المحاضرة العاشرة و الأخيرة من مادة قانون الشركات السداسي الرابع

أثار انقضاء الشركة (تصفية الشركة و قسمة موجوداتها)

المحاضرة العاشرة و الأخيرة مادة الشركات التجارية
للحصول على المحاضرة العاشرة و الأخيرة في مادة الشركات التجارية كاملة و بصيغة pdf يمكنكم النزول إلى الأسفل و الضغط على الرابط المتعلق بها

الفصل الثاني: أثار انقضاء الشركة (تصفية الشركة و قسمة موجوداتها)

 

يتحقق إحدى الأسباب العامة لانقضاء الشركة التجارية كيفما كانت (شركات أشخاص- أموال أو شركة مختلطة)، أو حتى الأسباب الخاصة المتعلقة بشركات الأشخاص، تنقضي الشركة سواء في إطار العلاقة الرابطة بين الشركاء أو بالنسبة للغير كذلك .

و هذا الأمر يقتضي تصفيتها و قسمة موجودتها، بمعنی استیفاء حقوق الشركة وحصر موجوداتها وسد دیونها تمهيدا لوضع الأموال الصافية بين يدي الشركاء لاقتسامها وتوزيعها إذا أرادوا، أو استمرار احتفاظهم بملكيتها على الشيوع بعد أن انتهت شخصية الشركة تماما بانتهاء التصفية (المبحث الأول)، و بعد الانتهاء من التصفية تأتي مرحلة القسيمة باعتبارها أثر من أثار انقضاء الشخصية الاعتبارية للشركة (المبحث الثاني ).

المبحث الأول : تصفية الشركة La liquidation de la société

أهم ما ينتج عن انقضاء الشركة التجارية هو اللجوء إلى عملية التصفية.

و للتفصيل في عملية التصفية، يجب الوقوف عند مفهومها (المطلب الأول)، ثم بیان نظامها القانوني المطلب الثاني)، و أخيرا الوقوف عند عملية التصفية و قفلها (المطلب الثالث).

المطلب الأول : مفهوم التصفية

نظم المشرع عملية التصفية في الفصول 1046 الى 1082 من ق ل ع، كما نظمها في المواد 361 إلى 372 من قانون 95-17 المنظم للشركة المساهمة و لتسهيل عملية التصفية فقد احتفظ المشرع للشركة أثناء هذه العملية بشخصيتها الاعتبارية، و أسند مهام إتمامها لشخص يعينه الشركاء و يحددون مهامه.

و من ثم، فإن عملية التصفية تقتضي احتفاظ الشركة بشخصيتها الاعتبارية خلال هذه الفترة، و لعل هذا هو أهم خاصية التي تميز التصفية.
و لتحديد مفهوم التصفية بشكل عام، لابد بداية من تعريف التصفية (الفقرة الأولى)، و تحديد خصائصها
الفقرة الثانية)، على أن نخصص (الفقرة الثالثة) لطرق التصفية.

الفقرة الأولى : تعريف التصفية

تدخل الشركة مرحلة التصفية بمجرد تحقق أحد أسباب انقضائها سواء العامة أو الخاصة. و بالرجوع إلى المواد والفصول المنظمة للتصفية والمشار إليها أعلاه، نجد أن المشرع المغربي لم يحدد ما المقصود بالتصفية، وفي اعتقادنا فقد أحسن صنعا لأن التعاريف من اختصاص الفقه. وقد عرفها البعض بأنها ” تحصيل ما للشركة ودفع ما عليها لاحتساب موجوداتها وتحويلها إلى نقود قصد تقسيمها على الشركاء.
وفي تعريف آخر، يمكن اعتبارها بأنها مجموعة من الأعمال القانونية التي تقتضيها عملية التصفية، بما فيها حصر موجودات الشركة من أصول (ممتلكات و حقوق و ما عليها من خصوص (ديون) قصد استيفاء الحقوق و سداد هذه الديون و وضعها تحت تصرف الشركاء لقسمتها فيما بينهم كل بحسب نصيبه و مساهمته في هذه الشركة و إذا كان من حيث المبدأ أنه بانقضاء الشركة و حلها تنتهي سلطات المسير أو المسيرين و يحل محله المصي، فتفقد الشركة شخصيتها الاعتبارية و يصبح الشركاء ملاكا على الشيوع الموجودات الشركة، حيث تفقد آنذاك الشركة ذمتها المالية بانتهاء شخصيتها الاعتبارية. الشيء الذي يخول لمختلف الدائنين الشخصيين للشركاء إمكانية التنفيذ على موجودات الشركة و مزاحمة دائني الشركة.
و أمام هذا الوضع، و تفاديا للإضرار بدائني الشركة الذي تعاملوا معها كشخص اعتباري متمتعا بذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء المكونين لها، و تفاديا لمزاحمة الدائنين الشخصيين للشركاء لدائني الشركة، فقد أبقى المشرع للشركة شخصيتها الاعتبارية لهذه الغاية طوال فترة التصفية، بحيث يقتصر حق التنفيذ على أموال الشركة على دائنيها فقط، و إذا ما استوفى هؤلاء الدائنين حقوقهم، فإن ما تبقى من أموال الشركاء الخاصة يمكن لدائنيهم الشخصيين لهم التنفيذ عليه.

الفقرة الثانية: احتفاظ الشركة بشخصيتها الاعتبارية خلال فترة التصفية.

إن من أهم خصائص التصفية، الشخصية الاعتبارية، وهي كما رأينا سابقا عبارة عن وسيلة قانونية تهدف إلى إعطاء الشركة صلاحية اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات.
فإذا كان الغرض من تمتع الشركة بالشخصية الاعتبارية هو الاعتراف لها بوجود قانوني خاص بها مستقل عن الشركاء المكونين لها وذلك لكي تكون لديها القدرة على أن تكون طرفا في العلاقات القانونية، فإن الشركة في فترة التصفية تعرف وضعا خاصا، حيث احتفظ لها المشرع بشخصيتها الاعتبارية خلال مدة التصفية بالقدر الذي يستلزم القيام بعملية التصفية.
و بناء على ذلك، نقف عند مجموعة من النتائج المترتبة عن احتفاظ الشركة بشخصيتها الاعتبارية في فترة التصفية.

1. تفاديا للإضرار بالشركة و بأصحاب المصالح المتعاملين معها فيما إذا وضع حد لشخصيتها الاعتبارية بصورة مفاجئة، فبموجب المادة 362 من قانون 95-17 المنظم لشركة المساهمة،

كذلك طبقا لما استقرت عليه التشريعات الحديثة منها التشريع الفرنسية هو احتفاظ الشركة بالشخصية الاعتبارية حتى تتمكن من ممارسة أعمالها نتيجة لتوفرها على ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء فيها، وذلك لتخصيصها لتصفية نشاط الشركة من خلال بيع الأصول وتصفية الخصوم لتسوية مراكزها القانونية، على أن تبقى هذه الشخصية للشركة أثناء فترة التصفية بالقدر اللازم لإنهاء عملياتها؟
فلو سلمنا بأن الشركة تفقد شخصيتها بمجرد حلها في فترة التصفية ، وأوجب ذلك على دائني الشركة رفع دعواهم لاسترداد أموالهم في مواجهة الشركاء في الشركة باعتبار أنها فقدت شخصيتها الاعتبارية، بالتالي ذمتها المالية، وأن الشركاء أصبحوا مالكين لأموال الشركة على الشياع، مما يترتب على ذلك من مزاحمة دائني الشركة لباقي الدائنين الشخصيين للشركاء كما قلنا، وبالتالي فإن هذا يفقدهم الضمان العام الذي كانت تمثله لهم أموال الشركة وحق التتبع بصورة فردية على أموالها. وعلى العكس من ذلك، يكون الأمر هينا إذا احتفظت الشركة المنحلة أو المنقضية بخصائص الشخصية الاعتبارية، خصوصا تسميتها ومقرها وذمتها، وعلى هذا الأساس يحافظ دائنو الشركة على المال المشترك كضمان خاص يمكنهم من تجنب مزاحمة الدائنين الشخصيين للشركاء لهم.

2- تطرح في هذا الصدد إشكالية الشخصية الاعتبارية في مرحلة التصفية، هل هي شخصية كاملة أم نسبية؟

إذ يترتب على انتهاء أمد الشركة وانقضائها تسوية جميع المراكز القانونية، وبما أن تسوية هذه المراكز يحتاج إلى فترة زمنية لا يمكن تحديدها بدقة، فإنه لابد من احتفاظ الشركة بشخصيتها الاعتبارية خلال فترة التصفية للمحافظة على مصالح وحقوق أصحاب العلاقات في الشركة التي تم حلها.
غير أن احتفاظ الشركة بالشخصية الاعتبارية في فترة التصفية يكون مقتصرا على متطلبات التصفية، بحيث أن هذه الشخصية تكون محصورة في حدود الوجود الضروري للقيام بأعمال التصفية وحماية الحقوق المكتسبة، إذ لا يمكن للشركة في هذه المرحلة الشروع في إنجاز عمليات جديدة، ماعدا تلك التي لها علاقة مباشرة مع التصفية مثل بيع أصول المقاولة أو تجديد عقود الكراء الخاصة بالشركة.
غير أن الشركة تظل مسؤولة عن جميع الأعمال التي تهم التصفية، وهذه الأعمال بحسب ما نص عليه الفصل 1070 م ق ل ع، تتجلى في استخلاص ديون الشركة والقيام بالإجراءات التحفظية واستدعاء دائني الشركة، ودفع ديون الشركة.

3- ثم أن نقصان ونسبية الشخصية الاعتبارية هاته،

تطرح إشكالية مدى إمكانية الشركة في طور التصفية إبرام عقود جديدة؟ فالأصل أن للمصفي الصلاحية في إتمام الأعمال التي بدأتها الشركة قبل حلها، لكن لا يمكن إبرام عقود جديدة لصالح الشركة في طور التصفية، إلا إذا كانت هذه العقود نتيجة لازمة لإتمام أعمال سابقة على الحلة ، ذلك أن المشرع المغربي نص على استمرارية العقود التي هي في طور الإنجاز بالإضافة إلى ذلك إمكانية إبرام عقود جديدة بشرط أن تكون لها علاقة مباشرة بالتصفية.

الفقرة الثالثة: طرق التصفية

إذا كانت التصفية تحصيل ما للشركة ودفع ما عليها لاحتساب موجوداتها أو أموالها الصافية وتحويلها إلى نقود قصد تقسيمها على الشركاء، فإن هذه التصفية قد تكون ودية أو اتفاقية أو قضائية

أولا: التصفية الودية :

التصفية الودية هي التي يتفق الشركاء عليها، بحيث يتفقون على المصفي و على طريقة إجراء التصفية، فتنتهي أعمالها بشكل ودي بينهم، ويطلق عليها التصفية العقدية أو الاتفاقية.
فهي لا تخضع للإجراءات الشكلية المعقدة التي قد تحول دون التوصل الرضائي إلى اتفاق ودي، وقد يخول القانون لجميع الشركاء حتى من لم يكن مشاركا في الإدارة، الحق في المشاركة في إجراء
التصفية، وتجري التصفية حسب النص السابق الذكر بواسطة الشركاء جميعا أو بواسطة مصفي يعين بإجماعهم ما لم يكن قد حدد من قبل بمقتضى النظام الأساسي للشركة.

ثانيا: التصفية القضائية :

التصفية القضائية تكون عندما يتعذر على الشركاء الاتفاق على اختيار المصفي، أو تكون هناك أسباب معتبرة تقتضي بألا يعهد بمهمة التصفية للأشخاص المعنين في عقد الشركة، حيث تتم التصفية القضائية بناء على طلب أي واحد من الشركاء 10 أو عندما تقضي المحكمة بحل الشركة وتعمد الى تعيين مصفى لها. غير أن المشرع كان يجب عليه في هذا الإطار تحديد الطريقة التي يعين بها المصفي.

وتجدر الإشارة على أن التصفية القضائية للشركات تتشابه مع التصفية القضائية في إطار صعوبات المقاولة من حيث الإجراءات اللازمة، غير أنهما يختلفان من حيث الشخص المكلف بها ففي إطار تصفية الشركة يمثلها المصفي، وفي إطار تصفية المقاولة يمثلها السنديك.

المطلب الثاني: النظام القانوني للمصفي.

يتعين على الشركاء بمجرد اتخاذ قرار حل الشركة، تعيين شخص لمباشرة عملية التصفية. ومن خلال هذا المطلب سنتولى دراسة كيفية تعيين المصفي (الفقرة الأولى) وطريقة عزله (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعيين المصفي Nomination de liquidateur

المصفي هو المحرك الأساسي لعملية التصفية، إذ تبقى عملية التصفية رهينة بتعيينه، إلا أن المشرع المغربي لم يعط تعريفا للمصفي، بل اكتفى من خلال الفصل 1070 من ق ل ع بتحديد الدور الذي يقوم
وفي اعتقادنا فقد أحسن صنعا لأن التعاريف من اختصاص الفقه، الذي عرفه بأنه: “ذلك الشخص الذي يعينه الشركاء أو المحكمة ليتولى تصفية الشركة، أي إجراء العمليات اللازمة لإنهاء الوجود المادي
ويتم تعيين المصفي وفق الحالات التالية :

أولا: تعيين المصفي وديا
  • وذلك في الحالات التي يتفق فيها الأطراف (الشركاء) على تحديد شخص المصفي عند إبرام عقد تأسيس الشركة – أو في الحالة التي يعين فيها عند حلول التصفية بناء على إجماعهم في عقد مستقل.
    -كما أن التصفية قد تتم بشكل جماعي من قبل جميع الشركاء طبقا للفصل 1065 من ق ل ع.
ثانيا: تعيين المصفي قضائيا

يتولى القضاء مهمة تعيين المصفي في الحالة التي يتعذر فيها الشركاء الاتفاق على تعيينه بناء على طلب أحد الشركاء أو في حالة وجود أسباب معتبرة تحول دون أن يعهد إلى الأشخاص المعينين في عقد الشركة القيام بمهام المصفي. وتجدر الإشارة إلى أنه بتعيين المصفي يفقد المسير كامل الصلاحيات المخولة له، ويصبح حينئذ هو الممثل القانوني للشركة في طور التصفية ويتولى إدارتها11، كما يكون ملزما بتمثيل الشركة أمام القضاء.
وقد يكون المصفي واحدة أو أكثر إذا كانت التصفية معقدة وتتطلب ذلك. في هذه الحالة لا يمكنهم العمل منفردين ما لم يحصلوا على إذن بذلك.
ومن المعلوم أنه في إطار التصفية الودية تم تعيين المصفي إما من طرف الشركاء أو الأغيار إلا أن الإشكال يطرح في إطار التصفية القضائية، فهل تتقيد المحكمة خلال تعيين المصفي باختياره من ضمن الأشخاص الممكن تعيينهم في التصفية الودية؟ هذا الإشكال أجابت عنه محكمة الاستئناف بالرباط في قرار 30 يونيو 1940، حيث أقرت بأنه لا يسوغ أن يعهد بالتصفية القضائية سوى لأعضاء كتابة ضبط المحكمة ، إلا أنه لا يوجد مانع من تعيين بعض الأشخاص الإضافيين كمساعدين أو تقنيين يعملون تحت إشراف ومسؤولية المصفين لإعانتهم. وفي حالة الشركة الفعلية فإن تعيين المصفي يكون من طرف المحكمة بطلب من كل ذي مصلحة حتى ولو تم التنصيص في النظام الأساسي على طريقة التعيين وأيا كانت طريقة تعيين المصفي فقد أوجب نشر وثيقة التعيين داخل أجل 30 يوما في جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية وكذلك في الجريدة الرسمية إذا كانت الشركة تدعو الجمهور للاكتتاب. و يجب أن تتضمن هذه الوثيقة مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 363 من قانون 95 17، ويعلم المصفي حاملي الأسهم وسندات القرض الإسمية بنفس البيانات المنصوص عليها في الفصل السابق الذكر، وذلك بواسطة رسالة مضمونة.

و يتقاضى المصفي أجرا عن الأعمال التي يقوم بها في إطار عملية التصفية، وتحدد هذه الأجرة من طرف الشركاء إذا كنا بصدد تصفية ودية، وإما أن تحددها المحكمة وذلك في إطار التصفية القضائية.

الفقرة الثانية: عزل المصفي

يتم عزل المصفي بنفس الطريقة التي عين بها، ومن قبل نفس الجهة التي عينته، وقد حدد الفصل 1030 من ق.ل.ع أسباب عزل المصفي وجعلها متمثلة في سوء الإدارة والخلافات الخطيرة بين المتصرفين،ويجب أن يشمل قرار عزل المصفي على قرار تعيين مصفي جديد.

المطلب الثالث: عمليات التصفية وقفلها.

سنخصص الفقرة الأولى لعملية التصفية، فيما سنخصص الفقرة الثانية لقفلها.

الفقرة الأولى: عمليات التصفية

تتمثل عملية التصفية فضلا عن تعيين المصفي و بيان كيفية عزله، في تحديد المهام المخولة للمصفي و تحديد مسؤولياته.

أولا: مهام المصفي

و تتمثل في ما يلي:
إن الحديث عن مهام المصفي، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو هل بمجرد تسلم المصفي المهامه تعفي أجهزة المراقبة من مهامها؟
و للجواب على ذلك، فإنه بتسلم المصفي لمهامه يبقى مراقب الحسابات هو الآخر يواصل لمهامه إلى حين قفل التصفية، و هذا ما نص عليه المشرع المغربي، ذلك أن وتنصيص المشرع على هذا المقتضى إنما جاء منه تأثرا بالمشرع الفرنسي الذي كرسه في قانون يوليوز 1966 في مادته 403 و حسب الفصل 1070 ق.ل.ع المشار إليه، فإن المصفي يتولى دفع ديون الشركة واستيفاء الحقوق وإنجاز الأعمال المعلقة واتخاذ كل الإجراءات التحفظية التي يقتضيها الصالح المشترك، كما يستدعي دائني الشركة التقدم بما لهم من حقوق وفق مقتضيات الفصل 1072 ق.ل.ع.

هذا وفي حالة عدم كفاية أموال الشركة لسداد الديون فإن المصفي يطالب الشركاء بالمبالغ اللازمة التغطية التصفية، وذلك حسب طبيعة شكل الشركة، أو أن يعقد القروض حسب الفصل 1073 | ق.ل.ع، وتحصيل ديون الشركة من الشركاء والذين لا يستطيعون التمسك بعيب الشركة للتملص من ديونهم التي نشأت عن اتفاقهم، كما لا يجوز لهم استرجاع حصصهم قبل الدائنين إلا إذا كان أحد الشركاء ناقص الأهلية أو ضحية عيب من عيوب الإرادة، كما أنه لا يحق لهم أن يتمسكوا ببطلان الشركة في حالة تماطلهم عن تقديم الحصص في الوقت الذي قررت فيه المحكمة بطلان الشركة.

غير أنه وإن كان المصفي هو الذي يمثل الشركة في طور التصفية ويقوم بجميع العمليات الضرورية لسيرها، فإنه مع ذلك يبقى من الواجب عليه احترام بعض الاستثناءات ويتعلق الأمر :

  • -احترام القيود والتحفظات التي يتضمنها سند تعيينه احترام القرارات التي يتخذها الشركاء أثناء إجراءات التصفية.
  • -عدم مباشرة بعض الأعمال خاصة تلك الواردة في 1074 ق ل ع و إلى جانب مجموع الالتزامات السابقة، فإن المصفي يكون ملزما بنشر إعلام قفل التصفية في حالة إنهائها خلال أجل محدد تحت طائلة قيام مسؤوليته.
    كما يجب عليه لإنهاء التصفية إجراء إحصاء شامل لموجوداتها وإقامة ميزانية لأصولها وخصومها لتحديد وضعية الشركة ومركزها النهائي وأن يقدم الحساب النهائي للشركاء، وأن يودع محاسبة الشركة ومستنداتها لدى كتابة ضبط المحكمة.

وبخلاف ما عليه الأمر في مسطرة التصفية المنصوص عليها في مدونة التجارة، نجد أن المصفي يقوم بعد استخلاصه لأموال الشركة بتسديد ديون دائني الشركة دون أن يكون ملزما بتتبع تسلسل معين، ذلك أن الأصول في الغالب تكون كافية لكن لا يوجد ما يمنع المصفي من القيام بعملية تصفية تقديرية لمعرفة الخصوم الممتازة والمرتهنة أو الممثلة لسلفات مهنية.

فإن كانت كافية فإنه يسدد المطلوب لكل الدائنين وفي الحالة المعاكسة وخاصة إذا كنا أمام شركة محدودة المخاطر أو شركات أموال، فإنه يشهر إفلاسها، وإذ ذاك تقوم المحكمة باتخاذ التصفية الجماعية لها. و يتضح مما سبق، أن المصفي يعتبر وكيلا للشركة حسب مقتضيات 1078 ق ل ع، حيث يتحمل بكل الالتزامات التي يتحملها الوكيل بأجر، بالنسبة لتقديم حساب ورد ما تسلمه بموجب نیابته ويسأل عن جميع المخالفات التي يرتكبها. وإذا كانوا متعددين فإنهم يتحملون هذه المسؤولية بالتضامن.

ثانيا: مسؤولية المصفي.

تتمثل مسؤولية المصفي في كل من المسؤولية المدنية و الجنائية:

1- المسؤولية المدنية:

إذا كان قانون الالتزامات والعقود في قسمه المتعلق بالتصفية قد أهمل تحديد مسؤولية المصفي بنص صريح عن الأخطاء التي يرتكبها بمناسبة مهامه سواء في علاقته بمتصرفي ومساهمي الشركة أو في علاقته مع الأغيار المتعاملين معها، فإن قانون 95-17 المتعلق بشركة المساهمة قد تدارك الموقف في مادته 371/1 والتي جاء فيها: “يعتبر المصفي مسؤولا اتجاه الشركة واتجاه الأغيار على حد سواء عن عواقب الأخطاء المحدثة للضرر التي يرتكبها أثناء مزاولة مهامه.« وبخصوص طبيعة المسؤولية، هل هي مسؤولية عقدية أم تقصيرية؟ نجد أن أحد الفقه ذهب الى القول بأن المصفي يسأل في مواجهة الشركة إذا أساء تدبير شؤونها خلال مدة التصفية وتطبق هنا القواعد العامة للمسؤولية العقدية، حيث يعتبر والحالة هذه مخلا بأحد بنود العقد أي وثيقة تعينه.
كما يسأل عن تعويض الضرر الذي لحق الغير بسبب أخطائه، وتطبق هنا أحكام المسؤولية التقصيرية والمبالغ المحكوم بها تكون ملكا لسائر الشركاء.

2 – المسؤولية الجنائية:

نصت المادة 421 في فقرتها الأولى من قانون 17.95 إلى أنه، ” يعاقب بغرامة من 5000 الى 25000 درهم مصفي الشركة الذي لم يقم داخل أجل ثلاثين يوما من تعيينه، بنشر قرار تعيينه مصفيا في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و في الجريدة الرسمية كذلك إن كانت الشركة قد دعت الجمهور للاكتتاب، وإيداع القرارات القاضية بالحل في كتابة ضبط المحكمة و تقييدها في السجل التجاري.”

الفقرة الثانية : قفل التصفية وآثاره

أولا: قفل التصفية
  • بعد اختتام أعمال التصفية بتقديم الحساب النهائي للشركاء، وإيداع محاسبة الشركة ودفاترها وقوائمها لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها المقر الاجتماعي للشركة تنتهي مهمة المصفي
    الذي يعتبر ملزما في مرحلة القفل بالتزامات الوكيل بأجر من حيث تقديم حساب ورد ما تسلمه بسبب نیابته وإجراء إحصاء وميزانيته تتضمن ملخص للعمليات التي قام بها وذلك. 18 غير أنه إذا كان المشرع المغربي في الفصل 1078 من ق ل ع، قد حدد أهم إجراءات اختتام التصفية، فإنه مع ذلك يبقى قاصرا بالمقارنة مع بعض التشريعات المقارنة كما هو الحال بالنسبة للتشريع الفرنسي لسنة 1966، الذي ألزم المصفي بمجرد انتهاء مهمته باستدعاء جمعية ختامية يعرض من خلالها على الشركاء الحساب النهائي المتعلق بالتصفية، والتي تقرر إبراء للمصفى في حالة خلو أي عارض وتعفيه من مهامه ليتم بعدها إقفال التصفية بالإشهاد على ذلك وفق القانون (الشطب من السجل التجاري).
    وبالرجوع إلى الفصل أعلاه (1078 ق ل ع)، نجد أن المشرع قد أغفل العديد من المسائل الضرورية في هذا الإطار، والتي من شأن عدم التنصيص عليها التأثير على حقوق الدائنين و على عمليات التصفية عموما ويتعلق الأمر بما يلي:
    -عدم تحديد المشرع لولاية المصفى،كذلك لم يحدد الأجل الذي يجب عليه احترامه لتقديم الحسابات وتسليم اموال الشركة المتبقية.
  • – كما أنه لم يلزم المصفي باستدعاء الشركاء للموافقة على الحسابات النهائية للشركة.
  • – بالإضافة إلى أنه لم يخضع التصفية وحل الشركة لقواعد الشهر (وتخفيض مدة الاحتفاظ بدفاترها بكتابة ضبط المحكمة).
    غير أنه بالرجوع الى قانون 17/95، نجد أنه قد أجاب على البعض من هذه التساؤلات المعلقة حيث ألزم المصفي باستدعاء الشركاء.
  • كما أن المادة 369 من نفس القانون، فرضت جزاء على الجمعيات الختامية إذا رفضت المصادقة على حساب المصفي، ثم المادة 370 التي ألزمت المصفي بنشر إعلان التصفية (شهرها) مع تعيينه المجموعة من البيانات.

لكن ما الحل اذا حصل أن أبرأت الجمعية الختامية المصفي وبعد مرور مدة وجيزة ظهرت مخالفات سبق له أن ارتكبها قبل الإبراء؟ بعد القيام بعمليات الشهر والإيداع للمقررات القاضية بالحل لدى كتابة الضبط، يتم شطب الشركة من السجل التجاري وهنا يطرح التساؤل حول ما إذا كانت الشخصية الاعتبارية للشركة تتم حتى بعد قفل التصفية أم أنها بالشطب على الشركة من السجل التجاري؟

ثانيا: آثار قفل التصفية.

كما ذهب جانب من الفقه إلى أنه بإقفال التصفية وشطب الشركة من السجل التجاري تفقد شخصيتها الاعتبارية، ذلك أنها كما حصلت على شهادة ميلادها بالقيد في السجل التجاري فإنها تحصل بالمقابل
على شهادة الوفاة بالشطب وقد انتقد البعض الآخر هذا الرأي، ورفضه بشرط حيث اعتبر أن المقتضى الذي يربط قيام الشخصية المعنوية بفعل القيد لا يربط سقوطها بفعل الشطب، بحيث إن اعتبر كذلك فإن السجل التجاري سينقلب ضد الأغيار رغم كونه في الأصل مقرر لفادتهم، بما أن من شأن ذلك أن يشجع على تهرب الشركة من التزاماتها حيث يتم استعجال إقفال التصفية وشهره.
أما القضاء فقد اعتبر أن إقفال التصفية لا يؤثر على شخصيتها الاعتبارية وبالتالي عدم إسقاط حقوق الدائنين والشركة ذاتها اتجاه المدينين. وبالرجوع إلى المقتضيات المنظمة للسجل التجاري المغربي، نجدها حددت حالات شطب الشخص الاعتباري بعد انصرام أجل 3 سنوات من تاريخ تقييد تعديلي لضرورة التصفية.

وإذا كانت مهمة المصفي تنتهي بإشهار التصفية، فإنه رغم ذلك يمكن مساءلته عن الأخطاء التي يكون قد ارتكبها من مزاولة مهامه.
وتتقادم دعوى المسؤولية الموجهة ضد المصفين بمرور خمس سنوات ابتداء من تاريخ العمل المحدث للضرر وإن وقع كتمانه فمن يوم اكتشافه وإذا كيف بأنه جريمة فبمرور 20 سنة.
بعد الانتهاء من التصفية، تأتي مرحلة القسمة باعتبارها أثر من أثار انقضاء الشخصية الاعتبارية للشركة وتأخذ عدة أشكال (المطلب الأول)، و تستلزم اتباع مجموعة من القواعد المتبعة لقسمة أموال الشركة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: بدء عملية القسمة

بمجرد إعلان قفل التصفية، تنتهي الشخصية الاعتبارية للشركة و تنتهي مهمة المصفي من تلك اللحظة. و يتعين على المصفي آنذاك وضع أموال الشركة الصافية بين يدي الشركاء المالكين على الشياع، لتبدأ عملية القسمة بعدها.

المطلب الثاني: القواعد المتبعة في القسمة

بعد الانتهاء من التصفية، يحصل كل شريك على مبلغ يعادل الحصة التي قدمها عند تأسيسها سواء كانت نقدية أو عينية. أما الشريك بالعمل أي الذي قدم حصة صناعية فلا يسترد شيئا من رأس المال لأن حصته لا تدخل في تركيب رأس المال وإنما كان يسترد حريته في توصية نشاطه لأعمال أخرى.
وفي حالة إذا لم يكفي صافي الموجودات ذات للشركة في الوفاء بحصص الشركاء وزعت الخسارة بينهم بحسب النسبة المقررة في توزيع الخسائر.
و في هذا الصدد، ذهبت محكمة النقض في قرار لها إلى أنه: “….حيث ينعى الطاعنون على القرار
خرق القانون وفساد تعليله ذلك أنه بني على خبرة عقارية شابها انحياز لفائدة المطلوبين لما افرد لهما النصيب الأكبر موقعا وإيراد ثم تدارك ذلك لما اعتبر أن هذه القسمة متوقفة على رضى الشركاء وفي حالة عدم رضاهم يعرض العقار للبيع بالمزاد العلني بثمن افتتاحي قدره 6.235.000.00 درهم، غير أن المحكمة قضت باستئثار المطلوبين بالحصة المذكورة رغم أن محضر المعاينة الاختيارية يثبت تداخل أجزاء العقار ومحتويات البلوك 24 المخصص للمطلوبين مع البلوك 14و26، إضافة إلى أن البلوكات 14 و20 و26 لا تحظى بأي امتياز خلاف بلوك 24 المذكور لا من حيث الإشراف على الشارع أو عدد المحلات التجارية وهذه كلها دفوع ووسائل لم يتطرق لها القرار ولم يتحدث عن مقترح القسمة ومستنتجات الطالبين مما يتعين نقضه.
حيث سبق للطالبين أن تمسكوا أمام محكمة الاستئناف التجارية قبل صدور قرارها المؤرخ في 2004/03/09 بكون الخبرة سلمت أحسن ما تملكه الشركة للمطلوبين وان الأنصبة يتعين أن يكون عبر القرعة غير أنهم ولئن كانوا بعد نقض القرار المذكورة يتمسكوا أمام محكمة الإحالة بما جاء في موضوع الوسيلة وبعد نقض القرار الاستئنافي الصادر للمرة الثانية لم يتمسكوا أمامها بأي دفع من الدفوع المذكورة فإنها تبقى مع ذلك ملزمة بنظر جميع الطلبات السابقة التي كانت مقيدة سابقا بالرد عليها لما عرضت على محكمة الاستئناف في المرة الأولى ولو لم تتمسك بها بعد النقض مما يبقى معه قرارها الذي لم يتعرض للدفوع المذكورة المثارة قبل مرحلة النقض غير معلل بها الشأن عرضة للنقض جزئيا بخصوص ما قضى به من فرز للأنصبة موضوع القسمة
وحيث أن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الملف على نفس المحكمة.
و لهذه الأسباب، قضت محكمة النقض جزئيا بخصوص ما قضى به من فرز الأنصبة موضوع القسمة والرفض للباقي والصائر مناصفة وإحالة الملف على نفس المحكمة المصدرة له للبت فيه من جديد طبقا للقانون وهي متركبة من هيئة أخرى.”

إضغط هنا للتحميل بصيغة PDF
المصدر الدكتورة:نهال اللواح
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق