقي أنواع الشركات كما رأينا سابقا بالنسبة للإخلال بالشروط الشكلية لتأسيس هذه الشركات هو أعم و أشمل من هذا المقتضى الخاص بشركات المساهمة، الذي رتب البطلان فقط على الخروقات الخطيرة لعملية التأسيس الشركات المساهمة طبقا للمادة 349 المذكورة.

و يعتبر مؤسسو شركة المساهمة و أعضاء مجلس الإدارة و أعضاء مجلس الإدارة الجماعية الأولين و أعضاء مجلس الرقابة الأولين مسؤولين مسؤولية تضامنية بقوة القانون عن الضرر الناتج عن إغفال النظام الأساسي للشركة لهذا البيان الإلزامي أو أي إجراء نص عليه هذا القانون أو القيام به بشكل غير صحيح طبقا لما ورد في نص المادة 349 المذكورة، و من ثم فعلی رافع دعوى المسؤولية المدنية في هذه الحالة سوى إثبات هذا الضرر اللاحق به بسبب إغفال هذه البيانات المنصوص عليها في هذه المادة،أما عبء الإثبات، فيقع على هؤلاء المؤسسين و المتصرفين الأوائل… عبء نفي هذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

ويبقى القضاء السلطة التقديرية لتقرير المسؤولية من عدمها و تقدير التعويض بناء على حجم هذا الضرر.

و يعتبر جميع هؤلاء الذي ترتبت عليهم المسؤولية متضامنين في التعويض الذي حكم به الفائدة المتضرر، و من ثم يمكن لهذا الأخير (المتضرر المستفيد من التعويض) الرجوع على أحدهم الذي بدوره يمكن له الرجوع على باقي المسؤولين مسؤولية مدنية معه لأداء هذا الدين طبقا للفصل 166 من ق ل ع 27فمن خلال ما سبق، يتبين على أن المشرع المغربي قد وسع من نطاق المسؤولية التضامنية لمسيري الشركة و المتصرفين الأوائل و مجلس الإدارة و الرقابة أكثر من الحالات التي يترتب عنها البطلان، بحيث أن مسؤولية هؤلاء الأشخاص في شركة المساهمة هي مسؤولية تضامنية و واسعة تشمل حتى الحالات التي لم يرتب عليها المشرع البطلان في شركة المساهمة، كما هو الحال بالإخلال بإجراءات الإيداع و الشهر و النشر التي رتب عليها البطلان في باقي الشركات الأخرى كما رأينا سابقا.

و بالتالي فإن مسؤوليتهم طبقا للمادة 349 هي مسؤولية واسعة سواء عن الأضرار اللاحقة أثناء عملية تأسيس الشركة أو بعد بطلانها أو حتى على الضرر الناتج عن سبب البطلان الذي تم تدارکه . أما فيما يخص تقدم دعوى التعويض طبقا للمادة 349، تتقادم دعوى مسؤولية المسيرين الأولين و المتصرفين و مجلس الإدارة و الرقابة عن الأضرار المترتبة عن إغفال هذه البيانات بمرور خمس سنوات، ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري أومن تاريخ تقييد التعديل تحت طائلة عدم قبول الدعوى.

و من خلال كل ما سبق، نخلص من خلال هذا الفصل على أن المقتضيات المنظمة للإطار القانوني لمختلف الشركات عرفت تشتتا ما بين القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات و العقود و ما بين من جهة أولى النصوص الخاصة الواردة في كل من قانون الشركات، بل و التشتت داخل قانون الشركات في حد ذاته ما بين القواعد المنصوص عليها في قانون شركات المساهمة رقم 17.96 باعتبارها تارة قواعد عامة كذلك تطبق على باقي الأنواع الأخرى من الشركات و تارة تستأثر بقواعدها المنظمة بشأنها كما هو الحال بالنسبة لإجراءات التأسيس المتعلقة بالشهر و الإيداع… و من جهة ثانية تلك القواعد الخاصة بالشركات الأخرى المنظمة في إطار قانون رقم 5.96، لذلك كان على المشرع المغربي جمع شتات القوانين المنظمة للشركات في قانون واحد منها ما هو قواعد عامة و منها ما هو قواعد خاصة بينة و واضحة لمختلف المتعاملين مع هذه القوانين حتى يزيل اللبس الواقع في فهم هذه القوانين.

للحصول على المحاضرة السادسة في مادة الشركات التجارية  من خلال الضغط هنا

هنا:المحاضرة السادسة من مادة قانون الشركات-S4-الدكتورة نهال اللواح

المصدرالدكتورة:نهال اللواح
عالـم القانون

عالم القانون World of law هو موقع (www.alamalkanoun.com) ينشر مقالات قانونية مواكبة لأخر المستجدات القانونية في شتى تخصصاتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق