محكمة النقض: إلغاء قرار الجامعة بفرض رسوم تسجيل على طلاب الدكتوراه يجسد إحترام الدستور

عالـم القانون14 أغسطس 202411
محكمة النقض: إلغاء قرار الجامعة بفرض رسوم تسجيل على طلاب الدكتوراه يجسد إحترام الدستور

                    القرار عدد 16 و الصادر بتاريخ: 03 يناير

                   في الملف الإداري عدد 2018/1/4/700

 

حق المواطن في التعليم – قرار الجامعة بفرض رسوم على الموظفين للتسجيل في سلك الدكتوراه – مشروعيته.

من المقرر أن الدستور المغربي يكفل الحق في التعليم باعتباره من أهم وظائف الدولة ومؤداه أن يكون لكل مواطن الحق في أن يتلقى قدراً من التعليم يتناسب مع قدراته، وذلك كله وفق القواعد التي يتولى المشرع وضعها تنظيماً لهذا الحق بما لا يؤدي إلى مصادرته أو الانتقاص منه، والمحكمة لما استندت في تعليل قضائها إلى ما نصت عليه مقتضيات المادة 18 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي من كون ميزانية الجامعة في شق مواردها تشتمل على مجموعة من المداخيل التي قصرها المشرع بخصوص الرسوم التي تقوم باستخلاصها على تلك التي تخص التكوين المستمر دون فرض أي رسوم على التكوين الأساسي الذي في إطاره قدم المطلوب طلب تسجيله في سلك الدكتوراه، واعتبرت تحميله تكاليف الحصص المقدمة خارج أوقات العمل الرسمية لا يشفع لها في إقرار شرط جديد ينتفي سنده في القانون، كما يتنافى مع طبيعة مهمة الجامعة التي تهدف تحقيق المصلحة العامة ويحدد القانون مواردها المالية لتغطية مصاريفها والتي لا يخضع لها التكوين الأساسي، وخلصت إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي بالغاء قرار مجلس الجامعة بفرض رسوم التسجيل في مواجهة الطلبة الموظفين الراغبين في التسجيل بسلك الدكتوراه، تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا وسليما.

 

رفض الطلب

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

 

حيث يستفاد من وثائق الملف ومحتوى القرار المطعون فيه بالنقض – المشار إلى مراجعه أعلاه -، أن السيد (ع.ف) تقدم بتاريخ 2017/03/13 مقال أمام المحكمة الإدارية بمراكش عرض فيه أنه بتاريخ 2017/02/16 توجه إلى كلية العلوم السملالية قصد إيداع ملفه للتسحيل بالدكتوراه، غير أنه فوجئ برفض طلبه بعلة ضرورة أدائه مبلغ 10,000,00 درهم كواجبات التسجيل التي حددتها إدارة الكلية، موضحا أن القرار المذكور يخالف أحكام الفصل 31 من الدستور الذي اعتبر الحق في التعليم مكفولا للجميع ولا يجوز المس به، كما أنه مشوب بعيب السبب لأنه لا يوجد أي نص قانوني يلزم الموظف الطالب بدفع أي واجبات للإدارة كشرط لقبول ملف الترشيح للدكتوراه، وأن دفتر الضوابط البيداغوجية لم يتضمن عند تحديده لشروط التسجيل أي شرط يوجب تأدية مبلغ التسجيل المذكور، مضيفا أن تسجيله قد أصبح حقا مكتسبا يحميه القانون، وأن الإدارة برفضها تسجيله بعلة عدم أداء واجبات التسجيل تكون قد مست حقا من الحقوق المكتسبة، موضحا أن القانون وخاصة مدونة تحصيل الديون العمومية، لم تعط للسيد رئيس الجامعة الحق في فرض رسوم على الطلبة وتحصيلها منهم، وأنه لا يوجد أي نص قانوني يسمح له بذلك، أو يلزم الطالب الموظف بأداء مبلغ 10,000,00 درهم كل سنة، ملتمسا الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ذلك قانونا مع النفاذ المعجل وبعد جواب المطلوب في الطعن وتمام الإجراءات، صدر الحكم عدد 259 بتاريخ 2017/07/17 في الملف عدد 2017/7110/99 بإلغاء القرار الصادر عن مجلس جامعة القاضي عياض بمراكش بتاريخ 2016/07/27 القاضي بفرض رسوم التسجيل في مواجهة الطلبة الموظفين مع ما يترتب عن ذلك قانونا وبرفض طلب النفاذ المعجل استأنفه الطالب المدعى عليه، فقضت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بتأييده، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.

 

في وسيلة النقض الفريدة:

حيث ينعى الطالب على القرار المطعون فيه بالنقض نقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أن المادتين 3 و4 من القانون رقم 01.00 المتعلق بالتعليم العالي المتمسك بهما من طرف المحكمة تنصان على أن الجامعة تناط بهما مهام التكوين الأساسي والتكوين المستمر وبصفة أساسية تدريس جميع أصناف التعليم والتكوينات الأساسية، على اعتبار أنها مؤسسة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، وأن المشرع أسند لمجلس الجامعة الاختصاص في تحديد واجبات التسجيل في هذا الصنف من التكوينات من خلال مقتضيات المواد 11 و 12 و 18 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، وأن مجلس الجامعة انعقد بتاريخ 27 يوليوز 2016 وبعد تداوله، تقرر إعادة برمجة نفس الحصص لنفس الوحدات لنفس التكوين الوطني المعتمد في حصص إضافية خارج أوقات العمل لفائدة الموظفين المأجورين مقابل دفع رسوم التسجيل للمساهمة في تغطية المصاريف الناتجة عن عملية تدريس نفس الحصص خارج أوقات العمل الرسمية من تكاليف الساعات الإضافية المنجزة من طرف الأساتذة والتكاليف اللوجيستيكية المصاحبة، وأن مقتضيات المواد المذكورة أعلاه تسمح للجامعة بجعل واجبات التسجيل ضمن مواردها التي يتم حصرها في ميزانيتها السنوية ولا علاقة لذلك بالتكاليف العمومية المنصوص عليها في المادة 39 من الدستور نظرا لطبيعة الواجبات وارتباطها بالخدمة المرفقية واختلافها عن التكاليف العمومية التي تشمل عموم المواطنين، فضلا عن أن القانون المتعلق بتنظيم التعليم العالي المادة (18 يسمح باعتباره نصا تشريعيا صادرا عن البرلمان للجامعات كمؤسسات عمومية بحق إدراج المحاصيل والموارد المختلفة ضمن ميزانيتها السنوية وأنه الطالب) لم يتخذ القرار المطعون فيه بفرض الرسوم بصفة انفرادية وخارج القانون وإنما هو قرار مجلس الجامعة، وبما أن الجامعات مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية القانونية وبالاستقلال الإداري والمالي، فإنها تخضع لوصاية الدولة طبقا لمقتضيات المادة 4 من القانون 01.00 المذكور، وذلك هدف مراقبة مدى احترام وتقيد أجهزتها لأحكام القانون المذكور، وبما أن القرار الصادر عنها تشمله رقابة وصاية الدولة، فإنه لم يثبت من بين وثائق الملف أن الوزارة المشرفة على قطاع التعليم أو الوزارة المكلفة بالاقتصاد والمالية قد بادرتا داخل الآجال المخصصة لهما إلى عدم المصادقة عليه في نطاق ما تنص عليه المادة 4 المذكورة، وأن القرار اتخذ بناء على معطيات وأسس قانونية وواقعية، ذلك أنه ليس هناك قانون ما يمنع مجلس الجامعة ورئيسها في إطار الاختصاصات المخولة لكل منهما في شأن تسيير جامعة القاضي عياض من خلق موارد مالية للجامعة، وذلك لتغطية المصاريف الإضافية، وأن جامعة القاضي عياض قررت تحديد أيام متابعة دراسة الطلبة الموظفين المسجلين بسلك الدكتوراه أيام الجمعة والسبت والأحد حتى يتمكنوا من أداء وممارسة وظائفهم الأصلية، وأن ذلك يتطلب منها مصاريف إضافية لأداء أجور الأساتذة المؤطرين المشرفين على دراسة الموظفين لأن ذلك خارج أوقات عملهم الرسمية ولتعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير الاستفادة من الحصول على تعليم عصري، مما يناسب نقض القرار.

لكن، حيث إنه بصرف النظر عن الشكل القانوني الذي تتخذه الجامعات كمؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، فإن كفالة الدستور لحق التعليم إنما جاء انطلاقا من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، والحق في التعليم – الذي أرسى الدستور أصله ففحواه أن يكون لكل مواطن الحق في أن يتلقى قدراً من التعليم يتناسب مع قدراته، وذلك كله وفق القواعد التي يتولى المشرع وضعها تنظيما لهذا الحق بما لا يؤدى إلى مصادرته أو الانتقاص منه، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بالنقض لما استندت في تعليل قضائها إلى ما نصت عليه مقتضيات المادة 18 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي من كون ميزانية الجامعة في شق مواردها تشتمل على مجموعة من المداخيل التي قصرها المشرع بخصوص الرسوم التي تقوم باستخلاصها على تلك التي تخص التكوين المستمر دون فرض أي رسوم على التكوين الأساسي، الذي في إطاره قدم المطلوب طلب تسجيله في سلك الدكتوراه واعتبرت تحميله تكاليف الحصص المقدمة خارج أوقات العمل الرسمية – التي تتمسك به الجامعة لفرض الرسوم – لا يشفع لها في إقرار شرط جديد ينتفي سنده في القانون كما يتنافى مع طبيعة مهمة الجامعة التي تهدف تحقيق المصلحة العامة ويحدد القانون مواردها المالية لتغطية مصاريفها والتي لا يخضع لها التكوين الأساسي، وخلصت إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي بإلغاء قرار مجلس الجامعة بفرض رسوم التسجيل في مواجهة الطلبة الموظفين الراغبين في التسجيل بسلك الدكتوراه، تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا وسليما، وما بالوسيلة على غير أساس .

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب.

وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم (الأول) السيد عبد المجيد بابا اعلي والمستشارين السادة فائزة بلعسري مقررة، احمد دينية المصطفى الدحاني، نادية للوسي ومحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حفصة ساجد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق