المحاضرة الثانية من مادة التنظيم الإداري(السداسي 2)علاقة القانون الإداري بمختلف القوانين.

المحاضرة الثانية من مادة التنظيم الإداري(السداسي 2)علاقة القانون الإداري بمختلف القوانين.

عالـم القانون
2021-12-17T13:45:54+01:00
التنظيم الإداريدروس القانون
عالـم القانون17 ديسمبر 2021
المحاضرة الثانية من مادة التنظيم الإداري(السداسي 2)علاقة القانون الإداري بمختلف القوانين.

    جرى الفقهاء على تقسيم قواعد القانون إلى قسمين- القانون الخاص والقانون العام، ويقوم هذا التقسيم على فكرة وجود الدولة باعتبارها سلطة عليا طرفا في العلاقة القانونية.
والقانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات القانونية التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة السلطان. في حين أن القانون الخاص مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات القانونية التي لا تكون الدولة بصفتها صاحبة السلطة طرفا فيها.
والقانون الإداري بمعناه الذي ذكرناه، فرع من فروع القانون العام إذ هو ينظم هيئات السلطة التنفيذية بالدولة ونشاط هذه الهيئات وعلاقاتها بعضها مع بعض ومع الأفراد.
والقانون الإداري بهذا المفهوم سيكون له ارتباط بكل فروع القانون وإن بدرجات متفاوتة، وسنعمل على توضيح البعض منها:
الفرع الأول: علاقة القانون الإداري بمختلف فروع القانون العام
إن الاتصال بين القانون الإداري ومختلف فروع القانون العام، لا يمنع من اعتبارهما قانونين مختلفين. وهو ما يؤيده العميد فيدال VEDEL، لكن تبقى العلاقة قائمة والبعض يكمل الآخر، وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا الفرع مركزين على علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري والقانون المالي وعلم الإدارة.
الفقرة الأولى :علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري
القانون الإداري والقانون الدستوري يعتبران من القانون العام الداخلي، كما أنهما يشتركان في تنظيم نشاط السلطة التنفيذية، وبهذا يمكن القول: إن هناك علاقة وطيدة بين القانونين لدرجة أن الكثيرين يعتبرونهما قانونا واحدا. القانون الدستوري يتعلق بالحكومة، والقانون الإداري يتعلق بالإدارة، الحكومة والإدارة وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن إقامة حدود تفصل بينهما.
وحتى إن أمكن القول بفصل القانون الإداري عن الدستوري، فإن هذا الأخير هو مقدمة لازمة للأول أو كما يقول الدكتور سليمان محمد الطماوي، إذ يعتبر أن القانون الدستوري هو المقدمة الحتمية للقانون الإداري، وكلاهما يكمل الآخر، كما يقول: إن القانون الإداري يبدأ حيث يتوقف القانون الدستوري.
وسار في هذا الاتجاه الأستاذان روسي وجارانيون Rousset et Garagnon إذ يؤكدان على أن القانون الإداري هو امتداد للقانون الدستوري. وبغض النظر عن كونهما قانونا واحدا أو قانونين منفصلين، فإن القانون الدستوري يتميز عن القانون الإداري، حيث أن الأول يضع القواعد المتعلقة بتنظيم أسس الحكم في الدولة، ويبين كيفية تكوين المؤسسات الدستورية بالدولة، ويوضح طريقة توزيع المهام بين هذه المؤسسات، كما ينظم العلاقة بين بعضها البعض وتوزيع المهام بين مختلف مؤسساتها الدستورية، الملك، السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وأخيرا السلطة القضائية، كما ينظم العلاقة بين بعضها البعض، أما القانون الإداري فينظم عمل هذه المؤسسات كل واحدة على حدة، وكذا المرافق الحكومية، أي مختلف الوزارات المكونة للسلطة التنفيذية.
وهكذا فالوزير مثلا هو في نفس الوقت سلطة سياسية وسلطة إدارية، فعندما يتصرف كسلطة سياسية أي المشاركة في وضع السياسة العامة للحكومة فتصرفاته تندرج في إطار قواعد القانون الدستوري، وعندما يتحرك كسلطة إدارية أي: اتخاذ مختلف القرارات لتنظيم وزارته عندئذ تخضع كل نشاطاته لأحكام القانون الإداري ووفق ضوابطه.
واستنادا إلى ما سبق يتضح وجود تداخل بين القانونين وبالتالي يصعب التمييز بينهما. وهذا التداخل هو انعكاس للعلاقة بين الحكومة والإدارة داخل السلطة التنفيذية والمتمثلة في تبعية الإدارة والحكومة استنادا إلى الدستور الذي ينص فصله 89 على: “تمارس الحكومة السلطة التنفيذية.
تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.
وإذا كان جل الفقهاء لا ينفون الارتباط والتكامل بين القانون الإداري والقانون الدستوري، فإن الواقع يفرض عدم دمجهما لأنهما يتمايزان عن بعضهما من حيث طبيعة الأعمال التي ينظمانها ومن حيث المصادر ومن حيث الأشخاص العمومية والسلطات التي تحتكم إلى كل منهما غير أنه لا ننسى أن الدستور هو مصدر أساسي لكل منهما.
الفقرة الثانية:علاقة القانون الإداري بالقانون المالي.
هناك علاقة وثيقة بين القانون والمالية العامة وتتجلى مظاهرها فيما يلي:
– فلا يمكن لأي إدارة أن توجد بدون توفرها على وسائل مالية تستطيع بواسطتها تلبية حاجيات المواطنين ومتطلبات التنمية المنشودة سواء كانت هذه الوسائل عقارات أو منقولات.
فالتشريع المالي والمالية العامة تشتركان مع القانون الإداري في تنظيم موضوعات أساسية من نشاط الإدارة، إذ أنه بالرجوع إلى صلاحيات واختصاصات الإدارة نجد أن السلطات الإدارية والسلطات المالية مرتبطة بنفس الإطار القانوني، فمثلا القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات أو بالعمالات والأقاليم والقانون أو بالجماعات تتضمن بنودا متعلقة بميزانية هذه الجماعات الترابية، فهذه القوانين التنظيمية رغم كونها تندرج ضمن القانون الإداري، فإنها تنظم النشاط المالي للهيئات المحلية، وبالتالي فرض مراقبة مالية صارمة على هذه الهيئات من طرف سلطات الوصاية ونفس الأمر ينطبق على الميزانية العامة للدولة. وبذلك فإن علم المالية العامة يشارك القانون الإداري في تنظيم جزء هام من نشاط الإدارة بل الدولة. لذا فإن فصلهما عن بعضهما يبدو أمرا صعبا خاصة وأن دراسة الموارد الطبيعية (أي أملاك الدولة العامة) تدخل في نطاق القانون، أما دراسة الموارد النقدية (كالضرائب والرسوم)، فتدخل في نطاق المالية العامة، كما أن الإدارة لا يمكنها أن تقوم بتلبية الحاجيات العامة دون إمكانية مالية.
و لقد أحسن الدكتور محمد مرغني حين وصف الارتباط بين القانون الإداري والمالية العامة بجناحين لطائر واحد هي الإدارة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تنطلق إلا بهما جميعا.
الفقرة الثالثة: علاقة القانون الإداري بعلم الإدارة
مما لا شك فيه أن القانون الإداري يركز في دراسته على القواعد القانونية التي تنظم الإدارة وتحكم سلوكها خاصة فيما يمس علاقتها مع الأفراد، أما علم الإدارة فهو يدرس الإدارة كما هي في الواقع من حيث تكوينها والطرق التي تتبعها في أداء وظيفتها والغرض من هذا كله، هو معرفة الطرق والوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى فعالية أكثر لعمل الإدارة والتقوية من إنتاجيتها ومردوديتها. من هنا يتضح أن الإدارة العامة تمثل محور الدراسة لكل من علم الإدارة والقانون الإداري، إلا أنه كل منهما ينظر إلى هذا الجهاز من زاوية مختلفة، فعلم الإدارة ينظر للإدارة من الجانب التقني والعضوي، في حين ينظر القانون الإداري للإدارة من الجانب الوظيفي والمادي.
الفرع الثاني: علاقة القانون الإداري بمختلف فروع القانون الخاص

لكل من القانون الإداري والقانون المدني خصائصه المستقلة والمتميزة في مواجهة الآخر. فالقانون الخاص يرتكز أساسا على مبدأ المساواة في التصرفات فلا فرق بين أطراف الدعوى. أما القانون الإداري فإنه يمنح للإدارة حق إصدار قرارات فردية ملزمة للأفراد قد تؤثر على حرياتهم أو وضعيتهم المادية، وأن تبرم العقود مع الخواص وتفرض شروطا غير مألوفة في العقود المتداولة بين الخواص، وتنفذ قراراتها دون اللجوء إلى القضاء كل هذا لأداء المهام المنوطة بها لضمان سير المرافق العامة بانتظام واضطراد تحقيقا وحماية للمصلحة العامة.
وإذا كانت امتيازات الإدارة تلزم فرض أحكام متميزة عن القانون الخاص بصفة عامة، فإن هذا يظهر أكثر عندما نستعرض علاقة القانون الإداري بفروع القانون الخاص كل على حدة.
الفقرة الأولى: القانون الإداري والقانون المدني.
إذا كان القانون الإداري يهتم بالتنظيم والنشاط الإداري للأشخاص العامة، فإن القانون المدني يهتم بالعلاقات القانونية الخاصة التي تقوم بين الأفراد كأطراف متكافئة وهذا ما يختلف عن القانون الإداري.
وبإلقاء نظرة إلى العلاقة بين القانون الإداري والقانون المدني، نجد أن الأول كان يستمد أسسه وجذوره من القانون المدني. لكن لما تقررت مسؤولية الدولة عن جميع أعمالها الضارة، أصبحت مبادئ القانون المدني لا تتفق في كثير من الأحيان مع مقتضيات سير المرافق العامة وضرورة سيرها بانتظام واضطراد: إذ أن هذه القواعد قد وضعت لتنظيم العلاقات الخاصة الفردية، القائمة على المساواة بين أطراف العلاقة كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ومن ثمة فقد باتت لا تصلح لتنظيم العلاقات التي تكون السلطة العامة طرفا فيها عندما تتصرف باعتبارها حامية للمصلحة العامة.
وتبعا لذلك أخذ القانون الإداري ينفصل تدريجيا عن قواعد القانون المدني ويستقل بنظرياته ومبادئه الخاصة، غير أن هذا لا يفيد الاستقلال التام لهذا القانون، ذلك أن العديد من مؤسسات القانون الإداري مستوحاة من القانون المدني، من ذلك نظرية العقد، الالتزام بإرادة منفردة- نظرية الظروف الطارئة- نظرية القوة القاهرة.
كما أن عددا غير قليل من قواعد القانون الإداري موجودة في القانون المدني من ذلك قواعد المسؤولية المنصوص عليها في الفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات والعقود.
وإضافة لما سبق نجد الإدارة في أحيان كثيرة، تطبق قواعد القانون الخاص المدنية والتجارية والاجتماعية في تعاملاتها، كما هو الشأن في تسييرها للمرافق التجارية والصناعية، أو قيامها بالتزود من السوق دون اعتماد أساليب الصفقات العمومية، وحينئد تتعامل كما يتعامل الخواص.
والقضاء الإداري يطبق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية، وحتى عند وجود مسطرة إدارية خاصة، فإن مبادئها تكون مستوحاة من المسطرة المدنية.
وبالمقابل يلاحظ غزو القانون الإداري لبعض معاقل القانون الخاص، فبعض الجهات الخاصة (جمعيات، شركات، نقابات وأشخاص عاديين) تمارس نشاطا إداريا عندما تساهم في تسيير مرافق عمومية. ومن أمثلة ذلك ملتزمو المرافق العمومية والنقابات المهنية والجمعيات الرياضية. هذه الأشخاص الخاصة تخولها الدولة التصرف كسلطة عامة، وتطبق قواعد القانون الإداري على هذه التصرفات.
الفقرة الثانية: القانون الإداري والقانون الجنائي
يتفق القانون الجنائي والقانون الإداري في الغاية رغم اختلاف الوسائل. فالقانون الجنائي هو مجموعة قواعد قانونية تجبر السلوك الإنساني بسبب ما يحدثه من اضطراب اجتماعي، ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتدابير وقائية وهو بذلك يحدد أركان الجريمة والمبادئ العامة للتجريم والعقاب والجزاء المخصص لكل جريمة والإجراءات الواجب إتباعها في البحث والتحقيق ومسطرة محاكمة مقترف هذه الجريمة وكيفية تطبيق العقوبة التي حوكم بها عليه. أما القانون الإداري فهو يسعى إلى المحافظة على النظام العام، ومن ورائه النظام الاجتماعي، ووسيلته إلى ذلك هي عملية الضبط الاجتماعي بواسطة تدابير الضبط الإداري المتمثلة في الأمر والمنع.
ويلتقي القانون الإداري والقانون الجنائي في كون بعض الأفعال المحرمة إداريا هي ذاتها محرمة جنائيا، كقيام موظف بالاعتداء على أحد زملائه بمقر العمل، فهذا الفعل يستوجب العقابين الجنائي والإداري معا.
وقد يختلف القانونان في تعريفهما لقضايا معينة نظرا لطبيعة المبادئ والأسس التي يرتكز عليها كلا القانونين مثل تعريف الموظف العمومي، كما تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من بعض الزوايا، فهذه الاختلافات دليل على استقلال القانونين، لكن لا تحد من العلاقات الوثيقة بينهما.

المصدرالأستاذ: الحاج شكرة
عالـم القانون

عالم القانون World of law هو موقع (www.alamalkanoun.com) ينشر مقالات قانونية مواكبة لأخر المستجدات القانونية في شتى تخصصاتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق